لا أعرف أحدا استطاع أن يكتب بهذا الأسلوب. أسلوب سكوت فيتزجيرالد يخلق عالما آخر، ليس سحريا على طريقة ماركيز، وإنما واقعي مسكر في واقعيته. هذه ترجمتي لبضع فقرات من رائعته "غاتسبي العظيم" وقد حاولت أن أحافظ على أسلوبه:

كانت الفتاة "ابنة عائلة" وكانت الأولى من ذلك النوع في حياته. كان قد صادف هذا النوع من قبل في تقلبات حياته الغريبة، ولكن كان هناك دائما حاجزٌ خفي من الأسلاك الشائكة يقف بينه وبينهن. لقد وجدها مرغوبة على نحو مثير. ذهب إلى بيتها، بدايةً مع زملائه من الضباط في معسكر تايلور، ثم بدأ يذهب لوحده. وقد ذهله ذلك – إذ لم يدخل بحياته بيتاً جميلا من قبل. ولكن ما جعل تجربة المكان مركزّة ومرهوبة كان معرفته أن "ديزي" كانت تعيش فيه – كان البيت شيئا عارضا في حياتها، كعرضية خيمته له في المعسكر. كان يحوط بيتها سرٌ دافئ، إحساس بوجود غرف في الأعلى أكثر جمالا وجاذبية من الغرف الأخرى، شعورٌ بأن أنشطة تشع نوراً وفرحاً تحصل في ردهاته، قصص حبٍ لم تبرد ولم يغطها الخزامى بعد... قصصٌ حيّة نضرة تتنفس وتتراءى منها سيّاراتٌ لامعة من طراز العام ورقصاتٌ لم تذبل ورودها بعد. لقد أثاره أيضا أن رجالا آخرين قد أحبوا ديزي من قبله – وقد زاد ذلك من قيمتها في عينيه. شعر بوجودهم في أرجاء البيت يملأون الهواء بظلال وأصداء عواطفهم الموارة.
لكن جيه غاتسبي كان يعرف أنه موجودٌ في بيت ديزي بسبب خطأٍ كوني. فمهما كان مستقبله عظيما، فهو الآن شابٌ فقيرٌ دون ماضٍ، وفي أية لحظة قد تختفي هالة بزته العسكرية من على كتفيه. لذا استغل وقته. أخذ كل ما يمكن أن يحصلَ عليه، بجوعٍ وبدون أي وازع – وفي ليلة ساكنة من ليالي أكتوبر أخذ ديزي... أخذها لأنه لم يكن له حق أن يلمس يدها.
ربما احتقر نفسه لأنه بالتأكيد أخذها تحت ادعاءات كاذبة. لا أقول إنه ادعى ملايينا زائفة، لكنه كان قد أعطى ديزي عن عمدٍ شعورا بالأمان، جعلها تعتقد أنه من نفس طبقتها، وأنه قادر تماما على التكفل بها. في الحقيقة، لم يكن لديه شيء من هذا – لم تكن وراءه عائلة مقتدرة، وكان يعيش تحت أمر حكومةٍ يمكن أن ترسله في أي لحظة إلى أي مكان في العالم.
لكنه لم يحتقر نفسه، ولم تسر الأمور كما تصوّر. فقد كان يعتزم أن يأخذ ما يستطيع ويمضي – لكنه اكتشف أنه قد ألزم نفسه بمطاردة حلم. كان يعرف أن ديزي رائعة، لكنه لم يدرك كم هي فعلا رائعة "ابنة العائلة". لقد عادت وغابت في بيتها الغني، في حياتها المترفة المليئة، تاركةً غاتسبي دون أي شيء. وقد شعر ببساطة أنه متزوجٌ منها. 
عندما التقيا بعد يومين، كان غاتسبي من أخذ يلهث، من شعر، على نحو غريب، بالخيانة. كانت شرفتها مشرقة بالبذخ الذي يشتريه المال. وكان كرسي القصب الذي جلست عليه يئن برهفٍ حين التفتت نحوه فقبّل ثغرها الجميل المستغرِب. كان قد أصابها برد، ما أضفى بحة ساحرة على صوتها. هناك شعر غاتسبي على نحو عارم بالشباب والأسرار التي يحبسها ويحفظها الغنى، شعر بنضارة الثياب الكثيرة، وشعر بديزي تضئ كالفضة آمنةً وواثقةً فوق صراعات التعب والعرق التي يعيشها الفقراء.



Share To: