الساعة تشير الى منتصف الليل إلاّ عشرين دقيقة... الصوت المنبعث من الشقة ما تحت شقتها بدأ في الانتشار... هذه المرة، الإيقاع بطئ بعض الشئ متبوع بضربات على طاولة او شيء من هذا القبيل...كلام غير مفهوم و لو انه يصل مفرز الى مسمعها...نعم هي جارتها الشابة السمراء الأفريقية...قالت لها ذات لقاء في المصعد انها حديثة العهد بقدومها الى المغرب من غينيا بيساوو... تتحدث اللغة الفرنسية بإمتياز...مدة اللقاء في المصعد لم تسمح لهما بتعارف معمق... الغريب في الامر ان هذه الفتاة لا تكف عن ازعاجها بالتراتيل التي تتلوها كل نهاية الأسبوع بصوت مرتفع و إيقاع يؤدي ، في بعض الأحيان،  إلى عدم التمييز إن كان الصوت صوت بشر ام مخلوق غريب ٱخر ... لتفك طلاسيم هذا اللغز بحثت و ناقشت الموضوع مع احدى معارفها التي تتابع باهتمام  المهاجرين الأفارقة، من خلال برامج وثائقية متلفزة ... حكت لها هذه الأخيرة على طقوس الشعوذة و السحر التي يلجأ لها هاؤلاء المهاجرين ، في بلدهم الأصلي، كزيارة عراف او شخص له باع في تزويد مريديه بما يلزم من تمائم و تعاويذ لتيسير أمورهم  سواء في الهجرة او الدراسة أو العمل أو غير ذلك... هذه الطقوس ينبغي, حسب توجيهات الكاهن او الكاهنة, الالتزام بتأديتها  في أوقات محددة  في الزمن ... نعم ما تسمعه الٱن و الصوت المبحوح للجارة الشابة السمراء لا يمكن ان يكون إلا تأدية لإحدى تعليمات تستقي جذورها من العقل الخرافي و العجائبي الذي ما زالت تطفح الى السطح بعض مظاهره من حين لٱخر ...  تساءلت  كيف  يمكن  للإنسان  أن يكون بهذه الإزدواجية في التفكير حتى   يتقبل  دماغه  معتقدات لا معقولة  و يتعاطى مع مسائل  الرياضيات او اي علم من العلوم باستعمال المنطق و منهاج الاستقراء و الاستنباط...و ما زال الصوت المبحوح مسترسلا في تلاوة ما تعجز عن تمييزه و تفسيره...








Share To: