في بِلادِ الأَعاجيبِ كُنتُ رَأيتُ العَجَبْ .
إذْ تَظَلُّ السَّماءُ مُلَبَّدَةً بِالغُيُومِ الثَّقِيْلَةِ مُنذُ الصَّباحِ ،
فَلا الشَّمسُ تَطلَعُ عِندَ انبِلاجِ النَّهارِ ،
وَلا ضَوْؤُها عادَ يَشرُقُ ، 
لا نَسمَةٌ أو هَواءٌ يَهُبُّ ، 
وَلَيسَ لَنا عاصِمٌ أو مَلاذٌ ،
فَضاعَ الطَّريقُ وَضَعنا ، 
فَكانَ الضَّياعُ هُوَ المُبتَدَا وَالسَّبَبْ .
يا لِخَيبَةِ أَيَّامِنا في الزَّمانِ الرَّدِيءِ _
، الزَّمانِ الَّذي قَدْ طَغَى ، وَأرَى أنَّكُم تَعجَبُونْ .
فَأقُولُ : حَذارِ بِأَنْ تَعجَبُوا 
إنّهُ الزَّمَنُ المُرُّ ، وَالزَّمَنُ البَربَرِيُّ ،
وَإِنَّا بِهِ مِثلَما قَدْ خَسِرنا البِدايَةَ ، 
رُبَّتَما سَتَكُونُ النِّهايَةُ مَوتَاً زُؤامَاً ، وَإنّا بِهِ الخاسِرُونْ .
إنّهُ لَيسَ مِنْ عَجَبٍ إذْ نَظَلُّ حَيارَى .
لَيسَ مِنْ عَجَبٍ أَنْ يَقولَ لَنا القائِلُونْ : 
مالَكُم تَسكَروْنَ ، وَلَسنا سُكارَى .
إنَّنا نادِمونَ ، بَلَى نادِمُوْنَ ،
فَنَحنُ الَّذينَ أضَعنا الطَّريقَ ، طَريقَ الهُدَى وَالهِدايَةِ ،
فَالْتاثَ هَذا الطَّريقْ .
وَبَدَا واضِحاً إنّنا الآنَ بَينَ خَيارَينِ _
أوَّلُها أنْ نَكُونَ إلى سَقَرٍ سائِرِينَ ،
وَثاني الخَيارَينِ رُبَّتَما قَدْ نَكُونُ وَقُوداً لِهَذا الحَريقْ .



Share To: