احك يا شكيب " السجن الكبير " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
السجن الكبير هو سجن نسجن فيه أنفسنا حسب ظرف كل واحد منا ، في حين ان السجن هو مكان محاط بسور كبير فوقه أشواك تمنع عملية التسلل أو الفرار ، سجن محاط بحراس غلاظ شداد يحملون أسلحة و عددهم كبير ، بداخله غرف مظلمة و أبواب متعددة و ساحة للتنزه و قاعات للترفيه و ورشات لتعلم الحرف و مدير و موظفون و أعوان و كلاب حراسة ، كل من هذا تعرفونه أو سمعتم به ، و لكن السجن الحقيقي الكبير الذي أقصده هو سجن من نوع خاص له حراس خاصون غير مرئيين و الخروج منه يتطلب مهارات ممكن أن تكون ذاتية و ممكن أن تكون بمساعدة الغير ، كيف أفسر لكم هذا ؟ الإجابة عن هذا السؤال أو الإشكال يتطلب مني أن أحكي لكم بعض الحكايات و بعدها لكم الحكم أو لكم ان تضعوا أنفسكم في أي سجن أنتم قابعون ؟
وكيف يمكنكم الخروج منه؟
" شاب أحب شابة و تقدم لخطبتها و بعد ذلك حدد موعدا للزواج و تزوجا بعد أن أقاما حفل زفاف كلف الزوج طلب قرض مالي يؤديه على أقساط شهرية ، إلى حد الان الأمور تبدو طبيعية ، و لكن الذي ليس طبيعي أن الزوجة منذ بداية العلاقة بينهما و هي تشترط شروطا منها السكن المستقل ، و زيارة أهله تكون وفق برنامج محدد و ليس وقتما شاءوا ، و قطع العلاقة مع أصدقائه ، و المقهى ممنوع الجلوس فيه ، و السفر مع الأصدقاء ممنوع ، و السفر المشترك مع الأهل ممنوع ، و الراتب هي من تتكلف بتدبيره ، و لا حق له فيه إلا ما ستجود به عليه ، مضت شهور على كل ما وافق عليه في الأخير قرر الطلاق و كانت كلفته غالية "
"شابة نشأت في بيت الكلمة الاولى و الأخيرة فيه للأب ، يبدو الأمر طبيعيا و مقبولا ، و لكن الغير الطبيعي و هو أن اختياراتها منذ و أن كانت طفلة لا قيمة لها معه ، سواء تعلق الأمر بالدراسة في اختيار الشعبة التي ترغب فيها ، أو في الزوجة الذي وجب أن تقبله و الذي لن يكون من تحبه و له باءة ، بل من سيختاره الوالد ، إلى ان انتفضت يوما و بكل أدب و رفضت الزواج من ابن صديق لوالدها و كانوا في جمع من الأسرتين و اخبرت والدها بكل الألم الذي حملته سنين ذوات العدد و أنها الان ترفض هذا الزواج و أن شابا يشتغل معها و له أخلاق عالية هو من سيكون زوجها ، فأراد الأب أن يتدخل كعادته لفرض إرادته و لكن الشاب الذي جاء خاطبا تدخل هو الاخر و بأدب جم و عاتب الوالد و كان للبنت ما طلبت "
" زوجة عاشت مع زوجها و أنجبا أبناء و حفدة ، و لم تكن في يوم من الايام سعيدة بزواجها ، زوج لا يهتم بسوى بنفسه و طلباته ، حياتها معه لا مودة و لا رحمة و لا كلمة طيبة ، كلما فاتحت والديها كان جوابهما : اصبري و هذا قدرك و ماذا سيقول الناس عنا و ماذا سيقول الناس عنك ، أتدرين ما معنى ان تكوني مطلقة ؟ معناه لا يمكنك الخروج من البيت بل ستبقين حبيسه إلى حين وفاتك أو ان يتقدم لك زوج ، و كيف سيتقدم لك زوج و لك اولاد ، و بقيت على ذلك الحال و بعد ان تجاوزت من العمر الستين طلبت الطلاق و حصلت عليه "
" شاب حالم كان ، حصل على الاجازة و تقدم لمباريات عديدة قصد الحصول على وظيفة و لم يفلح في ذلك ، و أشار عليه صديق بالالتحاق بجمعية المعطلين لحاملي ال شهادات و بقي على حاله منتظرا لسنوات حتى التقى بزميل له في الدراسة هو و زوجته وولدين ، فسأله صديقه عن أحواله و ماذا فعل فكان جوابه صادما بأنه لازال ينتظر ما ستسفر عنه حوارات الجمعية ؟ لكن صديقه وبخه بعد ان اشفق من حاله و عرض عليه حلولا ناجعة فطبق واحدا منها و بعدها كون أسرة و مضى بعيدا في عمله الحر "
" شاب عاطل قدر عليه ان يلح السجن عن طريق الخطأ و كان يعيش قبل سجنه حالة من اليأس و الإحباط ، و بعد سجنه اختار حرفة هناك و أتقنها و بعد خروجه من السجن مارسها بحب و نجح فيها "
ذ شكيب مصبير
Post A Comment: