وأنا فى الرابعة أو الخامسة من عمرى كنت أتجول وأتسكع فى شوارع وأزقة بلدتنا الهادئة الجميلة الوديعة على غير هدى أعانى فراغ قاتل وأنا وبعض أترابى(من يلعبون معى فى التراب ) بعد أن أنتهينا من مباراة عنيفة من لعبة" بالتك " وهى لعبة تعتمد على القوة والعنف وأنا لست كذلك فلا أنا قوى ولا حتى عنيف دعك من كل ذلك التفلسف الذهنى البارد ...نعود للمبارة التى إنتهت بتقطيع ملابسنا فقد مزع جلبابى الكستور المقلم أزرق فى أبيض من ياقته حتى المنتصف بعد قبض عليها أحد لاعبى الخصم المتان الشداد الأقوياء وأنا أحاول الخلاص منه لكى نفوز بمباراة بالتك سيئة السمعة فى تقطيع ملابس لاعيبها ...قررت أن لا أعود للبيت خوفا من عقاب أمى الذى هو فى أضعف حالاته أشد عنفا وقوة مما تتخيل وبعد تسكعى الطويل الذى هو على غير هدى كما ذكرت من قبل...
وجدت نفسى أمام ثلاجة عم حلمى شتا البقال وأحد أقاربى يتناول مشروب في زجاجة وكانت تلك أول مرة أراها فى حياتى التى هى أربع أو خمس أعوام. فذهبت إليه لكى أرجوه أن يأتى معى لعمته والتى هى أمى فى نفس الوقت يعنى إبن خالى لكى يتوسط بينى وبينها أن لا تضربنى ثم أخذت أشرح بسبب تقطيع الجلابية بعد سألنى عن ذلك وسبب التسلخات الكثيرة فى وجهى الذى هو غائب تحت تراب سميك مبلل ثم نشف البلل على ذلك الوسخ دعك من مظهرى الذى لا يسر الناظرين كل ذلك سببه مباراة بلتك و التى فاز فيها فريقى ولكنه طلب منى أن أشرب ما تبقى من الزجاجة القصيرة المكببة التى تبقى منها حوالى ثلثها وقال لن أذهب معك قبل تشرب الكوكاكولا وكانت أول مرة أسمع هذا الإسم أيضا فرفعتها على فمى من فرحتى أنه سيأتى معى ليتوسط لى عند أمى وتناولت ما فيها دفعة واحدة لا أنكر أنها كانت لذيذة ولكن عيناى دمعت دمعا شديدا وأنفى كأنه يشتعل قبل أن أتجشأ بقوة فى أكبر عملية تطهير لبطنى وشعرت أن بطنى قد أطلقت للخارج وعادت مرة أخرى ثم شعرت براحة شديد وكأنها فى اليوم الأول التى خلقها الله فيه وكأنى لم أتناول قبل بشنين أو بلح شت النخل وجوافة من كل شجرة أثمرت فى البلد أو طماطم وخيار من أرض الله وليست من أرض الفلاحين كما كنا نعتقد جميعا..... وطبعا كل ما سبق ذكره دون غسيل.... لم أتناول إلى اليوم مشروب الكوكولا بنفس قوة الصودا ولذتها كما فى ثلث تلك الزجاجة المكببة ...




Post A Comment: