يـحـدث أن تـهـتـز الـذاكـرة تحـت مـواطـئ الذكـرى لـتـعـيدك لـمـسـاوئ تلك الأيـام، الأيـام الـسـوالف الـخـوالـي ....
كـعادتها روحـي لا تـزال معلـقة هناك حيث تلك الـطفلة ذات الست سنوات، مـازلت أتكـئ عـلى الـظلام و أطـعم الـليل شـوقـي، لا أزال أحلم بلـمـس سـعـادتـي التـي تـلوذ هنـاك و سـرعـان مـا أرتـطم بـحـقـيـقة الـلاعودة، فأعود إلـى سـاحـة الـحـلـم مـجـدداً أداعب أحـلامـي مـشـبـعـة بـدمـوع الـقـهـر الـذي تـوغـل فـي حـنـايـا الـفـؤاد، هـنـيـهـات مـبـعـثـرة عـلـى مـشـارف الـصـبـح الـغـافـي من نـوافـذ الـعـمـر الـتـي نـثـرت أوراقـهـا الـذابـلـة عـلى أديـم الـسـنـيـن، تـمـر مـن دون رجـعـة مـضـت دون أن أدري، فقد طـالـت غـفـوتـي إلـى أن عـاودنـي الـحـنـيـن إلـى مـاضـي الـذكـريـات و زج بـي فـي حـلـقـات الـسـنـيـن الـتـي تـتالـت بـيـن رقـة الـشـوق و نـشـوة الإنـتـظار، كـنـت أتـأرجـح فـي عـشـقـي لـلـحـيـاة ما كـان يـطـرب خـيـالـي الـحـالـم سـوى قـفـازاتـي الـصـوفـيـة من نـسـيـج جـدتـي، أستـظـل كـلـمـا تـعـبـت بـشـجـرة الـحـيـاة و أرقـب الـعـابـرات فـي سـراب الـذاكـرة بـعـيـداً عـن سـواد الـلـيـالـي الـذي طاف و جـاب بـحـيـاة مـمـزقـة الـسـتائـر..... ما بـيـنـي و بـيـن تـلـك الـطفلة لـيس حـبـا جـارفـاً ولا شـوقـاً عـابـراً، ما بـيـنـنا لا هو بـالكـائـن ولا هـو بالـمـنعـدم، مـا بـيـننا بـحـر هـادئ و لـيـل أنـيق، نـار مـسـالمـة و صـحـراء ممـطرة ما بـيـننا لا يـشـفيه الـغياب ولا يعـيقه الحضـور، مـا بـيـنـنـا لا شـيء و كـل شـيء. . . . . .
.. بـيـن إسـتـرجـاع أمـجـاد الـمـاضي الـتـليـد و إستـحـضار نـكـسة و خـيبة الـحـاضر الـمـرير أصبحت ألهو بذاكـرة غـائـبـة، أستعير شيئاً مـن الـقـلـق الـذي لا يـحـتاج إلـيـه أحـد و أضـعـه بـعـنايـة تحـت وسـادتـي، أضحى الـصـمـت يـؤدي مـهـمة ذات الـضـجـيـج الـمـنـسي.... الـجـمـال الـمـتربـع فـي عـيـني، الـحـسـن المـعـقـود في شـعري، الطهارة التي بقلبي ....تحكي كل شيء، تلك الطفلة أصبحت تسترخي في حضن النسيان عللت لذاتها مسوغات لا تدرسها البيادر ولا تخفيها الأصفاد، واقعها الأنـي "البـراءة" وأنا لست نادمة على إنـقـيادي لهـذا الـدافـع، لكن لا سـبـيـل للحـيـلـولـة دون ذلـك، جـمـعـت فـي ذاك الـسـن كدسا من الألقاب و أزحـتـها قـرب الرصـيـف، فلـطالمـا كـان يـتـم تـشـبـيهي بطفلة أحد الأفـلام التي لا أذكر إسمـها، كـانت تجـتـاحني حينها نـخـوة مـدفـوعة بـفـضول قـاهر إلـى وجـه الـتـشابه بيننا، وبقيت ضحية لذلك الإلتزام المأساوي الذي قال عنه "دوستوفسكي" (إنها جريمة بلا عقاب) ...بالرغم الأن من رماد العمر الذي خالط شعري الأسود إثر أنامل داعبته ذات مراهقة، وبرغم الحكايا التي حصاها الزمن على وجهي بخط مسماري عتيق، مازالت روحي ترمح في ملاعب الطفولة كمهرة لعوبة جامحة غافلة عن ما ينتظرها في مقتبل الأيام من نوايا، رافضة حقيقة أن ما مضى لا يعود بالرغم من أنه يراودني إحساس مـاحـق بـتـحـولـها لـذكرى مـريـرة.



Post A Comment: