Articles by "قصص"
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص. إظهار كافة الرسائل

 

احك  يا شكيب " السجن الكبير " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك  يا شكيب " السجن الكبير " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير

 


السجن الكبير هو سجن نسجن فيه أنفسنا حسب ظرف كل واحد منا ، في حين ان السجن هو مكان محاط بسور كبير فوقه أشواك تمنع عملية التسلل أو الفرار ، سجن محاط بحراس غلاظ شداد يحملون أسلحة  و عددهم كبير ، بداخله غرف مظلمة و أبواب متعددة و  ساحة للتنزه و قاعات للترفيه و ورشات لتعلم الحرف و مدير و موظفون و أعوان و كلاب  حراسة ، كل من هذا تعرفونه أو سمعتم به ، و لكن السجن الحقيقي الكبير الذي أقصده هو سجن من نوع خاص له حراس خاصون غير مرئيين و الخروج منه يتطلب مهارات ممكن أن تكون ذاتية و ممكن أن تكون بمساعدة الغير ، كيف أفسر لكم هذا ؟ الإجابة عن هذا السؤال أو الإشكال يتطلب مني أن أحكي لكم بعض الحكايات و بعدها لكم الحكم أو لكم ان تضعوا أنفسكم في أي سجن أنتم قابعون ؟ 

وكيف يمكنكم الخروج منه؟

" شاب أحب شابة و  تقدم لخطبتها و بعد ذلك حدد موعدا للزواج و تزوجا بعد أن أقاما حفل زفاف كلف الزوج طلب قرض مالي يؤديه على أقساط  شهرية ، إلى حد الان الأمور تبدو طبيعية ، و لكن الذي ليس طبيعي أن الزوجة منذ بداية العلاقة  بينهما  و هي تشترط شروطا  منها السكن المستقل ، و زيارة أهله تكون وفق برنامج محدد و ليس وقتما شاءوا ، و قطع العلاقة مع أصدقائه ، و المقهى ممنوع  الجلوس فيه ، و السفر مع الأصدقاء ممنوع ، و السفر المشترك مع الأهل ممنوع ، و الراتب هي من  تتكلف بتدبيره ، و لا حق له فيه  إلا ما ستجود به عليه ، مضت شهور على كل ما وافق عليه في الأخير قرر الطلاق و كانت   كلفته غالية  "

"شابة نشأت في بيت   الكلمة الاولى و الأخيرة فيه للأب ، يبدو الأمر طبيعيا و مقبولا ، و لكن الغير الطبيعي و هو أن اختياراتها منذ و أن كانت طفلة لا قيمة لها معه ، سواء تعلق الأمر بالدراسة  في اختيار الشعبة التي ترغب فيها  ، أو في  الزوجة الذي وجب أن تقبله و الذي لن يكون من تحبه و له باءة ، بل من سيختاره الوالد ، إلى ان انتفضت يوما و بكل أدب و  رفضت  الزواج من ابن صديق لوالدها و كانوا في جمع من الأسرتين و اخبرت والدها بكل الألم الذي حملته سنين ذوات العدد و أنها الان ترفض هذا الزواج و أن شابا يشتغل معها و له أخلاق عالية هو من سيكون زوجها ، فأراد الأب  أن يتدخل كعادته لفرض إرادته و لكن الشاب الذي جاء خاطبا تدخل هو الاخر و بأدب جم و عاتب الوالد و كان للبنت ما طلبت " 

" زوجة عاشت مع زوجها و أنجبا أبناء و حفدة ، و لم تكن في يوم من الايام سعيدة بزواجها ، زوج لا يهتم بسوى بنفسه و طلباته ، حياتها معه لا مودة و لا رحمة و لا كلمة طيبة ، كلما فاتحت والديها كان جوابهما : اصبري و هذا قدرك و  ماذا سيقول الناس عنا و ماذا سيقول  الناس عنك ، أتدرين  ما معنى ان تكوني مطلقة ؟ معناه لا يمكنك الخروج من البيت بل ستبقين حبيسه إلى حين وفاتك أو ان يتقدم لك زوج ، و كيف سيتقدم لك زوج و لك اولاد ، و بقيت على ذلك الحال و بعد ان تجاوزت من العمر الستين طلبت الطلاق  و حصلت عليه "

" شاب حالم كان ، حصل على الاجازة و  تقدم لمباريات عديدة  قصد الحصول على وظيفة    و لم يفلح في ذلك ، و أشار عليه صديق  بالالتحاق بجمعية المعطلين لحاملي ال شهادات و بقي على حاله منتظرا لسنوات حتى التقى بزميل له في الدراسة هو و زوجته وولدين ، فسأله صديقه عن أحواله و ماذا فعل فكان جوابه صادما بأنه لازال ينتظر ما ستسفر  عنه حوارات الجمعية ؟ لكن صديقه وبخه بعد ان اشفق من حاله و عرض عليه حلولا ناجعة فطبق واحدا منها و بعدها كون أسرة و مضى بعيدا في عمله الحر "

" شاب عاطل قدر عليه ان يلح السجن عن طريق الخطأ و كان يعيش قبل سجنه حالة من اليأس و الإحباط ، و بعد سجنه اختار حرفة هناك و أتقنها و بعد خروجه من السجن مارسها بحب و نجح فيها  " 

ذ شكيب مصبير




 احك يا شكيب :"الكاتب الروائي المزيف" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب :"الكاتب الروائي المزيف" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


شاب اوروبي في مقتبل العمر لم يتجاوز عمره الثلاثين متزوج من شابة في مثل سنه يقطنان في حي  شعبي  به فقراء ،  يمتهن الكتابة له روايتان  فاقترحت عليه زوجته عرضهما على ناشر معروف ، فبعد اطلاعه عليهما لم يقتنع بمحتواهما فاعتذر له بأدب ، و لما عاد للبيت سألته زوجته ماذا كان جواب  الناشر ؟ فأجابها بأنه رفض الطلب  لأن الروايتان ينقصهما الكثير و ليست من المحتويات التي يطلبها القارئ ، فبقي مكتئباً لا يبرح بيته و يفكر فيما يمكنه فعله لأداء واجب الكراء و الإنفاق على زوجته ، و لكن زوجته لم تيأس و كانت تطلب منه إعادة المحاولة مع ناشرين اخرين و البحث عن عمل مؤقت فتفرج مع الايام ، و لكن خيبته  استمرّت لشهور ، و ذات يوم خرجت زوجته لسوق أسبوعي لشراء بعض ما يلزمها للبيت فسقطت عيناها على محفظة  جلدية لونها أسود و لكن يبدو أنها كانت في غرفة مهملة فتغير لونها و أصابتها ندوب و خربشات أفقدتها لمعانها ، و رغم ذلك اشترتها  لأن زوجها كان يحمل روايتيه في ملف عادي   ، و لما عاد زوجها للبيت في المساء استقبلته  بابتسامتها المعهودة و احتضنته كما تفعل كلما عاد للبيت و تحدثا طويلا عن مشواره طيلة اليوم فكان جوابه كالمعتاد لازال الحال كما كان من قبل ، و لإدخال الفرحة عليه و تخفيفا من آلامه و خيبته التي لم تزل ، أخبرته بهدية عبارة عن محفظة جلدية جلبتها له ففرح بها رغم أنها ليست جديدة   ، فقبل أن يخلد للنوم عاد ليتصفح روايتيه يقلب أوراقهما لعله يعدل ما ينبغي تعديله ، و لما شعر بالعياء أخذ المحفظة ليضعهما  بداخلها فلفت  انتباهه وجود ملف فيه أوراقا  ففتحه فإذا به يجد رواية عبارة عن سيرة ذاتية ،  فعوض أن يلتحق بغرفة نومه بقي ساهرا إلى غاية  أن أتم قراءتها مع بداية النهار الموالي، و في الصباح خرج   كعادته حاملا معه محفظته و ذهب إلى حديقة و جلس فوق كرسي و أعاد إخراج الرواية و بدأ يتصفحها من جديد  و يفكر ما عساه أن يفعل ؟ و  اهتدى لفكرة و هي أن ينسبها لنفسه ، و لكن هذا يتطلب منه أن يأخذ وقتا ليوهم زوجته بأنه هو من كتبها ، و بالفعل بدأ في تنفيذ خطته ، فأول ما فعل هو أنه أخبر زوجته بمشروعه الجديد ، ففرحت و رحبت بالفكرة و عملت كل ما في وسعها لتهيئ له ظروف الاشتغال،  فكانت تعد له الطعام و القهوة و تتركه في غرفته أمام آلته للكتابة فكانت تسمع طقطقاتها و هي فرحة ومبتهجة بالإلهام الذي حل علىه ، و بعد أيام أخبرها بأنه أنهى كتابة روايته ، فعرضها عليها و لما أتمت قراءتها شجعته للذهاب في اليوم الموالي باكرا ليعرضها على الناشر ، و في الصباح و بعد تناول وجبة فطوره الذي اعدته له ودعته داعية له بالتوفيق ،  و ظنها هذه المرة فيه لن يخيب ، و لما التقى بالناشر سلم له الرواية فطلب منه الناشر الحضور بعد أسبوع ، و لكن الناشر لم ينتظر كل ذلك الوقت بل اتصل به بعد يوم و أخبره بأن يحضر لمكتبه على وجه السرعة ، فاستقبله استقبالا غير معهود مرحبا به و أثنى عليه و على المجهود الجبار الذي بذله و على الاسلوب الرائع و الحبكة العالية التي كتب بها روايته و وقعا معا عقدة بموجبها حددا المبلغ الذي سيحصل عليه و طريقة التوزيع ، و  عقد ندوة بخصوص الرواية في أفخم قاعة للعروض بحضور شخصيات نافذة و أدباء و مفكرين و طلبة ، ففرحت زوجته بهذا النجاح و حضرت معه لحفل التوقيع على الرواية و التي واكبها الإعلام المرئي و المسموع و المكتوب ، فأصبح حديث الناس هو روايته المؤثرة ، بل ان الناشر طلب منه روايتيه  قصد نشرهما و لم يعترض على مضمونهما كما فعل من قبل ، فاستغرب الكاتب و كتم كل ذلك في نفسه ، و لكن حصل ما لم يكن في الحسبان  ، و هو ان الكاتب الحقيقي وقعت بين يديه مجلة تحكي عن الرواية التي كتبها من قبل و التي ضاعت منه في ظروف غامضة و عليها صورة للكاتب المزيف ، فقرر الذهاب لملاقاته  عندما علم أنه سيكون ضيفا على برنامج  ليحكي عن مضمون الرواية ، فلما انتهى من البرنامج و هو يمشي أثار انتباهه رجل مسن يتبعه اينما حل  ، فخاطبه يا سيدي هل من خدمة أقدمها لك ؟ فقال له  الرجل العجوز فلنجلس معا   في مقهى قريب لدي مجموعة من الاسئلة أود طرحها عليك فوافق الكاتب المزيف ، فبدأ الرجل العجوز في طرح أسئلة بليدة على الكاتب و لكنه وقف عند أسئلة دقيقة عندما سأله عن سنه فأخبره بأن سنه ثلاثون عاما ، هنا بادره بما لم يكن يتوقع كيف تحدثت في سيرتك عن حدث و أخبره به و سنك لم يتجاوز العامين ، هنا صدم الكاتب المزيف و أصابه خرس ، و لم يمهله العجوز ليحدثه عن تفاصيل الحكاية و عن ضياعها لما حملتها زوجته معها في القطار و تركتها فوق رف من رفوف مقصورة ،   فسأله الكاتب المزيف ، فما العمل  الآن يا سيدي؟ فأجابه الرجل العجوز : ما وقع وقع و كنت نذلا بفعلتك و الآن أتركك لأنك إنسان سارق عديم الأخلاق فاقد  للمروءة و كاتب مزيف و منتحل لصفة ، فأعاد الطلب يا سيدي:  إن طلبت أن أصحح الخطأ فعلت،  و اعتذر أمام الملأ بأنني أخطأت في حقك ، و إن طلبت عائدات الرواية من مال أعطيتك ؟ و لكن الرجل العجوز لم يمهله فانصرف إلى حال سبيله تاركا إياه في حيرته و تعذيب ضمير  ، هنا صاحبنا بقي صامتا واضعا رأسه بين يديه متسائلا مع نفسه ما العمل ؟ فلم يعد مباشرة إلى بيته بل التحق بحانة و شرب حتى التمالة  ، و عاد إلى بيته يتمايل ذات اليمين و ذات الشمال ، فاستقبلته زوجته و هي مندهشة من الحالة التي هو عليها  ، فسألته عن السبب  ؟ فأجابها بلسان متلعثم بأنه كان كاذبا،  و أنه كان سارقا لعمل أدبي ليس له ، فصدمت هي الأخرى من فعلته ، و تركته لينام  ، مخبرة  إياه بما يجب أن يفعله صباحا ، و لكنه رغم انه كان في حالة سكر،   و هو نائم كان عقله منشغل و ضميره يؤنبه ، و في الصباح ذهب عند الناشر ليخبره بالخبر الصاعقة كما اشارت عليه زوجته ، فصدم الناشر بما سمع فاحتار  هو الاخر في الأمر ، و طلب من الكاتب المزيف  أن يختفي  هو و زوجته  و أن يذهبا إلى بلد لا يعرفهما فيه أحد ، و قبل بالفكرة ، و لما عاد لبيته لم يجد زوجته بل وجد ورقة عبارة عن رسالة مفادها أنها هاجرت إلى بلد يستحيل ان يعثر عليها بسبب فعلته الشنعاء و خيانته النكراء ، في تلك اللحظات دخل في بكاء  وضحك هستيري فقد معهما عقله فأصبح مدمن خمر ، و كلما التقى بشخص  من المارة يحكي له الحكاية  إلى وجد يوما أشلاء على سكة قطار 

ذ شكيب مصبير



 

احك يا شكيب : "أريد أن أتزوج و لكن … ؟ | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : "أريد أن أتزوج و لكن … ؟ | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : "أريد أن أتزوج و لكن … ؟ | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير 

 


إنه الخوف ! الخوف من ماذا ؟ سؤال يطرحه كل واحد أو واحدة ممن سنحكي حكايتهم ، أهو خوف من مستقبل محفوف بالمخاطر ؟ أو خوف من مستقبل غامض ؟ أو خوف من مفاجآت غير منتظرة و غير متوقعة ؟ أم هو مرض أصاب فئة عريضة من المجتمع ؟ أم خوف من قوانين يعتبرها البعض مجحفة ظالمة غير منصفة ؟  و لكن الحقيقة و هي أن القاسم المشترك بينهم جميعا هو الخوف ،   خوف قد يكون مشروعا ، "لكل مبتدئ دهشته" و خوف مبالغ فيه بسبب التأثيرات المحيطة ،  دعوني احكي لكم حكايات بعض من هؤلاء و أنتم من ستكونون حكما فيما سيعرض عليكم . 

" أنا شابة متوسطة الجمال أتممت دراستي العليا  في معهد من المعاهد المعروفة و تخرجت مهندسة دولة، لم يحاول  أي شاب من  أن يتقدم لخطبتي أو مفاتحتي في الموضوع و خاصة أبناء حيي ، و مباشرة بعد حصولي على وظيفة  بدأت الطلبات و الذي صدمني هو أبناء حيي معظمهم أبدوا الرغبة في الزواج مني و منهم من التحق بالوظيفة سنوات خلت ، فقلت مع نفسي هل أنا مرغوبة في شخصي أم في وظيفتي ، الشيء الذي جعلني أؤجل هذا الأمر حتى أعرف حقيقة هذه الطلبات التي انهالت علي بعد حصولي على الوظيفة !!!"

" أنا امرأة أرملة و لا زلت شابة توفي زوجي رحمة الله عليه  بمرض مزمن و حصلت على تقاعد و بعد سنوات قليلة جاءني شاب و فاتحني في أمر الزواج ووجدته شابا مهذبا خلوقا و لا مانع من قبول طلبه و لكن المشكلة  و هي أنه بمجرد زواجي سأحرم من معاش زوجي و هي نفس القصة التي وقعت مع صديقة لي تزوجت بعد وفاة زوجها و انقطع معاشه و بعد  ذلك وقع طلاقها فأصبحت مفلسة ، الشيء الذي جعلني أتردد في قبول الطلب ، علما أن المعاش هو حق لكل أرملة سواء تزوجت أم لم تتزوج لانها اموال اقتطعت وجب ردها "

" حكايتي أنني شاب انشغلت بإتمام دراستي و اشتغلت في وظيفة في القطاع العمومي و بعد سنوات  اشتريت شقة و فكرت في الزواج و لكن مشكلتي أن  واحدا من إخواني تزوج من أجنبية و بعد سنوات من زواجهما و إنجابهما لطفلين استيقظ يوما فلم يجدها و علم من بعد أنها ارتبطت بآخر دون سبب يذكر ، أما أخي الصغير فقد تزوج وأنجب ابناً و هو الاخر طلق زوجته التي كانت تكثر من المشاجرات معه و تلتحق به أمام مكان عمله فتسبه و تشتمه و تخلق له المتاعب ، الشيء الذي جعلني ألغي فكرة الزواج نهائيا " 

" أنا سيدة مطلقة و لي ولدين أبن و بنت  صغيرين في السن  الاول سنه خمسة أعوام و الثانية عمرها تمانية أعوام ، جاءني خطيب يريد الزواج مني فترددت كثيرا لاني علمت بأن  طليقي هدد  بإسقاط حضانة ولدي علما بأنه تزوج بعد الطلاق مباشرة ، ووجدت هذا ليس عدلا علما ان جارا لنا طلق زوجته و تركت له الاولاد و تزوج و لما طلبت اسقاط الحضانة له على الاولاد رفض طلبها  فعدلت عن فكرة الزواج نهائيا " 

" أنا سيدة  مطلقة لي بنت ذات أربع عشر عاما تقدم لي عريس قصد الزواج و وافق على أن تعيش معنا بنتنا و لكن رفضت لسبب ليس بالبسيط كون صديقة لي لها نفس الظروف التي أنا أوجد عليها تزوجت و انتهى  زواجها بطلاق كارثي ، و هو أن زوجها كان يتحرش ببنتها "

" حكايتي أنني تزوجت من زوجي و أنا جد سعيدة بزواجنا أنا موظفة سامية و هو كذلك موظف سامي  كل واحد منا  خرج  من تجربة زواج فاشلة ، و كان في اعتقادي أن زواجنا سيكون ناجحا لما عشناه من تجربة تعلمنا منها الكثير ، و لكن فوجئت به كلما خرجنا لمطعم أو سفر يطلب مني نصف واجبات  تكاليف المطعم و البنزين  فأصبحت أشعر بالقلق من هذه التصرفات علما بأنني قمت بتغيير الفرش و اشتريت مستلزمات بيت  الزوجية و لم أطالبه بدرهم و اشتري كل ما أراه ضروريا و لم أطالبه بأي درهم حتى ملابسي اشتريها أنا من مالي الخاص و لم يحدث ان أهداني و لو هدية بسيطة بالإضافة ان له عادات خاصة به ينعزل في كثير من الأوقات في غرفة و ينشغل بملفات يحضرها معه من عمله و ينشغل بالتلفاز فأجد نفسي وحيدة في النهاية قررت الطلاق فكان لي ذلك " 

" أنا شاب كان حلمي هو الحصول على عمل يجعلني أفتح بيتا و اكون أسرة و لكن مع ما أسمعه من خلال نسب الطلاق و ما أشاهده من مشاكل جعلني أحجم عن الزواج ، كيف أتزوج و صديقي وجد زوجته تطالبه بالتطليق للشقاق لا لسبب سوى أنها  تطلب منه تكاليف فوق طاقته و ان يقطع صلته بوالديه ٠

هي حكايات  القاسم المشترك بين من يحكونها أنهم وضعوا فكرة الزواج في ثلاجة و في رف من رفوف الزمن ربما يتذكرونها بتغير الاحوال و الظروف و القوانين 

ذ شكيب  مصبير




 

احك يا شكيب : " أنا التائه الضائع المشرد " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " أنا التائه الضائع المشرد " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير

احك يا شكيب : " أنا التائه الضائع المشرد " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير




أنا ظاهرة إنسانية قد أكون ذكرا أو أنثى ، ليس مهما ، المهم هو أنني إنسان مختلف ، أعيش ظروفا خاصة في مجتمع المفروض فيه أن يكون متضامنا متعاونا محتويا للجميع ، لكن العكس هو الذي وجدت فيه ، سواء كنت ذكرا أم أنثى ، قيم نبيلة اختفت  وحلت محلها الأنانية و الحقد و البغض و التحرش و التنمر و الغيبة و النميمة و الحگرة ، حكاياتي كثيرة و متنوعة و حقيقية سنحكيها لكم لتروا حجم الظلم الذي نعيشه بين ظهرانيكم و لكنكم غير مبالين ، اهتماماتكم لا ترقى لما يجب من قضايا كبيرة مثل قضيتنا على سبيل المثال نحن المهمشون المقصيون  ، تهتمون  بمباريات كرة القدم و بما سمّيتموه "روتيني اليومي " و بمسلسلات مستنسخة من بيئات غير بيئاتنا و نقاشات مفتعلة و اصطففتم في معسكرين متضادين و خضتم حروبا لا منتهية  ، و الأصل أننا ندخل في معادلة ثلاثية كل الشعوب التي تحافظ على إنسانيتها تدافع  عنها : " العدل و الكرامة و الحرية " ، و لكن هيهات ، دعونا من كل ما قلناه و عبرنا عنه بكل تلقائية و صدق و لكم حكايات من واقعنا المعيش  المر الأليم جاءت على لسان بعضنا لعلكم تنتبهوا و تولوا للأمر أهمية قصد ايجاد حلول عاجلة قبل فوات الأوان كم من دولة كثر مشردوها فأصبحت قنابل موقوتة تهدد أمن و استقرار المواطنين . 

" قصتي أنني ولدت من والدين شاء القدر ان ينفصلا فعشت بداية مع أمي و لكن زوجها لم يكن يتحمل رؤيتي فكان يعنفني و طلبت من والدي أن أعيش معه فوافق على الفور فوجدت نفس المعاملة مع زوجة والدي عنف مضاعف فقررت الهروب و الفرار بجلدي فوجدت نفسي مرمية في الشارع احتضنني من هم مثلي و يعيشون ظروفا تشبه ظروفي  …"

"حكايتي أنني ولدت   مجهول الأب أمي كما حكت لي كانت طفلة أحبت ابن الجيران الذي كان يكبرها سنا و هو كما ادعى كان يحبها فتواعدا على الزواج و انه سيصحبها معه خارج الوطن فوقع بينهما ما جعلني أرى النور في غيبة والد مدع ، فبمجرد أن علم أن أمي حامل اختفى و لم يعد يظهر له أثر ، فما كان من والدتي سوى الهروب نحو وجهة تبعد عن منزل والديها و إخوتها  خوفا من قتل محقق ، و عشت معها حتى بلغت من العمر عشرة أعوام كانت كلها معاناة و نوم في الشوارع العامة و الحدائق و تحت القناطر و في مداخل العمارات و لكم ان تتصوروا انواع التحرش و الاعتداء و الضرب و الاعتقال أثناء الحملات التمشيطية و لما تعبت أمي من كل هذا فرت هي كذلك و تركتني وحيدا في عالم كنت أستعين بها فيه فأصبحت وحيدا علي أن أواجه مصيري لوحدي …"

"أما أنا فحكايتي أنني وجدت نفسي في دار للأطفال المهملين كانت حياتنا غير مستقرة حسب مزاج كل مدير فإذا كان المدير طيبا فتكون المعاملة على العموم حسنة و إن كان غير ذلك فتكون سوء المعاملة و التعذيب النفسي و الجسدي و حتى التحرش الجنسي و يكثر السحاق و اللواط حتى بين النزلاء ، و كم كانت فرحتنا كبيرة عندما يزورنا محسنون و محسنات و خاصة من يجلسون إلينا و يستمعون  لآلامنا و يشاركوننا أحزاننا و يجلبون معهم منشطون  يدخلون الفرحة إلى قلوبنا فنشعر بالأمن و الامان ، لان ما يحملونه الينا من هدايا و أكل لا يخفف من آلامنا و لكن الذي يشعرنا بالأمان هو كل رجل أو امرأة يخاطبك بكلمة يا ابني و يا بنيتي …"

" عشت حالة التشرد لما  توفي والدي  أبي و أمي معا في حادثة سير مميتة و وضعت في دار للأطفال و لم  تعجبني ظروف العيش فيها و خرجت بمحض إرادتي للشارع و التقيت من هم في سني ذكورا و إناتا  يتعاطون لكل أنواع المخدرات التي ثمنها زهيد فأصبحت أنام أمام المحطات الطرقية و داخل محطات القطار مختفيا و تحت الحافلات ليلا و كم كنا نعاني في فصل الشتاء من برد قارص و أمطار غزيرة و جوع يقطع الأمعاء ، كم تمنيت ان تجد لنا الحكومة حلولا نندمج عوض ان نرى الكل منزعج من وجودنا في حين لم يكلف أي أحد نفسه للدخول معنا في حوارات و سيجد أن منا من له قلب كله رحمة يحتاج فقط لتوجيه و مساعدة و لمسة يد حانية فلولا إيماننا بالله كم  واحد منا لوضع حدا لحياته انتحارا أو خرج للشارع منتقما من مجتمع لم يرحمه و لم ينصفه و لم يهتم بأحواله و لم يراع ظروفه ، نعم وجودنا أمام المساجد كانت فرصا نسترق بها السمع فينشرح قلب كل واحد منا  ، و كم كان يؤلمني سماع قولة سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه : " لوعثرت بغلة  في العراق  لسئلت  عنها يا عمر " فأبكي لحالي و حال غيري و حال من تركونا نعيش ظلما مركبا  و "الظلم ظلمات يوم القيامة  فلا تظالموا" و دعوة المظلوم ليس بينها و بين الله حجاب  فنحن مظلومون جئنا في ظروف لم نخترها و لكن منا من وجد منقذا فخطى خطوات صحيحة بمساعدة اناس يملكون قلوبا و منا  من وجد عوائق وحواجز و موانع و إبعادا فكان عالة على نفسه و على مجتمعه بحيث أصبح من مرتادي  السجون …" 

هي حكايات ليست من نسج الخيال و إنما أكثرها من واقع نعيشه بكل تناقضاته

ذ شكيب مصبير




 

احك يا شكيب : أنا  بنت  أحب الخير | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : أنا  بنت  أحب الخير | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : أنا  بنت  أحب الخير | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



كانت طفلة و كانت سعيدة بسنوات طفولتها كانت بنت ذات جمال جذاب  و مرحة و محبوبة من طرف أقاربها و الجيران ، بنت خدومة و ذات أخلاق عالية ، مجتهدة في دراستها ، عرفت بأنها هي من تقرأ رسائل الجيران عندما يحضرها ساعي البريد ، كما عرفت بدعمها لمن  هم أصغر منها سنا ، دعم مدرسي في كل المواد التي تتقنها و تجيدها ،  كانت متفوقة و يحسب لها ألف حساب ، و بعد حصولها على شهادة البكالوريا  بامتياز قررت الابتعاد عن أسرتها لسبب بسيط وهو أن التخصص الذي أحبته و التي اجتهدت لكي تصل إليه غير متوفر في المدينة التي تقطن بها ، و نظرا لثقة والديها فيها وافقا على الفور على طلبها ، و جاء وقت الالتحاق بالمعهد و دار الطالبات فودعت والديها و اخوتها و كل الاقارب و الجيران . 

 ولما استقر بها الأمر و تعرفت على صديقات و أصدقاء الدراسة قررت ان تؤسّس جمعية تربوية و  تحقق لها ما كانت تصبو إليه في البداية  كان عددهم أثنى عشر فردا منهم ذكور و إناث ، كان دورهم هو إشاعة روح التضامن و التعاون ، كانت فرصة تناول الوجبات بالمطعم فرص للتعارف و الدردشة المفيدة  وخلق حوارا ت ذات  نفع ، كما أن المكتبة كانت هي فرصة للتباري لقراءة الكتب و الاتفاق على موعد بترتيب مع المشرف على المكتبة ليعرض كل قارئ الخطوط العريضة للكتاب و بعدها يناقش الجميع مضامين الكتب ، و بما أن طموحها لم يكن محدودا فعملت إلى جانب أصدقائها على تنظيم رحلات ترفيهية لمنتزهات قريبة و مآثر توجد بالمدينة أو بالقرب منها ، كما أنهم أنشأوا صندوقا صغيرا  توضع فيه دريهمات  من طرفهم حسب المستطاع ليعينوا بها من هم في حاجة لشراء مطبوع أو كتاب يحتاجه من يعيشون في ذائقة مالية ، و حتى لا يحرج من وضعه هكذا ، جعلوا لجنة لهذا الغرض مهمتها مساعدة من طلب المساعدة و البحث عمن لا يقوون على الطلب مع السرية المطلوبة حفظا لماء الوجه لمن لجأوا لطلب المساعدة ، و لما كانت هذه التجربة ناجحة  و اقترب موعد التخرج و كثير من الطلبة يقعون في حيرة من أمورهم و أمورهن و ضبابية في اختياراتهم  و اختياراتهن جلبت لهم و لهن أساتذة  من تخصصات متعددة و رؤساء مصالح في وزارات مختلفة و من الجالية الذين درسوا خارج الوطن و نالوا شهادات عليا و دورهم هو تنوير الطلبة و  مساعدتهم و مساعدتهن و فتح الطريق أمامهم و أمامهن لتحقيق طموحاتهم و طموحاتهن 


و لكن المفاجأة السارة هي أن أصدقاءها و صديقاتها و مسؤولو المعهد و دار الطلبة قرروا أن ينظموا حفلا على شرفها عربون محبة و شكر لها على بادرتها منذ أن ولجت المعهد والدار و تقيم هدية لها و أعطوها الكلمة في ختام ذلك الحفل البهيج فمن جملة ما قالت  : أساتذتي و إخواني الطلبة و كل العاملين في المعهد و الدار أشكركم كل واحد بصفته على ما منحتمونا من عطف و رعاية و ما قدمتموه لنا من خدمات جليلة و على توفير الجو الأخوي الذي غمرتمونا به و دوري كان فقط هو  استنهاض الوازع الخيري فينا عوض أن يفعل غيرنا عكس ما نحن فيه الان من نجاحات و أخوة و تضامن كما كنا نسمع و  رأينا في معاهد تصدى فيها للقيادة و التوجيه منحرفون و منحرفات و كانت النتائج ضياع و خسران و تيه  و أخيرا أقول لكم إن فعلي هذا أنقذني قبل أن ينقذكم لاني وعدت نفسي أن أكون فاعلة خير و دالة عليه تحقيقا لمضمون حديث لما قرأته أحببته ووعدت نفسي على تمثله و هو " الدال على الخير كفاعله"  و أمطت الأذى عن نفسي و عن أصدقائي و الأذى الذي قصدته هو الفراغ القاتل فإن تركناه دون ملئه بما يفيد دمرنا و لكننا ملأناه بما يفيد فها نحن نرى نتائجه فهنيئالنا جميعا بما حققناه. 

ذ شكيب مصبير




 من أمر الروح... | بقلم الكاتب التونسي / عبد الرزاق بن علي  


من أمر الروح... | بقلم الكاتب التونسي / عبد الرزاق بن علي
من أمر الروح... | بقلم الكاتب التونسي / عبد الرزاق بن علي 


تأخر الوقت من ليلة تبدو باردة على غير العادة، تهالك الى فراشه وقد غلبه النّعاس، ...مر وقت طويل لم ينم، الآن فقط يمكنه فعل ذلك بعدما سلك كل السّبل المتشعبة وصاحب النجوم ليال طوال و تطبّبَ من أثر تلك الأيام بما يتداوى به الناس... لكن جرح الروح لا يطيب بالعقاقير والتمائم أو أنه لا يطيب أبدا بل يتخذ من الرماد غطاء إلى حين.


تكاثر الرماد وتكوّم حتى حجب القرح الذي ألمَّ بالروح وكاد يزهقها. 


سحب الغطاء بهدوء على وجهه متواريا من تسلل شعاع القمر من فتحة الشباك المكسور كقلبه ..


كان "مورفي" قد أصدر أخيرا أمرا لجنده حتى يعود النّوم الى حضرة هذا المكلوم، كأن جفاء النوم  عقابا له لذنب ما أو لعنة تلاحقه . غاب عن الدنيا وسافرت روحه في رحب الآفاق وقد تخلصت من سجنها ونفضت عنها الرماد، لا زمان يقيّد حركتها ولا مكان يحتويها، تتأرجح بين ماض قد انقضى بزمن الدنيا وقادم اضحى متاحا جليّا،...


 كانت رغم تحررها مقيّدة بالبحث عن صورتها التي ما فتأت ترسمها وتحدد أبعادها في عالم يحكمه الخذلان والتنكر ، تمرّ على ما مضى من الأحداث تسألها : 


ما الذي دعاك حتى تقفين حاجزا أمام الوصل ؟ 

فتردّ الوقائع : 


غريب أمركم أيها البشر، ما تفتؤون تتباكون على أمور أنتم من رسم معالمها لوحدكم ثم تعلقون عجزكم على الظروف ...


واصلت الروح طريقها بلا منهج وقد زادت حيرتها قائلة في نفسها : هل حقا أن ما يحدث هو نتاج العجز ؟ أم هل أن الانسان نتاج ما توسوس له نفسه وأن الاقدار تسير بالضرورة حسب ما يستقر في الألباب والعقول ؟ 


في غمرة حيرتها شعرت بريح طيبة تجتاحها وتحيط بها من كل جانب لم تستشعر عبقها من قبل. انتشت و حاولت أن تستجلي الأمر،... لا أحد في الجوار, بل أن كل الأرواح تسبح دون تلامس بصمت وسكينة وكأنها جميعا أتت للغاية نفسها، أتت لتشفي غليل حيرتها وتجد لها جوابا عن تساؤلاتها ...


ترى أ يتحقق ما عجزت عليه في زمن المادة ؟ أ يكون لقاء لا تحكمه الظروف ولا الاعذار الواهية ؟


ولا "المكتوب " ؟ 


نام كأنه ميت غادر الدنيا والتحق بعالم لا تدركه الأبصار و تجلت روحه شفافة في عالم الأرواح المبعثرة. 


كانت ليلة لا تشبه ما مضى من ليالي عمره المنصرم، أفاق على صوت طرق خفيف على الباب، لم يطرق أحد بابه منذ أن قرر اعتزال الناس و العيش في بيت منزو آخر الحي المنسي ..


قام متثاقلا كأنه لا يرغب في معرفة هوية الطارق، بعدما فقد الرّغبة في التّواصل واتّخذ من روحه شريكة تقاسمه ولا يشعر أنه بحاجة لمن يعكّر صفو خلوته بها، الشعور بالاكتفاء بعد الخذلان افقده حماس المفاجآت.


فتح الباب وعاد الى الأريكة المحاذية لفراشه قائلا دون أن ينظر في وجه الزائر ولا تبدو عليه ملامح الخوف أو الخشية : 


تفضل .


مرت برهة من الزمن و لا أحد تجاوز عتبة الباب، إلا أن عطرا مألوفا ملأ أرجاء البيت وغيّر رائحة الرطوبة  المنبعثة كأن الفضاء تحول الى دكّان عطور في المدينة العتيقة، تبدلت ملامحه ونزع رداء الخمول وبدا كأنه يُبعث من جديد. عاد مسرعا الى الباب معتذرا عن سوء ما بدر منه، و قد ملأ الحماس قلبه وتملكه الفضول.


جال ببصره خارجا علّه يرى أثرا دون جدوى، لا أحد في الخارج بل بان له الشارع خاليا لا حياة فيه، عاد أدراجه وقد ازدادت حيرته، قائلا في نفسه " يُطرق الباب ولا أحد يطرقه، يفوح الفضاء عطرا ولا أثر لمن عطّره ؟ " 


جلس على الأريكة وقد وضع رأسه بين كفيه وأغمض عينيه عسى أن يجمع شتات عقله قبل أن يدركه الجنون، ...


 لم يكن الطارق سوى روح أتت تسأل عن روحه، وقد غادرا سويا الى رحب الفضاء حيث الالتقاء لا تحكمه الشهوة ولا تقف ضدّه الظّروف .







معاناة موظف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


معاناة موظف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن

 

 السلام عليكم ، 

معاناة موظف : 

استلقى على سريره بعد إجهاد يوم شاق في العمل ، هذا الوقت من اليوم الذي ينتظره كل يوم بدايةً من الصباح الباكر الذي يرتدي فيه تلك البذَّة المكررة التي يذهب بها إلى العمل حيث يَمقُتها كما يكره عمله ويَوُد التحرر منها مذُ أنْ يرتديها ، وبعدما يستيقظ من تلك القيلولة القصيرة يقرر الذهاب للمطعم المجاور لتناول بعض الطعام الذي يَسِد جوعه والمسمى بوجبة الغذاء التي لا يأكل سواها تقريباً على مدار اليوم بفعل قِلة ماهيته ورفض المدير رفع المرتبات وهذا ما يُزيد من كرهه للعمل الذي لا يجد منه العائد المُرضي لكل ما يبذله من جهود فيرغب في تركه في أقرب فرصة ولكن تلك الفرصة لا تسنح أبداً فيضطر للاستكمال في تلك المهنة ولو بشكل مؤقت لحين إيجاد أفضل منها حيث تُدِر عليه بعض المال الذي يكفي قوت يومه على أقل حال ولكنه يفكر في المستقبل فكيف يتخيل أنْ يلبي هذا الأجر الزهيد متطلبات أسرته فيما بَعْد وهذا ما يُنغِّص عليه حياته ويجعله في حالة سُخط دائم على الأوضاع الحالية التي تمر بها البلاد من غلاء الأسعار وقلة الأجور ، ثم يعود ويسأل حاله كيف يعيش البسطاء الأقل منه مالاً فيحمد الله كثيراً على هذا الرزق الزهيد الذي يَكفيه ويستره ويُلبي حاجياته القليلة ، وفي اليوم التالي يعود ليمارس نفس الطقوس بلا جديد وهذا ما يُضفي مزيداً من الملل والبؤس على حياته التي يعيشها وحيداً تجنباً لازدياد المخاوف إنْ قرر الارتباط بأحد في ظل تلك الظروف الراهنة ، فهو ليس بحاجة لمزيد من المسئوليات والشعور بالذنب والتقصير نتيجة توريط شخص آخر معه في تلك الأوضاع التي لا يقدر على التَكيُّف معها وحده حيث يُصيبه التذمُّر من حين لآخر رُغماً عن إرادته فكيف سيتحمله أحد أيضاً بحالته تلك ، فهو يعيش في ضغط دائم ويعاني من الإفلاس في نهاية كل شهر دون أنْ يخبر أحداً ، يُكفي ذاته بكل الأشياء المتاحة التي يملُكها دون أي شكوى لأي إنسان ، ولكنه قد يشكو لمديره حينما يفيض به الكيل من فترة لأخرى مُطالباً بزيادة الراتب بعض الشيء فيُجاب طلبه بالرفض أو التأجيل كما هو معتاد فيُفضِّل الصمت والعيش في هدوء دون أنْ يطالب بأقل حقوقه التي تمكِّنه من عيش حياة آدمية كسائر الخلق ، لذا فالنوم هو الحل الأمثل والجزء الأفضل من اليوم بالنسبة إليه الذي ينتظره بفارغ الصبر حيث يُخلِّصه من التفكير في كل تلك المسائل المعقدة ومن هؤلاء الذين يتهمونه بالتذمر وعدم الرضا بحاله أو ينظرون إليه ببعض التعجب والدهشة نظراً لغضبه الدائم الذي يَبعث الشَرار من عينيه دون أنْ يدري ، فهو عابس الوجه دائماً لا يكاد يبتسم مرةً ولو بالخطأ ولكنهم ليسوا على علم بظروفه التي اضطرته لاتخاذ هذا الشكل بصورة دائمة حيث يرى أنه لا داعي للنفاق والابتسام الذي لا يُعبِّر عن حالِه بالمرة ...