كنت أشكو كثيراً في صغري من ألم شديد في حنجرتي وكان الألم يسبب لي صداع في الرأس ناهيك عن إعاقتي بلع الطعام بصورة جيدة وحشرجة في الصوت وبعد تناول الدواء يعد الكشف عند عدة أطباء ولكن الألم يشتد عن ذي قبل وينشط الصداع وتتعسر قدرتي على العيش بصورة طبيعية  فقرر والدي أن يعرضني على أشهر طبيب أنف وأذن وحنجرة، وعلى ما أتذكر كان إسمه"زغلول مشرقي" الذي قرر بعد  الكشف أن اللوز ملتهبة ومتضخمة أيضاً منذ فترة طويلة ولم يعد يجدي معها تناول تناول العقاقيرآ وأنه لابد من التدخل الجراحي: لاستئصالها على الفور حتي أمارس حياتي بصورة أفضل وبعد زيارة أخري للطبيب مع والدي قرر إجراء العملية في صباح اليوم التالي بعد أن دفع والدي مقدم العملية فشعرت بخوف ورهبة شديدة  وكأني خارج حساباتهم فلم يستشيرني منهما فأنا لست موجود ضاعف ذلك من شعوري بالخوف... أحد أتفق معي والدي أن أسبق في الذهاب مع والدتي  للعيادة قبل الخامسة صباحاً لأن موعد العملية السادسة صباحاً ثم يأتي هو إلينا  بعد الانتهاء من أعمال لابد القيام بها ....كنت في الثالثة عشر لم أنم ليلتها من شدة الخوف والتوتر..
ركبت مع والدتي التي أصبحت في عهدتي قبل أذان الفجر    فأنا من يعرف  عيادة الطبيب التي  هي بجوار مكتب رفعت الفناجيلي بدمياط ولكني طلبت من السائق أن ننزل في الشهابية مكان بعيد نسبياً عن موقع العيادة فسألتني أمي هل العيادة قريبة من هنآ وبدا على وجهي علامة اندهاش مصطنعة كمن نسي العنوان وحزين لذلك... كنت أرد عليهاوأنا اغمغم  بحروف لا يفهم من شيئاً على الإطلاق وأخذت أدور بها أطراف مدينة دمياط وهي تسألني وهي محدقة في كل عمارة نمر من عليها وكلها رجاء أن تكون بها العيادة..  ثم تطلب مني أن أقرأ اللافتة مرة أخرى وهي تتبرر عدم معرفتي الشارع بأن: ظلمة الليل ما زالت السيطرة لها والذي بدأ ضوء النهار يبدد سواده شيئاً فشيئا وأنا أقول لها: أنني أرى جيداً ولكنه النسيان من الشيطان اللعين الذي جعل الشوارع متشابهة .... فكلما اقتربت من العيادة وأتخيل البنج وأن هناك احتمال أن لا أعود  منها سالما مرة أخرى.... فهذا تنبأ به  محمود  الذي يكرهني دون سبب واضح لذلك لأحد أصدقائي المقربين الذي أخبرني به ظلت كلماته  كالسيف المغروز في رأسي ثم  أنطلق بعدها أكثر للشوارع الخليفة والأزقة الضيقة هروباً  من الموت الذي توقعه محمود... لم  تشك بي أمي لحظة واحدة  و هذا  ما كان يعذبني علاوة على خوفي من دخول غرفة العمليات كنت مصر أن يمر وقت العملية متعلل أنني نسيت مكان العيادة فكرت حينها في عدة أمور في عقاب أبي وضياع فرصة الشفاء تماماً كما أخبر الطبيب والدي إذا كانت وجهة نظر محمود خطأ، وأن هناك أمل أن أعود من غرفة العمليات للحياة مرة أخرى أما ما جعلني أقرر فجأة أن أذهب للعيادة التي كنت مرابط خلفها تماماً  هو عندما طلبت مني أمي أن نجلس قيلا من أجل تلتقط أنفاسها من شدة الإجهاد فأنا منطلق أدور بها في أحياء دمياط وعلى أطرافها من قبل أذان الفجر فرثيت لحالها وشعرت تجاهها بالذنب وقلت كمن بدا علبه أنه تذكر فجأة مكان العيادة ثم لعنت أمي الشيطان الذي جعلني أنسى وسبب لها من كثرة المشي تورم في قدميها... وبخ أمي طبيب البنج لتأخرنا  الحضور في الوقت المحدد فهو كاد على وشك الانصراف وتعللت أمي بأنها نسيت الشارع  وضاعف من إتهام أمي لنفسها  شعوري بالذنب تجاهها ثم فقررت عند الافاقة من البنج مرة أخرى أن أذكر لها ما فعلته وأنني أتذكر مكان العيادة جيداً واطلب منها أن تسامحني  ف الخوف من العملية هو من دفعني الدوران حول أطراف المدينة ... أفقت من العملية ولكني لم أستطع الكلام إطلاقا بسبب إجراء العملية فوجدت أمي تجلس بجواري مرثية لحالي مرت سنين كثيرة يطلب بعضهما بعضاً وأنا أرجأ أخبارها بما فعلت حتى ثم توفت أمي دون أن أخبرها أنني كنت أعرف مكان العيادة جيداً ولكنني كنت خائف وكنت مصر أن يمر وقت العملية حتى لا أموت كما ذكر محمود لأقرب أصدقائي والذي أخبرني بما قاله..






Share To: