بحث

Translate

 

تلعثُم | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


تلعثُم | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
تلعثُم | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 

 


السلام عليكم ، 

تلعثُم : 

تعطَّرت وكحَّلت عينيها ثم دَلفت على استحياء فأربكت قلبه  ولم يَعُد قادراً على التفوه بكلمة ، ظل متسمراً مكانه يتأمل هذا الجمال الرباني الذي منحه القدَر إياه ، ربما حمَد الله كثيراً في قرارة نفسه فلم يَكُن ليتخيل أنْ يصل هذا الحُلم لأرض الواقع ، جلست بجواره وأمسكت بيديه فذاب عِشقاً وظل متحلِّياً بالصمت ، لازماً إياه وكأن كل كلمات اللغة قد اندثرت ، حاولت جذب أطراف الحديث معه ، كان يتجاوب معها ولكن بحدود فسِحرها ما زال مؤثراً فيه ، يمنعه من الإطناب في الحديث أو الإماطة فيه وكأنه يتأمل لوحة بديعة رسمها فنان بارع لم يُخلِّف وراءه أي خطأ أو هفوة تُشوِّه الصورة النهائية لها ، ظل على هذا الحال لبعض الوقت لا يدري ماذا دَهاه حتى قررت أنْ تتحرك من مكانها فانتقل معها وأخذ الحديث مذهباً آخر فظلت تُحدِّثه عمَّا يجري معها في غيابه وما يحدُث في الأرجاء ، فحُلَّت عُقدة لسانه نوعاً ما وصار يتحدث بطلاقةٍ بعد مرور بعض الوقت ، لم تُصِبْه تلك الحالة سوى منذ أنْ عرفها وحينها أدرك وَقْع الحب على قلبه فهو الذي لم يَكُن يؤمن بتلك التُرهات كما ادَّعى دوماً سقط رُغماً عنه تلك المرة ولم يَجِد منه مفراً …




قراءة في قصيدة (اللا مهتدي) لهمام صادق عثمان | بقلم دكتور / جمال فودة أستاذ النقد والبلاغة عضو الاتحاد الدولي للغة العربية _ كاتب وناقد وأكاديمي مصري 


قراءة في قصيدة (اللا مهتدي) لهمام صادق عثمان | بقلم دكتور / جمال فودة أستاذ النقد والبلاغة عضو الاتحاد الدولي للغة العربية _ كاتب وناقد وأكاديمي مصري
قراءة في قصيدة (اللا مهتدي) لهمام صادق عثمان | بقلم دكتور / جمال فودة أستاذ النقد والبلاغة عضو الاتحاد الدولي للغة العربية _ كاتب وناقد وأكاديمي مصري



 النزعة الخطابية في شعر الشباب المعاصر

قراءة في قصيدة (اللا مهتدي) لهمام صادق عثمان

دكتور / جمال فودة

أستاذ النقد والبلاغة

عضو الاتحاد الدولي للغة العربية

كاتب وناقد وأكاديمي مصري

   إن بنية القصيدة عند (همام صادق عثمان) تتضمن العديد من المضمرات النسقية التي تتعلق بنظرة الشاعر الخارجية لمجتمعه/ واقعه الذي تغلب عليه الصبغة الاجتماعية، وما تمثله من ضغط نفسي انعكس على شعره، ومن ثم يمثل الكشف عن هذه الأنساق استبطاناً يمنح النص ميزة التعدد القرائي والتأويل الفكري؛ مما يسهم في فهم الأبعاد المعرفية والنفسية للشاعر، لكن طغيان النزعة الخطابية غطى على قيمة النسق المضمر وفاعليته داخل النص الشعري.

يقول همام:

لا الجَدبُ يُعجِبُهُ ولا الأمْطارُ

رغمَ اتسِّاعِ فضائِهِ يَحتارُ

في كُلِّ بَحرٍ طاعنٌ بسِفينَةٍ

حَيّرى ولا يسُتكْملُ الإبحَارُ

فكأنَّ حاصلَ ضربِ ما قدْ عاشَهُ

في سيّرةِ اللَّا مُهتدي أصفارُ

طوَّافُ قُطرٍ لا يُفارقُ أرضَهُ

إن خيَّمَ الأقوامُ أو همْ طارُوا

يا مَنْ بَذرتَ بِكلِّ أرضٍ بذرَة

 دُونَ العِنايةِ لا يُرى الإِثْمارُ

الطِّفلُ لا يسمُو إذا أهملْتَهُ

والحُلمُ ليسَ يُريكَهُ الإِقصَارُ

كملْ طرِيقَكَ إِنْ بدأتَ

وإنْ فشلتَ فلّاَ تدعْهُ

فليسَ ثمَّةَ عًارُ

لا تُلهينَّكَ كثرةُ الأهدافِ عنْ تحقِيقِها

لا تنفعُ الأعذارُ

كلَّ الَّذينِ بِجهدِهمْ صعدُوا الفَضا

بعدَ الولادَةِ زاحفونَ صِغارُ

جمِّعْ قوَاكَ فكلُّ سدٍّ زائلٌ

لوْ جاءَ يجمعُ شملَهُ الإعْصارُ

اجعلْ حواجِزَكَ الضِّعافَ وسيلةً

لِتكونَ أعْلى فالزمانُ يُدارُ

كمْ فاشلٍ مِنْ قبلُ صارَ مُعظَّمًا

وكذاكَ ينفعُ أهلَهُ الإصرارُ

لو لمْ يكنْ قلبُ الخليلِ مُجاهدًا

ما قيلَ إذ ألقَوا بهِ (يا نارُ...)

شاهدتُ طفلًّا قدْ تعثَّرَ مشيُهُ

والآنَ ينظرُ لي وهُوَ طيَّارُ

   في القصيدة السابقة نلاحظ أن جرس الألفاظ له دور كبير في إثارة الانفعال النفسي؛ لأن الإيقاع الداخلي للألفاظ والجو الموسيقي الذي يحدثه عند النطق بها يعد من أهم المنبهات المثيرة للانفعالات الخاصة، وفي هذه القصيدة ينثال الشعر المتدفق حيوية عن نفس ثائرة؛ فنحسُّ فيه بحرارة أنفاس الشاعر الرافضة للاستكانة، والثورة على السلبية والاتكالية، والدعوة للتحرر من الانهزامية، وطي صفحة التيه والضياع التي آن لها أن تٌمزَّق من دفتر حياته.

   لكن الإفراط في الاعتماد على النزعة الخطابية يجنح به إلـى التقريـر والمباشرة، لا إلى الإيحاء والدلالة؛ خاصة عندما تعلو النبرة الخطابية في النص فيفقد جزءاً كبيراً من الإثارة التي تتولد مع استكشاف آفاق جديدة لأبعاد التجربة الشعرية.

فنلاحظ توالي أسلوبي الأمر والنهي (كملْ طرِيقَكَ، لا تدعْهُ، لا تُلهينَّكَ، جمِّعْ قوَاكَ، اجعلْ حواجِزَكَ ...)

وكلها تدور في فلك استنهاض الهمم وبث الأمل في نفوس غمرها اليأس، حيث تدور الدلالة حول محور التغيير ـ بكافة أشكاله ـ والذي يعد من المحاور الأساسية في شعر (همام) من خلاله يحيى الموات بالتوجه إلى منطقة الأمل بكل فاعليتها التفاؤلية، وبكل منطلقاتها الاجتماعية والنفسية، فهو يعمل على تجميع فكرة تحرير الذات من معتقداتها الباطلة، في بؤرة مؤثرة تعمل على تغيير الواقع بفاعلية تنبع من الواقع النفسي الذي يرسف في أغلال السلبية، وليس ثمة عار أبداً مهما كانت النتيجة!

كملْ طرِيقَكَ إِنْ بدأتَ

وإنْ فشلتَ فلّاَ تدعْهُ

فليسَ ثمَّةَ عًارُ

   لقد استطاع (همام) أن يوازن بين قوالب الصياغة الموروثة للنداء، والرغبة الملحة في الإبداع الخاص، وإنتاج الإيحاءات والتوقعات الجديدة، باستخدام الصيغة على نحو يتيح لها إنتاج دلالات تركيبية تجسد حالة نفسية خاصة يعيشها الشاعر.

يا مَنْ بَذرتَ بِكلِّ أرضٍ بذرَة

 دُونَ العِنايةِ لا يُرى الإِثْمارُ

هذا وإن كان الشاعر لا يهدف من وراء النداء لاستدعاء الأشياء على مستوى القول ليعلن موقفه تجاهها، وإنما يستحضرها لدواع ٍأخرى، في محاولة لإدراك ما يمكن إدراكه، وإلقاء حجر في المياه الراكدة ليحركها، وبعث المقاومة في نفس جرفها اليأس.

   إن الشاعر هنا يركز على توصيل الفكرة؛ لذلك يعتمد على رصد الحقائق البعيدة عن الغمـوض والإيحاء والغرابة بلغة يسودها الوضوح والاستدلال بالمنطق.

ولقد برزت ظاهرة التكرار بشكل واضح، وأخذت عدة مظاهر للحضور خلال النص الشعري، فمنها تكرار الحروف (حيث تكرر حرف الراء ـ قافية القصيدة ـ 31 مرة)، وتكررت (لا النافية) 7 مرات، وتكررت (لا الناهية) مرتان، وتكرر (ضمير الغائب) 13 مرة، وتكرر (ضمير المخاطب) 6 مرات، وتكررت (أدوات الشرط) ـ جازمة وغير جازمة ـ 6 مرات.

   إن اختيار الشاعر للألفاظ يأتي في ضوء إحساسه بمعانيها وإيحاءاتها، وطبيعة العلاقة التجاورية للألفاظ بعضها ببعض، مما يؤدي - في النهاية - إلى كشف الجوانب الكامنة في اللغة الشعرية، كما يكشف عن عوامل الربط بين هذه الظواهر التكرارية وبين البناء الشكلي للعمل الفني.

ومن ثم جاء ضمير الخطاب الذي تكرر (6 مرات)؛ ليؤدي دوره في تشكيل الدلالة، حيث تخرج الذات الناطقة عن حالة الإفضاء الداخلي (في غيبة مخاطب حقيقي حاضر في النص) فتنتقل من توجيه خطاب ضمني / محتمل إلى خطاب حقيقي ملموس، تستحضر فيه مخاطباً تلقي إليه برسالتها وتتحاور معه.

   ومن أشكال التكرار في قصيدة " اللا منتهي" ما يسمى بـ (الترديد)، وهو استخدام الشاعر لفظة متعلقة بمعنى، ثم يرددها بعينها ويعلقها بمعنى آخر في بقية السطور الشعرية، ويعد التكرار بالترديد من الأساليب، التي تتميز بقدرتها على ترتيب الدلالة والنمو بها تدريجياً في نسق أسلوبي يعتمد على التكرار اللفظي.

 ( لا الجَدبُ يُعجِبُهُ ، ولا الأمْطارُ ، لا يسُتكْملُ الإبحَارُ ، لا يُفارقُ أرضَهُ ، لا يُرى الإِثْمارُ ، لا يسمُو ، لا تنفعُ الأعذارُ ).

لقد تخلل حرف النفي ( لا ) أجزاء المقطع السابق لينفي عن الوجود كل مظاهر الخنوع والخضوع ، ولعل الشاعر أراد بتوزيع حرف النفي على هذا النسق المتفاوت المواقع ، أراد التركيز ـ موسيقياً ـ على هذه الحروف المتتالية كأداة ربط نغمي.

الأمر الذي يضع بين أيدينا مفتاحاً للفكرة المسيطرة على الشاعر في أعماق اللاشعور، إذ إن إيقاعية التكرار تمثل عوداً نفسياً للمغزى الدلالي اعتماداً على التجانس النفسي في التطابق الصوتي، وبه يصبح تشكيلاً نامياً ذا دلالات خاصة من خلال التشابهات الصوتية للوحدات الإيقاعية.

   المُلاحَظ أن (همام) إذ يصور تموجات الحالة النفسية التي تعتريه يهدف إلى الإبانة عن دلالات داخلية فيما يشبه البث الإيحائي، إذ ينزع إلى إبراز إيقاع درامي سيكولوجي.

فتجده في قصيدته التي مازتها صفة الخطابية يبتعد عن الإغراب في اللفظ مفـضلاً الألفـاظ السهلة الواضحة، والصورة التي يقرب فهمها خضوعاً لمقتضيات الدلالة، واستجابة لطبيعة الموقف، وكأنه في تراوح بين التصوير والتقرير، بهذا الشكل يجذب المتلقي، فينشغل ذهنه بالصورة، ثم يقرر ما يهـدف إليه كاشفاً في ذلك عن قدراته الفنية.

      


في مدينةٍ تمتلئ بالفارغين | بقلم الأديب المصري وحيد عبد الملاك 


في مدينةٍ تمتلئ بالفارغين | بقلم الأديب المصري وحيد عبد الملاك
في مدينةٍ تمتلئ بالفارغين | بقلم الأديب المصري وحيد عبد الملاك 


في مدينةٍ تمتلئ بالفارغين

مدينةٍ يزعق الريح فيها

ليلَ نهارٍ

البشر أجسادٌ من هواء

قلوبٌ من ابتسامة

لا أعرف لونها ولا عمقها

القلوب من رخام

ملساءُ ناعمةٌ وقاسية

أبحث عن ملامح

عن أسماء

البشر هنا كشجرةٍ

نحَتت فيها الريح

ثقبًا واسعًا

تدخل منه فتخرج أصوات

الريح تسكن المجوّفين

الفارغين الممزّقين

من أوطانٍ شتّى

ومن أعراقٍ شتّى

جثثُ البلاد

لغاتٌ شتّى

كلُّ لغات الأرض تدور حولي

وأنا ممزّقٌ بين الأحرف والمعاني

أحمل قصةً مثلهم واسماً آخر

ولكني مثلهم

تثقب فيَّ الريحُ ممرًّا آمنًا

تعزف من خلاله أغانٍ بلا طعم

بلا فهمٍ بلا ذنب

ككل الغرباء هنا أسكن

أختصر الكلام في الصمت

لا أفتح نافذةً من القلب

أجمع كلَّ يومٍ حرفين

ربما يومًا أعود كمجوّفٍ

لأرضٍ كنا نمتلئ فيها بالنور……


 

الأجمل يأتى مصادفةً | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة 


الأجمل يأتى مصادفةً | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة
الأجمل يأتى مصادفةً | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة 


الأصل فى الحب ليس الانبهار ولكنه الإطمئنان. الإنسان بدون حب يشبه النملة التي تسكن شق الحائط. فهى تتصور أن الكون كله هو هذا الشق الصغير وأن الحياة لا غاية لها إلا هذا الفتات من الخبز الذى تسعى لنقله لبيتها، ثم لا شيء وراء ذلك.. وهي معذورة في هذا التصور فهذا أقصى مدى تذهب إليه حواسها. فالقضية قضية حواس وشعور يملكه البشر والحيوان والطير والنبات بنسب متفاوتة. الجميع يحب ولكن بطرق ونسب مختلفة.

ولكن للأسف ما أكثر الناس أشباه النمل الذين يعيشون سُجناء محصورين كل واحد مُنغلِق داخل شق نفسه يتحرك داخل حلقة مفرغة من الهموم الذاتية تبدأ وتنتهي عند الحصول على كسرة خبز ومضاجعة امرأة ثم لا شيء وراء ذلك.. رغم ما وهب الله ذلك الإنسان من قلب ومشاعر وعلم وخيال.

الحب هو الدواء والسائل المذيب أو العطر الفواح الذى يجعل الأحقاد والأطماع تختفى من النفس البشرية، بنسب مختلفة طبعا من فرد لأخر حتى تصل للشفافية الملائكية وأحيانا يضحى الفرد بذاته وراحته  وبكامل رغبته من أجل إسعاد الحبيب.

الحب يخلق لنا أجنحة، فلماذا لا نجرب أن نطير لماذا نكتفي بأن نلتصق بالجحور في جبن ونُسلّم قيادتنا  للآلية والروتين المكرر وننسى أننا أحرار فعلًا؟ بالحب تملك الحرية والفضاء  بأكمله.

فلماذا أكثرنا نمل وصراصير ؟! لأننا ابتعدنا عن الفطرة السليمة، اخطأنا طريق التصالح النفسى فكيف لفرد لا يعرف كيف يحب نفسه أن ننتظر منه أن يحب الطرف الآخر بإيجابية؟! ولو نظرت لقصة نبى الله يوسف الصديق لعرفت كيف استطاع أن يسمو بروحه فوق مستوى النفس البشرية... عرف كيف يتصالح مع نفسه ومن ثم عرف كيف يسامح الآخرين.


وانا هنا لا أكتب إلا ما يلمس احساسى. وتداعبنى حبيبتى فتقول  أعرب لى كلمة {الحب}. فقلت لها سأعربها حرفاً حرفاً وسأكتب فيها وصفاً ... الألف هو إنصهار الذات في الذات،

واللام هو لب القلب وقرين النبضات، والحاء هو حنان وحنين وحرية ونسمات، والباء هى بداية ليس لها نهاية بين الفرح والآمال والدعابات، والكاف هى ما بيننا من كافة الحكايات. أحبك دوماً بكل اللغات.

‏"عندما أقول: دعوتُ لك

‏أنا لا أقولها لترُدها لي

‏فقد فعلت الملائكة ذلك

‏أقولها لأُطمئِن فؤادك بأنه ليس وحيدًا ‏وأن أرواحنا مُتصلة ‏أقولها لأحمل معك القليل ‏هذه طريقتي الخاصة لأقول لك أنك تعني لي كثيراً

‏وأن همّك هو همى ‏وحُزنك هو حزني ‏فأنا أعجز عن الطبطبة أحيانًا ‏لذلك ألجأ للدعاء" 


 الكروان والبلابل والعصافير تُغني غناءً كله غزل ومشاعر،

والعنكبوت يُقدّم هدية لعروسه ليلة الزفاف في مشهد من الرقي الفطري المذهل.


ولو سألني أحدكم ما هي علامات الحب ؟؟ و ما شواهده ؟... لقولت الحب هو الألفة و رفع الكلفة. الحب هو عدم الاحتياج إلى التجمل لتكون شخصاً أخر، و أن يُرفع الحرج بينكما. وحين لا يطفئ الفراش  الأشواق بينكما و لا يورث الملل و لا الضجر و إنما يورث الراحة و المودة و الصداقة  فهذا هو الحب.. وحين تخلو العلاقة من التشنج و العصبية و العناد و الكبرياء الفارغ و الغيرة السخيفة و الشك الأحمق و الرغبة فى التسلط ، فأنت لست أناني ولكنك محب.

 وحين تكون السكينة و الأمان و الطمأنينة هى حالكما عند الحديث أو كلما التقيتما  فهذا هو الحب. 

حين تشفق على حبيبك من العتاب ولا ترغب فى رؤيته معتذراً أو منكراً عند الخطأ فتلك هو الحب.

حين يكون الاشباع غير مقتصر على قبلة أو عناق أو أى مزاولة جنسية ولكنها متعة العيش معاً فأنا حينها أحب.


 قد ينكر البعض وجود الحب، لكنى مؤمن بوجوده وبأنه كائن حى ينمو، مؤمن بأنه نبات طيب يؤتى ثماره. الحب الصادق طائر مغرد تحب سماع تغريده فى كل الأوقات وفى كل حالاتك المزاجية. لا أنكر أن الحب الصادق نادر. لكن كل ما عليك هو أن تجتهد للبحث عنه فإذا وجدته فاترك نفسك له بسلاسة وسيتدبر هو أمر رعايتك. و الحق يقال أنه  ثمرة توفيق إلهى إلى جانب اجتهادك الشخصى . 


أنا لا أريد حبيبتى أن تكون  نسخة منى، لكنه تكامل واكتفاء واحتفاء واقتناع بشريك الحياة. الحب لا ينشأ إلا فى بيئة النفوس الجميلة المتراحمة والمتألفة والطبائع المنسجمة بالفطرة، بلا تصنع أو تجمل أو زيف.

و إذا لم تكن النفوس خيرة فإنها لا تستطيع أن تعطى فهى أصلا فقيرة مظلمة ليس عندها ما تعطيه .

كم من جرائم ترتكب باسم. الحب. ذلك الشعور الطاهر، قرين السلام و الأمان و السكينة، ريح من الجنة.

وهناك الكثير ممن يشكون حالهم من عدم مصادفة الحب أو عدم قدرتهم على الحفاظ عليه.

 يقول د. مصطفى محمود: " أن الله قد يبتلى  الرجال الأبرار بالنساء الشريرات أو العكس، وتلك حكمة الله.

 فالله عز وجل قد أبتلى نوحاً و لوطاً  بالزوجات العنيدات الكافرات. فليس كل فشل نقمة من الله .

و قد قطع الملك هيرودوس رأس النبى يوحنا المعمدان و قدمها مهراً لِبَغىّ عاهرة .

و لم يكن هذا انتقاصاً من قدر يوحنا عند الله .. و إنما هو البلاء .

فنرجو أن يكون فشلنا و فشلكم هو فشل كريم من هذا النوع من البلاء الذى يمتحن النفوس و يفجر فيها الخير و الحكمة و النور و ليس فشل النفوس المظلمة التى لا حظ لها و لا قدرة على حب أو عطاء ".

الحب هو انسجام روح رجل مع روح إمرأة ليكونا مثل الماء والسكر ، مثل العطر والزيت ليذوبا معاً ، لا كالماء والزيت فيتنافرا. فتناسب  النفوس و الطبائع لابد أن يسبق  تناسب الأجسام و الأعمار و الثقافات . فنرى الرسول محمداً عليه الصلاة و السلام يتزوج بمن تكبره بخمسة و عشرين عاماً و يتزوج بمن تصغره بأربعين عاماً فتحبه الاثنتان خديجة و عائشة كل الحب و لا تناسب فى العمر و لا فى الثقافة بينهما ، فهو النبى الذى يوحى إليه و هما من عامة الناس .

الحب هو نفحة و هِبة إلهية. فمن ذا الذى يستطيع أن يقيد على الله نفحاته أو يشترط عليه فى هباته. و إذا شاء الله أن يرحم أحداً فمن ذا الذى يستطيع أن يمنع رحمته ..و الحب سر من أعمق أسرار رحمتــه ..رحم الله د. مصطفى محمود فقد عرف الله، والله هو كل الحب  وبدايته ومنتهاه و لا ينتهى فى الحـــب كــلام ..تعلموا الحب فأننا مفارقون.


خطورة المجازفة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


خطورة المجازفة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
خطورة المجازفة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن



 السلام عليكم ، 

خطورة المجازفة : 

أغرق في تلك البلورة التي تبدو من الظاهر مُلفِتة ، مُبهَرة ، لامعة لكل مَنْ يراها من على بُعْد أما هي فعميقة ، ضَحلة من الداخل ، تسحَب كل مَنْ يدخلها بلا قدرة على النجاة ، فهذا تبدو الأشياء للوهلة الأولى خدَّاعة ، مشرقة ، متلألئة بعكس طبيعتها وقد ينجذب إليها البعض وحينما يصلوا للأعماق يكتشفوا حقيقتها وكَمْ كانوا مغفلين حينما رغبوا في الاقتراب ، التجريب ، خوض المغامرة ، المخاطرة بحياتهم في بعض الأحيان ، فليست كل الأمور تستحق أنْ يضحي المرء بوقتٍ من عمره في سبيل تجريبها من أجل نيل بعض المتعة فحَسب في حين أنه يلقَى الشقاء والعذاب الذي يجلب إليه الأنين الذي يظل رابضاً بقلبه لا يبرَحه بفعل تلك التجارب القاسية التي أقحَم نفسه فيها عن قناعةٍ تامة دون إرغامٍ من أحد ومع ذلك لم يحظَ بالنتيجة المُرضية ، فعلى المرء أنْ يتحلَّى ببُعد النظر ، قوة البصيرة التي تجعله ينأى بنفسه عن تلك الأمور التي قد يتشكَّك أنَّ بها هلاكه أو شقاءه أو تعاسته أو حيرته قبل أنْ ينغمس فيها ويغوص في تلك الحالة المستعصية التي يصعُب الخروج منها فلن يخسر سواه ، لذا كان عليه أنْ يتفكَّر جيداً قبل أنْ يُلقي بذاته في أي تجربة جديدة من أجل الشعور بالتفرُّد الذي يُميِّزه عمَّنْ سواه وأنْ يضع الخُطط والحسابات المدروسة في سبيل تجنُّب العواقب الوخيمة ، فهناك العديد من البشر مِمَّنْ تدفعهم حاجتهم للاختلاف لخوض المزيد من التجارب المؤلمة التي تُهلِكهم وتُدمِّر حياتهم بالكامل ولا يستشعرون ذلك سوى بعد فوات الأوان ، فعلينا التفكُّر قليلاً قبل الزجِّ بأنفسنا في مثل تلك الكوارث والنكبات من أجل إثبات الذات أو التفكير بشيء نادر لم يُقبِل عليه أحدٌ من قَبْل أو يملِك الجَرأة أو الشجاعة لذلك ، فالعُمر قصير ولحظاته ثرية لا بد أنْ نستثمرها في تقديم إنجازات وإبداعات لم يأتِ بها أحد من قَبْل بدلاً من إهداره في أمور قد تجلب إلينا المخاطر والأهوال حتى لا يعترينا الندم حينما ينقضي دون تحقيق المُراد …




 

مِن رَحمِ الوهم | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة 


مِن رَحمِ الوهم | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة
مِن رَحمِ الوهم | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة


"كن بخير، بقدر ساعات انتظاري و مسافات البعد اللعينة بيننا و تنهيدات الشوق في غيابك و نبضات القلب المتلهفة . كن بخير و حسب إذا كنتَ تعلم أني أحبك..."

يقولون اننا الأدباء شخصيات وهميه. ويقولون انى أهرب من واقعى بالكتابه. ويقولون انى اتصنع الكلمات لكي اجذب الإنتباه. وانا أرى ان لكل شخصا منا قصة وحكاية لا يعلمها احد، فمنا من لديه قصة حزينه بداخله، ومنا من عانى من اشخاص احبهم او مازال يعاني، ومنا من تعب من التضحيه دون نتيجة، ومنا من يبكي كل يوم علي اشخاص رحلوا من الدنيا  ولن يعودوا، ومنا من يعاني من الغربه رغم انه بين اهله وأحبابه. اكتب لمن يقرأ هذا الكلام ويرى نفسه بين السطور. اكتب لمن يلتقي بأحبابه عبر كلمات يقرؤها. اكتب لمن يضحك وداخله الف دمعة والف وجع. أنا لست وهم ... واذا كنت وهم ، فأعيدوا لى واقعى الذي سُرق منى. اعيدوا لى الحياة   لأعيشها كما تريدون

دعنا نتفق أن من تنجذب إليه فكريا يكون جميلاً في عينيك. وبالتالي فإن العين ليست نافذة العقل وإنما العقل هو نافذة العين  الجمال إحساس عقلي وشعور وجداني. فكل رجل جميل تسكن فى تفاصيله أنثى جميلة. وتحكى الأسطورة أن أصل الوردة أنثى جميلة. فالحياة أنثى والأحاسيس أنثى والحنان أنثى. وأنا كرجل وأديب انحنى لك أيتها الأنثى التى تبعث الحياة والدفء.... الأم أنثى ... والأخت أنثى والخليلة أنثى.. بل والجنة أنثى.. وكل هذه الصفات

تتلخص فى الروح ...فالروح انثى. فلا عيش بدون أنثى. ولا جنة بدون أنثى.

في الماضي، كان للمحاربون الأشداء، والكتاب والشعراء النجباء الأولوية في الوجاهة الاجتماعية، والكفاية المادية، بل كانوا يُقدَمون على المهن والحرف الأخرى حتى الطب!

فأهل السيف هم الأقدر على الذب عن البلاد إذا ما انتُهكت حرمتها، وأهل القلم هم الأجدر بالذب عن البلاد إذا ما انتُهكت سمعتها وفكرها وثقافتها، ولو حُفظت حرمة البلاد ترابًا وسُمعتها فكراً حُفظِت البلاد، وإذا مال أو ضعف أحد الجناحين؛ مالت البلاد وضعفت.

فحتى لو تحول السيف إلى بندقية أو طائرة أو اختراق إلكتروني فهو سيف. 

ولو تحول القلم إلى مقطع مرئي، أو مسموع، أو برامج ونشرات أو أفلام أو غيره فهو قلم.

فعليكم بالسيوف والأقلام، وانظروا مواضعكم من امتلاكها، لتعرفوا أين موطن بلادكم.

 فالقول الصحيح أن القلم مخلوق بعد العرش. يقول الشاعر أحمد شوقي عن العلم: “فخذوا العلم على أعلامه، واطلبوا الحكمة عند الحكماء”. فأوّلُ العلم الصمت، والثاني الاستماع، والثالث الحفظ، والرابع العمل، والخامس نشره. لذلك يقول الأصمعي العلم في الصِّغَرِ كالنقش على الحجر. ومن المعروف أن إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له

ولأرباب القلم تنهيدة مصحوبة بنظرة أو فكر مميز وشوق فريد. والتنهد هو زفرة عميقة تُصدر تعبيرات عن مشاعر مختلفة مثل الحزن، الإحباط، التوتر، أو الراحة والارتياح. 

هل شعرت يوماً أن نفسك لا تحتاج إلى كلمات التحفيز المعتادة؟ في خضم الأزمات، قد لا يكون الحل في القوة، بل في الصدق. أن تعترف لنفسك بالإرهاق، وتمنحها التقدير الذي تستحقه على صبرها.

قل لها: "أعلم أن هذا كان كثيراً عليك، وشكراً لأنكِ كنتِ صابرة." هذا الاعتراف هو ما سيحول الإرهاق إلى قوة دافعة لا تٌقهر.

ما رأيك؟ هل سبق لك أن تحدثت مع نفسك بهذا الصدق؟ : "وتيني ونبض قلبي - و كيف نكتب نبرة الإشتياق في سطور ... يا ساقيَ الحُب... املأ كأسي بالعِشق حتى يفيض، فقد سُبيتُ به من قدميَّ حتى رأسي، وسكنني الشوق حتى صار أنفاسي. رويدك أيّها الساقي، لا تَكُن قاسيًا."

‫شوارعنا ينقصها الحب و الفن ينقصه العازفون والناس المبتسمة ينقصها ناس لا يتدخلون في شؤون غيرهم، شوارعنا تحتاجُ أناساً مشغولون مع أنفسهم، لدرجة لا يجدون وقتاً للنقد، للسخرية، للشك ولسوء الظن، مشغولون بالعمل لكسب رضا خالقهم...صارت قلوبنا بين قلوب تعشق وقلوب تهرب وقلوب تتألم وأخرى تموت. وتبقى قلوبنا تنبض ولكل نبض حكاية.

أتراها لنداءاتي منصته ؟لايسرق قلب حواء إلا رجلاً يراها مختلفه عن سائر النساء ويعاملها كملكة تغار منها جميع النساء فالشيء الوحيد الذي يفوق حب المرأة للرجل هو خوفها عليه، وعندما تكون بجانبه تشعر انها امتلكت كل شيء فالأنثى لا تريد قصراً يحميها بل تود قلباً يحتويها. الأنثى تتحول إلى اميرة فاتنة وملكة عندما تجد الإهتمام والاحتواء ممن تحب ويعاملها كطفلته قبل ان تكون حبيبته، فأسعد إمرأة هي التي تحظى بحبيب لو تركته بين آلاف الجميلات يترفع عنهن ويعود مشتاقاً لها، فلا يهزم الرجل القوي الا امرأة أحبها بجنون .

ولا تتعارض الرجولة مع رقة الحس، فأكثر الرجال رقه اعظمهم رجوله فمن يعامل المراة على أنها ملكة دليل على أنه تربى على يد ملكة فلا تخافي على نفسك من رجل يحب امه، فمن يُقدّر إمرأة خُلق في احشائها لا يؤذي إمرأة اسكنته قلبها كن لها الأمان تكن لك أجمل وطن.

فرغم قسوة الرجل إلا ان داخله طفل مجنون لذلك من الطبيعي ان يموت ويحيى لأجل امرأة احبها بعقله وقلبه وكيانه. لابد أن ينسى نفسه لأجلها مهما مرت بحياته نساء. فالرجل طفل لايستغني عن عاطفة امه ولايقبل ان يقتل عواطفه امام إمرأة احبها من احشاء الصميم. ومهما تنفس الرجل بالغرور تبقى هناك انثى يرتعش كبرياءه لها. وتذكروا... حين يعشق الرجل يعود طفلا !!

والأنثى حين تعشق ؛؛ تعشق بعاطفة سبعين اماً كي تحتوي محبوبها كوليدها هكذا تعشق الأنثى .وهكذا يصلنى احساسها: " فحينَ تقولي أُحِبكَ .. " يُولدُ في السماء نَجم .. " وَ تتوقفُ الفيزياء .." عَن فَهمِ الكَون .." تَذوبُ " الأشياءُ " حَولي .." تَتَحلل ..

" تَتَماهىٰ .." تَفقدُ زوايآها .." وَ لا يبقىٰ اللّون ! 

" حينَ تقولينَ أُحِبكَ .." أنتقلُ الىٰ البعدِ الرآبع ..!" يَغشآني الضَوء .." أتَسآمىٰ  .." أتعآلىٰ .." أُصبحُ غَيم .. !" تَحملُني الريحُ  في المَلَكوت .." أعبرُ جِدآرَ الصّمتِ ..  " أَصيرُ شِهاباً في لَيلِ العَتم ..! " أتَشظىٰ .." أتَكثَف .." لِأُب



 

نخب صوتي | بقلم الأديبة السودانية ندى موسى 


نخب صوتي | بقلم الأديبة السودانية ندى موسى
نخب صوتي | بقلم الأديبة السودانية ندى موسى



نخب صوتي،

نخب صمتي،

نخب هاتيك الأغاني.


احتسِ كأسي،

وامضِ، ثم امضِ…

لستُ أدري،

أو حتى أدري،

ما وهبتُك من زغاريدِ صدري،

من سويعاتِ عمري.


لم تعرني بعضًا منّي،

إنما جرحٌ يُغنّي،

وعصافيرُ الضياء

حين تشدو.


يا من تداعى للتجلّي،

للتمنّي…


لفروضِ الحبِّ حينًا،

لجنونٍ من جنون،

أعلنُ اليومَ اقتراني

بالمساءاتِ الضئيلة،

واحتدامِ ملامحِ الشعرِ النبيلة.


أين أنتَ يا ملاذي؟

يا سُهادي، يا عنادي،

يا ترانيمي وصلاتي…

لم أجد يومًا مقاسي

غاب فجري،

فاض نهري،

وشرودُ الأمنيات.


حُلمُنا بات ضئيلاً،

حين ألقيتُ التعاويذَ اللعينة.

ذلك الجُبُّ تراءى،

والغياهب دلو للحقيقة.


طائرَ الفينيقِ أنتَ،

من رمادٍ قد وُلدتَ،

تحملُ النورَ سنينًا.


هاتِ عندي ما لديكَ،

من عبوسِ العارفين،

من شرابٍ أخضرَ.


وتمورُ الخمرُ تصبو

لِطبولِ العاشقين.


لا تَلُمني في شعوري،

ما ملكتُ  منه فتيلا،

كلُّنا للحبِّ نصبو،

ثم يريدُنا قتيلا.


إنّما الحبُّ بلادٌ،

وبلادي أرضُ التائبينَا.


من سوادٍ قد وُلدنا،

بينما الأبيضُ طينًا.





"همسة عتاب" | بقلم الأديب المصري دكتور طارق رضوان جمعة  


"همسة عتاب" | بقلم الأديب المصري دكتور طارق رضوان جمعة
"همسة عتاب" | بقلم الأديب المصري دكتور طارق رضوان جمعة  




هل سمعت يوما أن الإنسان يعق يومه؟ سمعنا عن عقوق الوالدين ولكن كيف يعق المرء يومه؟

قيل لأحد الحكماء: بم كنت أعلم قرنائك ؟ فأجاب: ( لأنني أنفقت في زيت المصباح لدرس الكتب مثل ما أنفقوا في شرب الخمر). العلم ينتشل العبد المملوك، ويجلسه مجالس الملوك، ويرتفع بالمنقوص إلى أهل الخصوص، به يتعظ الغافلون، وفيه يتنافس المتنافسون، الخشية من ثمراته، والرفعة من بركاته، { إنما يخشى الله من عباده العلماء }، { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات }، وحسبك أن أهله ورثة النبي المختار. فالعلم بضاعة الدنيا والآخرة، ولئن كسدت في هذا الزمان فلها يوم تروج فيه، والتاجر الناجح من يكثر الشراء ساعة الكساد، فإذا نفقت البضاعة عظم ربحه وزاد.


لكن نأسف جميعاُ على جيل نعول عليه، وندفع لواء التغيير إليه. وهو يجهل أركان الوضوء، أو شروط الصلاة، ولم يسمع عن كتاب سيبويه، أو فلسفة ابن رشد، وزاد ابن القيم، يجهل تاريخه. فشبابنا  إن زهدوا في هذه الكنوز الثمينة، ونفضوا أيديهم من هذه المعاقل الأمينة، فهذا إيذان بمفسدة وخيمة، وعاقبة أليمة، لأن من أمضى يومه في غير حق قضاه، أو فرض أداه، أو حمد حصله، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه، فقد عق يومه، وظلم نفسه.


يجب أن نأخذ في الاعتبار عند تربية الجيل الجديد  ما نمر به من نزعة الانفتاح الفكري: فلم تعد هناك حدود لدى الشباب، إذ أصبح يقرأ كل شيء، ويؤمن بأي شيء، ويحتقر أي اتجاهات. ومع كونه فى مرحلة بدائية في الثقافة، إلا أنه سرعان ما يتبنى بعض الاتجاهات المعاصرة: فهذا جذبته كتابات الوجوديين الملحدين، وذاك استهوته الماركسية بسبب صراخها ضد الظلم الاجتماعي، وينسى كل منهما أن الارتكاز على صخرة الحق الكامل، يعطينا نورًا كافيًا للتمييز، ولقبول ما هو حق، ورفض ما هو باطل. من هنا تختلف أساليب مخاطبة الشباب.


يجب أن يعلم شبابنا فضل العلماء ويحتذوا بهم ، لأن العلماء هم من نبذوا الوسادة، فنالوا السيادة، علموا أنه بقدر العنا تُنال المُنى، فالكبار هم أهل العناء والكلف، والصغار طلاب سرف وترف. ويحكى أن أحد  طلاب العلم وقف على باب عالم فقال : ( تصدقوا علينا بما لا يتعب ضرساً، ولا يسقم نفساً . ( فأخرجوا له طعاماً ونفقة، فقال: ( فاقتي إلى كلامكم أشد من حاجتي إلى طعامكم، إني طالب هدى، لا سائل ندى )، فلما نال مراده خرج جذلاً فرحا يقول: ( علم أوضح لبساً، خير من مالٍ أغنى نفساً ).


روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: ما بعث الله نبيا إلا شابا، ولا أوتي العلم عالم إلا شابا، ثم تلا هذه الآية:(قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) وقد أخبر الله تعالى عن يحيى بن زكريا الذي أتاه الله  الحكمة قال تعالى: (وآتيناه الحكـم صـبيا) وقال تعالى: (إذ أوى الفتية إلى الكهف)وقال جل شأنه: ( إنهم فتية آمنوا بربهم) وقال جل من قائل: (وإذ قال موسى لفتاه).


إنها لغصة نشعر بمرارتها في حلوقنا ونحن نرى الشاب المسلم يندفع لخدمة دينه بعاطفة جياشة، وهمة وثابة، ولكنه مصاب بقحط ثقافي، وقد غشيته سحابة من الجهل المركب، لو قرأ آية من كتاب الله لوليت منه فراراً، وملئت حسرة وانكساراً، تناديه من قريب: أن هلم إلى محاضرة التربية، فيعرض وينأى بجانبه، وينفي عن نفسه النقصان، تهمس في أذنه بالعتاب، وتلين له الخطاب، وترشده لصحبة الكتاب، فيصم أذنيه إدباراً، ويثني عطفه استكباراً، تأخذ بيده ليرتع في رياض العلم، وينهل من معين الذكر، ويتنسم نفحات الإيمان، ويصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، فتراه ينظر إلى مجالس العلم من طرف خفي، وتذهب كلماتك ونصائحك أدراج الرياح، كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقراً. وقد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد على جميع الأنصار وكبار المهاجرين على حداثة سنه، وعتاب بن أسيد ولاه مكة وبها أكابر قريش.


فأمتنا يحدوها الأمل أن تراكم في العلم متنافسين، وإلى مجالسه سباقين.ونهضة الأمة بحاجة إلى علو همة، وكل واحد منا عند نفسه من الغفلة ما يكفيها، فتيقظوا ، واعتبروا يا أولي الألباب. لذلك آثر النبي-صلى الله عليه وسلم- مجلسه على مجلس الذكر وقال: " كلا المجلسين خير، وأحدهما أحب إلي من صاحبه، أما هؤلاء فيذكرون الله تعالى ويسألونه،فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وأما المجلس الآخر فيتعلمون الفقه، ويعلمون الجاهل، وإنما بعثت معلماً، وجلس إلى أهل الفقه "


وختاما يقول لقمان لابنه: يا بني ليكن أول شيء تكسبه بعد الإيمان خليلا صالحا. فإنما مثل الخليل كمثل النخلة, إن قعدت في ظلها أظلتك. وإن أحبطت من حطبها نفعك, وإن أكلت من ثمرها وجدته طيبا. يا بني لا تركن إلى الدنيا ولا تشغل قلبك بها فإنك لم تخلق لها وما خلق الله خلقا أهون عليه منها فإنه يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين ولا بلاءها عقوبة للعاصين. يا بني لا تضحك من غير عجب ولا تمش في غير أرب ولا تسأل عما لا يعنيك يا بني لا تضع مالك وتصلح مال غيرك. فإن مالك ما قدمت، ومال غيرك ما تركت,. يا بني إنه من يرحم يٌرحم. ومن يصمت يسلم ومن يقل الخير يغنم، ومن يقل الباطل يأتم. ومن لا يملك لسانه يندم, يا بني زاحم العلماء بركبتك. وأنصت إليهم بأذنك، فإن القلب يحيا بنور العلماء، كما يحيى الأرض الميتة بمطر السماء.