القاريء النوعي يهز شجرة الشاعر و يبتسم (والشاعر —طالب حسن— مأخوذ بالدهشة )

أولا 

الفعل التدويني -الاستنساخ /الطباعة /التصوير -يظل بحاجة ضرورية و دائمة الى القاريء /الشاعر ،القاريء الذي بمقدوره ان يكتب نهايات مختلفة للقصيدة/النص المقروء،وان يقول أشياء أخرى لم يقلها الشاعر له او  لغيره،وان يملأالفراغات والفجوات التي تركها الشاعر قصدًا او سهوا،فجسد القصيدة فضاء مفتوح غير محدود ،كائن صانع للنواقص الكتابية لذلك فمن مهمات القاريء التنبه ان يكون مصاحبا للكاتب ولو بعد حين ،ليتشكل فعل الشراكة المعرفية ما بين الطرفين ،وأن يقول القاريء من خلال الفعل القراءاتي ما لم تتكمن لغة القصيدة من ان تقول ما بذمتهامن تاريخ واحداث،
لم يعد المتلقي مستقبلا  كما لو كان كائنا اسفنجيا  ،بل بات بعيدا عن أخذ الأذن ،او موافقة او عدم موافقة الكاتب /الشاعر ،فبإمكان هكذا قاريء افتراضي ان يحذف من النص ،وان يضيف ،لقد غادر معظم القراء  ،وتحت تأثيرات المعارف و تراكمات القراءة النوعية ،
-المنطقة الرصاصية-هذا المكان الذي لا يحتفظ بآثار ودور القراءة،وما يمكن ان يقوله القاريء حول النص المقروء ،
لم يعد الكاتب /الشاعر  فعلا الغائيا /ديكتاتوريا  لا يجيز للآخر /المتلقي ان يرفض ،او يعلن عن عدم ولائه للسيد الشاعر ،
هذا القاريء النوعي بات يشكل أساسًا  لاستقبال النص المنشور /المكتوب سواء كان إلكترونيًا او ورقيا ،بعد ان تراجع النص المسموع الشفاهي بعض الشيء،
…………………
ان وفرة القاريء الاعتيادي اللامنتمي الى الاختلاف لم تعد تمثل طموحات الشاعر  ،بل بات البحث عن القاريءالفطن ،النبيه يمثل همًا ثقيلًا ،وطموحا لا بد منه ،بل بات البعض من الكتاب عامة والشعراء خاصة يفكر بالقاريء وهو يسطر أفكاره على الورق او على صفحة الفيسبوك،
يفكر بنوعية القاريء ،بقدراته على حسن الاستقبال ،بل قد نرى البعض يبحث عن القاريء البسيط،
وقريبًا او بعيدا عن منطوق حين قيل لأبي تمام  على لسان  احد من المتحدثين (لماذا لم تقل ما يفهم،ليكون رده ولماذا لا تفهم ما يقال )ورغم ان المعارف متاحة للجميع الا ان القراءة منذ اختراعها وما زالت تمثل اكثر من منبع للقلق و اثارة الأسئلة ،وأكثر من وسيلة للإطاحة بسكونية القاريء ،و حثه على عدم اقتفاء اثار الآخرين في محاولة لصناعةموقف معرفي يتميز به هذا القاريء او ذاك عن سواه ،قد يمثل القاريء البسيط /الأبيض ،الذي لم تتلوث ذاكرته بالقراءات المختلفة المصادر ،المتنوعة الاتجاهات،هذا النوع من المتلقيين يمثل نسبة عالية من القراء ،كل هذا يحدث تحت سلطة مقولة -على الكاتب /شاعرا او ساردا او تشكيليًا او مسرحيًا -ان ينزل بما يكتب الى مستوى الإنسان البسيط المعرفة ،ليظل القاريء النوعي و الاعتيادي هدفا مهما و مشتركا من أهداف الكتابةو الكاتب ،
في (رجل يهز شجرة و يبتسم)للشاعر طالب حسن و الصادر عام ٢٠١٧،قد لا يرفع الشاعر شعار ضرورةتوفر المعرفي /القاريء الذي يمثل تواصلًا معه،القاريء /الشاعر او الكاتب /الشاعر ،القاريء المتميز  الذي يجب ان يكون قادرا على صناعة الإضافات الكتابية المكملة ،حيث ترفع القصيدة /النص قامتها لتعاين القاريءبشيء من البهجة و الدهشة ، هنا تكون القراءةفعلا معززًا لدور الشاعر والقصيدة في ضرورة الابتعاد عن لغة الإعلام و الصحافة والألفاظ التي فقدت الكثير من مرونتها ،انها اللغة المنتمية الى الجزء المتقرن من الحياة ،
يجب ان تكون لغة الأدب عامة ولغة الشعر خاصة مثل لوح الزجاج الذي لا يشف عن كل ما يوجد في الجهة المقابلة ،بعيدا عن ان يكون لوح مرآة يظهر الموجودات كافة ،وعلى القاريء أن يمحو/يبعد  الغبار عن  قطرات المطر ،وما تتركه الأصابع الملوثة بأحبار  الحياة ،ودخان سكائر الشاعر ،وما تتنفثه عادم  ماكنة القصيدة من ملوثات الهواء، ليتمكن الجميع من النظر و رؤية ما وراء اللوح ،
وربما يعمد القاريء على كسر هذا اللوح ،و تدمير العوازل التي تخفي وراءها ما لا تريد ان تقوله ،
البحث عما وراء لوح القول هو فعل قراءاتي يكون مقصودًا لدى الكثيرين من الكتاب ،عندما يكون الفعل الرقابي لسلطة الممنوعات هو الذي يعلن المباح و المتاح في الكتابة والقراءة ،



Share To: