الفلاسفة غالباً ما يبدون غريبي الأطوار بالنسبة للناس، هناك صورة شائعة للفلاسفة في مخيلة الناس على أنهم أناس مخبولين ، حمقى، ليسو أسوياء ، أي أن هؤلاء الناس ، أصدقاء ومحبي الحكمة، هم أبعد الناس عنها، وهذا الأمر ليس وليد اللحظة، بل هو أمر قديم قدم الفلسفة نفسها !!   
الفلاسفة أنفسهم ساهموا في تكريس هذه الصورة في رؤوس العامة، سواء الفلاسفة القدماء من أمثال  سقراط و ديوجين الكلبي ، أو الفلاسفة الأقرب منا زمانا مقارنة بهؤلاء القدماء من أمثال الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو والألماني شوبنهاور .
 فقد كان سقراط بمظهره المستفز – لا يلبس جيدا، ويمشي حافيا في الأسواق- وبأسلوبه المتهكم،  يستوقف المارة، داسا أنفه في شؤونهم، معرضا إياهم للاستجواب، سؤال يتبعه سؤال بدون أي كلل أو ملل، مُوقعا إياهم في التناقض، مُظهرا تهافت ما يؤمنون به وتضعضع أفكارهم، ليدفعهم للاعتراف بالجهل ، الأمر الذي سبب له عداوات أدت إلى إعدامه في نهاية المطاف .  وكان ديوجين الكلبي،  يعيش في برميل، يأكل من الفضلات التي يرميها الناس، يمارس الاستمناء في أسواق أثينا  بلا مبالاة أو خجل ، الأمر الذي دفع الناس الى تسميته  بالكلب . بيد أنه اعتبر هذه التسمية تشريفا وحينما مات قام تلاميذه بصنع نصب تذكاري يعلوه كلب وأصبح هذا الحيوان رمزا لمدرسة في التفلسف تسمى بالكلبيين .  وقد كان روسو- هذا الفيلسوف المتناقض الذي كتب كتاب يعلم فيه الناس كيف تربي أطفالها في حين أنه تخلى عن أطفاله الخمسة لدار الأيتام -  ماجوشي، يجد لذة في سيطرة النساء القويات وهيمنتهن عليه، يعترف بنفسه بذلك ، أي بأنه يجد لذة ومتعة في الجلوس تحت قدمي المرأة التي تكون متعجرفة، مطيعا أوامرها ، متذللا إليها مثل الكلب الوفي .. ثم أنه لما كان خادما في بيت رجل نبيل سرق وشاحا وألصق التهمة في احدى الخادمات. علاوة على ذلك كان يحس بأنه مراقب ، هناك من يتبعه ويلاحقه وأن الناس تحيك مؤامرة حوله، أما شوبنهاور، هذا الفيلسوف المتشائم، البخيل ، الأناني والكاره للناس عموما وللجنس الأنثوي خصوصاً، والذي لا يطيق الضجيج ويعتبره علامة من علامات التأخر العقلي، هذا الرجل،  دفع جارته من السلالم ، لتسقط على الأرض، مُسببا لها عاهة مستديمة.  وبالتالي، إنطلاقا من ذلك، عندما ينعت أناس من العامة الفلاسفة  بالحمق وغرابة الأطوار، فلهم في بعض روادها ما يبرر قولهم !!



Share To: