وعدتني أن تأتني بأيام خصبة، كثيرة المطر 
كثيفة الزرع، وليس لها موسم حصاد ولن ينتهي لونها الأخضر 
كنتُ على وشك التكذيب لولا احتضان أصابعها باأصابعي.. 
وفي كل عام كانت تنفك إحدى الأصابع عن الأخرى
وأشعر أن خريفاً دائم سيأتي
 لكن  رأسها اتكأ على كتفي،  جعلني أعيد النظر  وأنتظر حتى يأتي  الموسم القادم.. 

زاد التأمل في ذهني وأصبحت عيني تنظر إلى الأفق مُتجاهلةٍ ذاك الوعد اللعين وفي نفسي حوار عميق وعدة تساؤلات.. 
لماذا أصبحنا نمشي وبيننا مسافة ذراع والصمت يخيم على أرواحنا؟
لماذا تنظر إليَّ بنظرة بوح موجع، إلى أين تنوي الرحيل...؟ 
لماذا افلتت يدي قبل أن تفي  بوعدها 
أم إنه أنا الذي أفلتها بعد مرور عام..؟ 

وفي يوم قررنا الذهاب إلى شاطئ المدينةأعددنا كل شيء بصمت
 ركبنا الحافلة واتكأت على النافذة رغم وجود كتفي!!
لم تبتسم ولم تشر باصبعها لأرى شيء لفت نظرها. 

حتى فطيرة التفاح التي جلبتها معي كانت تلاحق فمها الجاف!
وعند وصولنا اختارت الكوخ البعيد عن الناس وبدل من الملابس الداخلية ارتدت جلباباً طويلاً ووشاح يغطي شعرها وقضت اليوم كله تسمع تلاطم الموج على الصخور..
حتى أنا لم أشعر بالفضول ولم أسألها لمّ هذا الصمت الطويل 
وكأننا نحتاج هذه الفترة،  فترة ابتعاد الأرواح ! 

مضى أسبوع كامل ونحن ننظر للغروب والشروق ونسمع صوت الرياح وهديل الليل.. 
حتى اشتقنا لِبعضنا بشدة
 إلى حد البكاء وضربت كتفي بقوة 
حتى شعرنا أن هذا الكون لا يسعنا...!!



Share To: