<><><><><><>

كانَّ كما أنا وأنتُم .. لديه أحلامٌ وآمالّ لهُ ولأسرتِه .. هُوَّ كسائر البشرْ فكثيرآ ما حَلَقَّ
عاليآ بخياله صوبَّ ما يتمناه ويُخُططُ له .. لعلَّ غدآ يكون أجمَلّ ..
نشأ يتيم الأب ، وحيدآ ، فقيرآ ، مُغتربآ عن وطنه وأهله ، يحملُّ هَـمَّ نفسه ووالـدته
ويفتقد حُنُوَّ الأب وعَطفَّ الأم ومؤازرة الأخ  .. بالفعِل هكذا هُمّ البؤساء أبدآ !!

كثيرآ ما حدثني عن آماله وأحلامه وطموحاته ومشاكله اليومية والحياتية .. لطالما بثَّ
إلىَّ شكواه .. وما يُؤرقه وما يصبوا إليه .. لقد فعل ذلك كثيرآ خلال عـقدين ونصـف من 
الزمن وبشكل تلقائي وعفوي .. فهذة المُدة الزمنية كفيلة بحصول الألفة والوئام !!
لقد عَمِلنا سويآ لأكثر من خمسة وعشرون عامآ .. مُتجاوران ومُتلاصقان بذات المكان
والزمان .. والأهمُّ من ذلك [ الترابُط النفسي ] !!

في بداية حياته لم يُكتَبّ لهُ التوفيق على صعيد الأسرة .. فـقد تـزوج مـن سيدة ذاتَّ 
عِرق مُختلف جُغرافيآ وإيدولوجيآ .. فنتج عن هذا الزواج طفلة جميلة رشيقة ولكنها لَمّ
تَكُن تعلم مؤكدآ ما يُخبئهُ لها القدر ..  !!
بعدَّ سنوات عجاف قلائل إستشرت الخلافات بينَّ الزوجين كما كُنتُ أتوقع بل لطالما أشرتُ
إليه مرارآ بعدم الخوض في هذا الزواج وكُنتُ مُتعللآ بتبايُن الجنس والعِرق والعادات وكثيرٌ
من المساحات .. ولكنهُ الحُب قاتلهُ الله !!
ولم يجدّ بُدآ من الإنفصال بعد أن وصلت الأمور لمنحى خطير وغير قابل للمُضيّ قُدُمآ
فالطفلة تكبُر ومعها الخلافات والمناوشات وعدم الشعور بالأمان ..
فهاجرت الأم لموطنها ومعها الطفلة وعاش صاحبنا سنوات من الألم والضياع والحرمان
من فلذة كبده ولم يسترجعها إلا بشِقّ الأنفُس ..

تزوج لاحقآ بإحدى الفتيات من بني جلدته وأنجبَّ منها توأمان جميلان وكانت معهُ الطفلة
التي بدأت تتفتح كزهرةٍ جميلة وعاش لسنين في حُب ووئام وسعادة وكانت تراودهم 
كثيرٌ من الآمال والأحلام والطموحات بغدٍ مُشرق زاهِر ..
لم يكونوا على عِلمّ بأن هُناك من يتربص بِهِمّ وبأحلامهم  .. لم يخطُر لهُم وكذلك نحنُّ
بأن هُناك من يُريد أن يُحطم تلك العائلة الصغيرة الآمنه !!
لم يدُر بحُلد أحد بأن هُناكَّ من يُدبر ويُخطط ويتربص بالسوء لهُ ولأسرته البريئة .. ولكن
الأدهى من ذلك يا سادة من هُوَّ ذلك الشخص ؟؟!!

إنهُ وبكل أسف صديق !! نعم صديق ..
كان يعمل معنا طيلة عقدين من الزمن  .. نعم عقدين !! نأكل سويآ ونتحدث سويآ ويُمازح
أحدنا الآخر  .. إنهُم الإصدقاء وكذلكَّ يفعلون ..
في مثل هذا اليوم يا سادة .. وقبل عامين تمامآ .. تم إغتيال صاحبنا ومعهُ آمالهُ وأحلامهُ
وطموحاتهُ .. بل تم إغتيال كُل القيم والأخلاق والمبادئ معهُ !!
في مثل هذا اليوم :
كانت الساعة تُشيرُ عقاربها للرابعة فجرآ .. وهُناك عقرب آخر يتربص بالخفاء منذ سنين
ليلدغ صاحبنا الآخر لدغةً مُميتة ليبث في أحشائه السُم الزُعاف الملئ بالحقد والطمع
والجشعّ والخداع وانعدام الضمير والأخلاق ..

طَرَق الباب على صاحبه .. أجابهُ من بالداخل من أنتّ ؟؟ أجابهُ من بالخارج أنا صديقُكَّ فُلان .. فلم يتردد من بالداخل ولو لبُرهة لئلا يفتح الباب .. كيف لا وهُوَّ صاحبه ؟؟
بُمجرد أن فتحَّ الباب باغتهُ الآخر بطعنات عاجله أودت بحياتِه بعد أن سدد إليه العديد من
الطعنات التي لا يُمكن حصرها ..
كان ذلك بهدف السرقة فقد كان صاحبنا رحمه الله يعمل كأمين لخزينة الشركة وماتَّ
وهوَّ أمين لما كانَّ يحرسُه ..
حتى هذه اللحظه لا أكاد أصدق ما حدث ؟؟  ولا أكاد أن أتخيلهُ !!
كيف لصديق أن يقتُل صديقه .. ألأجل المال يفعل كُل هذا .. كيف لأحد أن يُنهي حياة أحد
ومعه أحلامه وأطفاله ومُستقبله ..

لكُم أن تتخيلوا وقع النبأ على مسمعي !!
لكم أن تتخيلوا وضع أسرته وأطفالهُ سابقآ وحاليآ !!
لكُم أن تتخيلوا تلك الطفلة البريئة وهي حاليآ زهرةٌ ذابلة بلا أب أو أم ؟؟
لكُم أن تتخيلوا أشياء كثيرة ..
ولكن : مالا يُمكن تخيُلهُ هُوَّ نهاية هذه القصة الشنيعة ..
صدقوني لن تصل بكم خيالاتكم للنهاية مُطلقآ .. وبرغم معرفتي بنهايتها ..
أستسمحكم عذرآ أن أحتفظ بها في [ أعماق أعماقي ] !!!

رحمكَّ الله أبا زياد .. وأسكنكَّ في عليين وألحقكَّ بالشُهداء والصالحين ..
لن ننساكَّ أبا زياد .. لن ننساك .. لن ننساك 
[ فأنتَّ لا تُنسى أبدآ ] .. رحمِكَّ الله تعالى فقد عِشتَّ وحيدآ ولقيتَّ ربَكَّ كذلك !!

<><><><>



Share To: