ها نحن الآن نتحدث عن التعليم عن بعد ..والتعليم الرقمى ..والمحاضرات الأون لاين ..وبدائل متعددة وكثيرة ..تسعى لأن تكون بديلا عن الشكل التقليدى للمحاضرة ..وهو أن يكون الأستاذ فى معية الطلاب ..والطلاب فى معية الأستاذ .
لكن هيهات أن تحقق بدائل التعلم إمكانية النجاح لما يحققه شكل المحاضرة التقليدى .

فالتعلم هو لقاء روح وعقل وقلب الأستاذ بعقول وقلوب وأرواح الطلبة ..هو لقاء قائم على الحب 
يغذيه سعى الأستاذ للتأثير عبر حوار العقل مع العقل والروح مع الروح ..يؤثر فيهم عبر لغته وايماءاته وحركاته الصادقة .

فأنا حينما ألتقى بطلابى وجها لوجه أعرف أحزانهم وهمومهم وتوجهاتهم ..فأخاطبهم على قدر حالتهم ..أنظر إليهم لأعرف متى سئموا من المحاضرة ..فأعرف كيف أجدد نشاطهم ..وكيف ألفت إنتباههم ..وكيف أعيدهم لى .

أنظر إلى وجه تلميذى فأعرف من وجهه حالته وهمه..وأنظر إلى وجه تلميذتى فأرى حزنا باديا على وجهها ..لا أدع أحدهم إلا وقد خففت عنه ..وسمعت له بعد المحاضرة ..علاقة خاصة تجمعنى بهم فى رغبة لامتناهية لأب لهم قبل أن أكون معلما.

مهما قيل عن البدائل الرقمية ..ومهما استخدمت هذه الوسائل ..فلن ولم تكن بديلا عن اللقاء العلمى المؤسس على الحب 
فعملية التعلم إذا انتفى منها الحب والتعاطف والتشارك فلن تكون مؤثرة بدرجة كافية .

فالمعلم الحقيقى محب حقيقى لأنه يعى أن تأثيره فى طلابه يؤسس على المشاعر قبل المعرفة ..وتؤثر المعرفة حين تكون مشبعة بمشاعر الحب 

لكن على مايبدو أن العصر الرقمى فى اتجاهه لتحنيط كل شئ المشاعر والتعلم والحب ..ليكون كل شئ افتراضى وخالى من المعنى ..وما الإنسان إلا مؤانسة ومحبة قبل أن يكون تعلم ومعرفة .



Share To: