ذات صباح . . أو مساء ربما . . 
فبحر السماء يبخُّ العتمة بردائه الجديدِ كل يوم
ويشرب الضياء كله من كأس النهار المستباح
لم تعد كلمة النهار مرادفة للمَعاش
كتبتُ أول سطر للحبيبة وضّاءة الجبين :
ــ اعزفي لي لحناً من مراثيك الجميلة بإصبعيك على كفّي
قبل أن تجفّ الأصابعُ, وترتبك الأوتارُ فوق وجنتيك
رتّلي لي سورة القيامة,
وتوقفي كثيراً عند آية الذكر الحكيم :
" بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ "
فلعلني أدرك أنني كم كنتُ غبياً ولعيناً
ولعل مفردات الحروف تهمس بسرّها في قلبي
فيعودُ لهدوئه من جديد,
دثّري الأولاد بين مرفقيك بماء الحياة,
هدهديهم بزهر البرتقال حين يفوح من أثر السجود,
ثم اغمريني باشتهاءات المدى, ورائحة الليمون,
وارسمي انفلات الضوء من مراعيك الجميلة
دوائراً دوائرا . .
ولا تبكين عني كما بكت العفراء "عروة ابن حِزام "*
ما أشهى الحبيبة حين ترقص بين كفّي والمدى .
. . . . . . . . . . . . .
غريبة جداً هذه الجُمل الإسمنتية
الصادرة من صاروخ باليستي عابر للنجوم
أرى سحاباً فولازياً يتشكل هودجاً يُطلُّ منه وجه حبيبتي
تبتسمُ لي بابتسامة غاضبة
علام هذه الابتسامة يا حبيبتي ؟
الحور العين لم يظهرن بعد
فأنتِ ما زلتِ تمرحين بين مقلتيَ
وتنتشين في فرح وسرور . . .
وتتغامزين للسراب المستريب
تتبادلين فتات الروح في ( تشابك كمّي )*
لا تعرفين حداً للزمان الذي يتأرجح بيننا
أو مكان اصطياد الكائنات الفضائية التي تهاجمني ليلاً
الكائن الفضائي الذي صاحبني في رحلتي السريرية منذ الغفوة الأولى
أخذ يروي حديد عظامي الظمئ بالماء
فتزدهر الأنيميا في تلافيف مخي الممجوج بالأوهام
وتزداد إخفاقات عصير البرتقال في متون الأوردة
وتجتاح في شراييني الظلال .
هل كان بالفعل كائناً فضائياً,
يتبع قواعد اللعبة مع الحكومات الأرضية اللعينة
أم ملاكاً ضل طريقه إلى السماء,
فاستعاد حلمه القديم,
بأن يعيش كائناً أرضياً مرة أخرى,
كي يتذوق التعاسة من جديد,
من وجوه الأرضيين التعساء ؟
. . . . . . . 
حسن حلمي ــ قها ــ مصر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إحالات :
* عروة بن حزام والعفراء :  قصة حب مؤلمة انتهت بموتهما معاً .
* تشابك كمّي : هي ظاهرة فيزيائية ترتبط فيها الجسيمات الكميّة (مثل الفوتونات والإلكترونات وغيرها) ببعضها، رغم وجود مسافات كبيرة تفصل بينها, في النفس الوقت يعنى يتوقف فيها الزمن بينهما .




Share To: