أن تفهم الحياة من خلال باطنها أولا ومن خلاله تحاول الصعود الى الظاهر محافظا على قيم الباطن مخالفا بذلك سنن الآخر الذي يفهم الحياة من الظاهر ربما محاولا الدخول الى الباطن مع الاحتفاظ باعتزازه بالظاهر ، هنا ستكون أنت أمام مفترق وصعب جدا أن تلتقي مع هذا الآخر ، هناك مساحة شاسعة في الاختلاف .
أنت قادم من بلاد الوجع ، عادي جدا ، لا شيء جديد في اختلافك مع الآخر إن كانت البلاد جزء من صيرورته والعكس صحيح .
بلادك ، بلاد ( الخردة ) ، بلاد الحكومات المتناسلة في العراء ، بلاد الشكوى وسمعة الاضطهاد ، البلاد التي استغنت عن بعض أبناءها لأنهم فقط أرادوا التمدد قليلا في انسانيتهم ،
بلاد عاشوراء اللطم والمنابر والطعام المخدر ،أما عاشوراء الثورة والصرخة والفكر ، هذا أبعد ما يكون عن اهتماماتها ،
ما هذي البلاد النتنة ؟
البعض يتمسك بسطح الحقيقة متناسيا ان الحقيقة جسد وروح وأوجه وكتل من القناعات والمفاهيم .
الحقيقة أنا انسان ، كائن حي ، 
لكن الحقيقة أيضا انني لا أشعر حقا بانسانيتي أو أنا كائن حي أمارس حياتي بشكل طبيعي ولي حقوق أتمتع بها .
اذن نحن هنا أمام تضارب في حقيقة الحقيقة أو تضاد في مفهومها .
وربما القطيع على حق مادامت الأنا والعامل الاقتصادي هما الخطان المتوازيان في مسيرة الحياة ولتذهب أنت والحقيقة الى أي مفترق قريب وتنتظر هناك أو تهطل في الفراغ .
القطيع يعيش مقتنعا محافظا على حياته ، ماذا يريد أكثر اذا ما كانت الأنا والسير تحت مظلة ولاة الأمر رأس ماله .

الحقيقة لا حياة في الحياة ولا في الحقيقة انك مجرد آلة يستهلكك العمل والبيت والبلاد والضوء الخافت في ذاكرة الليل .
إنك كائن على هامش الحياة ، لا يعرفك سوى القليل من الشعر والكثير من القهر .
ما الحياة بلا آخر ، بلا بلاد ، بلا أنت ؟
ما جدوى كل ذلك ؟
يوما ما سينتهي هذا العمر ومعه ستغلق نافذة محنتك وتحلق بعض الطيور لكن ليس تحت سماء منخفضة ، سيتذكرك الآخر نادبا حظه لأنه لم يتمكن من احتواء هسيس انسانيتك التي دائما ما كان يستمع اليها ، بلا اصغاء .

الحياة تعني المحبة أن نستثمر أخطاءنا بالاعتذار وجهلنا بالمعرفة وأنانا في الآخر أن نحاول من أجل ارتقاء النفس ،أن نتواضع ، نتسامح مع أنفسنا أولا ثم مع الآخر لأننا ليس أكثر من حفنة تراب ورائحة نتنة مؤجلة .
لا أحد في الأحد غيرك ،اذا ما نظرت اليه باصغاء ستجد حقيقة انسانيتك لذا عليك معانقته دوما .

اننا نحيا حين يكون ذلك شائك .



Share To: