Articles by "قصص"
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص. إظهار كافة الرسائل


 احك يا شكيب : " سيدة سبعينية بشعر أبيض " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " سيدة سبعينية بشعر أبيض " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : " سيدة سبعينية بشعر أبيض " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


هي سيدة مسنة عاشت كل مراحل حياتها بحب ، طفولة و شباب و كهولة ثم شيخوخة و لا زالت على حالها ، كانت مندمجة في حياة ملؤها الحب  و التفاؤل :  ايجابية في كل شيء ، خدومة  تبذل كل جهدها لخدمة إخوانها في الإنسانية دون تمييز بين  ذكر أو أنثى ولا تمييز كذلك بين العرق و الدين   ، تساعد في الضراء و تألم  عندما ترى محتاجا أو مريضا ، و تسعد لسعادة من تعرف ، لا تتردد في القيام بالواجب ، تجدها حاضرة بقوة في كل ما ذكرت .

مرة دار حوارا بينها و بين شابة معجبة بشخصيّتها .

البنت الشابة : يا سيدتي أنا من المعجبات بشخصيتك ، أنا أعتبرك قدوتي و أتابع كل تحركاتك بل كل خطواتك 

السيدة المسنة : شكرا لك يا بنيتي على هذا الاهتمام و التتبع ، 

البنت الشابة : يعجبني يا سيدتي تواضعك و بساطتك و عفويتك .. من أين لك بهذه الصفات ؟ 

السيدة المسنة ؛ هكذا ربياني  والدي ، ر بياني على الحب و البغض … الشابة دون انتظار تتمة كلمة السيدة المسنة مقاطعة إياها 

البنت الشابة : كيف ذلك ؟ لم أفهم قصدك ؟ و أنا التي ترى كل ما تفعلين خير في خير ، فأين أجد هذا الذي تدعين؟ كونك شريرة ؟ 

السيدة المسنة : أنا بكلامي لم أقصد ما فهمت أنت؟ 

السيدة المسنة : القصد من كلامي يا بنيتي  وهو انني  احب الخير و الأخيار ، و أبغض الظلم و الأشرار ،

البنت الشابة  : يا سيدتي انت جميلة جدا لك جمال ساحر ، لو غيرت لون شعرك من البياض  للسواد لكان أفضل  لتبدين أكثر شبابا  كما تفعل غيرك  من النساء ،  

السيدة المسنة :يا بنيتي لو علم النساء و الرجال ان مراحل تطور حياتنا في هذه الحياة لم يكن عبثا ، بل هو ناموس إلهي   وجب التعامل معه  كما هو ، و في كل ذلك سعادة لا يعرفها سوى من حافظ على ذلك التطور ، بل يمكن فعل ذلك في حالات خاصة منها التشوه الخلقي أو حادثة سير غيرت بعض الملامح فوقع تشوه ، أما أنا  يا بنيتي فكل مرحلة في حياتي احببت تفاصيلها عشت طفولتي كما كان يعيشها الأطفال لهو و لعب و تنزه و تمدرس ومرحلة  الشباب هي كذلك عشتها كما كان يعيشها غيري أحلام شباب و مغامرات شباب مع عدم تجاوز الحدود التي رسمتها لي تربيتي التي تربيتها من والدي التي أساسها الحرية المرتبطة بالمسؤولية و جاءت بعدها مرحلة التخرج و العمل و الزواج و الأبناء و بعد ذلك جاءت مرحلة الشيخوخة مع تقاعد ، ففي هذه المرحلة الذهبية من حياتي بدأت في انجاز ما لم يتيسر الوقت لانجازه من قبل و أنا الان أعيش بشكلي هذا الذي ترين ، و بياض شعري أنا فخورة به و تجاعيد وجهي فخر لي انني وصلت لهذه المرحلة من عمري ، لست نادمة و لا متحسرة على ما فعله الزمان في ، هل فهمت يا بنيتي ، جيلكم فقد متعة العيش على الطبيعة التي خلقنا عليها الله ، 

البنت الشابة : يا سيدتي و يا قدوتي الآن فهمت ما لم أقو على فهمه من قبل ، لكل مرحلة في عمر الإنسان لها مواصفاتها ، لا لتغيير الملامح لا إضافات في الجسم و لا نفخ في الفم و لا تأثر بما يبثه المؤثرون من سموم تجعل الإنسان عبدا  أجيده مغيرا لخلقته و خلقه ، 

السيدة المسنة : أنا الان سعيدة بهذه النتيجة التي وصلت اليها يا بنيتي و اتمنى لك حياة سعيدة 

البنت الشابة : نعم انت مثالي و قدوتي و سأعمل على نشر فلسفتك في الحياة : لا لتغيير خلق الله 

ذ شكيب مصبير




 

مكسور الجناح : أنا الحارس الليلي| بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


مكسور الجناح : أنا الحارس الليلي| بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
مكسور الجناح : أنا الحارس الليلي| بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



جلس فوق صخرة متأملا البحر في فترة هدوئه ، فلفت نظره قارب صغير  عند منتهى حد بصره ، و شمس لم يعد يظهر منها سوى منتهاها و أشعة بلون ذهبي تكاد تغرق في ماء البحر ، في تلك اللحظات أسراب من الطيور بأعداد كبيرة تحاول مغادرة المكان محلقة و هي تهندس لتحليقها بأشكال جمالية تأسر عينيك و تجعلك ترى أشكالا هندسية كأن فنانا أعدها ليشاهدها المتلقي ، و أنا أتأمل كل هذا غصت بخيالي قعر البحر ، فإذا بي أرى كل الحيتان و المخلوقات تأخذ مكانها للراحة ، هكذا هو حال كل المخلوقات الليل سكن لها . 

في هذه اللحظة بالذات ظهر بجانبي مخلوق بشري يحمل صفة إنسان مثلي ، بدوره يعشق البحر و لحظة غروب الشمس و ما يرافقها من أحداث ذكرت لكم بعضها ، فدار بيننا حوار تعارف ، فعلمت منه أنه يعمل حارسا ليليا بإقامة محروسة ، و لم يعرف عملا آخر في حياته سوى هذه المهنة ، و مجيئه للبحر في هذا الوقت هو مقصود به استعداد  لقضاء ليل بتنوع فصوله خريف و شتاء و ربيع و صيف تختلف درجات حرارته و برودته و رطوبته، يعتبر حضوره هو شحن  لنفسيته بطاقة ايجابية ، فسألته كيف استطاع أن يتأقلم مع هذا الوضع النشز ؟ فأخبرني في البداية أنه وجد صعوبة و لكنه اعتاد و حاول ان يتأقلم معه ، فسألته أيضا فكيف  يتصرف مع أسرته الصغيرة و الكبيرة ؟ فأجاب هم بدورهم اندمجوا و قبلوا بوضعي ، فسألته مرة ثالثة : هل انت سعيد بهذا الوضع النشز ؟ أجاب : لا ، و لكن أخوك مضطر لا بطل ، فسألته عن بعض معاناته التي عاشها و هو يمارس مهنته هاته ؟ الحارس الليلي هو إنسان يمتهن مهنة يصعب على كثير من البشر ممارستها لما يحفها من إهانات و مخاطر ، كم من حارس ليلي أصيب بعاهة مستديمة و هو يمارس مهنته ليلا من طرف لصوص محترفين ، و منهم من مات غدرا ، أضف إلى ذلك الاهانات اليومية من طرف بعض السكان كبارا و صغارا ، لا حق له في التغيب بسبب مرض أو طارئ يحدث له ، كثير منا لا عطلة سنوية له بمعنى لا حق له في السفر ، كم من بيت سرق أو ملابس من فوق السطوح فنجرجر في أقسام الشرطة و يكون اللص من بين شباب منحرفين من ساكنة الإقامة ، و الأصعب و هو اننا لسنا مشمولين لا بتغطية صحية و لا ضمان اجتماعي و لا سن لنا للتقاعد ، نحن فئة مهمشة نعيش مكسوري الأجنحة ، لا الدولة و لا الحكومة و لا المجتمع المدني و لا المنظمات الحقوقية بجميع تلاوينها تهتم بقضيتنا ، كم ليلة قضيتها كما هو حال غيري ممن يمارسون الحراسة محموما و مريضا و جائعا و مهموما ، لا أحد يفكر فينا نعيش الضياع ، نعيش البؤس ، و لا خيار لنا … ،

بعد كل ما دار بيننا لم يعد ما جئت من أجله يغريني ، لا الغروب و لا أمواج البحر و لا الطيور و لا الحيتان تبعث في نفسي طمأنينة بعد كل ما سمعت من آهات ، الحجر و البشر و الطير و الحيتان و كل المخلوقات تنام ليلا " و جعلنا الليل سكنا " الاية و صنف من البشر محروم من هذه النعمة و محروم من الآدمية و العيش الكريم و الأمن و الأمان مستقبل مظلم و آمال  أقبرت بأي ذنب كسرت أجنحتهم ، هي صرخة أعلنها بصوت مرتفع : كفى ظلما ، فلسان حال صديقي يقول نريد عدلا ، نريد إنصافا ، نريد حقا مهضوما ، نريد التفاتة تشفي بعضا من آلامنا و جراحاتنا … 

ذ شكيب مصبير




سيارة الإسعاف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


سيارة الإسعاف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
سيارة الإسعاف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن

 


 السلام عليكم ، 

سيارة الإسعاف : 

دقَّ سائق السيارة البوق من أجل إفساح الطريق بعض الشيء كي يتمكَّن من الوصول للمشفى قبل أنْ يموت المريض أو تزداد وطأة المرض لديه ، كان الجميع متباطئين وكأنهم مُصابون بالبَلادة ، لا يهتمون لحال أحد ، يبحث كل منهم عن مصلحته وأقصر طريق يُوصِّله لمشواره الذي يَقصِده ، غير مكترثين بهذا الشخص الذي قد يموت فجأة بسببهم وبفِعل تغافلهم وقلة اهتمامهم بالأمر ، فما عليهم سوى إفساح المجال للسيارة كي تَعبُر وتصل للمشفى في أسرع وقت ممكن للَّحاق بهذا الشخص في الحال قبل أنْ تصعد روحه لبارئها ، كان الوقت قد أوشك على التأخر وصارت الحالة تتدهور أكثر من سابق عهدها ، أُصيب السائق بالهَلع والتوتر وأصبح يتصبَّب عرقاً بفعل المسئولية الواقعة عليه فضغط على دواسة البنزين وحاول أنْ يُسرِع المسير غير مكترث بالطريق أو بالسيارات المحيطة ، كان في عَجلة من أمره محاولاً إنقاذ المريض بأي شكل ممكن ، وصل عند باب المشفى عند منتصف الليل وسَحب كرسياً مُخصَّصاً للحالات القادمة مؤخراً وأَجلَس عليه المريض ودفعه للداخل محاولاً إسعافه ونقله إلى أقرب حجرة لتَلقي العلاج اللازم ، وبالفعل تم حجز حجرة باسمه واستدعاء الطبيب المناسب للحالة وتم إجراء اللازم من أجله ، وبمجرد أنْ أَفاق من آلامه حتى اتصلوا بأهله فجاءوا من أجل الاطمئنان على صحته وبأنه صار في حال أفضل ، كان الوضع لا يُحتَمل في البداية وكان السائق في حالة صعبة من القلق والخوف في ظل تلك الظروف التي يَمُر بها المريض وحالته التي كانت يُرثَى لها ولكن الأوضاع استتبت وصارت الأمور على ما يُرام وصار السائق والمُسعفون في نفسية أفضل حينما تمكَّنوا من إنقاذه وهذا ما يُصيبهم في كل مرة تأتيهم حالة في وضع متأخر لتلك الدرجة سواء أُصِيبت في حادث سير أو تعرَّضت لأي حادثة طارئة ولم يكن معها أي شخص من ذويها ، لقد مرَّ الموقف بسلام كما يحدث معهم دوماً بفِعل رغبتهم العارمة في بذل كل جهودهم المستميتة من أجل إنقاذ المريض الذي تم استلامه على الفور قبل أنْ يُصاب بأي مضاعفات أو ينتقل إلى العالم الآخر بسبب التأخير أو التراخي في أداء العمل على أفضل وجه ممكن ، فلم يكن هذا من شِيمهم ذات يوم ، فقد اعتادوا الدأب في العمل منذ أول يوم انتصبوا فيه تلك المهمة ، فتلك أرواح سوف يُسأَلون عنها يوماً ما فعليهم ألا يُقصِّروا في حقهم حتى لا يُلاقوا العقاب العسير على ما اعتراهم من تقصير ...




 

احك يا شكيب : " المنبوذة " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " المنبوذة " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : " المنبوذة " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


قد يتبادر إلى ذهن القارئ أو القارئة صورة إمرأة عجوز أو زوجة أو بنت مراهقة  طردن بشكل تعسفي أو لسبب أخطاء ارتكبت من طرفهن ، في حين أن الموضوع أكبر من كل ما ذكرت ، المنبوذة قد تكون إمرأة أو قد يكون رجلا ، و لكن في غالب الأحيان تكون إمرأة ، و لمزيد من التوضيح الأمر هنا يتعلق بالإرث ، تكون علاقة زوجية و تكون علاقة مصاهرة بين أسرتي الزوجين و تقع وفاة أحدهما ومن هنا تبدأ الحكايات ، حكاية منبوذة أو منبوذ ، و للتوضيح أكثر أسوق لكم حكايات من واقعنا المعيش على لسان بعض من وقعت لهم مواقف مؤلمة مع  قليل من التغيير زيادة أو نقصانا في الوقائع والأحداث ، و لكن تبقى الحكايات حقيقية . 

" توفي زوجي  و تركني  أنا و بناتي الصغار بعد مرض مزمن ألمّ به و بعد دفنه في المقبرة و في أول يوم و بعد ان خرج الزوار ليلا لحال سبيلهم ، أردت الدخول لغرفة نومي حتى آخذ قسطا من الراحة و اختلي بنفسي من وجع الصدمة ، فإذا بي أفاجأ بأشقاء و شقيقات زوجي يقفون سدا منيعا أمام باب غرفة نومي  و منعوني من الدخول إليها  لأنها أصبحت ملكا لجميع الورثة و كل ما بداخلها و داخل الدار أصبح إرثا و تركة لهم جميعا  من الملعقة إلى الفرش و الأثاث و الحلي ، لحظتها لم أتمالك نفسي و سقطت مغشيا علي حتى وجدت نفسي في غرفة في مصحة لا أقوى على الحركة و لا على الكلام من هول ما شاهدت …"

" توفي زوجي بحادثة سير مميتة ، و ترك لي أبناء صغارا  وله أم ، و كانت صدمتي كبيرة ، و كنت محتاجة لمن يسندني و يقف إلى جانبي ، و لكن صدمتي تضاعفت عندما فاتحتني أم زوجي في موضوع لم يكن الوقت مناسبا لفتحه معي ، أيام قلائل بعد الوفاة  الفاجعة ، أخبرتني أنها قررت بأن أتزوج بعم أولادي و هو ابنها شقيق زوجي ، حتى تضمن أن أولادي الذين هم حفدتها سيعيشون في أمن و أمان و أن تركة والدهم لن تخرج عن العائلة الكبيرة ، و إلا فإنني سأعيش أتعس أيام و أسابيع و شهور و سنين و بقية حياتي في عذاب ، فكان جوابي هو الرفض و أنني حرة في اختياراتي و اختياري هو أنني سأعيش مكرسة كل جهودي لأولادي و أني لست محتاجة لزوج و أن ابنها عم الاولاد وشقيق زوجي هو بمتابة أخي ، و بسبب موقفي عشت بالفعل سنين ذوات العدد في حرب غير منتهية و تضييق علي و على مصادر رزقي مضاف إلى كل ذلك إشاعات و حرب نفسية إلى الآن …"

" توفيت زوجتي   و تركت لي أولادا خمسة  كانت حياتنا هادئة مستقرة  ،  كنا نصل الرحم مع العائلة  الكبيرة  و لم نكن نستثني أحدا أقارب و أصهار ، و لكن حدث ما لم يكن في الحسبان ، أم زوجتي على غير عادتها و طريقة كلامها طلبت معرفة متخلف بنتها  التي هي زوجتي و التي كانت ربة بيت و لم يسبق لها مزاولة أي عمل سوى تربية أولادنا ، فلما أجبتها يا  خالتي   تعرفين بأن الظرف الان ليس مناسبا للخوض في هذا الموضوع الجرح لا زال   في بدايته وبإمكانك تأجيله لوقت لاحق و لك ما طلبت ، بل مباشرة بعد وفاة زوجتي بدأت أشعر بحركات غير عادية من طرف اخت زوجتي و فهمت المقصود و في كل مرة أحاول التجاهل و الابتعاد ، و لكن حماتي كانت مصرة ، و قلت لها رأفة بأحفادك و رأفة ببنتك تريتي ، فكان جوابها صادما من كانت تجمعنا فقد ماتت و نحن أبناء اليوم ، فانقطعت صلتي بأسرة زوجتي رحمها الله و قطعوا هم صلتهم بأولادي منذ  عشرة أعوام إلى الان …" 

نعم هم أناس كانوا يعيشون  حياة طبيعية لم يكونوا يتوقعون في يوم من الأيام و بعد وفاة زوجة أو زوج ان يجدوا معاملة سيئة لم يعهدوها أيام حياة موتاهم زوج أو زوجة ، و الحقيقة أن التعامل الذي أظهروه أقارب المرحومين هو الأصل و ليس هو تعامل طارئ و انما ظهرت حقيقتهم و حقيقة معادتهم عند الوفاة . هي حكايات من واقع معيش مرير واقع إرث دمر و شرد و شتت عوائل بسبب فهم  خاطئ و تقدير فاسد و تربية معوجة. 

ذ شكيب مصبير




 

احك يا شكيب : " عاصفة تنسف الاستقرار " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " عاصفة تنسف الاستقرار " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : " عاصفة تنسف الاستقرار " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير 

 


المغاربة مثلهم كباقي الشعوب يتفاعلون مع الأحداث عامة و مع الاحداث ذات الطابع الاجتماعي بشكل فكاهي و بسخرية خاصة ، و من القضايا التي أثارت جدلا و جدلا كبيرا منذ بداية القرن الواحد و العشرون أي قبل خامس فبراير من عام ألفين و أربعة  ، حديث عن مدونة الأسرة ، حديث ظاهره انتصار للمرأة ضد الرجل ، حديث عن طلاق مكلف للرجل كان ظالما أو مظلوما ، الطلاق معناه نصف ممتلكات الزوج تنتقل للزوجة غصبا ، في ظل مجتمع  نسبة كبيرة من أفراده تعيش هشاشة جاءت عبر تقارير رسمية ، و عزوف عن الزواج بسبب أوضاع مزرية و أزمات منها ما هو عالمي أثر على ما هو وطني " جائحة كورونا " كمثال 

هذا الجدال و الصراع المفتعل جعل أهل النكتة يختلقون حكايا من نسج الخيال أسوق لكم اثنين منهما : 

" دخل  زوج لبيت الزوجية مساء  بعد ان صعد للطابق الرابع  حيث يقطن ، ففتحت له زوجته الباب مبتسمة على غير عادتها  ، مما أثار انتباه  و غرابة الزوج  فسألها مندهشا يا فاطمة ما سبب فرحتك اليوم فأنت على غير عادتك ؟  فأخبرته باستهزاء يا زوجي الغالي ألم تصلك أخبار المدونة الجديدة ؟ أجابها الزوج : أخبريني يا عزيزتي : قالت له باعتزاز و افتخار : إذا فكرت يوما في الطلاق فنصف  شقتنا و نصف راتبك سيصبح من نصيبي ، قال جميل جدا ، و لكنك تجهلين أن الثمن 1/8سيكون هو كل ما ستأخذين ؟ قالت كيف وضح كلامك حتى افهم جيدا ؟ قال إذا مت أنا و تركتك أنت و الأولاد ووالدي فما هو نصيبك في الإرث ؟ قالت هذا معلوم ، الثمن  ، فقال لها : هذا ما ستنالين و لن يكون  لك أكثر من ذلك ، فقالت : أي نعم ، و لم يمهلها طويلا  و للتو اتجه نحو  نافذة غرفة النوم و قال لها مستهزأ حقك هو الثمن و ليس النصف يا مغفلة و رمى بنفسه للشارع " 

"  اتصل صديق بصديقه و طلب مقابلته  في مقهى يلتقيان فيه نهاية كل أسبوع على وجه السرعة لأمر عظيم و مهم ،   فحضر الصديق في الموعد الذي حدداه سلفا ، و شرعا في تناول الموضوع موضوع الساعة و هو ان تعديل المدونة سيحدث  اضطراباً و   خاصة تلك المادة المشؤومة التي تعطي للمفارقة نصف الراتب و الممتلكات و أن زوجته لما علمت بهذا،  تغير حالها فأصبحت تهينه في كل لحظة  و حين مما سبب له أرقاً  ، فقال  لصديقه : يا صديقي علاقتي بزوجتي ازدادت سوءا عما كان من قبل و قرار الطلاق كنا اتفقنا عليه ، و لكن مع سماعها للمستجد تغير حالها و أصبحت تضغط علي بشكل مستفز و فكرت في أمر و حيلة بها سأجعلها لا تأخذ درهما واحدا ، فقال له صديقه كيف؟ وضح يا صديقي فإني لم أفهم ما ذا تقصد بكلامك ؟ فأجابه لقد فكرت في الأمر جيدا و قررت أن أضع حدا لحياتي ، هنا تدخل صديقه : يا صديقي إن ما تفكر فيه يعتبر فعلا حراما و ما دخل زوجتك في هذا ؟ قال له أعددت خطة محكمة ستجعلها تحرم من الميراث نهائيا و سيكون مصيرها الإعدام أو السجن مدى الحياة ، و سأحكي لك الخطة ، هنا ازداد فضول الصديق فقال لصديقه أخبرني عن تفاصيل ما فكرت فيه ؟ هنا بدأ الصديق في الحديث عن خطته قائلا : سأطلب من زوجتي شراء سم قاتل من عند العطار الذي  له محل بجوار بيتنا  بعلة وجود فأر كبير الجحم  ببيتنا وجب التخلص منه ، و بعد إحضاره سأضعه في  كوب عصير ليمون و قبل ذلك  سأترك ورقة مكتوب عليها  ، إنني أشعر بخطر داهم يهدد حياتي  فإن وقع لي أي مكروه فإن زوجتي هي السبب لكونها كانت تهددني في كل شجار أو خصام يحصل  بيننا ستقتلني و أنا عزمت على وضع حد لحياتي و بهذا الفعل ستحرم هي من الارث و القاتل لا يرث و القاتل يعدم و أكون بفعلي هذا أفشلت خطتها " ، لكن الصديق لم يرقه هذا الكلام و هذا المخطط الجهنمي و حاول الاتصال بزوجة صديقه ناصحا إياها  بأن تغير معاملتها مع زوجها  بأن لا تتحدث عن مدونة سربت مضامين بعض موادها   و ليست هي الحقيقة و أن الأسرة  و بيت الزوجية أسمى من أن يصبح حلبة صراع و استقواء وإنما العلاقة الزوجية أساس استقرارها هو الحب الصادق الذي يبنى على المودة و الرحمة و التعاون و التضامن و  الصبر و المصابرة . 

هنا تكون حكايتنا قد انتهت و هي رسالة موجهة لمن يهمهم الأمر قصد  إنصاف الرجل و المرأة و الأطفال و إشاعة روح المحبة و التسامح عبر قانون منصف و إعلام موجه و رفع الهشاشة بعدالة اجتماعية و حرية  و كرامة إنسانية 

ذ شكيب مصبير



 

قهوة بالمطر  | بقلم الكاتب الجزائري عبدالعزيز  عميمر


قهوة بالمطر  | بقلم الكاتب الجزائري عبدالعزيز  عميمر
قهوة بالمطر  | بقلم الكاتب الجزائري عبدالعزيز  عميمر



_يختفي ولا يُشعِر أحد بخروجه للشرفة،يريد أن يتنفّس بعمق ويملأ رئتيه،لا شكّ أن تسربات التشاؤم

تهرب وتنبهر بالهواء الجديد مشبّع أكثر بالأكسجين .

المطر خيط من السماء ،مطر غاضب يرمي حباته

على الأسطح بعنف ،لا أدري أهو للتخلص منها،أم يريد 

اعتراف البشر بقوّة الطبيعة وتنبيههم لغفلتهم وتماديهم في ظلمها.


برق يخطف الأبصار ،يفضح كلّ سارق أو خجول،مخيف،ترتعد له الأفئدة بعد الإعجاب والأنبهار

بقوّة الإضاءة ،يتابع كل ذلك بشغف يحبّ المطر خلق معه منذ صغره وهو يراقب ويسامر الوديان،والسواقي

ويغطس في الماء ينط مع الضفادع،وفرحته تنطٌ وقهقهته تعلو فتمزّق الصمت ويلتفت الكبار،ويبتسمون

له،ويتابعون عبثه ،عبث صبيان،جميل وصادق ونيّته

صافية، صفاء قلبه الصغير والمغامر .


_مازالت الأمطار والرعود قابضة ومهيمنة على الفضاء،الرعود تخيف الظالمين وتنزل أبصارهم للأرض،وتمرّغ أنوفهم ويبقى كبرياؤهم مذلولا حقيرا،قوّة الخالق تذكّرهم وتتوعد كبار الأنوف 

يرتعدون ،ربما تأخذهم فجأة ولم يرتبوا حقائبهم ،ولم يزوروا بنوكهم لمعرفة الرصيد الجديد الذي يتضخم ويمتصّ عرق المقهورين .


_مازال يمتّع نفسه ،وقد جاء بفنجان قهوة،قطرات الأمطار تسقط،وقطرات القهوة تسقط وتنعش الفكر،آه صفاء كليّ ،القهوة والمطر متعاونان،الأولى تكنس ادران الفكر وترمي تشاؤمه،والثانية تكنس فضلات البشر المتحضّرين،الذين الذين يرمون كلّ شيء ثمّ

يشكون تقلّب الطقس وحرارته .


القهوة تسري في خلايا المخ فتنعشها وتبلغ ذروة الفطنة ،وتتغلغل بين أنسجة المخّ ،فتتولّد شرارة العبقرية ،ويظهر القلم يحرث ارض البور فتعطي الخير.

وكذلك الأمطار تبتلعها الأرض العطشانة،المتشقّقة شوقا للماء،فتنتفخ البذور وتحمل بالأجنة وتخرج البراعم،وتتزيّن الطبيعة بحلّتها وتصبح عروسة مزيّنة

تنتظر ليلة زفافها،لتسافر لقضاء شهر العسل.

القهوة والمطر متشابهان متكاملان ،إنّه ذكي وجد هذه

المعادلة( قهوة ومطر) ومنفعتهما مشتركة وهو يحبّهما معا،والجميل،والأجمل،عندما زاد ،وأردف سيحارة،إنّه سيّد في الكون،ضمّ كلّ السعادة ،احتوته ،وسيطر كذلك هو عليها،نشوة لا تعادلها نشوة،قلبه يرقص بين

ضلوعه تيها وابتهاجا، ينزل الإلهام ويمسك القلم وتفرح

الورقة البيضاء عندما يدغدغها القلم ،فتترك. القلم يرقص وتتمايل معه والحبر يقذف ويقذف والقلم يخربش،والفكر يعتصر،إنّها فكرة القهوة  بالمطر.


الكاتب الجزائري عبدالعزيز  عميمر




 احك يا شكيب : " إني أرى بعينها و هي تراني بقلبها و عقلها" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " إني أرى بعينها و هي تراني بقلبها و عقلها" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : " إني أرى بعينها و هي تراني بقلبها و عقلها" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


شابتان التقيتا على غير ميعاد ، كل واحدة منهما تقطن بمدينة تبعد عن الأخرى بكيلومترات ، القاسم المشترك بينهما هو الدراسة في الجامعة ، و تشاء الأقدار أن تلتقيا في مدرج الجامعة ، و من حسن الحظ أنهما جلستا جنبا إلى جنب في  مقدمة الصفوف ، و دار بينهما سلام و حديث حول صعوبة الدخول الجامعي و صعوبة الحصول على السكن و مشقة التنقل في مدينة اقتصادية عدد سكانها كبير ، تبدأ حركة السير فيها مبكرا بل لا تكاد تنقطع ليل نهار ، تخف وطأتها ليلا و لا تنعدم ، مع كثرة المتنقلين الشيء الذي يتطلب صبرا ، و في لحظة من اللحظات ناولت شيماء صديقتها خديجة ورقة و قلما فاكتشفت على الفور أن صديقتها الجديدة من ذوي الاحتياجات الخاصة "كفيفة "، و تداركت الأمر بأن وضعت الورقة و القلم في يدها ، و استمرتا في تجاذب أطراف الحديث ، و تواعدتا على ان تبرما عقد صداقة بينهما يكون شعارها التعاون و التضامن والوفاء ، 

شيماء وجدت صعوبة في الحصول على سكن بالحي الجامعي ، مما جعلها تعاني مشقة التنقل يوميا لحضور الدروس ، بل كم من مرة كانت تأتي متأخرة بسبب تأخر الحافلة التي تقلها للجامعة، فاقترحت عليها صديقتها خديجة المكوث معها في بيت والديها و هي فرصة تستطيع معها ربح الوقت و مراجعة دروسها مساء و ترتاح من مشقة التنقل ، و كذلك مساعدة صديقتها خديجة في مهمتها التي تبدو صعبة لوجود عائق و هو فقدان البصر ، فمنذ أن قطنتا معا بدأت علاقتهما تتوطد بل أصبحتا شخصا واحدا بسبب وجودهما في كل مكان معا ، فرحتا معا أسرة شيماء و أسرة  خديجة بهذه الصداقة التي جمعت بين بنتيهما ، و بسبب هذه العلاقة ظهر تفوقهما من خلال مشاركتهما في النقاشات التي كانت تفتح في قاعات و مدرجات  الجامعة ، و كانتا معا ترتادان مكتبة الجامعة مما سهل عليهما التفوق و ربح الوقت ، و مضت السنوات اتباعاً  ، و هما على ذلك الحال ، و كم كان صعبا  فراقهما في فترة العطل ، فكانت سلوتهما هي مكالمات مطولة ليل نهار ، مما كان يخفف عنهما ألم البعاد ، علاقتهما كان ملؤها الحب الصادق و البذل في العطاء  بدون حساب ، فلم يكن يتخلل  هذه العلاقة لا  حساب و لا عتاب، و تشاء الأقدار أن تحصلا معا على شهادة الدكتوراه بامتياز في تخصصيهما ، و كانت هذه العلاقة الفريدة  حديث كل الطلبة بل مثالا قل نظيره ، فشيماء كانت  تخبر معارفها و صديقاتها و كل من تعرف  بأن خديجة هي  توأم روحها ، كما كانت تحب ان تناديها بهذا اللقب  بل كانت بمثابة أختها  التي لم تلدها أمها ، منحتها العطف و الحنان الأخوي و الأمن و الاستقرار  و فرصة التفوق عندما احتضنتها و فتحت لها بيتها و شاركتها غرفتها و منحتها مفاتيح البيت تأتي متى شاءت و تلج الدار دون إذن بل إذنها معها منذ ان وطأت قدميها ذلك البيت ، و كذلك  كانت خير موجه و مرشد لها عندما تضيق بها الارض … و نفس الخطاب كانت تقوله خديجة لمعارفها و صديقاتها و كل من تعرف بأن شيماء هي توأم روحها ، وجدت فيها خصالا يصعب تعدادها بحيث كانت عينيها  التي  طلت بهما على  العالم بكل تلاوينه ، عالم المعرفة بحيث كانت شيماء  لا يرتاح لها بال حتى تتم خديجة ما تشتغل عليه من بحوث ، و قراءة ما تطلبه  منها دون كلل و لا ملل ، و كانت تصحبها للمعارض و المنتزهات و حضور المناقشات التي يعلن عنها في الجامعة…  و هي تعدد خصال صديقتها شيماء  لم تتمالك نفسها حتى بكت و بحرقة  و بدموع مسترسلة لسبب ليس بالبسيط   و هو أن العمل  بعد التخرج باعد بينهما المسافات و كذلك الزواج حيث تزوجتا معا في وقت متقارب …" 

و كانتا ترددان نفس المقولات لشدة التصاقهما الواحدة بالأخرى لسنوات ليست باليسيرة "هو قدرنا الجميل  و الله قادر على جمعنا في قريب الآجال كما جمعنا في البداية من غير ميعاد ، قادر على أن يجمعنا ثانية " 

ذ شكيب مصبير



 

احك  يا شكيب " السجن الكبير " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك  يا شكيب " السجن الكبير " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير

 


السجن الكبير هو سجن نسجن فيه أنفسنا حسب ظرف كل واحد منا ، في حين ان السجن هو مكان محاط بسور كبير فوقه أشواك تمنع عملية التسلل أو الفرار ، سجن محاط بحراس غلاظ شداد يحملون أسلحة  و عددهم كبير ، بداخله غرف مظلمة و أبواب متعددة و  ساحة للتنزه و قاعات للترفيه و ورشات لتعلم الحرف و مدير و موظفون و أعوان و كلاب  حراسة ، كل من هذا تعرفونه أو سمعتم به ، و لكن السجن الحقيقي الكبير الذي أقصده هو سجن من نوع خاص له حراس خاصون غير مرئيين و الخروج منه يتطلب مهارات ممكن أن تكون ذاتية و ممكن أن تكون بمساعدة الغير ، كيف أفسر لكم هذا ؟ الإجابة عن هذا السؤال أو الإشكال يتطلب مني أن أحكي لكم بعض الحكايات و بعدها لكم الحكم أو لكم ان تضعوا أنفسكم في أي سجن أنتم قابعون ؟ 

وكيف يمكنكم الخروج منه؟

" شاب أحب شابة و  تقدم لخطبتها و بعد ذلك حدد موعدا للزواج و تزوجا بعد أن أقاما حفل زفاف كلف الزوج طلب قرض مالي يؤديه على أقساط  شهرية ، إلى حد الان الأمور تبدو طبيعية ، و لكن الذي ليس طبيعي أن الزوجة منذ بداية العلاقة  بينهما  و هي تشترط شروطا  منها السكن المستقل ، و زيارة أهله تكون وفق برنامج محدد و ليس وقتما شاءوا ، و قطع العلاقة مع أصدقائه ، و المقهى ممنوع  الجلوس فيه ، و السفر مع الأصدقاء ممنوع ، و السفر المشترك مع الأهل ممنوع ، و الراتب هي من  تتكلف بتدبيره ، و لا حق له فيه  إلا ما ستجود به عليه ، مضت شهور على كل ما وافق عليه في الأخير قرر الطلاق و كانت   كلفته غالية  "

"شابة نشأت في بيت   الكلمة الاولى و الأخيرة فيه للأب ، يبدو الأمر طبيعيا و مقبولا ، و لكن الغير الطبيعي و هو أن اختياراتها منذ و أن كانت طفلة لا قيمة لها معه ، سواء تعلق الأمر بالدراسة  في اختيار الشعبة التي ترغب فيها  ، أو في  الزوجة الذي وجب أن تقبله و الذي لن يكون من تحبه و له باءة ، بل من سيختاره الوالد ، إلى ان انتفضت يوما و بكل أدب و  رفضت  الزواج من ابن صديق لوالدها و كانوا في جمع من الأسرتين و اخبرت والدها بكل الألم الذي حملته سنين ذوات العدد و أنها الان ترفض هذا الزواج و أن شابا يشتغل معها و له أخلاق عالية هو من سيكون زوجها ، فأراد الأب  أن يتدخل كعادته لفرض إرادته و لكن الشاب الذي جاء خاطبا تدخل هو الاخر و بأدب جم و عاتب الوالد و كان للبنت ما طلبت " 

" زوجة عاشت مع زوجها و أنجبا أبناء و حفدة ، و لم تكن في يوم من الايام سعيدة بزواجها ، زوج لا يهتم بسوى بنفسه و طلباته ، حياتها معه لا مودة و لا رحمة و لا كلمة طيبة ، كلما فاتحت والديها كان جوابهما : اصبري و هذا قدرك و  ماذا سيقول الناس عنا و ماذا سيقول  الناس عنك ، أتدرين  ما معنى ان تكوني مطلقة ؟ معناه لا يمكنك الخروج من البيت بل ستبقين حبيسه إلى حين وفاتك أو ان يتقدم لك زوج ، و كيف سيتقدم لك زوج و لك اولاد ، و بقيت على ذلك الحال و بعد ان تجاوزت من العمر الستين طلبت الطلاق  و حصلت عليه "

" شاب حالم كان ، حصل على الاجازة و  تقدم لمباريات عديدة  قصد الحصول على وظيفة    و لم يفلح في ذلك ، و أشار عليه صديق  بالالتحاق بجمعية المعطلين لحاملي ال شهادات و بقي على حاله منتظرا لسنوات حتى التقى بزميل له في الدراسة هو و زوجته وولدين ، فسأله صديقه عن أحواله و ماذا فعل فكان جوابه صادما بأنه لازال ينتظر ما ستسفر  عنه حوارات الجمعية ؟ لكن صديقه وبخه بعد ان اشفق من حاله و عرض عليه حلولا ناجعة فطبق واحدا منها و بعدها كون أسرة و مضى بعيدا في عمله الحر "

" شاب عاطل قدر عليه ان يلح السجن عن طريق الخطأ و كان يعيش قبل سجنه حالة من اليأس و الإحباط ، و بعد سجنه اختار حرفة هناك و أتقنها و بعد خروجه من السجن مارسها بحب و نجح فيها  " 

ذ شكيب مصبير




 احك يا شكيب :"الكاتب الروائي المزيف" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب :"الكاتب الروائي المزيف" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


شاب اوروبي في مقتبل العمر لم يتجاوز عمره الثلاثين متزوج من شابة في مثل سنه يقطنان في حي  شعبي  به فقراء ،  يمتهن الكتابة له روايتان  فاقترحت عليه زوجته عرضهما على ناشر معروف ، فبعد اطلاعه عليهما لم يقتنع بمحتواهما فاعتذر له بأدب ، و لما عاد للبيت سألته زوجته ماذا كان جواب  الناشر ؟ فأجابها بأنه رفض الطلب  لأن الروايتان ينقصهما الكثير و ليست من المحتويات التي يطلبها القارئ ، فبقي مكتئباً لا يبرح بيته و يفكر فيما يمكنه فعله لأداء واجب الكراء و الإنفاق على زوجته ، و لكن زوجته لم تيأس و كانت تطلب منه إعادة المحاولة مع ناشرين اخرين و البحث عن عمل مؤقت فتفرج مع الايام ، و لكن خيبته  استمرّت لشهور ، و ذات يوم خرجت زوجته لسوق أسبوعي لشراء بعض ما يلزمها للبيت فسقطت عيناها على محفظة  جلدية لونها أسود و لكن يبدو أنها كانت في غرفة مهملة فتغير لونها و أصابتها ندوب و خربشات أفقدتها لمعانها ، و رغم ذلك اشترتها  لأن زوجها كان يحمل روايتيه في ملف عادي   ، و لما عاد زوجها للبيت في المساء استقبلته  بابتسامتها المعهودة و احتضنته كما تفعل كلما عاد للبيت و تحدثا طويلا عن مشواره طيلة اليوم فكان جوابه كالمعتاد لازال الحال كما كان من قبل ، و لإدخال الفرحة عليه و تخفيفا من آلامه و خيبته التي لم تزل ، أخبرته بهدية عبارة عن محفظة جلدية جلبتها له ففرح بها رغم أنها ليست جديدة   ، فقبل أن يخلد للنوم عاد ليتصفح روايتيه يقلب أوراقهما لعله يعدل ما ينبغي تعديله ، و لما شعر بالعياء أخذ المحفظة ليضعهما  بداخلها فلفت  انتباهه وجود ملف فيه أوراقا  ففتحه فإذا به يجد رواية عبارة عن سيرة ذاتية ،  فعوض أن يلتحق بغرفة نومه بقي ساهرا إلى غاية  أن أتم قراءتها مع بداية النهار الموالي، و في الصباح خرج   كعادته حاملا معه محفظته و ذهب إلى حديقة و جلس فوق كرسي و أعاد إخراج الرواية و بدأ يتصفحها من جديد  و يفكر ما عساه أن يفعل ؟ و  اهتدى لفكرة و هي أن ينسبها لنفسه ، و لكن هذا يتطلب منه أن يأخذ وقتا ليوهم زوجته بأنه هو من كتبها ، و بالفعل بدأ في تنفيذ خطته ، فأول ما فعل هو أنه أخبر زوجته بمشروعه الجديد ، ففرحت و رحبت بالفكرة و عملت كل ما في وسعها لتهيئ له ظروف الاشتغال،  فكانت تعد له الطعام و القهوة و تتركه في غرفته أمام آلته للكتابة فكانت تسمع طقطقاتها و هي فرحة ومبتهجة بالإلهام الذي حل علىه ، و بعد أيام أخبرها بأنه أنهى كتابة روايته ، فعرضها عليها و لما أتمت قراءتها شجعته للذهاب في اليوم الموالي باكرا ليعرضها على الناشر ، و في الصباح و بعد تناول وجبة فطوره الذي اعدته له ودعته داعية له بالتوفيق ،  و ظنها هذه المرة فيه لن يخيب ، و لما التقى بالناشر سلم له الرواية فطلب منه الناشر الحضور بعد أسبوع ، و لكن الناشر لم ينتظر كل ذلك الوقت بل اتصل به بعد يوم و أخبره بأن يحضر لمكتبه على وجه السرعة ، فاستقبله استقبالا غير معهود مرحبا به و أثنى عليه و على المجهود الجبار الذي بذله و على الاسلوب الرائع و الحبكة العالية التي كتب بها روايته و وقعا معا عقدة بموجبها حددا المبلغ الذي سيحصل عليه و طريقة التوزيع ، و  عقد ندوة بخصوص الرواية في أفخم قاعة للعروض بحضور شخصيات نافذة و أدباء و مفكرين و طلبة ، ففرحت زوجته بهذا النجاح و حضرت معه لحفل التوقيع على الرواية و التي واكبها الإعلام المرئي و المسموع و المكتوب ، فأصبح حديث الناس هو روايته المؤثرة ، بل ان الناشر طلب منه روايتيه  قصد نشرهما و لم يعترض على مضمونهما كما فعل من قبل ، فاستغرب الكاتب و كتم كل ذلك في نفسه ، و لكن حصل ما لم يكن في الحسبان  ، و هو ان الكاتب الحقيقي وقعت بين يديه مجلة تحكي عن الرواية التي كتبها من قبل و التي ضاعت منه في ظروف غامضة و عليها صورة للكاتب المزيف ، فقرر الذهاب لملاقاته  عندما علم أنه سيكون ضيفا على برنامج  ليحكي عن مضمون الرواية ، فلما انتهى من البرنامج و هو يمشي أثار انتباهه رجل مسن يتبعه اينما حل  ، فخاطبه يا سيدي هل من خدمة أقدمها لك ؟ فقال له  الرجل العجوز فلنجلس معا   في مقهى قريب لدي مجموعة من الاسئلة أود طرحها عليك فوافق الكاتب المزيف ، فبدأ الرجل العجوز في طرح أسئلة بليدة على الكاتب و لكنه وقف عند أسئلة دقيقة عندما سأله عن سنه فأخبره بأن سنه ثلاثون عاما ، هنا بادره بما لم يكن يتوقع كيف تحدثت في سيرتك عن حدث و أخبره به و سنك لم يتجاوز العامين ، هنا صدم الكاتب المزيف و أصابه خرس ، و لم يمهله العجوز ليحدثه عن تفاصيل الحكاية و عن ضياعها لما حملتها زوجته معها في القطار و تركتها فوق رف من رفوف مقصورة ،   فسأله الكاتب المزيف ، فما العمل  الآن يا سيدي؟ فأجابه الرجل العجوز : ما وقع وقع و كنت نذلا بفعلتك و الآن أتركك لأنك إنسان سارق عديم الأخلاق فاقد  للمروءة و كاتب مزيف و منتحل لصفة ، فأعاد الطلب يا سيدي:  إن طلبت أن أصحح الخطأ فعلت،  و اعتذر أمام الملأ بأنني أخطأت في حقك ، و إن طلبت عائدات الرواية من مال أعطيتك ؟ و لكن الرجل العجوز لم يمهله فانصرف إلى حال سبيله تاركا إياه في حيرته و تعذيب ضمير  ، هنا صاحبنا بقي صامتا واضعا رأسه بين يديه متسائلا مع نفسه ما العمل ؟ فلم يعد مباشرة إلى بيته بل التحق بحانة و شرب حتى التمالة  ، و عاد إلى بيته يتمايل ذات اليمين و ذات الشمال ، فاستقبلته زوجته و هي مندهشة من الحالة التي هو عليها  ، فسألته عن السبب  ؟ فأجابها بلسان متلعثم بأنه كان كاذبا،  و أنه كان سارقا لعمل أدبي ليس له ، فصدمت هي الأخرى من فعلته ، و تركته لينام  ، مخبرة  إياه بما يجب أن يفعله صباحا ، و لكنه رغم انه كان في حالة سكر،   و هو نائم كان عقله منشغل و ضميره يؤنبه ، و في الصباح ذهب عند الناشر ليخبره بالخبر الصاعقة كما اشارت عليه زوجته ، فصدم الناشر بما سمع فاحتار  هو الاخر في الأمر ، و طلب من الكاتب المزيف  أن يختفي  هو و زوجته  و أن يذهبا إلى بلد لا يعرفهما فيه أحد ، و قبل بالفكرة ، و لما عاد لبيته لم يجد زوجته بل وجد ورقة عبارة عن رسالة مفادها أنها هاجرت إلى بلد يستحيل ان يعثر عليها بسبب فعلته الشنعاء و خيانته النكراء ، في تلك اللحظات دخل في بكاء  وضحك هستيري فقد معهما عقله فأصبح مدمن خمر ، و كلما التقى بشخص  من المارة يحكي له الحكاية  إلى وجد يوما أشلاء على سكة قطار 

ذ شكيب مصبير



 

احك يا شكيب : "أريد أن أتزوج و لكن … ؟ | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : "أريد أن أتزوج و لكن … ؟ | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : "أريد أن أتزوج و لكن … ؟ | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير 

 


إنه الخوف ! الخوف من ماذا ؟ سؤال يطرحه كل واحد أو واحدة ممن سنحكي حكايتهم ، أهو خوف من مستقبل محفوف بالمخاطر ؟ أو خوف من مستقبل غامض ؟ أو خوف من مفاجآت غير منتظرة و غير متوقعة ؟ أم هو مرض أصاب فئة عريضة من المجتمع ؟ أم خوف من قوانين يعتبرها البعض مجحفة ظالمة غير منصفة ؟  و لكن الحقيقة و هي أن القاسم المشترك بينهم جميعا هو الخوف ،   خوف قد يكون مشروعا ، "لكل مبتدئ دهشته" و خوف مبالغ فيه بسبب التأثيرات المحيطة ،  دعوني احكي لكم حكايات بعض من هؤلاء و أنتم من ستكونون حكما فيما سيعرض عليكم . 

" أنا شابة متوسطة الجمال أتممت دراستي العليا  في معهد من المعاهد المعروفة و تخرجت مهندسة دولة، لم يحاول  أي شاب من  أن يتقدم لخطبتي أو مفاتحتي في الموضوع و خاصة أبناء حيي ، و مباشرة بعد حصولي على وظيفة  بدأت الطلبات و الذي صدمني هو أبناء حيي معظمهم أبدوا الرغبة في الزواج مني و منهم من التحق بالوظيفة سنوات خلت ، فقلت مع نفسي هل أنا مرغوبة في شخصي أم في وظيفتي ، الشيء الذي جعلني أؤجل هذا الأمر حتى أعرف حقيقة هذه الطلبات التي انهالت علي بعد حصولي على الوظيفة !!!"

" أنا امرأة أرملة و لا زلت شابة توفي زوجي رحمة الله عليه  بمرض مزمن و حصلت على تقاعد و بعد سنوات قليلة جاءني شاب و فاتحني في أمر الزواج ووجدته شابا مهذبا خلوقا و لا مانع من قبول طلبه و لكن المشكلة  و هي أنه بمجرد زواجي سأحرم من معاش زوجي و هي نفس القصة التي وقعت مع صديقة لي تزوجت بعد وفاة زوجها و انقطع معاشه و بعد  ذلك وقع طلاقها فأصبحت مفلسة ، الشيء الذي جعلني أتردد في قبول الطلب ، علما أن المعاش هو حق لكل أرملة سواء تزوجت أم لم تتزوج لانها اموال اقتطعت وجب ردها "

" حكايتي أنني شاب انشغلت بإتمام دراستي و اشتغلت في وظيفة في القطاع العمومي و بعد سنوات  اشتريت شقة و فكرت في الزواج و لكن مشكلتي أن  واحدا من إخواني تزوج من أجنبية و بعد سنوات من زواجهما و إنجابهما لطفلين استيقظ يوما فلم يجدها و علم من بعد أنها ارتبطت بآخر دون سبب يذكر ، أما أخي الصغير فقد تزوج وأنجب ابناً و هو الاخر طلق زوجته التي كانت تكثر من المشاجرات معه و تلتحق به أمام مكان عمله فتسبه و تشتمه و تخلق له المتاعب ، الشيء الذي جعلني ألغي فكرة الزواج نهائيا " 

" أنا سيدة مطلقة و لي ولدين أبن و بنت  صغيرين في السن  الاول سنه خمسة أعوام و الثانية عمرها تمانية أعوام ، جاءني خطيب يريد الزواج مني فترددت كثيرا لاني علمت بأن  طليقي هدد  بإسقاط حضانة ولدي علما بأنه تزوج بعد الطلاق مباشرة ، ووجدت هذا ليس عدلا علما ان جارا لنا طلق زوجته و تركت له الاولاد و تزوج و لما طلبت اسقاط الحضانة له على الاولاد رفض طلبها  فعدلت عن فكرة الزواج نهائيا " 

" أنا سيدة  مطلقة لي بنت ذات أربع عشر عاما تقدم لي عريس قصد الزواج و وافق على أن تعيش معنا بنتنا و لكن رفضت لسبب ليس بالبسيط كون صديقة لي لها نفس الظروف التي أنا أوجد عليها تزوجت و انتهى  زواجها بطلاق كارثي ، و هو أن زوجها كان يتحرش ببنتها "

" حكايتي أنني تزوجت من زوجي و أنا جد سعيدة بزواجنا أنا موظفة سامية و هو كذلك موظف سامي  كل واحد منا  خرج  من تجربة زواج فاشلة ، و كان في اعتقادي أن زواجنا سيكون ناجحا لما عشناه من تجربة تعلمنا منها الكثير ، و لكن فوجئت به كلما خرجنا لمطعم أو سفر يطلب مني نصف واجبات  تكاليف المطعم و البنزين  فأصبحت أشعر بالقلق من هذه التصرفات علما بأنني قمت بتغيير الفرش و اشتريت مستلزمات بيت  الزوجية و لم أطالبه بدرهم و اشتري كل ما أراه ضروريا و لم أطالبه بأي درهم حتى ملابسي اشتريها أنا من مالي الخاص و لم يحدث ان أهداني و لو هدية بسيطة بالإضافة ان له عادات خاصة به ينعزل في كثير من الأوقات في غرفة و ينشغل بملفات يحضرها معه من عمله و ينشغل بالتلفاز فأجد نفسي وحيدة في النهاية قررت الطلاق فكان لي ذلك " 

" أنا شاب كان حلمي هو الحصول على عمل يجعلني أفتح بيتا و اكون أسرة و لكن مع ما أسمعه من خلال نسب الطلاق و ما أشاهده من مشاكل جعلني أحجم عن الزواج ، كيف أتزوج و صديقي وجد زوجته تطالبه بالتطليق للشقاق لا لسبب سوى أنها  تطلب منه تكاليف فوق طاقته و ان يقطع صلته بوالديه ٠

هي حكايات  القاسم المشترك بين من يحكونها أنهم وضعوا فكرة الزواج في ثلاجة و في رف من رفوف الزمن ربما يتذكرونها بتغير الاحوال و الظروف و القوانين 

ذ شكيب  مصبير




 

احك يا شكيب : " أنا التائه الضائع المشرد " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " أنا التائه الضائع المشرد " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير

احك يا شكيب : " أنا التائه الضائع المشرد " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير




أنا ظاهرة إنسانية قد أكون ذكرا أو أنثى ، ليس مهما ، المهم هو أنني إنسان مختلف ، أعيش ظروفا خاصة في مجتمع المفروض فيه أن يكون متضامنا متعاونا محتويا للجميع ، لكن العكس هو الذي وجدت فيه ، سواء كنت ذكرا أم أنثى ، قيم نبيلة اختفت  وحلت محلها الأنانية و الحقد و البغض و التحرش و التنمر و الغيبة و النميمة و الحگرة ، حكاياتي كثيرة و متنوعة و حقيقية سنحكيها لكم لتروا حجم الظلم الذي نعيشه بين ظهرانيكم و لكنكم غير مبالين ، اهتماماتكم لا ترقى لما يجب من قضايا كبيرة مثل قضيتنا على سبيل المثال نحن المهمشون المقصيون  ، تهتمون  بمباريات كرة القدم و بما سمّيتموه "روتيني اليومي " و بمسلسلات مستنسخة من بيئات غير بيئاتنا و نقاشات مفتعلة و اصطففتم في معسكرين متضادين و خضتم حروبا لا منتهية  ، و الأصل أننا ندخل في معادلة ثلاثية كل الشعوب التي تحافظ على إنسانيتها تدافع  عنها : " العدل و الكرامة و الحرية " ، و لكن هيهات ، دعونا من كل ما قلناه و عبرنا عنه بكل تلقائية و صدق و لكم حكايات من واقعنا المعيش  المر الأليم جاءت على لسان بعضنا لعلكم تنتبهوا و تولوا للأمر أهمية قصد ايجاد حلول عاجلة قبل فوات الأوان كم من دولة كثر مشردوها فأصبحت قنابل موقوتة تهدد أمن و استقرار المواطنين . 

" قصتي أنني ولدت من والدين شاء القدر ان ينفصلا فعشت بداية مع أمي و لكن زوجها لم يكن يتحمل رؤيتي فكان يعنفني و طلبت من والدي أن أعيش معه فوافق على الفور فوجدت نفس المعاملة مع زوجة والدي عنف مضاعف فقررت الهروب و الفرار بجلدي فوجدت نفسي مرمية في الشارع احتضنني من هم مثلي و يعيشون ظروفا تشبه ظروفي  …"

"حكايتي أنني ولدت   مجهول الأب أمي كما حكت لي كانت طفلة أحبت ابن الجيران الذي كان يكبرها سنا و هو كما ادعى كان يحبها فتواعدا على الزواج و انه سيصحبها معه خارج الوطن فوقع بينهما ما جعلني أرى النور في غيبة والد مدع ، فبمجرد أن علم أن أمي حامل اختفى و لم يعد يظهر له أثر ، فما كان من والدتي سوى الهروب نحو وجهة تبعد عن منزل والديها و إخوتها  خوفا من قتل محقق ، و عشت معها حتى بلغت من العمر عشرة أعوام كانت كلها معاناة و نوم في الشوارع العامة و الحدائق و تحت القناطر و في مداخل العمارات و لكم ان تتصوروا انواع التحرش و الاعتداء و الضرب و الاعتقال أثناء الحملات التمشيطية و لما تعبت أمي من كل هذا فرت هي كذلك و تركتني وحيدا في عالم كنت أستعين بها فيه فأصبحت وحيدا علي أن أواجه مصيري لوحدي …"

"أما أنا فحكايتي أنني وجدت نفسي في دار للأطفال المهملين كانت حياتنا غير مستقرة حسب مزاج كل مدير فإذا كان المدير طيبا فتكون المعاملة على العموم حسنة و إن كان غير ذلك فتكون سوء المعاملة و التعذيب النفسي و الجسدي و حتى التحرش الجنسي و يكثر السحاق و اللواط حتى بين النزلاء ، و كم كانت فرحتنا كبيرة عندما يزورنا محسنون و محسنات و خاصة من يجلسون إلينا و يستمعون  لآلامنا و يشاركوننا أحزاننا و يجلبون معهم منشطون  يدخلون الفرحة إلى قلوبنا فنشعر بالأمن و الامان ، لان ما يحملونه الينا من هدايا و أكل لا يخفف من آلامنا و لكن الذي يشعرنا بالأمان هو كل رجل أو امرأة يخاطبك بكلمة يا ابني و يا بنيتي …"

" عشت حالة التشرد لما  توفي والدي  أبي و أمي معا في حادثة سير مميتة و وضعت في دار للأطفال و لم  تعجبني ظروف العيش فيها و خرجت بمحض إرادتي للشارع و التقيت من هم في سني ذكورا و إناتا  يتعاطون لكل أنواع المخدرات التي ثمنها زهيد فأصبحت أنام أمام المحطات الطرقية و داخل محطات القطار مختفيا و تحت الحافلات ليلا و كم كنا نعاني في فصل الشتاء من برد قارص و أمطار غزيرة و جوع يقطع الأمعاء ، كم تمنيت ان تجد لنا الحكومة حلولا نندمج عوض ان نرى الكل منزعج من وجودنا في حين لم يكلف أي أحد نفسه للدخول معنا في حوارات و سيجد أن منا من له قلب كله رحمة يحتاج فقط لتوجيه و مساعدة و لمسة يد حانية فلولا إيماننا بالله كم  واحد منا لوضع حدا لحياته انتحارا أو خرج للشارع منتقما من مجتمع لم يرحمه و لم ينصفه و لم يهتم بأحواله و لم يراع ظروفه ، نعم وجودنا أمام المساجد كانت فرصا نسترق بها السمع فينشرح قلب كل واحد منا  ، و كم كان يؤلمني سماع قولة سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه : " لوعثرت بغلة  في العراق  لسئلت  عنها يا عمر " فأبكي لحالي و حال غيري و حال من تركونا نعيش ظلما مركبا  و "الظلم ظلمات يوم القيامة  فلا تظالموا" و دعوة المظلوم ليس بينها و بين الله حجاب  فنحن مظلومون جئنا في ظروف لم نخترها و لكن منا من وجد منقذا فخطى خطوات صحيحة بمساعدة اناس يملكون قلوبا و منا  من وجد عوائق وحواجز و موانع و إبعادا فكان عالة على نفسه و على مجتمعه بحيث أصبح من مرتادي  السجون …" 

هي حكايات ليست من نسج الخيال و إنما أكثرها من واقع نعيشه بكل تناقضاته

ذ شكيب مصبير




 

احك يا شكيب : أنا  بنت  أحب الخير | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : أنا  بنت  أحب الخير | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : أنا  بنت  أحب الخير | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



كانت طفلة و كانت سعيدة بسنوات طفولتها كانت بنت ذات جمال جذاب  و مرحة و محبوبة من طرف أقاربها و الجيران ، بنت خدومة و ذات أخلاق عالية ، مجتهدة في دراستها ، عرفت بأنها هي من تقرأ رسائل الجيران عندما يحضرها ساعي البريد ، كما عرفت بدعمها لمن  هم أصغر منها سنا ، دعم مدرسي في كل المواد التي تتقنها و تجيدها ،  كانت متفوقة و يحسب لها ألف حساب ، و بعد حصولها على شهادة البكالوريا  بامتياز قررت الابتعاد عن أسرتها لسبب بسيط وهو أن التخصص الذي أحبته و التي اجتهدت لكي تصل إليه غير متوفر في المدينة التي تقطن بها ، و نظرا لثقة والديها فيها وافقا على الفور على طلبها ، و جاء وقت الالتحاق بالمعهد و دار الطالبات فودعت والديها و اخوتها و كل الاقارب و الجيران . 

 ولما استقر بها الأمر و تعرفت على صديقات و أصدقاء الدراسة قررت ان تؤسّس جمعية تربوية و  تحقق لها ما كانت تصبو إليه في البداية  كان عددهم أثنى عشر فردا منهم ذكور و إناث ، كان دورهم هو إشاعة روح التضامن و التعاون ، كانت فرصة تناول الوجبات بالمطعم فرص للتعارف و الدردشة المفيدة  وخلق حوارا ت ذات  نفع ، كما أن المكتبة كانت هي فرصة للتباري لقراءة الكتب و الاتفاق على موعد بترتيب مع المشرف على المكتبة ليعرض كل قارئ الخطوط العريضة للكتاب و بعدها يناقش الجميع مضامين الكتب ، و بما أن طموحها لم يكن محدودا فعملت إلى جانب أصدقائها على تنظيم رحلات ترفيهية لمنتزهات قريبة و مآثر توجد بالمدينة أو بالقرب منها ، كما أنهم أنشأوا صندوقا صغيرا  توضع فيه دريهمات  من طرفهم حسب المستطاع ليعينوا بها من هم في حاجة لشراء مطبوع أو كتاب يحتاجه من يعيشون في ذائقة مالية ، و حتى لا يحرج من وضعه هكذا ، جعلوا لجنة لهذا الغرض مهمتها مساعدة من طلب المساعدة و البحث عمن لا يقوون على الطلب مع السرية المطلوبة حفظا لماء الوجه لمن لجأوا لطلب المساعدة ، و لما كانت هذه التجربة ناجحة  و اقترب موعد التخرج و كثير من الطلبة يقعون في حيرة من أمورهم و أمورهن و ضبابية في اختياراتهم  و اختياراتهن جلبت لهم و لهن أساتذة  من تخصصات متعددة و رؤساء مصالح في وزارات مختلفة و من الجالية الذين درسوا خارج الوطن و نالوا شهادات عليا و دورهم هو تنوير الطلبة و  مساعدتهم و مساعدتهن و فتح الطريق أمامهم و أمامهن لتحقيق طموحاتهم و طموحاتهن 


و لكن المفاجأة السارة هي أن أصدقاءها و صديقاتها و مسؤولو المعهد و دار الطلبة قرروا أن ينظموا حفلا على شرفها عربون محبة و شكر لها على بادرتها منذ أن ولجت المعهد والدار و تقيم هدية لها و أعطوها الكلمة في ختام ذلك الحفل البهيج فمن جملة ما قالت  : أساتذتي و إخواني الطلبة و كل العاملين في المعهد و الدار أشكركم كل واحد بصفته على ما منحتمونا من عطف و رعاية و ما قدمتموه لنا من خدمات جليلة و على توفير الجو الأخوي الذي غمرتمونا به و دوري كان فقط هو  استنهاض الوازع الخيري فينا عوض أن يفعل غيرنا عكس ما نحن فيه الان من نجاحات و أخوة و تضامن كما كنا نسمع و  رأينا في معاهد تصدى فيها للقيادة و التوجيه منحرفون و منحرفات و كانت النتائج ضياع و خسران و تيه  و أخيرا أقول لكم إن فعلي هذا أنقذني قبل أن ينقذكم لاني وعدت نفسي أن أكون فاعلة خير و دالة عليه تحقيقا لمضمون حديث لما قرأته أحببته ووعدت نفسي على تمثله و هو " الدال على الخير كفاعله"  و أمطت الأذى عن نفسي و عن أصدقائي و الأذى الذي قصدته هو الفراغ القاتل فإن تركناه دون ملئه بما يفيد دمرنا و لكننا ملأناه بما يفيد فها نحن نرى نتائجه فهنيئالنا جميعا بما حققناه. 

ذ شكيب مصبير




 من أمر الروح... | بقلم الكاتب التونسي / عبد الرزاق بن علي  


من أمر الروح... | بقلم الكاتب التونسي / عبد الرزاق بن علي
من أمر الروح... | بقلم الكاتب التونسي / عبد الرزاق بن علي 


تأخر الوقت من ليلة تبدو باردة على غير العادة، تهالك الى فراشه وقد غلبه النّعاس، ...مر وقت طويل لم ينم، الآن فقط يمكنه فعل ذلك بعدما سلك كل السّبل المتشعبة وصاحب النجوم ليال طوال و تطبّبَ من أثر تلك الأيام بما يتداوى به الناس... لكن جرح الروح لا يطيب بالعقاقير والتمائم أو أنه لا يطيب أبدا بل يتخذ من الرماد غطاء إلى حين.


تكاثر الرماد وتكوّم حتى حجب القرح الذي ألمَّ بالروح وكاد يزهقها. 


سحب الغطاء بهدوء على وجهه متواريا من تسلل شعاع القمر من فتحة الشباك المكسور كقلبه ..


كان "مورفي" قد أصدر أخيرا أمرا لجنده حتى يعود النّوم الى حضرة هذا المكلوم، كأن جفاء النوم  عقابا له لذنب ما أو لعنة تلاحقه . غاب عن الدنيا وسافرت روحه في رحب الآفاق وقد تخلصت من سجنها ونفضت عنها الرماد، لا زمان يقيّد حركتها ولا مكان يحتويها، تتأرجح بين ماض قد انقضى بزمن الدنيا وقادم اضحى متاحا جليّا،...


 كانت رغم تحررها مقيّدة بالبحث عن صورتها التي ما فتأت ترسمها وتحدد أبعادها في عالم يحكمه الخذلان والتنكر ، تمرّ على ما مضى من الأحداث تسألها : 


ما الذي دعاك حتى تقفين حاجزا أمام الوصل ؟ 

فتردّ الوقائع : 


غريب أمركم أيها البشر، ما تفتؤون تتباكون على أمور أنتم من رسم معالمها لوحدكم ثم تعلقون عجزكم على الظروف ...


واصلت الروح طريقها بلا منهج وقد زادت حيرتها قائلة في نفسها : هل حقا أن ما يحدث هو نتاج العجز ؟ أم هل أن الانسان نتاج ما توسوس له نفسه وأن الاقدار تسير بالضرورة حسب ما يستقر في الألباب والعقول ؟ 


في غمرة حيرتها شعرت بريح طيبة تجتاحها وتحيط بها من كل جانب لم تستشعر عبقها من قبل. انتشت و حاولت أن تستجلي الأمر،... لا أحد في الجوار, بل أن كل الأرواح تسبح دون تلامس بصمت وسكينة وكأنها جميعا أتت للغاية نفسها، أتت لتشفي غليل حيرتها وتجد لها جوابا عن تساؤلاتها ...


ترى أ يتحقق ما عجزت عليه في زمن المادة ؟ أ يكون لقاء لا تحكمه الظروف ولا الاعذار الواهية ؟


ولا "المكتوب " ؟ 


نام كأنه ميت غادر الدنيا والتحق بعالم لا تدركه الأبصار و تجلت روحه شفافة في عالم الأرواح المبعثرة. 


كانت ليلة لا تشبه ما مضى من ليالي عمره المنصرم، أفاق على صوت طرق خفيف على الباب، لم يطرق أحد بابه منذ أن قرر اعتزال الناس و العيش في بيت منزو آخر الحي المنسي ..


قام متثاقلا كأنه لا يرغب في معرفة هوية الطارق، بعدما فقد الرّغبة في التّواصل واتّخذ من روحه شريكة تقاسمه ولا يشعر أنه بحاجة لمن يعكّر صفو خلوته بها، الشعور بالاكتفاء بعد الخذلان افقده حماس المفاجآت.


فتح الباب وعاد الى الأريكة المحاذية لفراشه قائلا دون أن ينظر في وجه الزائر ولا تبدو عليه ملامح الخوف أو الخشية : 


تفضل .


مرت برهة من الزمن و لا أحد تجاوز عتبة الباب، إلا أن عطرا مألوفا ملأ أرجاء البيت وغيّر رائحة الرطوبة  المنبعثة كأن الفضاء تحول الى دكّان عطور في المدينة العتيقة، تبدلت ملامحه ونزع رداء الخمول وبدا كأنه يُبعث من جديد. عاد مسرعا الى الباب معتذرا عن سوء ما بدر منه، و قد ملأ الحماس قلبه وتملكه الفضول.


جال ببصره خارجا علّه يرى أثرا دون جدوى، لا أحد في الخارج بل بان له الشارع خاليا لا حياة فيه، عاد أدراجه وقد ازدادت حيرته، قائلا في نفسه " يُطرق الباب ولا أحد يطرقه، يفوح الفضاء عطرا ولا أثر لمن عطّره ؟ " 


جلس على الأريكة وقد وضع رأسه بين كفيه وأغمض عينيه عسى أن يجمع شتات عقله قبل أن يدركه الجنون، ...


 لم يكن الطارق سوى روح أتت تسأل عن روحه، وقد غادرا سويا الى رحب الفضاء حيث الالتقاء لا تحكمه الشهوة ولا تقف ضدّه الظّروف .







معاناة موظف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


معاناة موظف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن

 

 السلام عليكم ، 

معاناة موظف : 

استلقى على سريره بعد إجهاد يوم شاق في العمل ، هذا الوقت من اليوم الذي ينتظره كل يوم بدايةً من الصباح الباكر الذي يرتدي فيه تلك البذَّة المكررة التي يذهب بها إلى العمل حيث يَمقُتها كما يكره عمله ويَوُد التحرر منها مذُ أنْ يرتديها ، وبعدما يستيقظ من تلك القيلولة القصيرة يقرر الذهاب للمطعم المجاور لتناول بعض الطعام الذي يَسِد جوعه والمسمى بوجبة الغذاء التي لا يأكل سواها تقريباً على مدار اليوم بفعل قِلة ماهيته ورفض المدير رفع المرتبات وهذا ما يُزيد من كرهه للعمل الذي لا يجد منه العائد المُرضي لكل ما يبذله من جهود فيرغب في تركه في أقرب فرصة ولكن تلك الفرصة لا تسنح أبداً فيضطر للاستكمال في تلك المهنة ولو بشكل مؤقت لحين إيجاد أفضل منها حيث تُدِر عليه بعض المال الذي يكفي قوت يومه على أقل حال ولكنه يفكر في المستقبل فكيف يتخيل أنْ يلبي هذا الأجر الزهيد متطلبات أسرته فيما بَعْد وهذا ما يُنغِّص عليه حياته ويجعله في حالة سُخط دائم على الأوضاع الحالية التي تمر بها البلاد من غلاء الأسعار وقلة الأجور ، ثم يعود ويسأل حاله كيف يعيش البسطاء الأقل منه مالاً فيحمد الله كثيراً على هذا الرزق الزهيد الذي يَكفيه ويستره ويُلبي حاجياته القليلة ، وفي اليوم التالي يعود ليمارس نفس الطقوس بلا جديد وهذا ما يُضفي مزيداً من الملل والبؤس على حياته التي يعيشها وحيداً تجنباً لازدياد المخاوف إنْ قرر الارتباط بأحد في ظل تلك الظروف الراهنة ، فهو ليس بحاجة لمزيد من المسئوليات والشعور بالذنب والتقصير نتيجة توريط شخص آخر معه في تلك الأوضاع التي لا يقدر على التَكيُّف معها وحده حيث يُصيبه التذمُّر من حين لآخر رُغماً عن إرادته فكيف سيتحمله أحد أيضاً بحالته تلك ، فهو يعيش في ضغط دائم ويعاني من الإفلاس في نهاية كل شهر دون أنْ يخبر أحداً ، يُكفي ذاته بكل الأشياء المتاحة التي يملُكها دون أي شكوى لأي إنسان ، ولكنه قد يشكو لمديره حينما يفيض به الكيل من فترة لأخرى مُطالباً بزيادة الراتب بعض الشيء فيُجاب طلبه بالرفض أو التأجيل كما هو معتاد فيُفضِّل الصمت والعيش في هدوء دون أنْ يطالب بأقل حقوقه التي تمكِّنه من عيش حياة آدمية كسائر الخلق ، لذا فالنوم هو الحل الأمثل والجزء الأفضل من اليوم بالنسبة إليه الذي ينتظره بفارغ الصبر حيث يُخلِّصه من التفكير في كل تلك المسائل المعقدة ومن هؤلاء الذين يتهمونه بالتذمر وعدم الرضا بحاله أو ينظرون إليه ببعض التعجب والدهشة نظراً لغضبه الدائم الذي يَبعث الشَرار من عينيه دون أنْ يدري ، فهو عابس الوجه دائماً لا يكاد يبتسم مرةً ولو بالخطأ ولكنهم ليسوا على علم بظروفه التي اضطرته لاتخاذ هذا الشكل بصورة دائمة حيث يرى أنه لا داعي للنفاق والابتسام الذي لا يُعبِّر عن حالِه بالمرة ...



 احك يا شكيب : " ضيعة الحارس "  الجزء الثاني | بقلم  الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " ضيعة الحارس "  الجزء الثاني | بقلم  الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : " ضيعة الحارس "  الجزء الثاني | بقلم  الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



بعدما اقتنع الابن بما أخبرته به والدته بخصوص الضيعة ، شعر بأن والدته انتابها قلق مما اخبرها به كونه سيشتري ضيعة بالديار الفرنسية ، فدار بينهما حوار ثاني كالآتي .: 

الابن : أماه شعرت انك قلقة مما اخبرتك به ؟ 

الأم : صدقا و حقا أقول  نعم 

الابن : لم تسأليني يا أماه عن السبب 

الأم : فما هو الدافع يا ابني لهذا الاختيار ؟ 

الابن : أماه انت تعلمين بأن أولادي ولدوا بالمهجر بفرنسا باريس حيث أقيم 

الأم : نعم أعرف هذا يا بني 

الابن : أماه ما لا تعرفينه أن أولادي تطبعوا بطباع جيلهم من الشباب الفرنسي ، فهم يعشقون المرح و حب المغامرة و يحبون السفر 

الأم : كل الاولاد يحبون هذا فأين المشكل يا بني ؟ 

الابن : أماه نحن المهاجرون في بلد المهجر بعد بلوغ الاولاد لسن الثامنة عشرة لا تصبح لنا عليهم سلطة فهم يصبحون أحرارا في كل تصرفاتهم ، و لا ينفع معهم التسلط و إنما الأمور تدار معهم بالحوار و الإقناع فقط 

الأم : و أين المشكل يا بني ؟ 

الابن : يا أماه أولادي  ضجروا مما عاشوه أثناء حضورهم للمغرب ، بمجرد وصولهم  لا يسمعون  سوى أن قريبتهم فلانة متخاصمة مع أختها فلانة و خالهم فلان قاطع شقيقه فلان بسبب إرث ورثوه عن والدهما ، و إذا أرادوا الحصول على وثيقة يتطلب الأمر منهم وقتا طويلا و مساطر معقدة ، فقرروا فيما   بينهم أن لا يجعلوا وجهتهم في كل عطلة نحو بلدهم  المغرب  ، 

الأم : يا بني ألا ترى بأنهم سيحرموننا من صلة الرحم معهم ؟ 

الابن : يا أماه  سبق و أخبرتك بأنهم الان أصبحوا راشدين و أي صراع بيني و بينهم سيجعلني أفقدهم ، لذا قررت أن أشتري ضيعة بفرنسا حتى يتسنى لي الحفاظ على وحدتنا و أضمن حضورهم بين الفينة و الأخرى لقضاء عطل و نهايات أسبوع سوية 

الام : الان فهمت قصدك يا بني 

الابن : هذه ضريبة الهجرة يا أماه 

 الابن : أعدك يا أماه أن أبذل جهدي لجعلهم يزورون بلدهم  كلما أتيحت الفرصة لذلك ، كنت أتمنى لو أن مسؤولي  وطننا يعملوا كما فعلت و تفعل دولة تركيا بتحبيب دول العالم لزيارة بلدهم من خلال التشجيع على السياحة بأثمنة جد مناسبة و بإشهارات تحفيزية و نحن في وطننا المغرب لنا من المؤهلات الكثير ، جبال و سهول و بحار و مناطق غابوية ذات روعة  و مناطق صحراوية و مآثر ضاربة في أعماق التاريخ .. 

الأم : بالفعل يا بني نتمنى يا بني أن يتحقق ذلك في أقرب الآجال 

الابن : يا أماه و في انتظار تحقيق ذلك فأنت مدعوة لزيارتنا في ضيعتنا الجديدة و سنضمن لمة عائلية هناك 

ذ شكيب مصبير




 

احك يا شكيب :  " ضيعة الحارس " | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



احك يا شكيب :  " ضيعة الحارس " | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب :  " ضيعة الحارس " | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


شاب في الأربعينيات من  عمره مغربي الأصل و فرنسي الجنسية ، هاجر لدولة فرنسا  تحقيقا لحلم راوده منذ الصغر ، فانتهى به المطاف بباريس حلم شباب جيله ، فزاول مهنا عديدة ، وجد واجتهد و كابد  سنين ذوات العدد  إلى ان اهتدى لمشروع تجاري بدأ بسيطا و بعده أصبح محلا تجاريا  لابأس به لبيع المواد الغذائية ، يجلب له كل ما لد و طاب و منها مواد يجلبها من دول مغاربية مثل المغرب و تونس و الجزائر فأصبح محجا لسكان الضواحي الباريسية و حتى الفرنسيين ، و في خضم كل ذلك كون أسرة و أصبح له  ذرية ، و كان أيضا من  بين أحلامه و طموحاته امتلاك عقارات داخل فرنسا ووطنه الأصل المغرب ، و بالفعل حقق ذلك بأن أصبحت له شقة متوسطة بباريس و منزل بالمغرب مضاف اليهما ضيعة كبيرة بضواحي مدينة الرباط ، و كان من عادته ان يقضي عطلته السنوية بالمغرب التي مدتها شهر  بالتمام و الكمال ، و لم يكن يفته زيارة دول مجاورة خلال السنة  ، و لكن عطلته السنوية كانت مخصصة لبلده المغرب حيث يلتقي بالعائلة الكبيرة و تكون فرصة لصلة الرحم و السفر سوية لمدن ساحلية أو جبلية أو جنوب المغرب أو شرقه حسب الاتفاق ، 

مرة و هو يقضي عطلته الصيفية بالمغرب دار حوار بينه و بين والدته   حكاه لي كالآتي :  

الأم : يا ابني الغالي و العزيز هل هذه " الفيرمة"  الضيعة التي نتواجد بها الآن هي لك ؟ 

الابن : نعم يا أماه هي ضيعتي 

الأم : هل هي ملك خاص و خالصة لك ؟ 

الابن : نعم يا أماه 

الأم : لا اعتقد يا بني 

الابن : و الله يا أماه هي ملك لي  اشتريتها بمالي الخاص و هي في اسمي و لا أحد له معي فيها شيء و الوثائق معي تثبت ذلك 

الأم : أنا يا ابني اعرف كل هذا و لكن الحقيقة التي  لا تعرف انت و هي ان الضيعة لغيرك 

الابن : يا أمي كلامك هذا  أقلقني هل لك ان توضحي  لي كثيرا بالفعل لم افهم مقصودك من هذا الكلام الذي حيرني ؟ 

الأم : يا بني حسب ما أرى انت تأتي للمغرب مرة كل سنة و لمدة شهر  هل هذا صحيح يا بني ؟ 

الابن : نعم يا أماه و أين المشكل يا والدتي ؟ 

الأم : و هل تقضي كل الشهر هنا ؟ 

الابن : لا يا أماه ، كما تعلمين نقضي عشرة أيام أو على أبعد تقدير أسبوعين 

الأم : و من  يقيم كل أيام السنة هنا ؟ 

الابن : السيد الحارس و أسرته 

الأم :  يا بني ماذا يوجد بضيعتك؟ 

الابن : زراعة حبوب و خضر وفواكه و حيوانات و طيور 

الام : و من يستفيد من كل هذا خلال أيام السنة ؟ 

الابن : يا أماه لحد الان لم افهم مقصودك جيدا 

 الام : يا بني حسب ما أرى ان الحارس هو صاحب الضيعة فعليا لانه هو من يستمتع بخيراتها طوال أيام السنة و انت تأخذ فتات ما يبقى من مداخيلها و في كثير من الاحيان انت من تنفق لتسديد مصاريفها ، و تستفيد منها فقط لمدة أسبوعين على أبعد تقدير خلال كل سنة 

الابن : نعم يا أماه كل ما قلته حق و صدق 

الام : سؤالي سيكون واضحا فمن هو صاحب الضيعة يا بني ؟ 

الابن : حسب كل ما تقدمت به فصاحب الضيعة يا أماه هو الحارس و أسرته ، أما أنا فمالك الضيعة بالوثائق فقط 

الام : اذن أنا كنت صادقة فيما قلته لك يا بني 

الابن : شكرا لك يا أماه على ما تفضلت به لي و الان سأفكر في شراء ضيعة هناك حيث أقيم واستمتع بها أنا و أسرتي الصغيرة و أسرتي الكبيرة  التي انت ضمنهم عندما تبادلوني الزيارة في المهجر 

ذ شكيب مصبير




احك يا شكيب : "  أحببناهم كما أحببنا محمولاتهم" | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير 


احك يا شكيب : "  أحببناهم كما أحببنا محمولاتهم" | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : "  أحببناهم كما أحببنا محمولاتهم" | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



طلعتهم كانت تدخل الفرحة في قلوب جيلي و جيل من قبلي و جيل من بعدي ، إنهم سعاة البريد كانوا رجالا يحملون حقائب على أكتافهم  بداخلها رسائل بألوان وطوابع بريدية من جنسيات مختلفة ، كل منتظر و منتظرة يترقبان بشوق رسالة تحمل خبرا سارا أو حوالة مالية أو فاتورة يجب أداؤها ، نعم كانت لنا مراسلات صداقة مع أجنبيات و كانت موضة ذاك الزمان ، منا من كان حلمه زواج من شقراء تجعله يغادر بلده نحو جنة الخلد كما كان الاعتقاد سائدا آنذاك ، و منا  من كانت أمنيته تطوير لغة أجنبية و معرفة عادات و تقاليد الغير  يضاف  اليها شراء جريدة فرنسية بها  ملحق  يكتب فيه الشباب مقالات " لوپنيون دي جون "  l opinion des jeunes  و أنا كنت من هذا الصنف ، كانت لي صديقة برتغالية و كنا نتبادل الرسائل و كانت والدتي الحاجة تعينني على هذه المهمة ، و مع مرور الايام تحقق لبعض من أصدقائي ما كانوا  يصبون اليه  هجرة إلى سويسرا أو فرنسا أو بريطانيا  … و كونوا  أسرا هناك و لا زالوا يعيشون بها إلى الآن  ، منهم من نجح منذ زواجه الاول و منهم من عاود الزواج ثانية بأجنبية و منهم من عاد و اختار بنت البلد لتعيش معه هناك ،  فساعي  البريد كان محبوبا بما يحمل معه من أخبار سارة و كانت لي  جارة تنتظر حوالة بمبلغ زهيد تأتيها كل شهر لتفرج بها كربتها معاش من فرنسا  يكاد يسد رمقها  و جوعتها ، و أخرى تنتظر حوالة عبارة عن معاش زوجها المتوفى بمبلغ زهيد كل ثلاثة أشهر ، و لا أنسى بناتا لم يكن يجدن من يقرأ لهن تلك الرسائل كما كان حال بعض الرجال و النساء الذين ينتظرون رسائل تأتيهم من أولادهم يقيمون خارج الوطن ، فيتولى هذه المهمة شباب من الذكور و الإناث فيقوموا بهذا الواجب الذي يذر عليهم ذكورا و اناثا دعوات و دراهم و هدايا في عطلة الصيف ،   و  ساعي البريد كذلك كان له حظ من الدراهم و الهدايا و الدعوات و قبل على الجبين و الخد  لما يجلبه من فرح ، و لكن مع مرور السنين و دخول دول العالم لعالم الرقمنة خبا و أفل نجم ساعي البريد الذي أصبح يشتغل جنبا إلى جنب مع إمرأة تقوم بنفس المهمة فأصبح دورهما جلب فواتير  ضرائب مختلفة و كهرباء وماء  و إنترنيت و هاتف   ، و لا نكاد نراهم  و لم تعد لنا رغبة في اللقاء بهم و لم نعد نعرف من هم كما كان الحال من قبل ، لان الهاتف و الحاسوب و كل الوسائل الرقمية الجديدة قامت بالدور في أقل مدة زمنية و هي رمشة عين عوض الايام و الأسابيع و الشهور و السنوات ، شكرا لك سيدي ساعي البريد على ما كنت تفرحنا به مع كل إطلالة  ، و كم كانت سعادتنا أكبر و أنت تقصد بيتنا بابتسامة على محياك نفهم من خلالها فرج و خبر سار و نحن من كنا نشاركك أسرارنا و مغامراتنا  نعم شكرا لك الف مرة عشنا معك و عشت معنا زمنا جميلا افتقدناه فأصبح مجر ذكرى و لكنها ذكرى و ذكريات جميلة  

ذ شكيب مصبير




 

احك يا شكيب : " معاناة إمرأة " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير 


احك يا شكيب : " معاناة إمرأة " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
 احك يا شكيب : " معاناة إمرأة " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



خلق الله هذا الكون من زوجين  اثنين ، و شرع  لهما سنة الزواج انسجاما مع الفطرة التي  خلقهما عليها ، يميل الرجل إلى المرأة و تميل المرأة إلى الرجل ، و ليكون هذا الزواج ناجحا تسوده السكينة و الاستقرار  فلابد له من مقومات   منها  المودة التي تعني المحبة و التقدير  و كذلك مقوم أساسي ثاني  مهم وهو الرحمة  التي تعني الرفق و التعاون ، و لكن حياتنا التي نعيشها نجد في كثير من الاحيان غياب الأساس الثاني الرحمة ، كيف ذلك ؟ نعطي مثالا بشهر فضيل  ألا وهو شهر رمضان شهر الرحمة و الغفران ، ففي هذا الشهر ،فمن عادات المغاربة و غيرهم من الدول الإسلامية كثرة الاستهلاك و يكثر الإقبال على ما لد وطاب من المأكولات و المشروبات ، و التي تتحمل هذه المشاق الزوجة ، سواء كانت ربة بيت أو موظفة تبدأ نهارها مبكرا و لا ينتهي بها  المطاف  إلا مع وجبة السحور ، في حين تجد  في كثير من الاحيان البنت و الابن و الاب إما في العمل أو الدراسة و بعد عودتهم يأخذون قسطا من الراحة ، نوم و مشاهدة تلفاز أو قراءة كتاب أو تتبع ما يمكن مشاهدته عبر جهاز هاتف ذكي ، و لا يتململون إلا مع اقتراب آذان صلاة المغرب ، و بعد تناول وجبة الفطور و الصلاة يسرعون لمشاهدة التلفاز و الذهاب للمسجد وبعد الصلاة يذهب الزوج للمقهى و الاولاد منشغلون بتتبع مسلسلات رمضانية ، و تبقى تلك الزوجة حبيسة مطبخ تغسل الاواني و تهيئ وجبة العشاء و السحور  طيلة شهر فضيل و كأنها غير معنية بفضائله و واجب عليها القيام بذلك لوحدها دون مساعدة باقي أهلها ، يا لها من أنانية قاسية بل في آخر يوم من شهر رمضان تبقى مستيقظة طوال الليل تهيئ مستلزمات يوم العيد من فطائر  و حلويات و واجب عليها ايقاظ افراد أسرتها صباحا … و نفس الشيء يحدث معها أثناء عطلة الصيف فالجميع يسافر و يستمتعون بالعطلة بين سباحة و تنزه و سهر و قدرها ملازمة مطبخ و إعداد طعام طيلة يومها يا لها من أنانية !!! و هذا قليل من كثير فهي ملزمة باستقبال الاولاد بعد عودتهم من الدراسة بل هي من يهيئ لهم ما يحتاجونه قبل الذهاب للتمدرس ، أي ظلم هذا الذي تعيشه المرأة في مغربنا هذا ، أين نحن من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " رفقا بالقوارير " و من حديث آخر " لا يكرمهن إلا كريم  و لا يهينهن إلا لئيم " أي إهانة أكبر من جعل المرأة حبيسة مطبخ في كل الأوقات و المناسبات !!!!

ذ. شكيب مصبير




 

احك يا شكيب : " المرأة العجوز المتعففة " | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " المرأة العجوز المتعففة " | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : " المرأة العجوز المتعففة " | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


من الظواهر التي أصبحت تعرفها بعض المدن الاوربية وجود أسواق صغيرة تباع فيها الخضروات و الفواكه و اخرى تباع فيها الملابس و اخرى تباع فيها التحف و الأواني و الالات المنزلية المستعملة و هلم جرا … 

و هذه الأسواق يزاول فيها هذه المهام بعض من أهل البلد و مهاجرون من جنسيات مختلفة ، و مما أثار انتباهي قيام سوق للخضر و الفواكه قرب مجمع لمحلات تجارية بها مأكولات من كل الاصناف سمك ،فواكه ، فواكه جافة ، لحوم …شرع العمل في السوق الأسبوعي المحلي على الساعة التاسعة صباحا و انفض على الساعة الثانية زوالا ، فرأيت امرأة مسنة عمرها يزيد عن التسعين بشعر ابيضّ و ظهر منحن ، تدفع حقيبة خضر فارغة و بعد لحظة بدأت تبحث في صناديق خضر و تجمع ما تبقى منها و تضعهم في حقيبتها المذكورة و لم تكتف بذلك بل بدأت في تنظيف المكان و خاصة الطاولات التي كانت تباع فيها الخضر دون أن يطلب منها أي بائع ذلك ، لان مستخدمو البلدية بعد انتهاء الوقت المسموح به لهم يأتون و ينظفون المكان ، و كانت تقوم بعملية النظافة بتأن و إتقان و حب ، مما زاد احترامي لها و تقديري الذي لا يمكن معه إلا أن نرفع لها القبعة ، و قلت مع نفسي يا لها من امرأة قل نظيرها لم تكتف بأخذ الخضر و الفواكه و أن تذهب لحالها و لن يطالبها أي أحد بفعل ما فعلت و إنما أخذت على نفسها تقديم خدمة مقابل ما حملت معها من خضر. 

ذ. شكيب مصبير




 

احك يا شكيب : "غباء و شقاء" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : "غباء و شقاء" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : "غباء و شقاء" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



حكى لي صديقي لما كان تلميذا بقسم الباكالوريا في عطلة نهاية السنة الميلادية أنه سافر لزيارة أقاربه ، و تزامن وقت وصوله المساء ، فلما قرع باب منزل أقاربه لم يجبه أحد ، و بقي لفترة طويلةوهو ينتظر مجيء أحدهم ،  و في الأخير قرر أن يسأل أحد الجيران لعله يخبره بسبب عدم وجودهم ، و قد أخبرهم بزيارته لهم ، فأجابه الجار أنهم  غادروا البيت لحضور جنازة  أحد أقاربهم يقطن في نفس المدينة ، و سأله ثانية هل يعرف المكان ؟ فأجابه معتذرا بأنه  لا علم له بما طلب ، هنا تساءل صديقي ماذا يجب عليه أن يفعل في غياب هواتف نقالة و قلة الهواتف الثابتة ؟ فما كان عليه سوى الذهاب لتمضية الوقت و العودة في منتصف الليل  و يضمن نوما مريحا في فصل شتاء ليله شديد البرودة ، و بالفعل ذلك ما كان ذهب لقاعة السينما و اشترى  تذكرة و شاهد فيلمين و بعدها عاد للمنزل فلم يجد أحدا ، فضرب الأخماس في الاسداس و عاد ثانية لمقهى قريب من السينما و من محطة القطار  و جلس فيها لساعات طوال و شرب فناجين من القهوة ، و بعد ذلك سمع أذان صلاة الصبح و استبشر خيرا  و فكر أنه بعد الصلاة سيأخذ قسطا من الراحة في أحد جنبات المسجد   في انتظار الصباح ، و لكن خيبته كانت مؤلمة لان الامام بعد الصلاة انتظر من أتوا متأخرين ليكملوا صلاتهم ثم بعد ذلك أغلق المسجد و لم يقرأوا الحزب كما يفعل في باقي المساجد ، فعاد صديقي للمقهى القريب من  محطة القطار منتظرا و نادبا سوء حظه ، و هو الذي كان محاطا بأطفال الشوارع  الذين يعيشون التشرد و يبيتون  في مداخل العمارات   ، متفاديا الحديث معهم خوفا من ان يسرقوا ما معه من نقودقليلة و ملابسه التي بداخل حقيبة كان يحملها معه، فكانت ليلته بيضاءلم يرى فيها طعم النوم  و سوداء بقيت عالقة في ذاكرته من سوء ما عانى منه من خوف و قلة نوم و سوء تدبير   ، و في الصباح  الباكر توجه نحو منزل عائلته و تزامن ذلك مع حضور واحد من أقاربه الذي فرح  بقدومه و   توجها معا إلى بيت العزاء الذي كان على بعد كيلومترات ، فقام صديقي بواجب العزاء فأدخلوه غرفة ليرتاح فيها بعض الوقت لكنه نام نوما   عميقا استغرق يوما كاملا من الصباح إلى غاية الصباح الموالي ، و بعد أن استيقظ حكى لأقاربه كيف قضى ليلته فبدأوا في عتابه  و اخبره أحدهم لم لم تستأجر غرفة في نزل " أوطيل"  ، و اخبره  آخر و هو يستهزئ منه لم لم تشتر تذكرة إياب و تعود من حيث أتيت و كنت على الاقل ستضمن نوما مريحا في يوم بارد من أيام " الليالي " التي تكون شديدة البرودة " فضحك الجميع من غبائه الذي سبب له شقاء لم ينساه  ،  و هي الحكاية التي لازمته طوال حياته كلما اجتمعنا نحن الأصدقاء إلا و أعاد حكيها لنا .

ذ شكيب مصبير