وثيقة الرسول الكريم الدستورية من سيرة ابن هشام المسماة بوثيقة المدينة التي أقرها الرسول الكريم عند دخوله المدينة المنورة

من سيرة ابن هشام دستور الرسول الكريم عند دخوله المدينة المنورة  من 14 مادة وهو اول دستور في الاسلام واول عقد اجتماعي قام به الرسول الكريم فور بنائه المسجد النبوي الشريف

المسلمون من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم ، أمة واحدة من دون الناس .
هؤلاء المسلمون جميعا على اختلاف قبائلهم يتعاقلون بينهم ، ويفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين .
إن المؤمنين لا يتركون مفرحا بينهم أن يعطوه في فداء أو عقل .
إن المؤمنين المتقين ، على من بغي منهم أو ابتغى دسيعة ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين ، وأن أيديهم عليه جميعا ولو كان ولد أحدهم .
لا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر ، ولا ينصر كافرا على مؤمن .
إن سلم المؤنين واحدة ، لايسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم .
ذمة الله واحدة ، يجير عليهم أدناهم ، والمؤمنون بعضهم موالي بعض دون الناس .
لا يحل لمؤمن أقر بما في الصحيفة وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثا أو أن يؤويه ، وإن من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة لا يؤخذ منه صرف ولا عدل .
اليهود ينفقون مع اليهود ماداموا محاربين .
يهود بني عوف أمة مع المؤمنين ، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ، إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته .
إن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم ، وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة
كل ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده ، فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله .
من خرج من المدينة آمن ومن قعد آمن ، إلا من ظلم وأثم .
إن الله على أصدق ما في الصحيفة وأبره ، وإن الله جار لمن بر وأتقى .
 

إن الهدف الأساسي الذي من أجله هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة والعامل المشترك بينهم الذي أقاموا على أساسه مجتمعهم الأول في الإسلام هو كلمة التوحيد،كلمة لا إله إلا الله  والتي من أجلها قاتلوا  وقتلوا في سبيل هذه الكلمة ولأجل هذه الكلمة باعو حياتهم الدنيا واشتروا  الآخرة وربحت تجارتهم فيها  لأن دار الآخرة هي الأبقى والدنيا إلى زوال. ، ولكن الناس الآن تريد أن تنسى كل هذا وتبني  مجتمعها على أساس آخر بعيد تمام البعد عن الدين وخلق مايسمى بالأحزاب السياسية التي من خلالها يستطيعون الوصول إلى السلطة وكأن كل القضية هي السلطة والوصول  إليها وفي كل هذه الأحزاب السياسية الهدف الرئيسي من إنشاء أي حزب سياسي هو الوصول إلى الحكم لتطبيق الأفكار التي بني عليها هذا الحزب .

دين الله هو الأساس الذي بنيت عليه المدينة المنورة  فلا تقوم سياسة إلا على  أساس تحقيق دين الله سبحانه وتعالى كما رأينا في أول بند من بنود الوثيقة وثيقة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام

هذا هو الأساس الذي بنيت عليه المدينة ،الدين الذي هو أصل الدنيا والآخرة هنا هو الغاية الأساسية في الحياة ليس الهدف إنشاء المجتمع وإنما ماذا بعد إنشاء هذا المجتمع ماذا بعد إنشاء هذه الحضارة وهو أن ما نقوم به في هذا الدنيا إنما هو زرع لما سنقوم بحصاده في الآخرة وأن هذه الدنيا بكل ما فيها من متع زائلة ليس إلا أدوات نستخدمها في الوصول إلى الصراط المستقيم ورضا المولى عز وجل وأن إنشاء هذه الدولة هو إيجاد مناخ ومجتمع نستطيع من خلاله ممارسة العبادات والمعتقدات التي يؤمن بها هؤلاء البشر في جميع أرجاء الأرض ليس الهدف هو إنشاء الدولة وإنما الهدف الحقيقي هو إيجاد المأوى لكل من آمن بالله واليوم الآخر من المسلمين كافة في جميع بقاع الأرض لكي يجدوا مكانا لا يعبد فيه إلا الله وحده عز وجل وأن هؤلاء المسلمين هم إخوة متحابون في الله لا يجمع بينهم غير هذا المعتقد الإيمان بالله وحده لا شريك له وأنه لا إله غيره لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير وأن الآخرة حق وأن الجنة حق وأن النار حق والإيمان بالقدر خيره وشره والإيمان بالله واليوم الآخر والإيمان بجميع الأنبياء قبل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان بالغيب  والإيمان بالملائكة وإنشاء المجتمع هذا هو السبيل إلى إيجاد بقعة يستطيع فيها هؤلاء البشر ممارسة معتقداتهم وأن يمارسوا هذه المعتقدات في أمان وفي حرية وأن ينشروا هذه الدعوة إلى الناس كافة وأن من آمن بهذه الدعوة من البشر كافة يستطيع أن يدخل في حماية هذه الدولة وأن يعيش في هذا المجتمع وأن يجد الحماية والأمان وأن يجد المأوى والمكان الذي يستطيع أن يمارس معتقداته في حرية وأمان .

وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ۗ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴿ 10 ﴾ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴿ 11 ﴾ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴿ 12 ﴾ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴿ 13 ﴾ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿ 14 ﴾ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴿ 15 ﴾ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿ 16 ﴾ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿ 17 ﴾ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا ۖ لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿ 18 ﴾ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شيءتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿ 19 ﴾ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ﴿ 20 ﴾ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴿ 21 ﴾ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴿ 22 ﴾ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿ 23 ﴾ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ﴿ 24 ﴾ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ﴿ 25 ﴾ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴿ 26 ﴾ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿ 27 ﴾ 

(الأعراف  10 – 28)

ولكن الشيطان يدعو الناس إلى الهلاك  ولأن يتبعوا أهواءهم وما  يدعوهم إليه.  وهذا  هو أصل العلمانية التجاهل التام لدين الله وللوجود الإلهي في الخلق والكون.  فماذا ننتظر بعد هذا سوى القتل والخراب والدمار والفساد الأخلاقي والتشوه الإنساني الفكري والعقلي واختلاط كافة الأمور. ماذا كانت النتيجة الحرب العالمية الأولى والثانية؟! الدمار الكامل للبشرية؟! الحياة التي نركض فيها فقط من أجل الحصول على الرزق من دون هدف ولا غاية؟! وحتى القوانين التي وضعنها غير منطقية ليس معيوبة وحسب، بل إن القوانين التي وضعناها مريضة لا تستطيع أن تضع العدالة المطلقة بين البشر كما أراد المولى عز وجل، وهذه القوانين التي بها ثغرات والتي لا تطبق على الغني والقوي وصاحب النفوذ في المجتمع، تحتاج إلى تبديل وتغير؛ لأنها ليست من عند المولى عز وجل، ونكتشف بعد تطبيقها أنها ناقصة وغير قادرة على تحقيق الهدف الأساسي التي وضعت من أجله وهو حماية الأفراد وحقوقهم ممتلكاتهم وإقامة العدل بينهم، وبالتالي تنهار السلطة القضائية التي وضعناها ببساطة؛ لأنها تستند في أساسها على قوانين مريضة لا يستطيع القاضي فيها أن يخرج عن هذا الإطار القانوني الذي وضعه هؤلاء الأفراد ليحكم بينهم، وليحتكموا إليه، فمن البديهي أن يعلم القاضي أن هذا الرجل قاتل، ولكن لا يستطيع أن يقيم عليه الحد؛ لأن القانون لم يستطع أن يثبت عليه الجريمة، ومحامي المتهم أوجد له مخرجا بالقانون يفلت به من الجريمة ومن إيقاع العقوبة الملائمة على هذا المجرم .

فكيف يستقيم هذا الأمر ونحن نضع أنفسنا مكان المولى عز وجل ونصنع لأنفسنا قانونًا نحتكم نحن إليه، ونعين قضاة تقضي بهذا القانون، وسلطة في هذا المجتمع تحمي هذا القانون، كيف يعقل هذا؟! أن نضع القانون ونحاكم أنفسنا ونصنع لهذا القانون ثغرات ونحمي البعض من تطبيق القانون عليه؟!

وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون (153)

(الأنعام 153)

هذا يعقل في حالة واحدة، وهو أننا في الأساس أنكرنا وجود الإله، ثم بعد هذا تخلصنا من فكرة الإله الذي يتحكم في مصيرنا، وتخلصنا من هذه الفكرة التي حكمتنا طول عصور ماضية، كما أننا أردنا أن نتخلص من هذه الفكرةـ وبعد هذا بدأت فكرة الإلحاد والعلمانية الحديثة، ثم بدأنا نبني المجتمع على أسلوب جديد آخر ومختلف؛ نضع قوانين نرتضيها بالطريقة التي نريدها نحن وبالشكل الذي نرتضيه نحن، هؤلاء الأفراد داخل هذا المجتمع ، وقانون وسلطة تدافع عن هذا المجتمع، ولا دين ينغص علينا ملذاتنا، لا دين يؤرقنا ويمنعنا من ممارسة ما نريده من شهوات وملذات. هذا هو الوعد الذي وعده الشيطان من أن يزين لنا أعمالنا ويهيئ لنا أننا على صواب ويبعدنا عن صراط الله المستقيم .

على كلٍ، هذا هو الفكر اليبرالي والعلماني والاشتراكي .. هذه الأفكار التي ابتُدعت في العصر الحديث، وما يسمى بالدولة المدنية الحديثة من غير الرجوع إلى الدين بعد الثورة الصناعية وقيام الدولة المدنية الحديثة في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما

(النساء 148)

يأتي دورنا نحن المسلمين الذين انهارت دولتهم وحضارتهم الإسلامية مع أتاتورك، وانهار العالم الإسلامي، فنجد أننا في ذيل الأمم، ونريد أن نلاحق الركب الحضاري! فماذا نفعل؟! نأتي بما قام الغرب وننفذه نحن كما نراه دون تفكير، وكأننا لا نملك موروثًا ثقافيا وحضاريا، ولا هوية فكرية نرتبط بها، وكأننا ولدنا في هذه اللحظة أطفالًا تتعلم من جديد قيم الحياة والهدف منها، مثلا رفاعة رافع الطهطاوي في كتابه (تخليص الإبريز في تلخيص باريز)، زار باريس وأراد أن ينقل كل ما يوجد في فرنسا ليعلمه وينقله إلى مصر وهو عالم أزهري من العلماء الذين بعثهم محمد على باشا لكي يحافظ على أخلاق الدارسين الذين بعثهم إلى الدول الأوربية؛ لكي يتحصلوا من العلم الحديث ما يمكّنهم من المساعدة في بناء مجتمعهم على الأسس العلمية الحديثة، والاكتشافات العلمية التي اكتشفها علماء الدول الأوربية الحديثة. كان محمد علي ينشد الخير للبلاد، ولكن ومنذ ذلك الحين وبدأ المسلمون رحلة التيه، لا يعلمون كيف يمكنهم بناء مجتمعهم، نسوا دينهم بعدما فُتحت عليهم الدنيا، وتدخل المجتمع الغربي في حياتهم، وبدأوا في محاكاة أسلوب حياة أهل الغرب، ومحوا ثقافتهم الفكرية الإسلامية، وخرجوا عن الإطار الإسلامي والدين الذي ارتضاه لهم أبوهم إبراهيم عليه السلام وأتى به موسى وعيسى عليهم السلام ومن بعدهم محمد عليه الصلاة والسلام .

هذه هي المشكلة الأساسية التي نعاني منها الآن؛ أننا تركنا صراط الله المستقيم واتبعنا سبل الشيطان، تركنا العروة الوثقى التي استمسك بها  الأنبياء والرسل من لدن آدم عليه السلام حتى رسولنا الكريم  صلى الله عليه وسلم. 






Share To: