لي هيئة المنتصرين..
العينان الواسعتان والجسد الممشوق مع رشّة اللغة الواثقة، تجعل من الناظر يرى فيّ ذاتاً "منتصرة".. كما لو أن الجميع يختلق لي معركة في رأسه، ويجزم أنني ربحتها، ثم يحسدني على الراية المتخيَّلة فوق رأسي..
حسنٌ..في الواقع، نعم.. قلّما هُزمت، لا بدّ من الاعتراف..
حصلتُ على معظم الأشياء التي أردتها، ومراراً شكرت "القدر" (أو أيّاً يكن اسمه) على ما جعلني (لا) أحصل عليه..
حصلتُ على القدر الكافي من العلم، (لملمات أفكارٍ أكثر من كافية لعقل ملول مثل عقلي، وطريقة مضبوطة في فهم الأشياء)..
حزتُ أفضل أنواع العائلات، حتى فاض مني الحنو وعليّ..
صارت اللغة ملك يميني؛ أصوغ بها ما يبدو شعراً، ولا يتعدى كونه "صوتي"..
لم أعرف خيانة الأصدقاء ولا الأحبة. وجعلني الملل أوسّع صِلاتي مع كائنات الكون الجميلة (في غالبها)، بينما جعلتني الثقة أتوجس الخير في البشر، فأنبشه..
عرفتُ نفسي بعيوبها وارتقاءاتها، وتصالحت معها دون حروب تُذكر..
حصلتُ على الحب، النوع الرفيع الرقيق الذي لطالما أردته..
طال شَعري إلى الحد الذي رغبت به واسودّ، ثم نقشتُ فراشة على كتفي الأيمن لأوثّق انتقالي لنسخة أكثر تحليقاً من ذاتي القديمة..
نعم، انتصرتُ مراراً، وكثيراً على نفسي..
ولهذا لا ألوم الناظرين إليّ كما لو كانت هالة النصر تحوم حول رأسي، ورايته ترفرف في عينيّ..
لكني، وهذا ما لا يمكن حدسه بالنظر، لم أخض معارك قط..
لي قدمان كسولتان، وقليل من الطموح (مرّة رسمت فراشة على ورقة، حلّلها مفسّر بأن طموحي يطير ولا يرتفع، ثم مات المفسّر ذاته مقتولاً في الحرب)..
ماذا كنت أقول..
نعم، لم أخض معارك قط..
لطالما خاضها "القدر" أو الملل أو التكاسل نيابة عنّي ثم جاءني بغنائمها..
و الآن، وهذا ما كنت أريد قوله من كل هذا، أجزم أنني ما أزال لا أريد خوض معارك. على وجه الخصوص، لا أريد كسبك ولا خسارتك في معركة "غير مضمونة".
الخوف سيمنعني هذه المرة، وليس الكسل..
لا أريد حمل سيفي ومواجهة خطر خسارتك..
فأنا أعرف أن كل انتصاراتي في الحياة ستتحول هزائم، إن خسرتك، في معركتي معك أو عليك أو مع الحياة لأجلك..
لي هيئة المنتصرين، لطالما كانت لي (في صغري لم أكن أبكي مثل الأطفال، تقول لي أمي)..
لي هيئة المنتصرين، وأريد بك أن أحافظ عليها، ولو زيفاً..
ستظل أرض خدودك من ممتلكاتي، طالما لم أدخل المعركة لأجلها، وسيكون على العالم أن يسميها "أرضاً مشاعاً" طالما لم أبح برغبتي بتسويرها (أداري على شمعتي لتقيد، أطبّق المثل الشعبي)..
لي هيئة المنتصرين.. نعم .. وأريدها أن تبقى لي حتى اللحظة الأخيرة، حتى لو كان ذلك بتجنب دخول المعارك من أساسها (الهريبة أكثر من ثلثي المرجلة)..
لي هيئة المنتصرين، وإذا كان صحيحاً أن الحب يجعل الشريكين يتشابهان، فستكون لي مع الوقت هيئتك أيضاً "هيئة منتصرٍ حقيقيّ"..
لي هيئة المنتصرين و أحبكَ..
هل من هزيمة أشدّ؟؟؟!!



Post A Comment: