استغرقت من الوقت الكثير لأفتح مفكرتي اليوم وأدون فيها رسالتي، إلا أن كلمة من صديق وردتني غيرت مجرى الأمور جميعا ليومي هذا. نعم، أحيانا يكون للكلمة وقع في النفس يدفعها مرة أخرى إلى الضياء من جديد.
عادة كنت أعاتب نفسي كل عام وأقومها علنا، وأشيد بمنجزها علنا أيضا قبل ذكرى ميلادي، إلا أنني اكتفيت هذا العام بالصمت، وترك الأيام تأتيني بما تشتهيه.
عامي الثامن والثلاثين، الذي أعيش اليوم أيامه العشر الأخيرة، كان مكتظا بالمواقف الصعبة، بداية من مشكلة عادل مع الدراسة هنا، مرورا بورم كاد أن يكون الرابع، وصولا إلى الحجر الصحي بسبب فيروس كورونا وما ترتب على ذلك من فقدان للعمل والدخل الثابت وارتباك نظام الحياة الذي اعتدنا عليه أنا وصغاري.
في عامي هذا أيضا سقطت أقنعة البعض واختفى آخرون من الحياة باختياري، وهي أمور أعدها من الإيجابيات، فالأيام لا تحتمل المزيد من الزيف والمزيفين، كما دخل حياتي بعض من صاروا أبناء لقلبي، بهم استكمل الطريق الذي بدأته قبل أعوام، رغم صعوبته وكثرة العثرات فيه.
بالعودة إلى كلمة صديقي الذي جاء مذكرا بعيد ميلادي قبل عشرة أيام من موعده، كلمة الشكر لا تكفي، وكذلك كل الود لا يكفي، فقلوب كهذه تهدينا دفعة محبة افتقرنا إليها في صحراء أيامنا، نعم نحن نخوض معاركنا وحدنا، لكن زادنا فيها هو المحبة والكلمة الطيبة، لذا أتخذ من المحبة طريقا ودينا وعنوانا وراية، علنا يوما نحول الأوطان التي نفتقد لواحة إنسانية تتلون بنا نحن العطاشى منذ أول التأريخ للانتماء والحق والعدل.
لسنا هنا في غفلة من الزمن أو من الحقيقة، نحن هنا في غفلة عن أنفسنا وعن طاقاتنا الكامنة، نحارب أنفسنا بأنفسنا في الخوف والتردد وضياع الوقت، نسعى لأجل أمسنا لا لأجل غدنا، نبكي على ما فات دون أن نعمل لما هو آت.
ثورة وأخرى، حرب وأخرى، تقسيم جديد للوطن بدأ في العراق وها هي حبات العقد تنفرط في بلاد العرب. لذا علينا أن نتعلم الوقوف قبل الانحياز، أن نتعلم الاصطفاف في جبهة واحدة قبل أن نتشرذم في الشتات الكبير.
اليوم سأشارككم أيضا، كلمات كتبتها العام الماضي خلال شهر العتب والمواجهة، ضممتها إلى ديواني المقبل:
أحببت فكرة الشريط الأسود على هذه الصورة
تلك اللحظة التي سيعلن فيها الحداد،
لن يكون هناك أحد في الجنازة
أحد لن يتفاجئ
أحد لن يبكي
كل ما هنالك أنهم سيمرون من هنا،
كلماتهم تتوشح السواد
ولا أحد فيهم يدرك
أن الأبيض وحده لون الحزن
لون الموت
لون النهايات التي تليق بزهرة سوداء..



Post A Comment: