Articles by "نفحات إيمانية"
‏إظهار الرسائل ذات التسميات نفحات إيمانية. إظهار كافة الرسائل

 

كُلُّ إِنْسَانٍ مَسْؤُولٌ | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 


كُلُّ إِنْسَانٍ مَسْؤُولٌ | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
كُلُّ إِنْسَانٍ مَسْؤُولٌ | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 


 خَلَقَ اللهُ الْإِنْسَانَ وَفَضَّلَهُ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا، وَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ وَجَعَلَهُ عَنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ مَسْؤُولًا، فَمَا مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، وَلَا جَلِيلٍ أَوْ حَقِيرٍ؛ إِلَّا سَيَسْأَلُهُ اللهُ عَنْهُ، وَإِنَّ اللهَ سَيَبْعَثُ النَّاسَ أَجْمَعَهُمْ لِيَسْأَلَهُمْ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ.


قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: 


فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ


[الحجر:92-93]


وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: 


وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، فَسَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ.


 [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ 


وَكُلُّ امْرِئٍ سَيُسْأَلُ عَنْ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، تَعْقُبُهَا بِشَارَةٌ أَوْ نَدَامَةٌ وَمِنْهَا: 


سُؤَالُهُ عَنْ رَبِّهِ وَدِينِهِ وَنَبِيِّهِ فِي الْبَرْزَخِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ .


فَعَنِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ عَنِ الْمَيِّتِ الْمُؤْمِنِ إِذَا دُفِنَ وَتَوَلَّى عَنْهُ النَّاسُ قَالَ: 


وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ 

فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ 

فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ. 

قَالَ: فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ قَدْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ .

 وَأَمَّا الْكَافِرُ فَقَالَ:وَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ 

فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ 

فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ كَذَبَ، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ.


أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ 

 

وَسَيَسْأَلُ اللهُ الْعَبْدَ عَنْ عِبَادَاتِهِ وَصَلَوَاتِهِ، أَحْسَنَ فِيهَا أَمْ أَسَاءَ.

 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: 


إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ؟ 

ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ.


أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ


وَكُلُّ إِنْسَانٍ مَسْؤُولٌ عَنْ عُمُرِهِ وَعِلْمِهِ وَجَسَدِهِ وَمَالِهِ فَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 

لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ 

وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ؟ 

وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ 

وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ؟


أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ 


 وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ حَوَاسِّهِ وَجَوَارِحِهِ، وَسَتَنْطِقُ شَاهِدَةً لَهُ أَوْ عَلَيْهِ.


قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: 


وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا


الإسراء:36


وَكُلُّ امْرِئٍ مَسْؤُولٌ عَنْ وَاجِبِهِ تُجَاهَ مُجْتَمَعِهِ: هَلْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ؟ هَلْ أَرْشَدَ وَوَجَّهَ وَنَصَحَ، أَمْ أَعْرَضَ وَأَهْمَلَ وَعَيَّرَ وَفَضَحَ؟ 


عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: 


سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: 


إِنَّ اللَّهَ لَيَسْأَلُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يَقُولَ: مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَ الْمُنْكَرَ أَنْ تُنْكِرَهُ؟


أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ 


وَلَيُسْأَلَنَّ مَنِ اعْتَدَى عَلَى الدِّمَاءِ، وَهُوَ أَوَّلُ سُؤَالٍ فِيمَا يَخُصُّ حُقُوقَ الْخَلْقِ مِنَ الْقَضَاءِ.


عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 


أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ.


 [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]


وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 


إِنَّ الْمَقْتُولَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُتَعَلِّقًا رَأْسَهُ بِيَمِينِهِ أَوْ قَالَ: بِشِمَالِهِ آخِذًا صَاحِبَهُ بِيَدِهِ الْأُخْرَى، تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، فِي قُبُلِ عَرْشِ الرَّحْمَنِ، فَيَقُولُ: رَبِّ، سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟


أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ 

 

إِنَّ مِنْ مَسْؤُولِيَّةِ الْإِنْسَانِ رَعِيَّتَهُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ فِي ذِمَّتِهِ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّهَا وَيَسُوسَهَا وَفْقَ دِينِ اللهِ وشِرْعَتِهِ.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: 


أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.


 [أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ]


وَهَذِهِ النِّعَمُ مِنْ إِيمَانٍ وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ، وَصِحَّةٍ وَعَافِيَةٍ فِي الْأَبْدَانِ، وَمَالٍ وَعِيَالٍ، الَّتِي نَتَقَلَّبُ فِيهَا صَبَاحَ مَسَاءَ.


وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ 


[النحل:53] 


أَلَسْنَا مَسْؤُولِينَ عَنْهَا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ.


 قَالَ اللهُ تَعَالَى: 


ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ


[التكاثر:8] 


وَقَدْ ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ إِلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، ثُمَّ ذَبَحَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: 

وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ.


 [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]


فِيَا مَنْ تَوَلَّيْتَ مَسْؤُولِيَّةَ وِزَارَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ إِدَارَةٍ أَوْ أَكْبَـرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَصْغَرَ اتَّقِ اللهَ فِيهَا وَارْعَ أَمَانَتَكَ، وَاحْفَظْ عُهْدَتَكَ، وَقَدِّرْ مَسْؤُولِيَّـتَكَ؛ فَإِنَّكَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ يَدِيْ رَبِّكَ، وَمَسْؤُولٌ عَنْ كُلِّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ، وَالْعَاقِلُ مَنْ أَعَدَّ لِلْقِيَامَةِ عُدَّتَهَا، وَأَحْضَرَ لِلْأَسْئِلَةِ إِجَابَتَهَا، فَأَعِدُّوا لِلسُّؤَالِ جَوَابًا، وَلِلْجَوَابِ صَوَابًا.


 قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: 


وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ


 [الصافات:24]


أَلَا وَإِنَّنَا مَبْعُوثُونَ، وَعَلَى أَعْمَالِنَا مَجْزِيُّونَ


فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ 


 [الزلزلة:7-8]




 

مِنْ وَصَايَا النَّبيّ ﷺ الجامِعَةِ النافِعَةِ | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 


مِنْ وَصَايَا النَّبيّ ﷺ الجامِعَةِ النافِعَةِ | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف



  اَلنَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَتْرُكْ خَيْراً إِلَّا دَلَّنَا عَلَيْهِ وَلَا شَرّاً إِلَّا حَذَّرْنَا مِنْهُ فَمِنْ اِتَّقَى اَللَّهَ تَعَالَى لَزِمَ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ دِينِ اَلْحَقِّ وَاَلْهُدَى وَاجْتَنَبَ مَا نَهَى ﷺ عَنْهُ مِنْ اَلشَّرِّ وَالرَّدَى وَقَدْ أَوْصَى ﷺ بِوَصَايَا جَامِعَةٍ تَجمَعُ خَيرَ الدُنْيَّا والآخِرَةِ وَمِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى وَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ الوَصَايَا فَقَدْ وَصَّى النَّبِيُّ ﷺ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِوَصِيَةٍ تَجْمَعُ لِلْمُسلِمِ صَلَاحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ وَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اَلْخَلقِ فَقَالَ: 

اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ.


وَمِنْ أَجَلِّ مَا وَصَّانَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْحِفَاظُ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا قَالَ ﷺ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: 


وَلَا تَتْرُكَنَّ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ مُتَعَمِّدًا" وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أُصَلِّيَ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا.


وَمِنْ وَصَايَاهُ ﷺ أَنْ لَا يَدَعَ الْمُسْلِمُ الْأَذْكَارَ الْمَسْنُونَاتِ بَعْدَ الصَّلَاةِ قَالَ ﷺ:


يَا مُعَاذُ أُوصِيكَ أَنْ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.


وَمِنْ وَصَايَاهُ ﷺ صِيَامَ النَّافِلَةِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:


 أَوْصَانِي خَلِيلِي ﷺ بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: 

 صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَلَاةِ الضُّحَى وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ.


وَمِنْ وَصَايَاهُ ﷺ مَا أَوْصَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهِ هُوَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا .


قَالَ عَزَّ وَجَلَّ :


﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا﴾


 وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: 


وَأَطِعْ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ دُنْيَاكَ فَاخْرُجْ لَهُمَ.


وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: 


وَلَا تَعُقَّنَّ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ.


وَمِنْ وَصَايَاهُ ﷺ الْإِحْسَانُ إِلَى الْأَرْحَامِ:


 يقولُ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: 


أَوصاني خليلي ﷺ بخِصالٍ مِن الخيرِ وَذَكَرَ مِنهَا " وأوصاني أنْ أصِلَ رحِمي وإنْ أدبَرتْ.


وَمِنْ وَصَايَاهُ ﷺ إِكْرَامُ النِّسَاءِ وَإِحْسَانُ مُعَامَلَتِهِنَّ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:


اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا.


وَمِنْ وَصَايَاهُ ﷺ الْإِحْسَانُ إِلَى الْجَارِ وَإِكْرَامُهُ وَصِلَتُهُ وَزِيَارَتُهُ قَالَ ﷺ:


أُوصِيكُمْ بِالْجَارِ" وَهُوَ وَصِيَّةُ سَيِّدِنَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ .


قَالَ ﷺ:


مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ .


وَإِنَّ مِنْ إِكْرَامِ الْجَارِ أَنْ تُطْعِمَهُ مِمَّا طَعِمْتَ قَالَ ﷺ لأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:


إِذَا طَبَخْتَ مَرَقاً فَأَكْثِرْ مَاءَهُ ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ فَأَصِبْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ.


إِنَّ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ وَالسُّلُوكِيَّاتِ الرَّفِيعَةِ الَّتِي وَصَّانَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِفْظَ اللِّسَانِ وَالْيَدَيْنِ قَالَ ﷺ لأَحَدِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عِندَمَا طَلَبَ مِنهُ الوَصِيَّةَ :


فَلَا تَقُلْ بِلِسَانِكَ إِلَّا مَعْرُوفًا وَلَا تَبْسُطْ يَدَكَ إِلَّا إِلَى خَيْرٍ" وَالْمُؤْمِنُ صَاحِبُ سُلُوكٍ مَحْمُودٍ وَطَبْعٍ لَطِيفٍ وَكَلَامٍ طَيِّبٍ وَوَجْهٍ بَشُوشٍ يَقُولُ بِلِسَانِهِ خَيْرًا فَيَغْنَمُ أَوْ يَصْمُتُ فَيَسْلَمُ لِذّا أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحَدَ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَقَالَ ﷺ: 


لَا تَسُبَّنَّ أَحَدًا وَلَا تَزْهَدَنَّ فِي الْمَعْرُوفِ وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ.


وَمِنْ وَصَايَاهُ ﷺ لِصًحَابَتِهِ إذا بعَث سَريَّةً قالَ: 


اغْزُوا باسْمِ اللهِ في سَبيلِ اللهِ قَاتِلُوا مَن كَفَرَ باللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا ولا امرأةً ولا كبيراً ولا فانياً ولا مُنعزلاً بصوَمعةٍ ولا تَقْطَعُوا نَخْلاً ولا شجرةً ولا تهدِمُوا بناءً.


أَخِيراً مِنْ وَصَايَا النَّبيُّ ﷺ الجامِعَةِ النافِعَةِ القليلَةِ العِباراتِ الكَثيرةِ الفَوائِدِ والمَعاني قُولُهُ لأبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: 


 اتَّقِ المحارمَ تَكن أعبدَ النَّاسِ وارضَ بما قسمَ اللَّهُ لَك تَكن أغنى النَّاسِ وأحسِن إلى جارِك تَكن مؤمنًا وأحبَّ للنَّاسِ ما تحبُّ لنفسِك تَكن مسلِمًا ولا تُكثرِ الضَّحِك فإنَّ كثرةَ الضَّحِك تُميتُ القلبَ.


فَاللَّهُمَّ اجْعَلْنَا بِوَصَايَا نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ عَامِلِينَ وَإِلَى الْخَيْرَاتِ سَابِقِينَ وَوَفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ ﷺ أَجْمَعِينَ .




 

نعمة سلامة الصدر ونقاء السريرة | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 


نعمة سلامة الصدر ونقاء السريرة | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
نعمة سلامة الصدر ونقاء السريرة | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف



في زمن ظهر فيه حُبُّ الدنيا بمختلف الصور والأشكال ، يحتاج المسلم إلى التذكير بما يبعثه على محبة الآخرين ، وبذل الخير والمعروف لهم ، وكفّ الشر والأذى عنهم ، إنه خُلُق : سلامة الصدر الذي يعيش به المسلم سعيدا مرضيا مسرورا مطمئنا .


إن سلامة الصدر من أنبل الخصال وأشرف الخلال ، التي يدرك بها المسلمُ عظيمَ الأجر وحسن المآب .


يقول ربنا جل وعلا : 

  

{ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } 

       

 الشُّعَرَاءِ : 88-89 


ومن علامات سلامة القلب بعد الإيمان والتقوى والتوحيد واليقين: 


أن يكون القلب نقيًّا من الغل والحسد والحقد على المسلمين ، يعيش المسلم مع إخوانه بصفاء قلب ، وطِيب نَفْسٍ ، وحُسْن سريرة ، لا يحمل لهم ضغينةً ولا كراهيةً ، ولا يُضمر لهم حقدًا ولا غِشًّا ، ولا خداعا ولا مكرا ، بل يعيش بنفس تفيض بالخيرات والإحسان ، والخُلُق الجميل والصفاء والنقاء ، فهو من نفسه في راحة ، والناس منه في سلامة ، لا يعرف الناسُ منه بلاءً ولا شرًّا ، ولا يُقاسُونَ منه عناء ولا شقاء .


 قال صل الله عليه وسلم :


لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .


[متفق عليه]


 من النعيم المعجَّل في هذه الحياة ، بل هو جنة الدنيا ، وبه تكون لذة العيش ؛ وذلك أن يحرص المسلم على تحصيل نعمة سلامة الصدر ، على كل مَنْ عاش معه أو خالطه ، بل على كل أحد من المسلمين .


قال تعالى في وصف أهل الجنة : 


{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ } 


[ الْأَعْرَافِ : 43 ] 


قال ابن عطية رحمه الله عند هذه الآية : 


 وذلك أن صاحب الغِلّ معذَّب به ، ولا عذابَ في الجنة ، وفي أبرز دعوات أهل الإيمان ما وصفهم به ربهم جل وعلا : 


{ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } ، 


[ الْحَشْرِ : 10 ] 


 من أفضل الأعمال : سلامة الصدر من أنواع الشحناء كلها ، ومن البغضاء بجميع صُوَرِها ، قيل لرسول الله صل الله عليه وسلم : 


 أيُّ الناسِ أفضلُ ؟ 

قال : كلُّ مخمومِ القلبِ صدوقُ اللسانِ ، قالوا : صدوقُ اللسانِ نعرفُه ، فما مخمومُ القلبِ ؟ قال : هو النقيُّ التقيُّ لا إثمَ عليه ولا بغيَ ، ولا غلَّ ولا

 حسدَ .


رواه ابن ماجه، وصحح إسناده المنذري وغيره من المحدثين 


وقد أدرك سلفُ الأمة رضي الله عنهم هذه الحقيقة فعملوا بها ودَعَوْا إليها ، فهذا زيد بن أسلم يدخل على أبي دجانة رضي الله عنهما وهو مريض وكان وجهه يتهلل ، فقال له : ما لَكَ يتهلل وجهُكَ ؟ 

قال : ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنتين : أما إحداهما : فكنتُ لا أتكلم بما لا يعنيني ، وأما الأخرى فكان قلبي للمسلمين سليما .


ويقول الفضل بن عياض رحمه الله : 

 ما أدرك عندنا مَنْ أدرك بكثرة نوافل الصلاة والصيام ، وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس  وسلامة الصدور والنصح للأمة .


من الأسباب المعينة على سلامة الصدر : الإخلاص لله جل وعلا والصدق معه ، والرضاء بالقدر وبما كتبه الله جل وعلا للعبد في هذه الحياة ، ولزوم طاعة الله جل وعلا ، والإكثار من تلاوة كتابه سبحانه ، مع بذل الإنسان الاجتهاد في مجاهدة النفس من الأدواء الخبيثة ؛ كالغش والغل والحسد ، مع تذكُّر دائم لما تعود به تلك الأخلاق الخبيثة على الإنسان بالشر الوبيل في العاجل والآجِل ، ثم يجتهد العبد بالدعاء الخالص الصادق أن يرزقه الله جل وعلا قلبا سليما ، ولسانا صادقا ، مع عمل صادق ببذل كل ما يجلب المحبةَ والمودةَ ويدفع البغضَ والكراهيةَ من بذل للسلام وترك الإنسان ما لا يعنيه من أمور الخلق ، والحرص على بذل العطية والهدية ؛ فهي جالبة للمودة دافعة للكراهية ، وكذا يحرص المسلم على الدعاء للمسلمين جميعا ، والعفو عند الإساءة وبذل الإحسان بشتى صوره ومختلف أشكاله ، القولية والفعلية ؛ مما يترتَّب عليه إدخالُ السرور على قلوب المسلمين ؛ فالمسلم شأنُه الفرحُ بما يُفرِحُ المسلمينَ ،والمشارَكة الفاعلة بما يواسيهم عند أحزانهم وهمومهم .


فكن - أيها المسلم على مجاهدة شديدة للشيطان ؛ فهو حريص على إيغار الصدور وإفساد القلوب .


قال تعالى : 


{ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا } 


[ الْإِسْرَاءِ : 53 ] 


وفيما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 


إن الشيطان أَيِسَ أن يَعبده المصلُّون في جزيرة العرب ، ولكن في التحريش بينهم.


 وإن مما يسلم به المسلم البعد عن المجادلة والمراء والمخاصَمة حول المسائل والوقائع والأحداث مما لا جدوى فيه ، فهذا مما يُثير الحقدَ والكراهيةَ ويُزكي الشحناءَ ، ويُوجِدُ النفرةَ بين المسلمين .

وإنما تُحمد المجادلةُ لإحقاق حقٍّ من عالم ناصح مخلِص صادق متوسِّم بجميع شروط وصفات وعناصر المجادلة والمناظرة وفقَ أدب جَمٍّ وخُلُق أَشَمَّ .


 قال الله جل وعلا : 

  

 { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا } 


[ الْبَقَرَةِ : 83 ] 


 إن سلامة الصدر باب عظيم إلى النعيم المقيم .


 قال أحد السلف : أصل الدين الورَعُ ، وأفضلُ العبادةِ مكابدةُ الليلِ ، وأقصرُ طريقٍ للجنة سلامةُ الصدرِ .


فالزموا سلامة الصدر ونقاء السريرة ؛ ولذا حرص المصطفى صلى الله عليه وسلم على تحقيق ما يؤصِّل هذا الأصلَ ويدرأ عنه كلَّ العوارض والأدواء .


قال صل الله عليه وسلم : 


لا تحاسَدُوا ولا تباغَضُوا ولا تدابَروا ، وكونوا عبادَ الله إخوانًا لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث .


رواه مسلم 


فكونوا عباد الله إخوانا متحابين ، على التقوى متوادين ، وعلى الطاعة والبِرِّ متواصين .






غزة معركة تاريخية ونقطة تحول فى المنطقة | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 


غزة معركة تاريخية ونقطة تحول فى المنطقة | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
غزة معركة تاريخية ونقطة تحول فى المنطقة | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 



إن ما يقع اليوم في الحرب على إخواننا في غزة، معركة تاريخية ونقطة تحول وتغيير في المنطقة, حقد يهودي متجدد وشعب مضطهد صامد، ومجاهدون مؤمنون ثابتون، ومنافقون يتربصون ويخونون، والشعوب تغلي غضبًا والعالم الدولي ما بين متفرِّج أو مشارك، ودولنا العربية في تفرق وضعف، وشتات وانقسام للصف الواحد.


إن من أعظم حكم الله تعالى من وقوع هذه المصائب، حكمةَ الكشف وتمييز الصف، تحقيقا لموعود الله في سنة التمايز بين الناس في الفتن :


مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ


 [آل عمران:179]


وقال تعالى:


وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ


 [الأنعام:55] 


وكما قال الله تعالى بعد ما نزل بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعد غزوة أحد من القتل والجراح: 


وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ


[آل عمران:141].


إنها غزة الكاشفة، التي انكشف فيها المستور وظهر المخبوء فما الذي كشفته هذه المحنة؟


 كشفت هذه المحنة للعالم عن الوجه القبيح لليهود المجرمين، والتعاطف العالمي مع هذه الدولة المجرمة، وظهر خرقها للمواثيق وانتهاكها حقوق الإنسان لمن بقي لديهم إنسانية من البشر.


يكفي أن هؤلاء المجرمين والسفاحين في كل يوم وليلة يقومون، بقصف المستشفيات العامة والخاصه.


لقد انقلب السحر على الساحر، فقد أراد اليهود ومن معهم هزيمة التيار الجهادي واتهامه بالإرهاب أمام العالم، فكانت النتيجة أن هبت الشعوب المسلمة وغير المسلمة لنصرة أهل غزة، وظهر للعالم أن فعل اليهود هو أبشع أنواع الإرهاب.


كشفت محنة غزة عن تيار إسلامي جهادي بقي شوكة في حلق إسرائيل وضد أطماعها في المنطقة، تيار يتبنى الجهاد والإيمان، ويرفض الخنوع والاستسلام، وقف صامدًا عسكريًا وسياسيًّا، على الرغم من كيد الأعداء، وخذلان الأشقاء لأول مرة في حروب العرب مع إسرائيل نرى راية شرعية إسلامية لا قومية ولا عربية، قادتها من خيار الناس من أهل العلم والالتزام بالشريعة، مع الإلمام بالسياسة، فليس لأحد أن يزايد عليهم، هم أعرف بعدوهم، وهم المنتخبون من شعبهم .


لقد حاول الاحتلال اليهودي وأشياعه خلال الأعوام الماضية وأد أي نبتة إسلامية تحول دون مشروعه في المنطقة؛ لأنه يعلم أنه لن يخرجه إلا الأيدي المتوضئة، والجباه الساجدة، والسواعد المجاهدة، حتى قالت صحيفة إسرائيلية: 


إن على وسائل إعلامنا أن لا تنسى حقيقة هامة هي جزء من استراتيجية إسرائيل في حربها مع العرب، هذه الحقيقة هي أننا قد نجحنا بجهودنا وجهود أصدقائنا في إبعاد الإسلام عن معركتنا مع العرب طوال ثلاثين عامًا، ويجب أن يبقى الإسلام بعيدًا عن المعركة إلى الأبد


كشفت هذه المحنة فشل ما يسمى بالنظام العالمي، بهيئة أممه ومجلس أمنه وظلمه المتكرر للمسلمين، حتى أصبح من يعلق آماله بقرار مجلس الأمن كمن يصر على حرث البحر، وزرع الهواء، وتلقيح القبور ببذور الزهور، نشتكي لمجلس الأمن فيقول إنه قلق، قلق لقتل الأطفال والأبرياء, نناشد المنظمات الدولية أن تطبق مقررات العدل، وتراعي قيم الإنسانية، مع علمنا أنهم لا يسمعوننا، ولو سمعوا ما استجابوا لنا، إلا بما تريده إسرائيل وأمريكا, وهل معاناة المسلمين في فلسطين وغيرها، إلا بسبب النظام العالمي وقراراته الظالمة وتحكم الدول الكبرى فيه؟


كشفت هذه المحنة عن الضعف والتفرق والمرض المتفشي في النظام السياسي العربي، هناك دول شاركت وللأسف في حرب اليهود علي غزة تحت وطأة الحصار لأسباب واهية،وتواطأت لإخراج الفلسطينيين وتهجيرهم من ارضيهم وعلي وجه الخصوص. 


 ولقد أفتى كثير من العلماءالربانيين  من وجوب دعم المجاهدين على أرض فلسطين كلها بقدر الاستطاعة ولو بالسر، وتحريم التآمر عليهم، أو سد الطرق دونهم، أو هدم الأنفاق التي تفك الخناق عنهم .


كشفت هذه المحنة عن الخلل الخطير كذلك في ابناء الدولة الفلسطينية نفسها وأنها أساس مشكلة الانقسام الفلسطيني بفضائحها السابقة واللاحقة من بيع القضية والأرض، وقطع آخر خيوط الأمل في التحرير والقدس والأسرى واللاجئين، وتتبع المجاهدين بحجة الإرهاب, يخرج أحدهم متباكيًّا على دماء الشهداء، ثم يبرر جرائم اليهود بكل وقاحة انتقامًا من حماس, ويتصل آخر بحركة الجهاد ويقول لهم المعركة ضد حماس، كفوا أيديكم عن اليهود، وأنا آخذ لكم ضمانًا من اليهود أن لا يصيبكم سوء، فيردون عليه: كلنا حماس، ولن نرضى أن نكون عملاء لليهود.


وصدق الله في هؤلاء المنافقين: 


قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا


 [الأحزاب:18-19]


كشفت محنة غزة عن طابور من أعداء الدين من العلمانيين أو الليبراليين أو المنافقين، في السياسة والإعلام.


خرج بعضهم يلوم المقاومة ويتهكم فيهم بأنهم دراويش أو مراهقين، وأنهم لو كانوا عقلاء وسمعوا نصيحتنا وسلموا لليهود لما وقع عليهم القتل والذبح .


وصدق الله: 


يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا


 [آل عمران:156]


أخيرًا كشفت محنة عن ضعفنا نحن، وتقصيرنا في قضية فلسطين، وواجب النصرة لهذا الشعب المسلم؟


علينا أن  نستشعر أننا جزء من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بإصلاح انفسنا، ونصرة إخواننا بالتبرع، بالاهتمام بالدعاء،  والكتابة في الانترنت وفضح جرائم العدوان الغاشم عبر شبكات التواصل الاجتماعي كل واحد بقدراستطاعته في مجاله وارسال الاموال عن طريق ايدي او حسبات امينه وموثوقه .


إن دعم المرابطين والمجاهدين على أرض فلسطين ولو بالمعيشة والإغاثة، إعانة لهم على الجهاد، وتثبيت لهم على الرباط، المهم أن تعمل، ولو أن تقف في ظلمة الليل تدعو بقلب صادق لإخوانك، فذا وقفت بين يدي الله وسألك: ماذا قدمت لإخوانك في فلسطين، لأطفال فلسطين، تقول: يا رب فعلت كذا وكذا، بقدر الاستطاعة.


وأخيرًا:


 إن من العمل المشروع ضد هذا النظام الفاشي المحتل الغاصب وهذه النار المحرقة والمتمثله باالاسلحه الفتاكه والمدمرة جواء وبحر وبر على اهلنا في غزة وكبح جماح مصدر النار، وأساس الدعم والقرار، المتمثل في مقاطعة المنتجات اليهودية والأمريكية بكل اشكالها ومسمياتها .


رغم الفشل الإسرائيلي في الحرب إلا أنه يتلقى دعمًا أمريكيًّا بالسلاح والعتاد، وقرار الفيتو، وقرارات مجلس النواب الأمريكي، بل طرحت عطاءات من عدة دول اوربيه مباشرة وامام مراء ومسمع من العالم ككل لتزويد إسرائيل بجميع انواع الأسلحة الفتاكه والمدمرة وكذلك بالذخيرة لجميع عيرات الأسلحة الثقيلة والخفيفه والمتوسطه التي أفرغت في رؤوس أطفال غزة.

اللهم أنصر إخواننا في غزه 

اللهم إجعلها بردآ وسلامآ كما جعلت النار بردآ وسلامآ على إبراهيم  .

 اللهم كن لآهل غزة عونآ ونصيرآ وبدل خوفهم أمنآ

اللهم أحرس أهل غزة بعينك التي لاتنام 

اللهم تقبل شهدائهم برحمتك .

 اللهم إنا لانملك إلا الدعاء فيارب لا ترد لنا دعاء ولا تخيب لنا رجاء وأنت أرحم الراحمين 

اللهم يارب العالمين انصر إخواننا المظلومين المستضعفين ممن ظلمهم من أعدائك من أعداء الدين يارب العالمين.


اللهم إن أهل غزة وإخواننا المستضعفين في فلسطين.

اللهم إنهم جياع فأطعمهم، اللهم إنهم عراة فاكسهم، اللهم إنهم مشردون فآوهم، اللهم إنهم حفاةٌ فاحملهم، اللهم إنهم فقراء فأغنهم، اللهم إنهم خائفون فآمن روعاتهم.


اللهم إنهم مظلمون فانتصر لهم يارب العالمين، اللهم انصرهم على اليهود الغاصبين المعتدين، اللهم لا تسلط دولة اليهود على المسلمين أبدًا يارب العالمين، اللهم وأبطل كيدهم ومكرهم، اللهم وأعذنا من شرورهم ومن شر كل عدو للإسلام والمسلمين يارب العالمين، ندرء بك في نحورهم  ونعوذ بك من شرورهم.




 هذا هو رسولنا الكريم | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


هذا هو رسولنا الكريم | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
هذا هو رسولنا الكريم | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


الإنسان 

خير إنسان وطأت قدمه الأرض سيدي يارسول الله ، شخصيتك مشرقة في كل جوانبها ، تجلت فيها كل معاني الإنسانية ، من الرحمة ، والرفق ، والصبر ، والجود ، والكرم ، وحب الخير للناس ، ضربت لنا المثل الأعلى ، والنموذج الفريد في كل جوانب الحياة ، فلم تكن قائدا محنكا فقط ، ولا مصلحا اجتماعيا فقط ، بل كنت النموج الفريد للإنسان الكامل والكمال الإنساني مع كل من حولك من صديق أو عدو ، أو رجل أو امرأة ، أو صغير أو كبير ، مع زوجاتك وأولادك وأقاربك وجيرانك ، حتى الحيوان والنبات كان له منه حظا موفورا  ، الإنسانية تتجسد فيك ، وفيك تتجسد شخصية الإنسان الكامل ،  لك منهج متوازن  في كل أحيانك تبدأ أصحابك بالسلام ، ولا تنزع يدك من أيديهم حتى يتركها الآخر ، تناديهم بأحب الأسماء والألقاب إليهم ، تمازحهم ، وتلقاهم بشوش الوجه ، تسلم على صغيرهم وترحم كبيرهم ،ولا تكلفهم مالا يطيقون من العبادات والأعمال ،  وإذا سقيتهم كنت آخرهم شربا ، لم تحب منهم أن ينزلوك منزلة كسرى وقيصر من المبالغة في التعظيم وإن كنت أهلا لهذا وأكثر ، ولكن ضربت لنا أعظم المثل في تواضع الإنسان ، تسأل عنهم و وتتفقد أحوالهم ، وتعود مريضهم ، وتدعو لهم ، ويرق قلبك وتتفطر نفسك لهم ، تبكي لفراقهم ، وتُشيع جنازتهم ، لم يُحرم جارك من فيض إنسانيتك تكرمه وتوصي به خيرا ، وفي رحاب بيتك المبارك يتجلى لنا الزوج الإنسان ، الذي يتحمل ويصبر ويعدل في معاشرة الزوجة ، فتخفض الجناح لها وتدعو لها بكل خير ، لم يمنعك قيادتك للأمة ومسؤليتك عن مساعدة الزوجة في شؤون بيتها ، لها من وقتك وعنايتك نصيب ، تجلس معها وتسامرها ، وتسمع قصصها دون ملل ، تحب الخدم والعمال وتعاملهم معاملة طيبة ، تأكل معهم وتوصي بهم خيرا ، حتى الأطفال كان لهم نصيب من فيض إنسانيتك تلاطفهم وتمزح معهم وتلاعبهم وتحتضنهم ، وتصبر عليهم ، وتكره أن تقطع عليهم سعادتهم ومرحهم حتى وأنت بين يدي الله تعالى ساجدا ، اُذيت في الله بمحاولة القتل والإبعاد والتحرض ، فلم يتغير قلبك وتدعو عليهم ؛ بل ترفع يديك مبتهلا ( اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ) . بذلت الجهد ، وكادت نفسك تهلك من الألم والحسرة وطول الهم ؛ عل ذلك يخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام ، وكما وضعت ميثاق الأخلاق في السلم وضعتها في الحرب  فمنعت قتل الأطفال والنساء والشيوخ ، ونهيت عن إيذاء البيئة بقطع الأشجار أو تلويث المياه ، رحمت أهل الكتاب وغيرهم ، ووضعت دستورا للتعايش السلمي ، يحمي الحريات ، ويحدد الحقوق والواجبات ، ويحترم الآخر ومعتقده  فتركت مجتمعا آمنا مستقرا متكافلا ، ضربت لنا أعظم المثل حينما قمت واقفا لجنازة يهودي مرت بك ، حتى الحيوان له في منهجك كيان معتبر فهو روح يجوع ويعطش ويمرض ويتألم ويدرك مايدركه الإنسان من أعراض الجسد ، ، لذا لم يشغلك مهامك ومسؤليتك عن الأمة في السلم والحرب عن مراقبة مايحدث له من إيذاء أو إهمال ؛ فأوصيت أمتك به خيرا وإحسانا في ركوبه وأكله  وذبحه  ، وفي الجملة أرسيت لأمتك مبدأ التيسير الذي يتواكب مع إنسانية الإنسان . صلوات ربي وسلامه عليك ياخيرإنسان وطئ الثرى ، وخير إنسان علم الإنسانية مكارم الأخلاق .  .




 

رعاية الأسرة من الآفات الاجتماعية | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 


رعاية الأسرة من الآفات الاجتماعية | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
رعاية الأسرة من الآفات الاجتماعية | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف


من أهمّ الجوانب التي تولَّاها الإسلام بالعناية والرعاية ، وأحاطها بسياج منيع من الصيانة والحماية الأسرة .


فالاسرة هى حائط الصد الأول للوقاية من الآفات الاجتماعية بكل أنواعها ، واستقرارُها والتلاحم والتراحم بين أبنائها وأفرادها هو الأساس في تحقيق سعادة المجتمع ، وضمان استقراره ، وهي الركيزة العظمى في إشادة حضارة الأمة وبناء أمجادها . 


ولذا لو حاولنا ان نعرف بعض أسباب هذه الأمراض والآفات الإجتماعية لوجدنا :


أولا : ضعفُ الوازع الديني ، سوءُ الخلق الراجع لعدم تربية الأبناء  تربية إسلامية من طرف الوالدين ، ممّا يخوٍّل لبعض الأبناء التصرّفَ خارج الضوابط الإسلامية . 

فمسؤولية تربية الطفل تقع على الآباء فهم الذين لهم أثر كبير في صقل خلق الطفل و تربيته تربية حسنة ليصبح فردا صالحا . 


قال رسول الله صل الله عليه وسلم : ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه.

 رواه البخاري 


ثانيا : انعدام الرقابة من قبل أولياء الأمور ، إما لانشغالهم في العمل طوال النهار ، و منْحُهُم الحريةَ و الثقةَ المطلقة لأبنائهم في تصرفاتهم دون أي ضوابط.

فالتفريط في تربية الأبناء ، أو التخلِّي عن المسؤولية تجاههم ، ذلكم هو الغدر وتلكم هي الخيانة وذلكم هو الغش الموصل إلى النار .


 أخرج البخاري ومسلم واللفظ للبخاري من حديث مَعْقِل بْن يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ : 


سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّ اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :


 مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ .


فكلٌ مسؤول عن رعيته .


ثالثا : الصحبة الطالحة ، وحب الإثارة والمغامرة يدفع ببعض الأبناء للتقليد الأعمى الذي يؤدي بهم إلى الانحراف .


 لذلك كان التوجيه النبوي في اختيار الأصدقاء والرفقاء في قوله عليه الصلاة والسلام : 


 مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك : إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد ريحا خبيثة . 


صحيح مسلم 


وطبقاً لهذا وغيره فإنّ الحذر من رفقاء السوء يساوي في المقدار والأهمية ضرورة تهيئة الصحبة الصالحة للأبناء ، ولقد نبًه على ذلك كثير من العلماء المسلمين ، موجهين خطابهم إلى الوالدين وكل من قام على تربية الأبناء فهذا الإمام ابن الجوزى رحمه الله يقول : 


أمّا تدبير الأولاد فحِفْظُهم من مخالطةٍ تُفسد أخلاقهم ، وليُحْمَلَ الولدُ على صحبة الأشراف والعلماء ، وليُحَذَّر من مصاحبة الجهال والسفهاء ، فإن الطبع لص . 


صيد الخاطر ابن الجوزى

 

رابعا : جهل الأبناء بأمور الحياة ، قد يقودهم إلى المهالك والمزالق والانحرافات دون أن ينتبهوا إلا بعد فوات الأوان ، أي بعد أن يكون أحدهم قد دفع ضريبة جهله ثمناً باهضاً ، سجناً أو طرداً من البيت أو هجراناً من قبل الأصدقاء ، وبكلمة أخرى يصبح منبوذاً اجتماعياً يتبرّأ أهله وأصحابه منه . 


فالصغير لن يتعلم إلا بالإحتكاك مع الكبير ، وعلماء الاجتماع يقولون : 

إن الطباع يسرق بعضها بعضا . 


خامسا : التأثير السلبي الذي تلعبه وسائل الإعلام من أنترنيت ، وفضائيات تلفزية وغيرها .

 والإعلام بشكل عام سلاح ذو حدين من الممكن أن يكون نافعًا للشاب ، ومن الممكن أن يكون عاملاً من عوامل الانحراف .

وما من مشكلة يعاني منها المجتمع إلا ونحن جميعاً مسؤولون عنها ، أفراداً وجماعات ومنظمات وهيئات رسمية وغير رسمية ، فالمجتمع كلٌّ متداخل ، فلا بد من الوعي ، ولا بد من الحركة نحو الإصلاح ، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، وليس في تقصير البعض ما يبرر إعراض الآخرين عن القيام بالواجب ، لأن الخطأ لا يبرره خطأً آخر . 


وإن صلاحَ المجتمعِ والأمةِ الإسلامية من صلاح الفرد ، وكل المعاملات والسلوكات البشرية تبدأ من حسن أو سوء الخلق .


 ومن هنا تكمن أهمية الاهتمام بالنشء في تربيته تربية حسنة ، وبمساره في المجتمع ينتهي به لأن يكون رجلَ الغدِ الصالحَ .

  

إن المسلمَ الحقَّ يهمُّه مسلكُ بنِيه نحوَ ربِّهم وإخوانِهم ، وليست وظيفتُه ومهمتُه أن يُزحمَ المجتمعَ بأولادٍ ترَكَ حبلَهم على غاربِهم ، وهذا هو هديُ الأولين من المؤمنين . 


فهذا خليلُ اللهِ إبراهيمُ عليه السلام يقول : 


رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ 


وهذا نبيُّ اللهِ نوحُ يدعو ابنَه ويُلِحُّ عليه فيقولُ : 


 يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ 


وهذا يعقوبُ يتعهَّد أولادَه في الرَّمَقِ الأخيرِ كما قصَّ الله تعالى : 


{ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } 


وهذا ركْبُ المؤمنين الصادِقين المتبعين ، ركبُ عبادِ الرحمنِ يلهجون قائلين : 


{ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } . 


فاتقوا الله وقوموا بمسؤولياتكم تجاه أبنائكم وسلوا الله صلاحها ، وأن يحفظ عليكم دينكم وأن يثبتكم على الحق إلى الممات ، وأن يحييكم في عافية مما أحاط بكم من الشرور والأمور المهلكات ، واشكروه على نعمه وآلائه ، فبالشكر تدوم النعم وتُحفظ .




 

وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْل | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 


وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْل | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْل | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 


  عَنْ ثَوْبَانَ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: 


يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ.


هَذَا الْحَدِيثُ يَصِفُ حَالَ الأُمَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ الْيَوْمَ مَعَ الأُمَمِ الْأُخْرَى؛ حَيْثُ بَدَأَ الْحَدِيثُ بِتَحْذِيرِ الأُمَّةِ مِنِ اقْتِرَابِ تَدَاعِي الأُمَمِ وَالأَقْوَامِ وَالأَعْدَاءِ عَلَيْهَا، وَالَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بِقَوْلِهِ: «يُوشِكُ».

وَهَذَا التَّحْذِيرُ لِلأُمَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ فِي زَمَنِ ثَوْبَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَإِلَى الْعَصْرِ الْعَبَّاسِيِّ الأَوَّلِ؛ عِنْدَمَا كَانَتْ فِي عِزَّةٍ وَمَنَعَةٍ يَهَابُهَا الْجَمِيعُ، وَيُعْمَلُ لَهَا أَلْفُ حِسَابٍ، ثُمَّ تَدَاعَتْ هَجَمَاتُ الْمَغُولِ مِنْ جِهَةٍ وَالصَّلِيبِيِّينَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ تَوَالَتِ الْهَجَمَاتُ وَالنَّكَبَاتُ وَالْفِتَنُ عَلَى الأُمَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ حَتَّى أَصْبَحَتْ لُقْمَةً سَهْلَةً قَرِيبَةً، لاَ عَنَاءَ فِي الاِعْتِدَاءِ عَلَيْهَا، وَصَرْفِهَا عَنْ دِينِهَا، وَسَرِقَةِ ثَرَوَاتِهَا، وَاسْتِبَاحَةِ أَهْلِهَا، كَمَنْ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى طَعَامٍ مَجَّانِيٍّ!


وَلِذَلِكَ قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- :


يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا» وَقَوْلُهُ: تَدَاعَى؛ أَيْ: تَجْتَمِعُ أَصْحَابُ الْمُعْتَقَدَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الْبَاطِلَةِ عَلَيْكُمْ؛ مَعَ مَا بِكُمْ مِنْ ضَعْفٍ، وَمَعَ كَثْرَتِكُمْ، وَلَكِنَّكُمْ كَغُثَاءِ السَّيْلِ الْكَثِيرِ الَّذِي لاَ قِيمَةَ لَهُ؛ يَجْرِي بِهِ التَّيَّارُ الْعَارِمُ وَيَأْخُذُهُ حَيْثُ شَاءَ بِلاَ إِرَادَةٍ مِنْهُ، بَلْ هَمَلٌ كَثِيرٌ، قَدْ يَضُرُّ أَكْثَرُ مِمَّا يَنْفَعُ! لأَنَّهُ يَحْمِلُ الْقَشَّ وَالأَوْرَاقَ وَبَقَايَا الأَشْجَارِ وَالأَوْسَاخِ!


وَهُوَ أَشَدُّ مِنَ الزَّبَدِ الَّذِي ضَرَبَ اللهُ بِهِ مَثَلَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، فَقَالَ:


﴿ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾ 


[الرعد ١٧].


وَهَذَا وَاقِعٌ مُشَاهَدٌ لِحَالِ الْكَثِيرِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ الَّذِينَ تَحَوَّلُوا إِلَى الْغُثَاءِ الَّذِي يَمْضِي بِلاَ هَدَفٍ وَلاَ غَايَةٍ؛ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ بِإِيمَانِهَا وَعَقِيدَتِهَا الصَّافِيَة .


﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ 


[ آل عمران: 110]


بَلْ تَنَكَّرَتْ لِمَا خُلِقَتْ لأَجْلِهِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: 


﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ 


[ الذاريات : 56]


حَتَّى أَصَابَهَا الْوَهْنُ الَّذِي يُصِيبُ الْقُلُوبَ؛ وَالَّذِي مِنْ أَعْرَاضِهِ: الشُّعُورُ بِالضَّعْفِ وَالضَّيَاعِ، وَالْخَوْفِ وَالاِضْطِرَابِ ، وَالاِسْتِسْلاَمُ لِرَغْبَةِ وَضَرْبَةِ السَّيْلِ الْجَارِفِ؛ لأَنَّهَا تَخَلَّتْ عَنْ مَصْدَرِ عِزِّهَا وَتَمْكِينِهَا، وَهُوَ دِينُهَا وَتَوْحِيدُهَا؛ فَفَاقَهَا أَعْدَاؤُهَا بِقُوَّةِ الدُّنْيَا.


قَالَ تَعَالَى:


 ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ﴾


 [النور: 55]



وَاعْلَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قد شَخَّصَ الْـمَرَضَ الَّذِي أَصَابَ الأُمَّةَ الإِسْلاَمِيَّةَ بِقَوْلِهِ: 


حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ .


وَهَذَا مِصْدَاقُ قَوْلِهِ ‏-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «وَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ.


[رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ]


وَهَذَا وَاقِعٌ مُشَاهَدٌ لاِنْشِغَالِ النَّاسِ بِمَا لَمْ يُكَلَّفُوا بِهِ وَهُوَ الإِقْبَالُ عَلَى الدُّنْيَا، وَالتَّنَافُسُ فِي مَتَاعِهَا، وَتَرْكُ مَا أُمِرُوا بِهِ، وَهُوَ إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ وَالْبُعْدُ عَنِ الشِّرْكِ.


فَاتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا كَحَالِ أَسْلاَفِكُمُ الْمُسْتَمْسِكُونَ بِدِينِهِمْ، الْمُعْتَزُّونَ بِإِسْلاَمِهِمْ، الَّذِينَ قَالَ أَحَدُهُمْ وَهُوَ رِبْعِيُّ بْنُ عَامِرٍ التَّمِيمِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لِمَلِكِ الْفُرْسِ: 


اللهُ ابْتَعَثَنَا لِنُخْرِجَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ، وَمِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا إِلَى سَعَتِهَا، وَمِنْ جَوْرِ الأَدْيَانِ إِلَى عَدْلِ الإِسْلاَمِ .


 نَعَمْ! هَذِهِ الْعِزَّةُ الَّتِي جَعَلَتِ الْقِلَّةَ تَنْتَصِرُ عَلَى الْكَثْرَةِ، وَالأُمِّيِّينَ يَغْلِبُونَ الْمُتَحَضِّرِينَ، وَرُعَاةَ الْغَنَمِ يَنْتَصِرُونَ عَلَى طُغَاةِ الْبَشَرِ؛ وَذَلِكَ بِفَضْلِ تَعَلُّقِهِمْ بِرَبِّهِمْ، وَإِخْلاَصِهِمْ لَهُ، وَبِصِدْقِ مُتَابَعَتِهِمْ لِنَبِيِّهِمْ ‏-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إِذْ لاَ عِزَّ وَلاَ رِفْعَةَ إِلاَّ بِذَلِكَ.


 قَالَ تَعَالَى:


 ﴿ إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾


 [ آل عمران : 160 ]



اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَ الدِّينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.




 

واجبنا تجاه إخواننا فى غزة | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 


واجبنا تجاه إخواننا فى غزة | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف

واجبنا تجاه إخواننا فى غزة | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 




إن وضع إخوتنا في فلسطين كلّها وفي غزة اليوم يملي علينا نحن المسلمين أينما كنا واجبات كثيرة، نذكر منها:


الواجب الأول: المساندة المالية:


 يجب على المسلمين جميعًا أفرادًا وجماعات ومنظمات وحكومات أن يكسروا الحصار عن أهل غزة خاصة وفلسطين عامة ماليًّا، ولقد جاء ذكر الجهاد بالمال مقدمًا على الجهاد بالنفس في القرآن الكريم في أكثر من موضع .


يقول تعالى: 


انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ


 [التوبة: 41]


وفلسطين وغزة أرض جهاد ومقاومة، وإخوتنا في حاجة ماسة لكل شيء، هم في حاجة للغذاء والكساء والدواء، وهم في حاجة لدعم المقاومين وتجهيزهم.


فعن زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: 

مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا.


 رواه البخاري


والمسلم الحق لا يتردّد في البذل والعطاء في مواطن الجهاد والفداء.


هَا أَنتُمْ هَؤُلاَء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَللَّهُ الْغَنِىُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَـالَكُم


 [محمد:38].


الواجب الثاني: المساندة الفعلية من خلال المواقف الصحيحة الجريئة: 


إذا كانت مروءة العرب قد دفعت مشركي بني هاشم وبني المطلب أن يقفوا في خندق واحد مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أثناء الحصار، ودخلوا معهم في هذه المقاطعة حتى كان يسمع أصوات غير المسلمين من النساء والأطفال والصبيان يتضاغون من الجوع، ألا نتعلم من هذه المساندة درسًا يوجهنا نحو الموقف الذي تمليه المروءة على العرب والمسلمين قاطبة تجاه أهلهم في فلسطين؟


هل نحب أن نكون لإخوتنا في غزة كما كان أبو طالب وبنو هاشم وبنو المطلب عمومًا لمحمد ومن معه من المسلمين، يجري علينا ما يجري على إخوتنا، ونعاني مما يعاني منه إخوتنا، ولا نخذلهم ولا نسلمهم لأعدائهم يفعلون بهم ما يشاؤون، أم نحب أن نكون كأبي لهب الذي حالف الظلمة ضد الحق وضد أهله ورحمه؟


إذا كان خمسة من مشركي قريش قد سعوا في نقض صحيفة مقاطعة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإننا نتساءل بحرقة: ألا يوجد في الأمة المسلمة مثل هؤلاء الخمسة هشام بن عمرو، والمطعم بن عدي، وأبي البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، وزهير بن أمية البختري؟


إن وقوفنا كالمتفرج على إخوتنا في غزة عاجزين عن القيام بأي شيء لَظلم شديد لهم، وما أشد ظلم الأهل والأحباب على النفوس.


إن ديننا الحنيف ينهانا عن خذلان إخوتنا المسلمين وظلمهم وتركهم لقمة سائغة أمام عدوهم مصداقًا لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري: 


الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.


إن من المواقف التي يجب علينا القيام بها دعمًا لإخوتنا تلك المسيرات السلمية والتظاهرات الشعبية والمهرجانات الخطابية الداعمة لهم والمدافعة عن حقهم في المقاومة واسترداد ما سلب منهم، وهي ممارسات لا شك ترفع من معنويات إخوتنا في فلسطين وتزيد من همتهم، وما أحوجهم إلى رفع المعنويات وإعلاء الهمم، كما تضغط بشكل أو بآخر على النظام الدولي وعلى العدو للتخفيف من وطأته على أهلنا في الأرض التي بارك الله حولها.


الواجب الثالث: المقاطعة الاقتصادية للبضائع الصهيونية والأمريكية غير الضرورية:


 إن محاربة السلوك الاستهلاكي للمنتجات الصهيونية والأمريكية جهاد اقتصادي أفتى به عدد كبير من علماء الأمة، وذلك في كل ما له بديل وفي كل ما لا ضرورة في استهلاكه. 


وقد كان للمقاطعة الاقتصادية دورها الحاسم في طرد الاستعمار من جميع بلدان العالم الإسلاميّ وغيره خلال القرن الماضي.


الواجب الرابع: المساندة الإعلامية:


 إنها دعوة لذوي الأقلام الحرة والنفوس الأبية والحمية الإسلامية والغيرة العربية أن يعبّروا عن الرفض لهذا القهر والظلم الأمريكي الصهيوني لأمتنا عامة وإخواننا في فلسطين والعراق وأفغانستان والسودان وغزة خاصة، نريد أن يكتب أصحاب الأقلام في الصحف، والشعراء والأدباء والقصاصون والرواة في دواوينهم، والمنشدون في أناشيدهم، والمسرحيون في عروضهم، والفنانون والرسامون في لوحاتهم .

 

لا بد لنا أن نشعر بكافة المسلمين من حولنا، ونهتم بأمورهم فقد روى الطبراني عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 


من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، ومن لم يُمسِ ويصبح ناصحًا لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فليس منهم.


 يجب أن تنطلق حملة إعلامية تواجه هذا الكذب المفضوح الذي يظهر الصهاينة المعتدين بمظهر الضحية والفلسطينيين المظلومين بمظهر الجلاد.

 إن هذه المساندة الإعلامية ثغر من ثغور الجهاد صارت اليوم من ضرورات الواقع، مواجهة لهذا القصف الإعلامي الصهيوني الذي يزيف الحقائق ويثير الفتن ويدعو إلى الرذيلة.


الواجب الخامس: المساندة المعنوية:


 ولعل هذا النوع من المساندة يمثل الحد الأدنى الذي ليس وراءه حبة خردل من إيمان، وتتمثل في مضاعفتنا للصيام وإكثارنا من القيام، وأن نجأر بالدعاء إلى الملك العلام أن يكشف البلاء عن أهل غزة رمز العزة والإباء، ولعل دعاء المخلصين في مختلف بقاع الأرض لإخوانهم في فلسطين أن يكون أمضى من حجارتهم وبنادقهم وصواريخهم في أعدائهم من الصهاينة المعتدين.

ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة، فقد كان عليه الصلاة والسلام في معركة بدر وقد وعده ربه بالنصر يتوجه إلى الباري جل وعلا بالدعاء قائلاً: 


اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدًا.


كيف تكون مسلمًا تعيش آمنًا مطمئنًا ولا يشغلك حال مَن حولك؟

أين نحن من حديث النبي صلى الله عليه وسلم :‏ 


مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى. 


رواه مسلم


وإنه لمن المهمّ أن تتحوّل هذه المساندة بكل أشكالها وبشتى صنوفها وأنواعها إلى سلوك فرد وأسرة ومجتمع، حتى يأذن رب الأرض والسموات بالفرج القريب رغم أنف الصهاينة وأعوانهم من المتخاذلين والمتخاذلات.


 

يجب علينا أن نعي حقيقة الوعي أننا في حاجة لإخوتنا في غزة وفلسطين مثل ما هم في حاجة إلينا أو أكثر، إنهم لا يدافعون عن أنفسهم وحقوقهم المشروعة فقط، إنهم يدافعون عن شرف الأمة الإسلامية جمعاء، إنهم بضعة ملايين يدافعون عن شرف مليار ونصف مليار مسلم ومسلمة، وإنهم وغيرهم من المجاهدين المقاومين في مواطن الجهاد الأخرى هم من يقف في وجه المشروع الصهيوني الأمريكي في أرض الإسلام والمسلمين الساعي إلى استغلال خيرات الأمة واستنزافها وإبقاء الأمة متخلفة متأخرة مذلولة تابعة لا تملك من أمر نفسها شيئًا.


لقد كانت غزة الصخرة التي تقصم ظهر المشروع الاستيطاني الصهيوني في أرض الإسراء والمعراج أرض الأنبياء والرسالات، وتكون القاطرة التي تقود إلى فك الأسر عن الأقصى وتحرير فلسطين وتطهيرها من تدنيس الصهاينة المحتلين لها.


 إنه ليس يصلُح أمرُ آخر هذه الأمة إلا بما صلَح به أولها، فلا بد في مواجهة هذا الصراع مع العدو الصهيوني الغاشم للأمة من العودة إلى الذات، إصلاحُ بنائها من الداخل، اعتصامُها بحبل الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والوقوفُ صفًّا واحدًا أمام العدو المتربِّص، والتفطّنُ للعدو من الصديق. 


وإن التفريط في الثوابت ودخول النقص على الأفراد والمجتمعات في عقيدتها وقيمها وأخلاقها وفضائلها سببٌ لحلول الهزائم في الأمم والانتكاسات في الشعوب والمجتمعات، فلن يُحرَّر الأقصى إلا بالقيام بما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه، ولن تُسترَدَّ المقدسات إلا برعاية العقيدة والشريعة في كل مناحي الحياة.


 إن كل الأحداث التي تجري لا تخرج عن نطاق قدر الله، وإن الصراع الدائرة رحاه اليوم على أرض الرباط فلسطين السليبة سيؤول بالضرورة إلى انتصار الحق وأهله واندحار الظلم وأشياعه، مصداقًا لقوله تعالى: 


وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ


[القصص: 5]


وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ


 [الشعراء: 277]


وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ


[المنافقون: 8]


اللهم أنصر إخواننا في غزه .


اللهم إجعلها بردآ وسلامآ كما جعلت النار بردآ وسلامآ على إبراهيم 


اللهم كن لآهل غزة عونآ ونصيرآ وبدل خوفهم أمنآ .




 من أخلاق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: الجزء الثاني | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة


من أخلاق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: الجزء الثاني | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
من أخلاق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: الجزء الثاني | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 

 


الأمانة 

من صفات المؤمنين الأمانة ، وهي حفظ العهد ، ومراقبة الله في نفوس الناس وأموالهم وأعراضهم ، فلا إيمان لمن لا أمانة له ، ومن لا أمانة له لا عهد له ولا ذمة ، وما من مجتمع ساد فيه خلق الأمانه إلا ونعم بالأمن والأمان والاستقرار ، ورسولنا الأكرم صلوات ربي وسلامه عليه كان مضرب المثل في الأمانة قبل البعثة ، فهاهم صناديد مكة يستأمنونه على أموالهم ، ويُلقب فيهم بالصادق الأمين ، وما دفع السيدة خديجة إلى الزواج به صلى الله عليه وسلم إلا لما لمسته من أمانته في مالها ، وصدق حديثه وكرم أخلاقه ، وبعد البعثة رموه بكل وصف مشين كشاعر وساحر ومجنون ، ولكن لم تلفظ ألسنتهم بالطعن في أمانته ، بل أقروا بصدقه وأمانته ومازالت أموالهم وودائعهم في حفظه ورعايته وأمانته إلى أن هاجر من أحب بلاد الله تعالى إلى قلبه ، فما خان ولا غدر ولا نافق ولا قابل الإساءة بالإساءة وحاشاه ، كان قادراعلى أن يرد الصاع في أموال قريش التي أخرجته من وطنه مضطهدا هو وأتباعه ، ولكن بما فطره الله تعالى عليه من خلق عظيم ، وفطرة نقيه ، ونفس زكية ترك خلفه من أصحابه من يُعيد الودائع إلى أصحابها ، ، شهد لك بهذا الخلق العدو قبل الصديق ، في مجلس هرقل أو النجاشي كانت أمانته صلى الله عليه وسلم مضرب الأمثال ، فقد ذكرأصحابه رضوان الله عليهم مكارم أخلاقك ، ولم ينكرها العدو ، وهل يُنكر ضوء الشمس في وضح النهار ، حبيبي يارسول الله  أنت الأمين علمتنا أن الأمن والأمانه وجهان لعملة واحدة ألا وهي الاستقرار سواء على المستوى الدولي أو الاجتماعي أو الأسري أو الفردي ، كما علمتنا أن الأمانة ضمانة من ضمانات دخول الجنة والفوز برضا الرحمن ، وأرشدتنا إلى أن نلتزمها حتى مع غير الأمين . صلوات ربي وسلامه عليك يامن بلغت الرسالة ، وأديت الأمانة ، ونصحت الأمة ، وكشف الله تعالى بك الغمة ، وتركتنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .



 

ما يفعله اليهود بالمسلمين في غزة | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف


 

ما يفعله اليهود بالمسلمين في غزة | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
ما يفعله اليهود بالمسلمين في غزة | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف

ما يفعله اليهود بالمسلمين في فلسطين مِحَنٌ عصيبة يعاني منها الفلسطينيون فوق أرضهم على أيدي المجرمين اليهود .


قتلوا الأطفال، وروَّعوا النساء، وحرقوا المساجد، وهدموا البيوت، وحاصروا وجوّعوا، وما تركوا رذيلة ولا وسيلة إهانة إلا واستعملوها مع المسلمين في فلسطين، استعملوا كل ما يملكونه من الاسلحة المتنوعة من الطيران والدبابات والمدافع، فجَّروا رؤوس الأطفال بالقنابل، ومزَّقوا أجساد الشيوخ والنساء، قتلوا الأف المسلمين، حتى صارت حدائق المستشفيات لهم قبورًا من كثرتهم، منعوا سياراتِ الإسعاف، حتى ولدت النساء في الطرقات، لوّثوا خزاناتِ المياه، ما ترك اليهود وسيلة تعذيب إلا واستعملوها معم.

وما يفعلوه اليهود فليس بغريب، فهذا طبعهم، وهذا منهجهم في الحياة، فهم أهل حقد وحسد، ومكيدة وغدر وخيانة، هم كما وصفهم الله:


{وَيَسْعَوْنَ فِى الأرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}


وما يفعله أهل الغرب بالمسلمين في كل مكان نابع من حقد دفين وعداوة شديدة للإسلام والمسلمين،ولا نتوقع منهم إلا الشر.


يقول الله تعالى:


{مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مّنْ خَيْرٍ مّن رَّبّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء}


وهذا زمن غريب تُحمى فيه الكلاب وينادى فيه بحقوق الإنسان وتنشَأ جمعيات الرفق بالحيوان لكن إذا كان الأمر يتعلق بالمسلمين فلا حقوق ولا حرمة ، لكن مما لا شك فيه أن تسلط اليهود لم يأتِ من فراغ، إنما هو بسبب ذنوبنا ومعاصينا وتنازعنا واختلافنا، الذنوب والمعاصي دمّرت أممًا، وأبادت شعوبًا، وخربت ديارًا، وقضت على حضارات ، فالسبب هو الذنوب والمعاصي :


قال تعالى :


{وَمَا أَصَابَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ}


وقال تعالى :


{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَاذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} 


والمتأمّل في نصوص الكتاب والسنة يتبين له من أين أُصيبت هذه الأمة، ويعرف مصدر الداء ومنبع البلاء.


والقرآن يوضح أن اليهود جبناء أذلاء.


 قال تعالى:


{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذّلَّةُ 


وقال تعالى :


وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ 


وقال تعالى :


لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ


فهم جبناء، وسيطرتهم ليست بسبب شجاعتهم، إنما هي بسبب بُعدنا عن الله، بسبب أننا غثاء كغثاء السيل .


هذا ما أخبر به النبي ، ففي الحديث الذي رواه أبو داوود عن ثَوْبَانَ قال:

 قال رَسُولُ الله :


يُوشِكُ الأُمَمُ أنْ تَدَاعى عَليْكُم كَمَا تَدَاعى الأكَلَةُ إلَى قَصْعَتِهَا.

 فقالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ 

قالَ : بَلْ أنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثيرٌ، وَلَكِنَّكُم غُثَاء كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ الله مِنْ صُدُورِ عَدُوكُمْ المَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ الله في قُلُوبِكُم الَوَهْنَ .

فقالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ الله وَمَا الْوَهْنُ؟ 

قالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوْتِ .


وفي مسند الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:


 سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :


إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ .


وفي رواية :


لَيُلْزِمَنَّكُمْ الله مَذَلَّةً في رِقابِكُمْ، لا تَنْفَكّ عَنْكُمْ حَتّى تَتُوبوا إِلَى الله وَتَرْجِعُوا على ما كُنْتُمْ عَلَيْهِ.

ويقول ربنا سبحانه:


{إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ} 


على المسلمين أن ينصروا الله لينصرهم، ويكونوا مع الله ليكون معهم، ويدافع عنهم .


 أليس الله هو القائل:


{ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ} 


والقائل:


{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ ءامَنُواْ} 


.


 من أخلاق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


من أخلاق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم | بقلم بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة




خلق الرأفة :


سيدي يارسول الله يكتمل في شخصك الكريم كل خلق عظيم ، فنجدك كريما في موطن الكرم ، وشجاعا في موطن الشجاعة ، ورحيما في موطن الرحمة ، فأنت مكمن الجمال والجلال والرقي والكمال ، في موسوعات بني الإنسان بلغت المرتبة الأسمى ، والدرجة العلى في مقاييس كرامة الإنسان، خير معلم ، وخير صاحب ، وخير صديق ، وخير زوج ، وخير أب ، وخير قائد ، وخير جار ، وخير راعي لأمته ، بل خير إنسان لأخيه الإنسان ، لم تكن رحيما بالمؤمنين فقط تدعوهم إلى كل مافيه الخير لهم ، بل كنت بهم رؤف تدفع كل مكروه وعنت وشدة عنهم ، جاهدت في الله حق جهاده ليصل الدين بأنعمه صافيا إلى عباد الله تعالى ، لم تكتفي بإيصال الخير لأمتك بل أردت أن يصلهم دون ألم أو شدة أو عنت أو عسر ، تلك الرأفة التي لازمت رحمتك بهم كما وصفك بها رب العزة سبحانه وتعالى ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) التوبة 128 ، فهذا صحابي جليل يبتغي ملازمتك في الجهاد وله والد أو والدة تحتاج من يرعاها وليس عندها غيره ، فترحم قلبه وضعفها ، وتعفيه من جهاد السيف ، وترشده لجهاد البر والإحسان وخفض الجناح ، وبرأفتك تدفع عن نفسه ألم تخلفه عن الجهاد معك بأن برهما جهاد ، وهذا الذي يصوم النهار ويقوم الليل ، وله زوجة فترشده رحمة ورأفة بأن للتفس حق وللزوج حق ، وتؤكد هذا المعنى له وأنت المثل والقدوة بأنك تصوم وتفطر وتقوم الليل وتنام ، وتُعاشر بالمعروف ، وهذه التي جاءتك تسأل عن إعطاء الزوج زكاة مالها إذا كان فقيرا ، فتبين لها جواز ذلك رحمة بها وبزوجها وبأولادها ، ويتجلى مظهر الرأفة معها في قولك لها لك أجرين أجر الصدقة وأجر الصلة ، حبيبي يارسول الله ما أعظم رأفتك بأمتك جاءتك المجادلة بقضيتها وقضية كل امرأة عاشت مع زوجها وأنجبت منه الأولاد وقدمت له الغالي والنفيس ، وأفنت شبابها في خدمتهم ، ثم في لحظة غضب ظاهر منها فتخبرها بأنه فراق قبل التشريع ، فتدافع المرأة عن بيتها وأسرتها وتذكر العلل والأسباب التي قد تكون شفيعا في دفع الطلاق ، فينزل وحي السماء ، ويتهلل قلب المرأة فرحا ، ولكن ليس عند زوجها مايُكفر به عن يمينه ، فتتجلى رحمتك وتعطيها عرق تمر لتتصدق به عنه ، ثم تبلغ رأفتك بها مبلغا أسمى حين أقررتها على التصدق به على نفسها وزوجها وأولادها ؛ لأنهم أحوج إليه من غيرهم ، سيدي يارسول الله سلكت بأمتك مسلكا وسطا سهلا هينا ، فما خُيرت بين أمرين مشروعين إلا اخترت أيسرهما تعليما وإرشادا ورحمة ورأفة بأمتك ، فلا مكان لمتنطع في رحاب هذه الرحمة ، ولا متشدد في ظل هذه الرأفة  ، تترك الأمر الذي تحبه خوفا من أن يُفرض على أمتك رأفة بهم ، فلم تأمرهم بالسواك عند كل صلاة ، ولم تستمرفي صلاة التراويح بعد أن تأسى بك بعض أصحابك خشية أن تُفرض عليهم ، تدخل الصلاة وأحب إلى نفسك أن تُطيل فيها فترحم الصغير وترأف بالكبير والمريض والحامل والمرضع ؛ فتخفف فيها رحمة بهؤلاء وإرشادا لأمتك بهذا المنهج الرباني النبوي لكي يأتي هؤلاء وغيرهم الصلاة على وجهها دون شدة أو عسر أو مشقة . صلوات ربي وسلامه عليك ياأرحم خلق الله ، صلوات ربي وسلامه عليك يامن وضعت للرأفة بمظهرك ومخبرك وقولك وفعلك دستورا لبني الإنسان .