هما بالتحديد اثنين
وكانا مشتبكان في حوار
غير منظم،يقفان كل
واحد منهما قبال الاخر
احدهما كان فاقدا عينه اليمنى وهي بدت مشوهة
ومازالت رطبة وتنز بدماء فاسدة
تحوم حولها ذبابة كبيرة مصرة على ان تحط فوقها
وهو يحاول في كل مرة
بذراعه المنفعلة في حركتها ان يبعدها
عن عينه التالفة،
والاخر ضعيف
حيث كانت كل اعصابه ناتئة
وهو يتحدث بعصبية بائنة
عن امر لا يمكن فهمه
فقط هما الاثنان يعرفان به كما يبدو
،ولكن فاقد العين اليمنى
يحاول ان يتصدى لهذا المزاج السيء
الذي فرضه عليه زميل التسكع اليومي
وانا خمنت ذلك من اول مرة عندما رايتهما
وسمعتهما واعترف بانني كنت الفضولي الوحيد
القريب منهما، الذي كان بوده ان يعرف كل تفاصيل هذا الحوار
او هذا اللقاء الطارئ قرب البحيرة
التي تصادف قربها ايضا مجموعة فتيات جميلات في يوم صائف بحرارته
وهن في حالة استجمام وكانت احداهن
قد خلعت ملابسها ليظهر كل جسمها المثير
واحتفظت فقط بالذي يغطي صدرها وما تحت خصرها
وكنت مازلت اتابع هنا وهناك رغم انني كنت مشدوها
بحوار الزميلين المتعبين كي اعرف قصة الحوار
الذي جمعهما بلا موعد.
وهذا ما اتضح من خلال ما اكده فاقد العين اليمنى
عندما قال:انا لم اكن اتوقع ان اراك هنا
بعد سماعه رشقة كلمات
من قبل زميل التسكع اليومي، الذي احتد مزاجه
وتشنجت كل عضلات وجهه
فارضا عليه هيمنته دون ان يعتني
بزميله الذي بدى عليه الملل والكلل
من حوار عابث او هذيان كبده معاناة
لا لزوم لها، ومع ذلك بقى صامدا
وهو يتلقى كلمات التوبيخ
في مكان عام يرتاده الجميع،ومنهم اصحاب الكلاب النظيفة والذكية
الذين يأتون بها يوميا من اجل راحتها
كما هم قريبون الان من الزميلين المتعبين ربما لانهم قد سمعوا بصوت الضعيف المقهور
الذي دار راسه نحوهم بسرعة دون ان يعرف من هم،ولكن ربما كان
يعرف انهم ليسوا الا رعاة الكلاب، الكلاب التي يحبونها
وهي تحظى عندهم بوافر الرعاية
فالضعيف المقهور عاد الى زميله فاقد العين اليمنى وهو ينظر اليه
بخجل،حتى خفض نظره الى الارض، وكانت في حينه يده اليسرى مشدوه بالبحث
عن علبة السجائر وعرفت بذلك من خلال ومضة الاشارة الخاطفة
التي صدرت من فاقد العين اليمنى،وكانت اشارة من اجل السجارة
وكان لازال الضعيف يبحث عن علبة السجائر،حتى وجدها في الجيب الخلفي لبنطرون الجنز وظهرت من بين اصابعه النحيلة واخرج منها بسرعة سجارتين كانت الاولى الى زميل التسكع اليومي والثانية له،
ولكن بلحظة مفاجئة دون اي فاصل تحركت اقدامهما بخطواتها الاولى
وذهبا باتجاه الجسر الصغير المصنوع من الواح الخشب المقاوم لتقلبات وانفعالات المناخ،وبينما انا بقيت انظر الى المكان الخالي الذي دار فيه حوار الزميلين المتعبين،اللذين اختفيا على امل ان اراهما مرة اخرى.



Post A Comment: