إلا من مغيث؟

هاهو حلمي جواري على سرير المحبة.. ها هو حلمي السكران عافني في يمّ الأشواق المبهجة في ليلة فريدة لم أعِشْ مثلها بقية العمر!.
ـ الحضور الساحر الصاد حَوَلَّ الخمر ماءً والألمَ سعيراً وعواءً!.
ـ الحضور الغافي حوّل الخمر ماءً والألمَ لذةً!.. 
ـ ماذا بوسعي إزاءه؟!.. وهل من سبيل يوصلني إلى حافة النوم؟
الوصال معه مستحيل.. والغفوة عنه مستحيلة!.
وجدتني أعب وأعب من زلال "الفودكا" علّها تهمدني، لكن هيهات، كانت تزيد من توهج الحواس، وتجعل من رغبتي ماحقةً إلى أن دفعتني إلى البروك على ركبتي جوارها بروك مصلٍ متوحد. مددتُ أصابعي نحو كتفيها الناحلين. أدخلتُ رؤوس أصابعي تحت حافة الفستان. سحبته إلى الأسفل بأناة سحباً خفيفاً، فتعالى في صخبي حفيف احتكاك الثوب باللحم الأسمر البض. راح جسدها ينكشف بوصة.. بوصة مع شدة بطء السحب. حررت الذراعين الممتلئين المزيتين، النهدين المختبئين تحت قماش الحمالة الضيقة والذي لا يخفي من صرختهما سوى جزء يسير يعلو الحلمة النافرة الرامحة الدافعة نسيج الحمالة الترابي الشفيف.. الحلمة الداكنة بادرة فلقت قلبي. انكشف مهبط البطن الضامرة المؤدية إلى قاع الصرة المعتمة.. وشم الحياة الأولى والجسد في تخلقه وهو يسبح في البحر الأول.. تذكار قديم من ذلك العالم المائي في محيطات الرحم حيث لا فضاء، مطلق أبدي يكرر فعل الخلق بوسيلة وحيدة هي هذا الوشم المحفور في مركز الجسد البشري، الارتفاع اللدن المبتدئ من أسفل الصرة حيث أصبح الفستان شديد الالتصاق بالحوض العريض. حلحلتها بين يدي. كانت لينة مثل عجينه متماسكة. خلصت الفستان من بروز الحوض، فأنكشف لناظري المأخوذ منبت الفخذين المتينين. حملقت مشدوهاً في طلاوة استدارتهما وكمالها، في صلابتهما الظاهرة ولدونتهما التي أتلمسها بأطراف أصابعي المنزلقة على بشرتهما الملساء. رددت دون صوت:
ـ سبحانك يا ربي.. سبحان خلقك!.
مسّحتُ منحدر الفخذين المصبوبين المنتهيين بصابونتي الركبتين الصغيرتين جداً، والغائرتين في امتلاء الساقين، ظهرت عضلة الساق المدملكة والتي كانت تضعني في الحيرة كلما لمستها في عتمة غرفتي. رفعت الفستان. عببتُ من ضوعها المخبوء في نسيجه، ثم ألقيته إلى جانبها على السرير. تلفتُ باحثاً عن شيء.. عن مجير. لم أجد سوى الخمر. أتيت على ما تبقى في الزجاجة. ازددتُ صحواً على صحوٍ.
ـ من ينقذني سواها.. من رمضاء رغبتي في دخول هذه الأحشاء الغافية الغاوية؟!.
ألا من مغيث يوصلني إلى هوة السكر والنوم؟!.
ألا من منقذٍ من جحيم هذه الليلة المشتعلة؟!. 
إلا من؟.. 
إلا من؟!.
أرخيتُ رأسيَّ لصقَ قدميها الصغيرتين، قدمي الطفلة اللتين هبطت نحوهما في أول لقاء على سطح الدار متسائلاً:
ـ أكيدْ حِبسَتْ أمك قدميك بحذاء من حديد حتى يُبْقَنْ بهذا الصغر اللي يدوخ؟!.
ضحكت في مساء السطح متسائلة:
ـ ليش.. أش بيهن؟!.
هبطت بعد سؤالها البريء نحوهما. قبلتهما في كل بقعةٍ باطناً وظاهراً قائلاً:
ـ قدماك قبلتي!.
ارتعدتْ وقتها مرددة:
ـ أستغفر الله.. أستغفر الله!.
مسحتهما بشفتي بمسٍ كمسِ نسيمٌ خفيفٌ، ورحتُ أتملى عن قربٍ طلاء الأظافر الذي انهمكتْ به قبيل خروجنا عصراً إلى المطعم، معلقةً على تحديقي الصامت المركز على طرف الفرشاة المنقوعة بلون البنفسج وأطرافها المبتلة المارة بسطح الأظافر المتناهية الصغر:
ـ أتزيَّنْ لليلتنا الثانية يا حبي!
لكنها سقطتْ في سكرتها وتركتني لرمضاء الصحو قرب عريها شديد الدنو، السابح في كون النوم النائي.
أضناني اللمسُ وأحرقني. كانت ساخنةً وكأنها مقبلة على حمى المضاجعة. ساخنةُ إلى حد أيبستْ شفتي عند مرورها الوجل على كعب القدم الطري. ارتعدتُ من جحيم الفخذين. رحتُ في نوبة من الارتعاش. أصابتني حمى جسدها الذي أتعرف عليه أول مرة عن هذا القرب.. وبهذا العمق والأمان في وحدتنا بغرفة الفندق. أمعنتُ في خوفي والرعشة أخذت بهزي هزاً. 
ـ يا ألذَّ محنة في حضرة المقدس العاري!.
ـ العائم على بحر الشمع!.
ـ الغارق في عطر الأبخرة القادمة من عتمة الصالة وعبق الحرمل القادم من المطبخ.
رجعت إلى الكرسي. اتكأت إلى مسنده لاهثاً. قلتُ لنفسي:
ـ هذا بحر لا قاع له هادرٌ
   هذا مطلق موج لا ساحل له
                      فكيف بي؟!.
                      وأين الرسو؟!.
——————-
من قصة عشتاري العراقية



Share To: