في صفوة بت ادمن عليها، كأنها اصبحت زادي اليومي، وهي عناقي اليومي للبحر والشاطئ.. 
لا تهمني اتفاقيات السلام الموبوءة، لا يهمني متى وكيف سيأتي الاغلاق ليكتم انفاسنا، ما يهمني ان اعيش هذا السحر والهدوء لاعود ادراجي بعد ساعة ونصف كحد اقصى للبيت لممارسة التزامي كربة منزل وكمعلمة ضمن منظومة تبعدك عن الطالب محاولين قدر الامكان خلق ابداعات تعليمية لجذب اهتمامه.

اليوم صباحاً تبحرت في تفاصيل امرأة تراقب تحركاتي بإلحاحٍ، حاولت تجاهل نظراتها الفضولية واذ بها تأتي صوبي وتذكرني بها،  مسكنها  داخل ازقة البلدة، علاقتها بي، اين وماذا لعبنا قبل سنين طويلة. 
الويل لك ايتها الذاكرة اللعينة، بدت ملامحها تتضح رويداً رويداً وازيلت غمامة عن عيني ، نعم تذكرتها .. وتحدثنا طويلاً وبسمة الماضي كانها تناديه علقت على محيانا .. 
قلنا ما قلناه، فكانت الحارة وقيمتها وأثرها علينا مركز حديثنا الممتع.

نعم الحارة كانت مرتعنا وبها لعبنا العابنا البدائية فكانت كل فرحنا ولهونا وتحدينا.
كان هناك فصلاً واضحاً بين العاب بنات وأولاد الحارة . فقد لعبن بنات حارتنا لعبة الغميضة وسبع حجار وايضاً الخمسة احجار وهي لعبة حرفية يلتقطن الحجارة بكف يد واحدة وفق قوانين محددة لا لُبْسَ فيها.. 
اتقنت جارتي وصديقتي وزميلتي في مقاعد الدراسة لعبة المعلمة (وقد اصبحت لاحقاً معلّمة في إحدى المدارس الثانوية) اذ تمكنت بأسلوبها المقنع تجميع عدد لا بأس به من ابناء الحارة الصغار. كانت تجلسهم على مصعد بيتها وتعلمهم دروساً وتتقمص شخصية المعلمة بحرفيه عالية في قدرتها السيطرة عليهم وتعليمهم وحتى عقابهم بالضرب الخفيف جدا على ايديهم كتقليد لما كنا نعيشه في تلك الفترة من طرقٍ واساليب لعقاب المشاغب او ذلك الذي لم يقم  بكتابة وظائفه البيتية. 
اما اولاد حارتنا فقد اتقنوا العاب البنانير بمصطلحاته الغريبة  وقوانينه الخاصة والصارمة فكانوا يختارون مكان اللعبة بمحاذاة الحائط وكانوا ينظفون بايديهم الصغيرة والناعمة تلك المساحة الرملية الضيّقة المعدّة للعبة البنانير الشهيرة.




Share To: