أفكار مطروحة
هناك أفكار عديدة مطروحة ينشرها الإنسان كفكر اجتماعي يستطيع تطبيقه في بناء المجتمع وهذا الفكر من وجهة نظره يرى أنه عقلاني وعلمي يقبله العقل والمنطق وأيضا يعطي مساحة من الحرية لأن يستوعب كل الفئات والأديان وهذا لأنهم أرادوا أن ينحوا الدين جانبا لكي لا يكون هناك ما يشكل معوقًا لتقدم المجتمع وللهروب من القيود التي يفرضها عليهم الدين أو لأن الدين لم يستطيع استيعاب هذا التقدم العملي الإنساني المذهل في العصر الحديث.
من أمثلة هذه الأفكار الفكر الليبرالي .
• نشأة الليبرالية:
نشأت الليبرالية في التغيرات الاجتماعية التي عصفت بأوربا منذ بداية القرن السادس عشر الميلادي، وطبيعة التغير الاجتماعي والفكري يأتي بشكل متدرج بطيء. وهي لم تتبلور كنظرية في السياسة والاقتصاد والاجتماع على يد مفكر واحد، بل أسهم عدة مفكرين في إعطائها شكلها الأساسي وطابعها المميز. وتذهب معظم الكتابات إلى أن استخدام مصطلح “ليبرالي” بدأ منذ القرن 14، ولكنه كان يحتمل معاني متعددة ودلالات شتى، فالكلمة اللاتينية libber تشير إلى طبقة الرجال الأحرار، أي أنهم ليسوا فلاحين مملوكين أو عبيدا. والكلمة كانت ترادف “الكريم” أي “ليبرالي” أو السخي في تقديمه لمعونات المعيشة للآخرين. وفي المواقف الاجتماعية كانت الكلمة تعني “متفتحا” أو ذا عقل وأفق فكري رحب. وترتبط الكلمة كثيرا بدلالات الحرية والاختيار. ويرد بعض الباحثين جذور الليبرالية إلى الديموقراطيين في أثينا في القرن الخامس قبل المسيح، والرواقين في المراحل الأولى من المسيحية، ثم حركة الإصلاح البروتستانتية التي بدأت في ألمانيا ثم انتشرت في كل أرجاء أوربا . لكن الليبرالية بمفهومها السياسي لم تظهر إلا في أوائل القرن 19، وأول استخدام لها كان في أسبانيا في عام 1812، وبحلول الأربعينيات من ذلك القرن كان المصطلح قد صار واسع الانتشار في أوربا؛ ليشير إلى مجموعة من الأفكار السياسية المختلفة. ويقول البعض إن الليبرالية لم تظهر كمذهب سياسي قبل القرن 19، ولكنها قامت كأيديولوجية على أفكار ونظريات تنامت قبل ذلك بـ300 عام، حيث نشأت الأفكار الليبرالية مع انهيار النظام الإقطاعي في أوربا والذي حل محله المجتمع الرأسمالي أو مجتمع السوق.
المبادئ الأخلاقية لليبرالية
يتجسد الموقف الأخلاقي لليبرالية في التزامها بمجموعة من القيم والمبادئ المتميزة، وأهم محاورها يدور حول ما يلي:
1– الفرد: عندما انهار النظام الإقطاعي واجه الأفراد نطاقا أوسع من الخيارات والإمكانات الاجتماعية، وأتيح لهم لأول مرة التفكير الفردي المطلق وبشكل شخصي بحت، فمثلا الفلاح المملوك الذي عاشت وعملت أسرته في نفس قطعة الأرض أصبح الآن رجلا حرا لديه القدرة على اختيار عمله وصاحب العمل، وأن يترك الأرض ليبحث عن عمل آخر في المدن الكبيرة. و اجتمع الليبراليون على الرغبة في خلق مجتمع يكون فيه كل فرد قادرا على تنمية وتطوير قدراته لأقصى درجة ممكنة ، وبذلك يعطون أولوية للأخلاق الجماعية على حقوق واحتياجات ومصالح الفرد و هكذا تكون الفردية هي القدرة على أن يكون الفرد سيد نفسه ومستقلاَ بذاته، وتتطلب السيادة على الذات أن يكون الفرد قادرا على تنمية مهاراته ومواهبه وعلى اتساع فهمه وتفهمه وعلى الوصول إلى الإنجاز والرضا.
في البداية، نظرة الفكر الليبرالي في هذا النص اقتصرت على المجتمع المصري، والرؤية التي اقتصرت على الفرد المصري بعينه وهو ينظر إلى التفكير الفردي المطلق وهو يرى الفرد بتفكيره المطلق وبشكل شخصي بحت هذه النقطة التي سأبدأ منها مناقشة الفكر الإسلامي. فعندما يريد الإنسان أن يبنى شركة تجارية أو يريد أن يقوم بعمل مدني أو تجاري، لابد أن يكون هذا المشروع قائما على الأسس الدينية المشروعة. إذن فإن نظرة الشخصية الفردية دون الرجوع إلى الدين غير شرعية؛ لأنه لا يرجع إلى الشريعة -التي هي القانون الذي يحكمه- في إقامة المشروع، وموضوع أن الفرد عندما انتقل إلى المجتمع المتمدن الكبير يرى الكاتب أنها أصبحت اكبر من أن يقودها الفرد وحده، وعلى هذا الأساس أراد الليبراليون أن يثبتوا أن هناك أخلاقًا جماعية إذا ما هو المرجع الذي ترجع إليه هذه الأخلاق الجماعية؟ وما هي هذه الأخلاق الجماعية؟ وإذا كانت هذه الأخلاق الجماعية تنافى تعاليم الدين فلو أن المجتمع اتفق على بناء مشروع سياحي وهذا المشروع يحل شرب الخمر فهل يكون الإنسان سيد قراره في هذا؟ يناقش هذا السؤال نقطة بالغة الأهمية وهي أن يكون الفرد سيد نفسه وهو حر على أن ينمى موهبته على قدر اتساع فهم.ه وهنا سؤال منطقي آخر وهو من الذي خلق الإنسان وروح هذا الإنسان ملك لله؟ فكيف يكون الإنسان حر نفسه؟ أبدأ الآن في سرد الفكر الإسلامي في هذه النقطة. إن الإنسان في أول عهده بالإسلام يشهد أن لا إله إلا الله وهذا يجعله مسلمًا أسلم روحه لله وهنا في هذه الحالة هو منقاض إلى الله في جميع أوامره ونواهيه يتزوج ويتاجر وينشيء أسرة ومجتمع داخل هذا المجتمع على الشريعة الإسلامية وبما أمره الله به وأنه ليس حر نفسه يفعل ما يشاء وإنما هو عبد لله يرجع في كل أفعاله إلى الله الذي سيحاسبه وهنا يتحقق شرط التقوى في القلوب وعندما يبنى المسلم هذا المجتمع يكون مبنى على أساس شريعة الله وكتابه وسنة نبيه حتى في جميع معاملاته وليست الحرية مطلقة في كل شيء ولكن هو حر أن يدير تجارته بالشكل الذي يرتضيه دون أن يتعارض مع الشرع والدين.
2- الحرية: وترتبط الحرية في الفكر الليبرالي بالعقل؛ إذ يعتبر المذهب الليبرالي جزءا من مشروع التنوير، فالفكرة المركزية والرئيسية في رؤية التنوير هي تحرير البشرية من قيود “الخرافة والجهل” وإطلاق العنان لعصر العقل، و يرفض الليبراليون الحرية المطلقة، فإذا كانت الحرية غير محددة المعالم فهي تصبح “ترخيصا يسمح بالإساءة للآخرين. وفي كتابه “عن الحريةOn Liberty “، يقول جون ستيوارت ميل: “إن المبرر الوحيد لممارسة القوة بشكل صحيح تجاه أي عضو في المجتمع المتحضر والتي تكون ضد إرادته هو منع الضرر عن الآخرين”.
وهنا يرى الكاتب بمفهوم جديد مفهوم الحرية المقننة فهو يرى أن الإنسان له حرية مطلقة في أن يتحرر من جميع القيود ومن الجهل والخرافة وهذا ما أتى من أجله الإسلام لكي يحرر الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى وسع الدنيا والآخرة ومن جور الأديان إلى عبادة الله الواحد الديان رب السموات والأرض وهنا يكون للحرية معنى وبعد آخر في أن الإنسان أصبح غير مقيد بخرافة ولكنه عرف السبب من الخلق وعرف السبب في الوجود والقضية الوجودية هذه القضية الفلسفية المعقدة وانه خلق ليعبد الله والكاتب تطرق إلى نقطة مهمة مفهوم الحرية الجديد وهو أن حرية الفرد تنتهي عند حرية الآخرين وهذا تصور ضيق للحرية ؛
لأنه من الممكن أن ما تتصوره أنت ليس فيه تعدِ على الآخرين هو من وجهة نظر الآخرين تعدِ على حرياتهم فهذا مفهوم غير مقنن، لأن من الممكن أن أخرج بملابس عارية وأدعي أن هذه حرية وأرى أن ما أفعله من وجهة نظري تحضر ومدنية وهذا مفهوم غير منطقي للحرية. أما الحرية من المفهوم الإسلامي تأتى من الشرع والمنهج الذي وضعه الله لنا وهو أن هناك حدودًا لا يجب للمسلم أن يتخطاها لأنها حدود الله .فإذن وضح الله سبحانه وتعالى داخل الدولة الإسلامية كيف تكون الحرية وضمنها لكل فرد داخل هذا المجتمع لأنهم جميعا سوف يكونون منقضين إلى الله في أوامرهم وجميع أمرهم وهذه تكون رؤية أشمل إلى مفهوم الحرية في الإسلام .
لعبت العقلانية دور مهما في التركيز على أهمية المناقشة والمناظرة والجدل. وبينما يحمل الليبراليون عموما نظرة تفاؤلية بصدد الطبيعة الإنسانية ويرون الإنسان كائنا عاقلا؛ فإنهم لم يذهبوا إلى حد وصف الإنسان بالمثالية والكمال؛ لأنهم أدركوا جيدا تأثير المصالح الشخصية وصفات الأنانية، وأن النتيجة الحتمية لذلك هي التنافس والصراع؛ لذا يتعارك الأفراد من أجل الموارد النادرة، وتتنافس الأعمال لزيادة الأرباح، وتناضل الأمم من أجل الأمن أو الحصول على ميزة استراتيجية وهكذا. ولكن يفضل الليبراليون تسوية هذه الصراعات من خلال المناقشة والتفاوض. ومن أهم ميزات العقل أنه يعطي أساسا جيدا لتقييم المطالب والدعاوى المتنافسة إذا كانت منطقية. و ترمى الليبرالية إلى قبول الآخر أيًا كان فكره و أيديولوجيته فما دام موجودًا و جب على أن أقر بوجوده . و كذلك تحمى الليبرالية حرية الرأي و ترى أن كل إنسان مسئول عن أفكاره و له مطلق الحق في إبداء رأيه و انتقاد الرأي الآخر و هنا نتذكر المقولة الشهيرة للشاعر الفرنسي فولتير ( قد أكره ما تقول لكنى سأدافع حتى الموت كي أعطيك الحق في أن تقوله ) كذلك لم تأخذ الليبرالية موقفا معاديا من الدين مما أكسبها شعبية جعلتها تنتشر فى العالم كله و كفلت حرية الاعتقاد في الدين للجميع كذلك من قيم الليبرالية أن كل الأفراد متساويين في الحقوق و الواجبات وليس هناك أي تمييز بين الأفراد في مجتمعاتهم بسبب العقيدة أو الجنس أو اللون و الفروق الوحيدة تكون بمقدار ما يبذله الفرد من مجهود و عطاء مما يذكرنا بالحديث الشريف.
(لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا لأبيض على أسود ، ولا لأسود على أبيض – : إلا بالتقوى) .
هنا أرى الكاتب يناقش فكرة حرية الأفراد داخل المجتمع الليبرالي الذي نظر إليه واكتشف بنفسه مقدار الحرية التي يعطيها الإسلام إلى الأفراد داخل الدولة الإسلامية وكيف أن القرآن والرسول عليه السلام أوضحوا أنه لا توجد فروق بين البشر وذكر( أنه لا فضل لابيض على أسود ولا لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) إذا فهنا الإسلام هو أفضل الأفكار التي طرحت حرية التعامل و أيضا حرية الفكر والتنافس داخل هذا المجتمع لأنه يرى أن البشر جميعا خلقوا من لدن سيدنا آدم وأنهم جميعا من تراب وأنهم يعودون إلى الله سبحانه وتعالى في كل شيء وهو رب العالمين وليس المسلمون فقط من ينطبق عليهم ذلك. وأما فكرة العقل التي يتناقض فيها الكاتب مع نفسه في أنه يرى أن الإنسان عاقل ويؤكد أنه ناقص، فإن الإسلام نظر إلى الإنسان على أنه عبد الله والعبودية هنا ليست بالأمر المهين أو المشين لأن هذا العقل يدين به الإنسان إلى خالقه وهو الذي خلقه ويعرف عيوبه ونواقصه لذا هو الأقدر على أن يعلم ما يحتاج إليه الإنسان وما لا يحتاج إليه.
وتنظر الليبرالية على أساس رؤية التحرير للعقل على أنها الأساس للحرية وترتبط الحرية في الفكر الليبرالي بالعقل؛ إذ يعتبر المذهب الليبرالي جزءا من مشروع التنوير ويقصد بالجهل هنا الخرافات المتعلقة بالدين لأنهم يرون أن الدين هو أساس الخرافات وأن هذه الخرافات هي التي تقوض حرية الإنسان وكان هذا هو السبب في تنحية الدين عن المجتمع وهذا هو السبب الرئيسي لدمار النفس البشرية لأنها لم تعتد بدين وإله يحض النفس على الخير فانهار المجتمع وأصبح مجتمع مادي لا خير فيه ولا روح ولا هدف ولا معنى ولا قيم ولا أخلاق.


Post A Comment: