Articles by "قصص"
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص. إظهار كافة الرسائل

 من أمر الروح... | بقلم الكاتب التونسي / عبد الرزاق بن علي  


من أمر الروح... | بقلم الكاتب التونسي / عبد الرزاق بن علي
من أمر الروح... | بقلم الكاتب التونسي / عبد الرزاق بن علي 


تأخر الوقت من ليلة تبدو باردة على غير العادة، تهالك الى فراشه وقد غلبه النّعاس، ...مر وقت طويل لم ينم، الآن فقط يمكنه فعل ذلك بعدما سلك كل السّبل المتشعبة وصاحب النجوم ليال طوال و تطبّبَ من أثر تلك الأيام بما يتداوى به الناس... لكن جرح الروح لا يطيب بالعقاقير والتمائم أو أنه لا يطيب أبدا بل يتخذ من الرماد غطاء إلى حين.


تكاثر الرماد وتكوّم حتى حجب القرح الذي ألمَّ بالروح وكاد يزهقها. 


سحب الغطاء بهدوء على وجهه متواريا من تسلل شعاع القمر من فتحة الشباك المكسور كقلبه ..


كان "مورفي" قد أصدر أخيرا أمرا لجنده حتى يعود النّوم الى حضرة هذا المكلوم، كأن جفاء النوم  عقابا له لذنب ما أو لعنة تلاحقه . غاب عن الدنيا وسافرت روحه في رحب الآفاق وقد تخلصت من سجنها ونفضت عنها الرماد، لا زمان يقيّد حركتها ولا مكان يحتويها، تتأرجح بين ماض قد انقضى بزمن الدنيا وقادم اضحى متاحا جليّا،...


 كانت رغم تحررها مقيّدة بالبحث عن صورتها التي ما فتأت ترسمها وتحدد أبعادها في عالم يحكمه الخذلان والتنكر ، تمرّ على ما مضى من الأحداث تسألها : 


ما الذي دعاك حتى تقفين حاجزا أمام الوصل ؟ 

فتردّ الوقائع : 


غريب أمركم أيها البشر، ما تفتؤون تتباكون على أمور أنتم من رسم معالمها لوحدكم ثم تعلقون عجزكم على الظروف ...


واصلت الروح طريقها بلا منهج وقد زادت حيرتها قائلة في نفسها : هل حقا أن ما يحدث هو نتاج العجز ؟ أم هل أن الانسان نتاج ما توسوس له نفسه وأن الاقدار تسير بالضرورة حسب ما يستقر في الألباب والعقول ؟ 


في غمرة حيرتها شعرت بريح طيبة تجتاحها وتحيط بها من كل جانب لم تستشعر عبقها من قبل. انتشت و حاولت أن تستجلي الأمر،... لا أحد في الجوار, بل أن كل الأرواح تسبح دون تلامس بصمت وسكينة وكأنها جميعا أتت للغاية نفسها، أتت لتشفي غليل حيرتها وتجد لها جوابا عن تساؤلاتها ...


ترى أ يتحقق ما عجزت عليه في زمن المادة ؟ أ يكون لقاء لا تحكمه الظروف ولا الاعذار الواهية ؟


ولا "المكتوب " ؟ 


نام كأنه ميت غادر الدنيا والتحق بعالم لا تدركه الأبصار و تجلت روحه شفافة في عالم الأرواح المبعثرة. 


كانت ليلة لا تشبه ما مضى من ليالي عمره المنصرم، أفاق على صوت طرق خفيف على الباب، لم يطرق أحد بابه منذ أن قرر اعتزال الناس و العيش في بيت منزو آخر الحي المنسي ..


قام متثاقلا كأنه لا يرغب في معرفة هوية الطارق، بعدما فقد الرّغبة في التّواصل واتّخذ من روحه شريكة تقاسمه ولا يشعر أنه بحاجة لمن يعكّر صفو خلوته بها، الشعور بالاكتفاء بعد الخذلان افقده حماس المفاجآت.


فتح الباب وعاد الى الأريكة المحاذية لفراشه قائلا دون أن ينظر في وجه الزائر ولا تبدو عليه ملامح الخوف أو الخشية : 


تفضل .


مرت برهة من الزمن و لا أحد تجاوز عتبة الباب، إلا أن عطرا مألوفا ملأ أرجاء البيت وغيّر رائحة الرطوبة  المنبعثة كأن الفضاء تحول الى دكّان عطور في المدينة العتيقة، تبدلت ملامحه ونزع رداء الخمول وبدا كأنه يُبعث من جديد. عاد مسرعا الى الباب معتذرا عن سوء ما بدر منه، و قد ملأ الحماس قلبه وتملكه الفضول.


جال ببصره خارجا علّه يرى أثرا دون جدوى، لا أحد في الخارج بل بان له الشارع خاليا لا حياة فيه، عاد أدراجه وقد ازدادت حيرته، قائلا في نفسه " يُطرق الباب ولا أحد يطرقه، يفوح الفضاء عطرا ولا أثر لمن عطّره ؟ " 


جلس على الأريكة وقد وضع رأسه بين كفيه وأغمض عينيه عسى أن يجمع شتات عقله قبل أن يدركه الجنون، ...


 لم يكن الطارق سوى روح أتت تسأل عن روحه، وقد غادرا سويا الى رحب الفضاء حيث الالتقاء لا تحكمه الشهوة ولا تقف ضدّه الظّروف .







معاناة موظف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


معاناة موظف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن

 

 السلام عليكم ، 

معاناة موظف : 

استلقى على سريره بعد إجهاد يوم شاق في العمل ، هذا الوقت من اليوم الذي ينتظره كل يوم بدايةً من الصباح الباكر الذي يرتدي فيه تلك البذَّة المكررة التي يذهب بها إلى العمل حيث يَمقُتها كما يكره عمله ويَوُد التحرر منها مذُ أنْ يرتديها ، وبعدما يستيقظ من تلك القيلولة القصيرة يقرر الذهاب للمطعم المجاور لتناول بعض الطعام الذي يَسِد جوعه والمسمى بوجبة الغذاء التي لا يأكل سواها تقريباً على مدار اليوم بفعل قِلة ماهيته ورفض المدير رفع المرتبات وهذا ما يُزيد من كرهه للعمل الذي لا يجد منه العائد المُرضي لكل ما يبذله من جهود فيرغب في تركه في أقرب فرصة ولكن تلك الفرصة لا تسنح أبداً فيضطر للاستكمال في تلك المهنة ولو بشكل مؤقت لحين إيجاد أفضل منها حيث تُدِر عليه بعض المال الذي يكفي قوت يومه على أقل حال ولكنه يفكر في المستقبل فكيف يتخيل أنْ يلبي هذا الأجر الزهيد متطلبات أسرته فيما بَعْد وهذا ما يُنغِّص عليه حياته ويجعله في حالة سُخط دائم على الأوضاع الحالية التي تمر بها البلاد من غلاء الأسعار وقلة الأجور ، ثم يعود ويسأل حاله كيف يعيش البسطاء الأقل منه مالاً فيحمد الله كثيراً على هذا الرزق الزهيد الذي يَكفيه ويستره ويُلبي حاجياته القليلة ، وفي اليوم التالي يعود ليمارس نفس الطقوس بلا جديد وهذا ما يُضفي مزيداً من الملل والبؤس على حياته التي يعيشها وحيداً تجنباً لازدياد المخاوف إنْ قرر الارتباط بأحد في ظل تلك الظروف الراهنة ، فهو ليس بحاجة لمزيد من المسئوليات والشعور بالذنب والتقصير نتيجة توريط شخص آخر معه في تلك الأوضاع التي لا يقدر على التَكيُّف معها وحده حيث يُصيبه التذمُّر من حين لآخر رُغماً عن إرادته فكيف سيتحمله أحد أيضاً بحالته تلك ، فهو يعيش في ضغط دائم ويعاني من الإفلاس في نهاية كل شهر دون أنْ يخبر أحداً ، يُكفي ذاته بكل الأشياء المتاحة التي يملُكها دون أي شكوى لأي إنسان ، ولكنه قد يشكو لمديره حينما يفيض به الكيل من فترة لأخرى مُطالباً بزيادة الراتب بعض الشيء فيُجاب طلبه بالرفض أو التأجيل كما هو معتاد فيُفضِّل الصمت والعيش في هدوء دون أنْ يطالب بأقل حقوقه التي تمكِّنه من عيش حياة آدمية كسائر الخلق ، لذا فالنوم هو الحل الأمثل والجزء الأفضل من اليوم بالنسبة إليه الذي ينتظره بفارغ الصبر حيث يُخلِّصه من التفكير في كل تلك المسائل المعقدة ومن هؤلاء الذين يتهمونه بالتذمر وعدم الرضا بحاله أو ينظرون إليه ببعض التعجب والدهشة نظراً لغضبه الدائم الذي يَبعث الشَرار من عينيه دون أنْ يدري ، فهو عابس الوجه دائماً لا يكاد يبتسم مرةً ولو بالخطأ ولكنهم ليسوا على علم بظروفه التي اضطرته لاتخاذ هذا الشكل بصورة دائمة حيث يرى أنه لا داعي للنفاق والابتسام الذي لا يُعبِّر عن حالِه بالمرة ...



 احك يا شكيب : " ضيعة الحارس "  الجزء الثاني | بقلم  الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " ضيعة الحارس "  الجزء الثاني | بقلم  الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : " ضيعة الحارس "  الجزء الثاني | بقلم  الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



بعدما اقتنع الابن بما أخبرته به والدته بخصوص الضيعة ، شعر بأن والدته انتابها قلق مما اخبرها به كونه سيشتري ضيعة بالديار الفرنسية ، فدار بينهما حوار ثاني كالآتي .: 

الابن : أماه شعرت انك قلقة مما اخبرتك به ؟ 

الأم : صدقا و حقا أقول  نعم 

الابن : لم تسأليني يا أماه عن السبب 

الأم : فما هو الدافع يا ابني لهذا الاختيار ؟ 

الابن : أماه انت تعلمين بأن أولادي ولدوا بالمهجر بفرنسا باريس حيث أقيم 

الأم : نعم أعرف هذا يا بني 

الابن : أماه ما لا تعرفينه أن أولادي تطبعوا بطباع جيلهم من الشباب الفرنسي ، فهم يعشقون المرح و حب المغامرة و يحبون السفر 

الأم : كل الاولاد يحبون هذا فأين المشكل يا بني ؟ 

الابن : أماه نحن المهاجرون في بلد المهجر بعد بلوغ الاولاد لسن الثامنة عشرة لا تصبح لنا عليهم سلطة فهم يصبحون أحرارا في كل تصرفاتهم ، و لا ينفع معهم التسلط و إنما الأمور تدار معهم بالحوار و الإقناع فقط 

الأم : و أين المشكل يا بني ؟ 

الابن : يا أماه أولادي  ضجروا مما عاشوه أثناء حضورهم للمغرب ، بمجرد وصولهم  لا يسمعون  سوى أن قريبتهم فلانة متخاصمة مع أختها فلانة و خالهم فلان قاطع شقيقه فلان بسبب إرث ورثوه عن والدهما ، و إذا أرادوا الحصول على وثيقة يتطلب الأمر منهم وقتا طويلا و مساطر معقدة ، فقرروا فيما   بينهم أن لا يجعلوا وجهتهم في كل عطلة نحو بلدهم  المغرب  ، 

الأم : يا بني ألا ترى بأنهم سيحرموننا من صلة الرحم معهم ؟ 

الابن : يا أماه  سبق و أخبرتك بأنهم الان أصبحوا راشدين و أي صراع بيني و بينهم سيجعلني أفقدهم ، لذا قررت أن أشتري ضيعة بفرنسا حتى يتسنى لي الحفاظ على وحدتنا و أضمن حضورهم بين الفينة و الأخرى لقضاء عطل و نهايات أسبوع سوية 

الام : الان فهمت قصدك يا بني 

الابن : هذه ضريبة الهجرة يا أماه 

 الابن : أعدك يا أماه أن أبذل جهدي لجعلهم يزورون بلدهم  كلما أتيحت الفرصة لذلك ، كنت أتمنى لو أن مسؤولي  وطننا يعملوا كما فعلت و تفعل دولة تركيا بتحبيب دول العالم لزيارة بلدهم من خلال التشجيع على السياحة بأثمنة جد مناسبة و بإشهارات تحفيزية و نحن في وطننا المغرب لنا من المؤهلات الكثير ، جبال و سهول و بحار و مناطق غابوية ذات روعة  و مناطق صحراوية و مآثر ضاربة في أعماق التاريخ .. 

الأم : بالفعل يا بني نتمنى يا بني أن يتحقق ذلك في أقرب الآجال 

الابن : يا أماه و في انتظار تحقيق ذلك فأنت مدعوة لزيارتنا في ضيعتنا الجديدة و سنضمن لمة عائلية هناك 

ذ شكيب مصبير




 

احك يا شكيب :  " ضيعة الحارس " | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



احك يا شكيب :  " ضيعة الحارس " | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب :  " ضيعة الحارس " | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


شاب في الأربعينيات من  عمره مغربي الأصل و فرنسي الجنسية ، هاجر لدولة فرنسا  تحقيقا لحلم راوده منذ الصغر ، فانتهى به المطاف بباريس حلم شباب جيله ، فزاول مهنا عديدة ، وجد واجتهد و كابد  سنين ذوات العدد  إلى ان اهتدى لمشروع تجاري بدأ بسيطا و بعده أصبح محلا تجاريا  لابأس به لبيع المواد الغذائية ، يجلب له كل ما لد و طاب و منها مواد يجلبها من دول مغاربية مثل المغرب و تونس و الجزائر فأصبح محجا لسكان الضواحي الباريسية و حتى الفرنسيين ، و في خضم كل ذلك كون أسرة و أصبح له  ذرية ، و كان أيضا من  بين أحلامه و طموحاته امتلاك عقارات داخل فرنسا ووطنه الأصل المغرب ، و بالفعل حقق ذلك بأن أصبحت له شقة متوسطة بباريس و منزل بالمغرب مضاف اليهما ضيعة كبيرة بضواحي مدينة الرباط ، و كان من عادته ان يقضي عطلته السنوية بالمغرب التي مدتها شهر  بالتمام و الكمال ، و لم يكن يفته زيارة دول مجاورة خلال السنة  ، و لكن عطلته السنوية كانت مخصصة لبلده المغرب حيث يلتقي بالعائلة الكبيرة و تكون فرصة لصلة الرحم و السفر سوية لمدن ساحلية أو جبلية أو جنوب المغرب أو شرقه حسب الاتفاق ، 

مرة و هو يقضي عطلته الصيفية بالمغرب دار حوار بينه و بين والدته   حكاه لي كالآتي :  

الأم : يا ابني الغالي و العزيز هل هذه " الفيرمة"  الضيعة التي نتواجد بها الآن هي لك ؟ 

الابن : نعم يا أماه هي ضيعتي 

الأم : هل هي ملك خاص و خالصة لك ؟ 

الابن : نعم يا أماه 

الأم : لا اعتقد يا بني 

الابن : و الله يا أماه هي ملك لي  اشتريتها بمالي الخاص و هي في اسمي و لا أحد له معي فيها شيء و الوثائق معي تثبت ذلك 

الأم : أنا يا ابني اعرف كل هذا و لكن الحقيقة التي  لا تعرف انت و هي ان الضيعة لغيرك 

الابن : يا أمي كلامك هذا  أقلقني هل لك ان توضحي  لي كثيرا بالفعل لم افهم مقصودك من هذا الكلام الذي حيرني ؟ 

الأم : يا بني حسب ما أرى انت تأتي للمغرب مرة كل سنة و لمدة شهر  هل هذا صحيح يا بني ؟ 

الابن : نعم يا أماه و أين المشكل يا والدتي ؟ 

الأم : و هل تقضي كل الشهر هنا ؟ 

الابن : لا يا أماه ، كما تعلمين نقضي عشرة أيام أو على أبعد تقدير أسبوعين 

الأم : و من  يقيم كل أيام السنة هنا ؟ 

الابن : السيد الحارس و أسرته 

الأم :  يا بني ماذا يوجد بضيعتك؟ 

الابن : زراعة حبوب و خضر وفواكه و حيوانات و طيور 

الام : و من يستفيد من كل هذا خلال أيام السنة ؟ 

الابن : يا أماه لحد الان لم افهم مقصودك جيدا 

 الام : يا بني حسب ما أرى ان الحارس هو صاحب الضيعة فعليا لانه هو من يستمتع بخيراتها طوال أيام السنة و انت تأخذ فتات ما يبقى من مداخيلها و في كثير من الاحيان انت من تنفق لتسديد مصاريفها ، و تستفيد منها فقط لمدة أسبوعين على أبعد تقدير خلال كل سنة 

الابن : نعم يا أماه كل ما قلته حق و صدق 

الام : سؤالي سيكون واضحا فمن هو صاحب الضيعة يا بني ؟ 

الابن : حسب كل ما تقدمت به فصاحب الضيعة يا أماه هو الحارس و أسرته ، أما أنا فمالك الضيعة بالوثائق فقط 

الام : اذن أنا كنت صادقة فيما قلته لك يا بني 

الابن : شكرا لك يا أماه على ما تفضلت به لي و الان سأفكر في شراء ضيعة هناك حيث أقيم واستمتع بها أنا و أسرتي الصغيرة و أسرتي الكبيرة  التي انت ضمنهم عندما تبادلوني الزيارة في المهجر 

ذ شكيب مصبير




احك يا شكيب : "  أحببناهم كما أحببنا محمولاتهم" | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير 


احك يا شكيب : "  أحببناهم كما أحببنا محمولاتهم" | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : "  أحببناهم كما أحببنا محمولاتهم" | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



طلعتهم كانت تدخل الفرحة في قلوب جيلي و جيل من قبلي و جيل من بعدي ، إنهم سعاة البريد كانوا رجالا يحملون حقائب على أكتافهم  بداخلها رسائل بألوان وطوابع بريدية من جنسيات مختلفة ، كل منتظر و منتظرة يترقبان بشوق رسالة تحمل خبرا سارا أو حوالة مالية أو فاتورة يجب أداؤها ، نعم كانت لنا مراسلات صداقة مع أجنبيات و كانت موضة ذاك الزمان ، منا من كان حلمه زواج من شقراء تجعله يغادر بلده نحو جنة الخلد كما كان الاعتقاد سائدا آنذاك ، و منا  من كانت أمنيته تطوير لغة أجنبية و معرفة عادات و تقاليد الغير  يضاف  اليها شراء جريدة فرنسية بها  ملحق  يكتب فيه الشباب مقالات " لوپنيون دي جون "  l opinion des jeunes  و أنا كنت من هذا الصنف ، كانت لي صديقة برتغالية و كنا نتبادل الرسائل و كانت والدتي الحاجة تعينني على هذه المهمة ، و مع مرور الايام تحقق لبعض من أصدقائي ما كانوا  يصبون اليه  هجرة إلى سويسرا أو فرنسا أو بريطانيا  … و كونوا  أسرا هناك و لا زالوا يعيشون بها إلى الآن  ، منهم من نجح منذ زواجه الاول و منهم من عاود الزواج ثانية بأجنبية و منهم من عاد و اختار بنت البلد لتعيش معه هناك ،  فساعي  البريد كان محبوبا بما يحمل معه من أخبار سارة و كانت لي  جارة تنتظر حوالة بمبلغ زهيد تأتيها كل شهر لتفرج بها كربتها معاش من فرنسا  يكاد يسد رمقها  و جوعتها ، و أخرى تنتظر حوالة عبارة عن معاش زوجها المتوفى بمبلغ زهيد كل ثلاثة أشهر ، و لا أنسى بناتا لم يكن يجدن من يقرأ لهن تلك الرسائل كما كان حال بعض الرجال و النساء الذين ينتظرون رسائل تأتيهم من أولادهم يقيمون خارج الوطن ، فيتولى هذه المهمة شباب من الذكور و الإناث فيقوموا بهذا الواجب الذي يذر عليهم ذكورا و اناثا دعوات و دراهم و هدايا في عطلة الصيف ،   و  ساعي البريد كذلك كان له حظ من الدراهم و الهدايا و الدعوات و قبل على الجبين و الخد  لما يجلبه من فرح ، و لكن مع مرور السنين و دخول دول العالم لعالم الرقمنة خبا و أفل نجم ساعي البريد الذي أصبح يشتغل جنبا إلى جنب مع إمرأة تقوم بنفس المهمة فأصبح دورهما جلب فواتير  ضرائب مختلفة و كهرباء وماء  و إنترنيت و هاتف   ، و لا نكاد نراهم  و لم تعد لنا رغبة في اللقاء بهم و لم نعد نعرف من هم كما كان الحال من قبل ، لان الهاتف و الحاسوب و كل الوسائل الرقمية الجديدة قامت بالدور في أقل مدة زمنية و هي رمشة عين عوض الايام و الأسابيع و الشهور و السنوات ، شكرا لك سيدي ساعي البريد على ما كنت تفرحنا به مع كل إطلالة  ، و كم كانت سعادتنا أكبر و أنت تقصد بيتنا بابتسامة على محياك نفهم من خلالها فرج و خبر سار و نحن من كنا نشاركك أسرارنا و مغامراتنا  نعم شكرا لك الف مرة عشنا معك و عشت معنا زمنا جميلا افتقدناه فأصبح مجر ذكرى و لكنها ذكرى و ذكريات جميلة  

ذ شكيب مصبير




 

احك يا شكيب : " معاناة إمرأة " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير 


احك يا شكيب : " معاناة إمرأة " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
 احك يا شكيب : " معاناة إمرأة " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



خلق الله هذا الكون من زوجين  اثنين ، و شرع  لهما سنة الزواج انسجاما مع الفطرة التي  خلقهما عليها ، يميل الرجل إلى المرأة و تميل المرأة إلى الرجل ، و ليكون هذا الزواج ناجحا تسوده السكينة و الاستقرار  فلابد له من مقومات   منها  المودة التي تعني المحبة و التقدير  و كذلك مقوم أساسي ثاني  مهم وهو الرحمة  التي تعني الرفق و التعاون ، و لكن حياتنا التي نعيشها نجد في كثير من الاحيان غياب الأساس الثاني الرحمة ، كيف ذلك ؟ نعطي مثالا بشهر فضيل  ألا وهو شهر رمضان شهر الرحمة و الغفران ، ففي هذا الشهر ،فمن عادات المغاربة و غيرهم من الدول الإسلامية كثرة الاستهلاك و يكثر الإقبال على ما لد وطاب من المأكولات و المشروبات ، و التي تتحمل هذه المشاق الزوجة ، سواء كانت ربة بيت أو موظفة تبدأ نهارها مبكرا و لا ينتهي بها  المطاف  إلا مع وجبة السحور ، في حين تجد  في كثير من الاحيان البنت و الابن و الاب إما في العمل أو الدراسة و بعد عودتهم يأخذون قسطا من الراحة ، نوم و مشاهدة تلفاز أو قراءة كتاب أو تتبع ما يمكن مشاهدته عبر جهاز هاتف ذكي ، و لا يتململون إلا مع اقتراب آذان صلاة المغرب ، و بعد تناول وجبة الفطور و الصلاة يسرعون لمشاهدة التلفاز و الذهاب للمسجد وبعد الصلاة يذهب الزوج للمقهى و الاولاد منشغلون بتتبع مسلسلات رمضانية ، و تبقى تلك الزوجة حبيسة مطبخ تغسل الاواني و تهيئ وجبة العشاء و السحور  طيلة شهر فضيل و كأنها غير معنية بفضائله و واجب عليها القيام بذلك لوحدها دون مساعدة باقي أهلها ، يا لها من أنانية قاسية بل في آخر يوم من شهر رمضان تبقى مستيقظة طوال الليل تهيئ مستلزمات يوم العيد من فطائر  و حلويات و واجب عليها ايقاظ افراد أسرتها صباحا … و نفس الشيء يحدث معها أثناء عطلة الصيف فالجميع يسافر و يستمتعون بالعطلة بين سباحة و تنزه و سهر و قدرها ملازمة مطبخ و إعداد طعام طيلة يومها يا لها من أنانية !!! و هذا قليل من كثير فهي ملزمة باستقبال الاولاد بعد عودتهم من الدراسة بل هي من يهيئ لهم ما يحتاجونه قبل الذهاب للتمدرس ، أي ظلم هذا الذي تعيشه المرأة في مغربنا هذا ، أين نحن من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " رفقا بالقوارير " و من حديث آخر " لا يكرمهن إلا كريم  و لا يهينهن إلا لئيم " أي إهانة أكبر من جعل المرأة حبيسة مطبخ في كل الأوقات و المناسبات !!!!

ذ. شكيب مصبير




 

احك يا شكيب : " المرأة العجوز المتعففة " | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " المرأة العجوز المتعففة " | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : " المرأة العجوز المتعففة " | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


من الظواهر التي أصبحت تعرفها بعض المدن الاوربية وجود أسواق صغيرة تباع فيها الخضروات و الفواكه و اخرى تباع فيها الملابس و اخرى تباع فيها التحف و الأواني و الالات المنزلية المستعملة و هلم جرا … 

و هذه الأسواق يزاول فيها هذه المهام بعض من أهل البلد و مهاجرون من جنسيات مختلفة ، و مما أثار انتباهي قيام سوق للخضر و الفواكه قرب مجمع لمحلات تجارية بها مأكولات من كل الاصناف سمك ،فواكه ، فواكه جافة ، لحوم …شرع العمل في السوق الأسبوعي المحلي على الساعة التاسعة صباحا و انفض على الساعة الثانية زوالا ، فرأيت امرأة مسنة عمرها يزيد عن التسعين بشعر ابيضّ و ظهر منحن ، تدفع حقيبة خضر فارغة و بعد لحظة بدأت تبحث في صناديق خضر و تجمع ما تبقى منها و تضعهم في حقيبتها المذكورة و لم تكتف بذلك بل بدأت في تنظيف المكان و خاصة الطاولات التي كانت تباع فيها الخضر دون أن يطلب منها أي بائع ذلك ، لان مستخدمو البلدية بعد انتهاء الوقت المسموح به لهم يأتون و ينظفون المكان ، و كانت تقوم بعملية النظافة بتأن و إتقان و حب ، مما زاد احترامي لها و تقديري الذي لا يمكن معه إلا أن نرفع لها القبعة ، و قلت مع نفسي يا لها من امرأة قل نظيرها لم تكتف بأخذ الخضر و الفواكه و أن تذهب لحالها و لن يطالبها أي أحد بفعل ما فعلت و إنما أخذت على نفسها تقديم خدمة مقابل ما حملت معها من خضر. 

ذ. شكيب مصبير




 

احك يا شكيب : "غباء و شقاء" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : "غباء و شقاء" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : "غباء و شقاء" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



حكى لي صديقي لما كان تلميذا بقسم الباكالوريا في عطلة نهاية السنة الميلادية أنه سافر لزيارة أقاربه ، و تزامن وقت وصوله المساء ، فلما قرع باب منزل أقاربه لم يجبه أحد ، و بقي لفترة طويلةوهو ينتظر مجيء أحدهم ،  و في الأخير قرر أن يسأل أحد الجيران لعله يخبره بسبب عدم وجودهم ، و قد أخبرهم بزيارته لهم ، فأجابه الجار أنهم  غادروا البيت لحضور جنازة  أحد أقاربهم يقطن في نفس المدينة ، و سأله ثانية هل يعرف المكان ؟ فأجابه معتذرا بأنه  لا علم له بما طلب ، هنا تساءل صديقي ماذا يجب عليه أن يفعل في غياب هواتف نقالة و قلة الهواتف الثابتة ؟ فما كان عليه سوى الذهاب لتمضية الوقت و العودة في منتصف الليل  و يضمن نوما مريحا في فصل شتاء ليله شديد البرودة ، و بالفعل ذلك ما كان ذهب لقاعة السينما و اشترى  تذكرة و شاهد فيلمين و بعدها عاد للمنزل فلم يجد أحدا ، فضرب الأخماس في الاسداس و عاد ثانية لمقهى قريب من السينما و من محطة القطار  و جلس فيها لساعات طوال و شرب فناجين من القهوة ، و بعد ذلك سمع أذان صلاة الصبح و استبشر خيرا  و فكر أنه بعد الصلاة سيأخذ قسطا من الراحة في أحد جنبات المسجد   في انتظار الصباح ، و لكن خيبته كانت مؤلمة لان الامام بعد الصلاة انتظر من أتوا متأخرين ليكملوا صلاتهم ثم بعد ذلك أغلق المسجد و لم يقرأوا الحزب كما يفعل في باقي المساجد ، فعاد صديقي للمقهى القريب من  محطة القطار منتظرا و نادبا سوء حظه ، و هو الذي كان محاطا بأطفال الشوارع  الذين يعيشون التشرد و يبيتون  في مداخل العمارات   ، متفاديا الحديث معهم خوفا من ان يسرقوا ما معه من نقودقليلة و ملابسه التي بداخل حقيبة كان يحملها معه، فكانت ليلته بيضاءلم يرى فيها طعم النوم  و سوداء بقيت عالقة في ذاكرته من سوء ما عانى منه من خوف و قلة نوم و سوء تدبير   ، و في الصباح  الباكر توجه نحو منزل عائلته و تزامن ذلك مع حضور واحد من أقاربه الذي فرح  بقدومه و   توجها معا إلى بيت العزاء الذي كان على بعد كيلومترات ، فقام صديقي بواجب العزاء فأدخلوه غرفة ليرتاح فيها بعض الوقت لكنه نام نوما   عميقا استغرق يوما كاملا من الصباح إلى غاية الصباح الموالي ، و بعد أن استيقظ حكى لأقاربه كيف قضى ليلته فبدأوا في عتابه  و اخبره أحدهم لم لم تستأجر غرفة في نزل " أوطيل"  ، و اخبره  آخر و هو يستهزئ منه لم لم تشتر تذكرة إياب و تعود من حيث أتيت و كنت على الاقل ستضمن نوما مريحا في يوم بارد من أيام " الليالي " التي تكون شديدة البرودة " فضحك الجميع من غبائه الذي سبب له شقاء لم ينساه  ،  و هي الحكاية التي لازمته طوال حياته كلما اجتمعنا نحن الأصدقاء إلا و أعاد حكيها لنا .

ذ شكيب مصبير




 

احك يا شكيب  : "حظ تعيس" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي / ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب  : "حظ تعيس" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي / ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب  : "حظ تعيس" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي / ذ. شكيب مصبير



عبده صديقي ، أستاذا للغة العربية بما للكلمة من معنى  ، مفوه إذا تكلم و صاحب قلم رصين ، دروسه كانت تجعل التلاميذ يحضرون بل ينتظرون حصته  بفارغ الصبر لحصول المتعة و الإفادة ، عندما تكون حصة الشعر تكون المتعة أكثر ؛ خاصة عندما يتلو القصيدة أو عندما يبحر في الشرح ، وهو ايضا قاص يكتب القصة …

حدث ذات يوم أنه لم يحضر لحصص الصباح و هذا ليس من طبعه  و لا عادته ، مم طرح تساؤلات لدى  التلاميذ ؟ 

في صباح ذلك اليوم الذي تغيب فيه و كعادته نهض  صديقي الاستاذ   و توجه نحو  المطبخ و وضع في إناء ماء و في إناء آخر حليبا  فوق جهاز الكهرباء   لإعداد القهوة ، و في انتظار ذلك دخل للحمام ليغسل وجهه و يديه فارتد الباب من ورائه  فاغلق بسبب عطل وقع له من قبل و لم يصلحه ، هنا عمل صديقي جاهدا لكي يخرج من الورطة التي وقع فيها فلم يستطع  إلى ذلك سبيلا ، فبقي داخل الحمام  متحسرا فحاول ان يدق بيديه على الحائط الملتصق بجاره و الذي كان  ضعيف  السمع ،  و تذكر انه في تلك الايام التي سبقت  تهاون و ترك المواضبة على صلواته ، فكيف له الان أن يصلي و هو موجود في غرفة بداخلها مرحاض ، فندب حظه السيء ، بالإضافة إلى أن زوجته ذهبت في نهاية الأسبوع لزيارة والدته و اخوته ، فقال يا لها من نهاية بئيسة ، و في هذه الأثناء توجه التلاميذ نحو شقته لمعرفة سبب غياب أستاذهم  ، فعندما وصلوا قرعوا الباب و لا مجيب ، فكان من بينهم شابة تتوفر على رقم هاتف زوجته ، فربطت الاتصال بها و ظل هاتفها يرن  دون جواب  ،  و كانت  تظن وتعتقد  و تقول ربما  ان المتصل أخطأ الرقم ، و في الاخير و بعد عدة محاولات قررت أن تجيب ، فصدمت لما علمت أن زوجها لم يذهب للعمل ، و في تلك اللحظات خرجت مسرعة نحو محطة القطار  للحصول على تذكرة تمكنها من الوصول و معرفة  ماذا جرى ووقع ؟ و لكن من سوء حظ زوجها و حظها ان القطار المتوجه للمدينة التي يقطنان بها سيتأخر لمدة ساعة مما أثار غضبها ، و بالفعل انتظرت و لما وصلت للحي وجدت طابورا من التلاميذ و بعضا من السكان ينتظرونها في ذهول ، فلما فتحت الباب وجدت الحليب  منسكبا و باب الحمام مقفلا ، فلما فتحته التقت عيناها بعيني زوجها و في تلك اللحظة سقط مغشيا عليه ، و لما استفاق حكى حكايته و ما دار في خلده  و هو في محبسه و الجميع مندهش أيضحكون مما يحكي أم يبكون على حاله  الذي  وجد عليه  ، فكان مما حكى لهم قائلا: " لما اغلق الباب من ورائي تذكرت الموت و تذكرت التوبة  و تذكرت انني منذ أيام تركت أداء صلواتي ، فكيف لي أن أصلي و أنا بداخل غرفة النظافة و التي بها مرحاض  ، كيف ألقى ربي  و أنا على هذه الحال ، و قلت إنها النهاية  جاري سمعه ضعيف و زوجتي بعيدة عني ، إنه حتفي و ما هي إلا ساعات و ألقى ربي و هو عني غاضب ، فاستسلمت للأمر الواقع و دخلت في غيبوبة بعد طول انتظار إلى ان سمعت باب الغرفة يفتح فوقع بصري  على زوجتي و دخلت في غيبوبة ثانية إلى أن فتحتها و أنتم من حولي … 

هنا تكون حكايتنا قد انتهت و في انتظار حكاية اخرى أترككم في أمان الله و حفظه. 

ذ شكيب مصبير



 احك يا شكيب  :  قصة "عمتي المتسولة :  أبغضتها ثم أحببتها " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب  :  قصة "عمتي المتسولة :  أبغضتها ثم أحببتها " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير

 

عمتي كانت سيدة خمسينية تقطن في حي شعبي تشغل غرفة فوق سطح  منزل، و كانت امرأة عازبة لم يسبق لها ان تزوجت ، و لا أحد يعرف سبب عزوفها عن الزواج ، كانت سيدة كتومة ، تلبس جلبابا و تضع نقابا على وجهها ، تخرج كل صباح و لا تعود لغرفتها إلا مساء، هي سيدة غير اجتماعية بطبعها ، إن صادفتها في الطريق إما أن تبدأك بالسلام أو إن بدأتها بالسلام ترد عليك التحية بأدب ، و الجميع يظنون أنها تشتغل مساعدة بالبيوت ، و لكن حقيقتها غير ذلك ، فكانت عندما تخرج بجلبابها و نقابها تحمل حقيبة فوق كتفها ، و تركب الحافلة و بعد أن تنزل منها  تمشي مسافة طويلة و بعدها تنظر حولها يمينا و شمالا  فعندما تجد المكان غير آهل بالمشاة تنزع جلبابها النظيف و تضع جلبابا آخر متسخا و تنزع نقابها النظيف و تضع آخر بلون أسود و تنزع حذاءها الانيق و تضع آخر مهترئا ، و تمشي  أمتارا و تختار مكانها المعتاد وتجلس في ركن في زاوية حي قرب سوق يومي فتأخذ مكانها و تضع صحنا أمامها ، مطأطأة رأسها و يمتد بها الوقت حتى بعد صلاة المغرب ، و بعدها تعود لغرفتها ، و قبل ان تصعد  تمر على الدكان فتشتري ما تحتاجه من مواد غدائية ، و هكذا دواليك ،  للأسف نحن أقاربها لم نكن نعلم عن تفاصيل حياتها شيء ؟ بل لما كانت تزورنا كانت تأتي في أحلى و أبهى لباسها محملة بفواكه و حلويات ، فكنا ننتظر مجيئها بشغف ، و كانت قليلة الكلام ، مما جعلني أكرهها لانني لم اكن اعرف سبب تكتمها و لا سبب انعزالها ، و مما زاد كرهي لها هو عدم مشاركتنا كل مناسبات الأعياد ،  و ذات مرة لم تعد تزورنا كما عهدناها تفعل من قبل ، فقررت أن أزورها فلما ذهبت وجدتها جد مريضة  مما اضطرني البقاء معها لأيام   اعتني بصحتها التي بدأت تتدهور ، مما جعلها تستأمنني على أسرارها فأخبرتني بأنها امرأة متسولة منذ سنين ذات العدد و أنها فشلت في الزواج من شاب وعدها به و تركها و سافر خارج الوطن و لم يعد يظهر له أثر ، فكانت صدمتها كبيرة ، مما اضطرها للاشتغال بالبيوت ، و لكن سوء المعاملة جعلها تنفر من هذا العمل الذي تضيع معه الكرامة ، فمما كان قد أثار انتباهها امرأة مسنة هجرها أولادها كانت تتسول قرب الحي الذي كانت تشتغل  فيه كمساعدة ، فقالت مع نفسها لم لا اجرب فلن اخسر شيئا ، و بالفعل مارست هذا الفعل الذي هو التسول ، فكانت النتيجة هو جني أموال بدون جهد و الكرامة فيه محفوظة ، و مما أسرّته لي أن هدية   تنتظرني أجدها في غرفتها بعد موتها ، فلم أعر كلامها اهتماما ، و ماتت بعد أسابيع ، و بعد دفنها قررت البقاء في غرفتها و السكن بها لان غرفتها كانت توجد قرب مكان عملي ، فلما عدت ذات ليلة من العمل فكرت فيما قالته لي عن الهدية ، فبحثت في كل جنبات الغرفة و لم اجد شيئا ، و لكن المفاجأة كانت يوم قررت  تنظيف الغرفة ، فلما أردت ان أخرج السرير قرب باب الغرفة  في يوم مشمس ، و أنا أرفعه أثار انتباهي ثقب صغير فلما اقتربت منه وجدت أوراقا مالية فلما ادخلت يدي وجدت أوراقا مالية أخرى كثيرة مما جعلني افتح السرير كاملا فكان المبلغ خياليا ثلاثمائة ألف درهم ، احتفظت بها لنفسي ، كما وجدت دفتر توفير مفتوح لدى مكتب البريد به نفس المبلغ ، وحتى لا أثير انتباه اخوتي  سلمته لهم  ، و انجزنا عقد اراثة و اقتسمنا المبلغ بيننا وفق ما شرعه الله لنا ، و منذ ذلك الوقت أصبحت أمتهن مهنتها بنفس الأسلوب الذي كانت تفعله و لم أعد افكر في الزواج و أصبحت حياتي مثلها أعيش في عزلة لا يجمعني مع الناس سوى سلام أو رد سلام ، هكذا عاشت عمتي كنت أبغضها و بعد الذي وجدت صرت أحبها و أصبحت حياتي مثل حياتها . 

هنا تكون حكايتنا قد انتهت 

ذ. شكيب مصبير




 

الزّمن.. ووهم الذّاكرة | بقلم الشاعرة والكاتبة السورية / فاطمة يوسف حسين


الزّمن.. ووهم الذّاكرة | بقلم الشاعرة والكاتبة السورية / فاطمة يوسف حسين

الزّمن.. ووهم الذّاكرة | بقلم الشاعرة والكاتبة السورية / فاطمة يوسف حسين

 

كان هناك بالقرب من دارنا مسجد صغير، وإلى جانبه تقبع شجرة زيتون عتيقة، ولافتة كتب فيها: إلى مَن لا يملكون مأوى.. هُنا مأواكم! 

كانت الأزقة تفيض دفئاً، ترى الصّبية يتسامرون، والنّجمات تتهامسن، تُرى مَن يفضّل القمر منهن؟ كانت العمة فضيلة تجلس وبيدها سيجارتها الشّهيرة الملفوفة بإتقان، وتحدّثنا عن أيام العزوبية، وكنا نسألها عن معنى اسمها، فتجيب: الحُبّ هو الفضيلة، والفضيلة هي الحُبّ، ونحن بحاجتها لنحيا!

وفي الزّقاق القديم، خلف دكان الجدة حليمة، كان يلقي العمّ محمد قصيدته التي كتبها بعد عناء كبير، مشيراً إلى تعاسة مَن يحبّون. وكانت العمة فضيلة تناقشه، ولتثير غضبه تنعته، فتذكّره أنّه موظّف صغير في إحدى دوائر الدولة، وأنّ ذلك لا يمكّنه من شراء قطعة جبنة إلا بالدَّين، فتسخر منه مرددة: تكتب قصائد، وتنعت الحُبّ.. وأنت موظّف حكوميّ! 

فينشأ حوار ساخر من وحي البساطة، بليغ العمق، لا ينساه حاضروه. 


كان هناك نبع لا تكفّ ماؤه عن العطاء، كانت نساء القريّة تذهبن لقضاء معظم أوقاتهن هناك، يغسلن الأواني والملابس، يحملن جرّات الماء فوق رؤوسهن، مرتدين العباءات. كانت أحاديثهن تدور حول رقيّة، الفتاة التي لم يمنعها والدها من إتمام دراستها؛ بل دعمها في ذلك. فيتحدثن عنها كما لو أنّها معجزة. هنّ لم يدخلن المدرسة، ولم يعرفن كيفية الكتابة والقراءة؛ لذا توجهن لرقية، لتكون مدرستهن، وبالفعل نجحت في ذلك آنذاك. كان هناك ولد شقيّ اسمه مصطفى، كلّما أرادت أمّه ومَن معها من النّساء أن يشربن من ماء النبع وطالبنه بتعبئة إناء صغير صنعته أيدي الفخار، راح يتبول بالإناء ويخلطه بماء النبع. ظلّ يفعل هذا إلى أن اكتشفت إحداهن الأمر فتوقّف عن ذلك بعد أن نالت العصا من جلده. يقال إنّ والدته حين عرفت بالأمر ظلّت تستفرغ لأسبوع كامل، وظلّ مَن سمع الحكاية ينعت ويضحك! 


كانت هنا دالية، تحت ظلّها يبيع الشّاب حسن أقمشة ملوّنة، فتلتم النسوة حوله، كان حسن لشدّة جماله حلم فتيات القرية، وكان حلمه الوحيد فخرية التي لم تهتم لخطوط يده يوماً. فسافرت إلى المغرب وتزوّجت وأنجبت ولداً أسمته "بحر" على اسم جارها الذي كانت تلتقيه سرّا خلف جدار القرية الكبير، وظلّ هو هنا يشتاقها ويتمناها. 


في منتصف الليل، كان يعبر رجل طيّب سكيّر الأزقة، وكثيراً ما يدندن: "ده القلب يحب مرة ما يحبش مرتين.."

وكان الرّجال يقصدون مقهى "المحبّة" ويستمعون لقصص الحكواتي الذي كان آنذاك يروي ما رواه غيره بأسلوب ضليع، فيتقمص دور غيره، وتدور هناك أحاديث السّياسة والاقتصاد والحرب وكلّ ما يخطر على بال إنسان. كان يأتي أبي من المقهى غاضباً وحين نسأله السبب، يجيبنا: الملعون.. يشتم الله والدّين! وكنا نفهم آنذاك مَن المقصود. فنحضّر له العشاء ونهديه أختي وأنا القبلات حتى يبتسم، فتُفك عقدة حاجبيه.  


كان الأخ جورج يهرب إلى المدينة باستمرار طمعاً بحضور مسرحية، وكان حين يعود، يحدثنا عمّا شاهد، فنتمنى أن نقصد المدينة لشيئين: لنحلم، ونحضر مسرحية!


كان الإنسان مُحِبّاً، لا يخشى على نفسه من طيبة القلب؛ بل يخاف من ضياعها. وكانت الحياة ريفية بسيطة وهادئة.


كان وكان.. لم يبق شيء مما كان إلا الزّمن الحاضر في الذّاكرة!




 

احك يا شكيب : "مات من أنقذني" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : "مات من أنقذني" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : "مات من أنقذني" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



هي فتاة كانت تحلم فقط بالعيش في دفء أسرة  أفرادها متلاحمين ، أب حنون و أم حاضنة لأبنائها و إخوة يتقاسمون أحلام كل من هم في سنهم ، أن يصبحوا أطباء أو أساتذة أو ربان طائرة … كثيرة هي الأحلام ، ولكن واقعها كان غير ذلك أب سكير ومقامر و أم أتعبها روتين زوجها ، فاقة و شجار في منتصف كل ليلة ، ترويع أطفال ، فكانت النهاية طلاق ، و من سوء حظ الفتاة انقطاع عن متابعة دراستها و قرار أمها أن دفعتها لتشتغل خادمة في بيوت الغير ، مما جعلها تتعرض لسوء المعاملة و للتحرش المستمر ، الشيء الذي جعلها تغادر المدينة التي كانت تقطن فيها مع والدتها و إخوتها نحو وجهة حيث استقر بها المقام شمال المغرب ، فاشتغلت نادلة  لكن لسوء حظها أن صادفت بنات من سنها اكترين شقة ليتعاون على مصاريف الحياة ، و في نهاية كل شهر يسهرن جميعهن في مطاعم  يحيين سهرات مصحوبة بخمور ، الشيء الذي جعلها مدمنة على هذه الاماكن التي جعلها تطبع مع الفساد ، و الذي زينه لها رفيقاتها اناثا و ذكورا ، سهر و خمر و مخدرات و رفقاء السوء ، فكانت في كل نهاية شهر تلتقي بشاب ليس هو الذي التقت به من قبل و تقضي ليالي حمراء …  وذات ليلة و هي جالسة على طاولة في مطعم مع صديقاتها أثار انتباهها شاب في مقتبل العمر يراقب تحركاتها ، فلما همت بالخروج بادرها بالسلام فردت عليه بكل احترام و ناولها رقم هاتفه و هي كذلك ، و تواعدا على اللقاء في أقرب فرصة ، و بالفعل التقيا في مقهى حدداه معا ، فحصل بينهما تعارف فيه حكت عن ظروفها الصعبة و سبب وجودها في هذه المدينة و هو بدوره أخبرها بأنه يشتغل في سلك حاملي  السلاح و تم تعيينه في هذه المدينة التي لم يسبق له أن زارها من قبل ان يتم تعيينه فيها ، فنشأ بينهما حب ، فأصبح يعطف عليها و وجد لها عملا و سكنا محترمين و أصبح يساعدها بمال للتغلب على مشاق الحياة فاستقامت سيرتها و تغيرت أحوالها و أصبحت تشعر بالأمان و تغيرت نظرتها للشباب بسبب هذا الشاب الذي أحبها رغم ما حكته له عن مغامراتها ، فأحبته و تواعدا على الزواج  ، و لكن لسوء حظها أن حبيبها مات في حادثة سير مميتة ، مما جعل حياتها تنقلب رأسا على عقب ، لم تصدق هول ما وقع معها ، الشيء الذي جعلها تدخل في مرحلة اكتئاب حاد ، و عوض أن تجد من يحنو عليها كما كان يفعل معها ذلك الحبيب الذي سرقه منها القدر وجدت  الجميع تنكروا لها و كل من يقترب منها همه نهش لحمها و استغلالها ، فلم تصبر على ذلك المصاب ، فأصبح مكانها الدائم الخمارات و بعد أن يلعب الخمر بعقلها تحكي حكايتها لكل جالس أو جالسة بقربها بدموع حارقة نادبة حظها .. 

هنا تكون حكايتنا قد انتهت و في انتظار حكاية أخرى أترككم و أترككن في أمان الله و حفظه 

ذ. شكيب مصبير




 احك يا شكيب : نساء تحت الشمس  | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير 


احك يا شكيب : نساء تحت الشمس  | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : نساء تحت الشمس  | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير 


في زماننا هذا زمن الخيانة ،  برزت للوجود ظاهرة  أثارت انتباهي و انتباه كل من لفتت نظره ، بروز نساء بشكل مفاجئ  اتخذن قرار متابعة  دراستهن ، منهن من حصلن على شهادة الباكالوريا و تابعن دراستهن الجامعية ، و منهن من حصلن على شهادة الماستر و بعدها على شهادة الدكتوراه ، و منهن من نفضن الغبار عن دبلومات مهنية   و شواهد عليا مهملة ليلجن سوق العمل من بابه الواسع ، و كثير منهن من كان السبب في ذلك خيانة زوجية و ليس عوز و لا  فاقة. 

فبعد اكتشافهن لخيانة أزواجهن ، كان القرار ليس هروبا   سلبيا و إنما هو هروب خطوات إلى الامام نحو فرض الذات و إحراز استقلال مادي يمكنهن من تحقيق ذواتهن و الاستعداد لما يمكن أن يستقبلنه في مستقبل الايام أو الشهور أو السنين من طلاق جائر  ظالم ، و يكون فيها الزوج منتصرا  لنخوة و أنفة و رجولة مزيفين  ، 

نعم أولئك النساء ولجن عالم الدراسة بجميع أسلاكها وأبدين تفوقا  قل نظيره و اشتغلن و فرضن وجودهن و تميزهن ، في حين أن الزوج الخائن عوض تصحيح خطئه ، أخذته العزة  بالإثم و ركب رأسه و تزوج ثانية تاركا شريكة عمره مثقلة بأولاد و مسؤولية و حمل  ثقيل ، فكان منها التحدي و كان النجاح حليفها رغم ازدواجية المسؤولية وقلة ذات اليد ، و الامثلة على ذلك كثيرة ، 

زوج تزوج خادمة ، و آخر تزوج من أسماها بحب قديم ، و  آخر تزوج من هي في سن أحد أبنائه … و  جلهم من قبل كانوا ملوكا في بيوتهم، و بعد الزواج الثاني أصبحوا يقومون بأعباء البيت التي لم يكونوا يقربونها  ، بل أصبحوا يهتمون بشؤون أطفالهم من مرافقتهم إلى المدارس و انجاز  التمارين معهم ، و جلب  مستلزمات البيت من خضر و تموين …و جلهم نسوا بأن لهم أولاد مع مفارقة بل إمعانا في التضييق عليها  و على أولادهما  أصبحوا يماطلون في أداء  النفقة ، و جلهم شعروا بالندم الذي فات أوان إصلاح ما أفسده سلوكهم النشز و ما أفسدته خياناتهم ، 

فكل التحية لكن أيتها الشريفات العفيفات اللواتي اقتحمن ميدان التعلم و  سوق الشغل فأظهرن مهارات عالية و تحد قل نظيره … 

هنا تكون حكايتنا قد انتهت في انتظار حكاية جديدة. 


محبكم ذ شكيب مصبير




 احك يا شكيب : حكاية سينما أوبرا سلا تابريكت | بقلم /الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : حكاية سينما أوبرا سلا تابريكت | بقلم /الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : حكاية سينما أوبرا سلا تابريكت | بقلم /الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



كنا صغارا و كانت السينما تستهوينا بما للكلمة من معنى ، كان التلفاز  هو ملاذنا و لم يكن يشف غليلنا لأن  وقته كان محدودا في الزمان  و لا وجود لقناة ثانية سوى قناة واحدة بلون أبيض و اسود ، و حتى الفترة الزمنية كانت محدودة  تبتدئ من السادسة مساء إلى حدود منتصف الليل أي الساعة الثانية عشرة ، بمعنى أن ولوج قاعة السينما كان هو حلم كل واحد من جيلي ، مع قلة ذات اليد ، فكنا نجتهد لجمع دريهمات لنحظى بفرصة حجز تذكرة ، بها نتمكن  من مشاهدة  فيلمين   ، و غالبا يكون فيلم هندي و آخر صيني ، كانت ساعات البث  في عرضين :،الاول يبتدئ من الساعة الثالثة مساء إلى غاية الساعة السادسة مساء ، و العرض الثاني لنفس الفيلمين يبتدئ من الساعة السادسة إلى غاية الساعة الثانية عشرة ليلا ، و هذا العرض  لم يكن مسموحا لنا به لصغر سننا و للمخاطر التي يمكن أن تعترضنا ليلا ، منها تعرضنا لملاحقة اللصوص لسلب ما معنا من دريهمات أو لباس،   و في كثير من الاحيان التعرض للضرب المصحوب بجروح على مستوى الوجه ، أو  نتعرض للاعتقال من طرف رجال الشرطة  " لاراف "  سيارة الأمن التي كنا نطلق عليها هذا الاسم أو اسم " الواشمة" فكنا نختار  العرض الاول تفاديا لما لا يحمد عقباه ، و حتى هذا الاختيار كان مرفوقا بمخاطر منها ، انك ان اردت الحصول على تذكرة ، فلابد لك من الذهاب مبكرا  أي بساعتين قبل البث ، لتنخرط في طابور طويل  يحرسه شباب معروفين بشراستهم و عدوانيتهم يحملون عصيا  أو  " سمطة " مصنوعة من الجلد ، أو   " كروا " تستعمل في ميكانيزم الدراجات النارية ، يضربوننا  بها ان  خرجت أرجلنا عن الصف ، و رغم كل ذلك كنا نتحمل ذلك العذاب  لسبب بسيط هو مشاهدة العرض الاول  فيلم اول و بعده نخرج  لفترة قصيرة تسمى " لونطراك" لشراء وجبة خفيفة   تسمى" معقودة" ربع خبزة و بطاطس مدعوقة و طماطم  عبارة عن خلطة تمزج مع البطاطس ، و نعود بعدها لمشاهدة الفيلم الثاني ، و كم كانت فرحتنا كبيرة عندما كنا نحظى بهذا الشرف  ، ضرب  ورفس من طرف بلطجية يشغلهم صاحب قاعة  السينما  و عندما نأتي متأخرين فلابد لك من زيادة سنتيمات تمنحها للسيدة تحمل بيدها جهازا يسمى "پيل " أو انك ستتعرض للسب من طرف المشاهدين  الذين يكونون  مندمجين في مشاهدة الفيلم ، نعم كنا سعداء بتلك اللحظات رغم ما كان يصاحبها من ألم ، و عند المساء نخرج للحي لنفتخر بإنجازنا و هو مشاهدة فيلمين بسينما حينا تسمى سينما أوبرا و  نبدأ في عرض الوقائع و أبناء الحي ملتفون حولنا و نحن نعيش لحظات الخيلاء  و الاعتزاز لأننا كنا محظوظين بما شاهدنا 

هنا تكون حكايتي قد انتهت و في انتظار حكاية أخرى أترككم في أمان الله   

 محبكم ذ شكيب مصبير




 حكاية : زوجتي عرفتني  رجل حقوقي فحرمتني من كل حقوقي | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي/ ذ. شكيب مصبير


حكاية : زوجتي عرفتني  رجل حقوقي فحرمتني من كل حقوقي | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي/ ذ. شكيب مصبير
حكاية : زوجتي عرفتني  رجل حقوقي فحرمتني من كل حقوقي | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي/ ذ. شكيب مصبير



ركبت سيارتي كعادتي كل صباح يوم أحد، و توجهت نحو المقهى المفضل عندي قرب الشاطئ لتناول وجبة فطوري، فلما نزلت من السيارة سمعت صوت خطوات تتبعني من وراء، فلما أخذت مكاني مستقبلا البحر و متتبعا بداية شروق الشمس وهي اللحظة التي تمتزج فيها روحي بروح الكون الذي جزء منه يخترقني و اخترقه فيحل في داخلي و أحل في داخله فيقع التزاوج فنصبح شيئا واحدا كنظرية الحلول الصوفية، في تلك  الأثناء شعرت  بيد فوق كتفي،  فالتفت لأرى من كان ورائي، فإذا به رجل لم أتعرف عليه،  فبادرني بالتحية و رددتها عليه بمثلها، فقدم لي نفسه و دون أن يترك لي فرصة أن أعرفه بشخصي، استرسل في كلامه دون انقطاع : نعم اعرفك انت من كتبت حكاية عني و لم تأخد بوجهة نظري و اكتفيت بما قالته زوجتي عني، و انت الذي تعرف أن القاضي يسمع من شخصين و بعد ذلك يصدر حكمه ؟ فأجبته : يا سيدي أنا لم أصدر حكما و إنما حكيت حكاية زوجتك التي روت ما روت ، و بدوري اكتفيت بتدوين ما قالت و نشرته دون زيادة و لا نقصان ، و بما انك الان حضرت فلم لا تدافع عن نفسك ، وتحكي حكايتك كما حكت هي، و نترك للمتابعين اصدار حكمهم ، أما أنا فلست قاضيا يصدر أحكاما ، فأنا مجرد كاتب أكتب ما يختلج في نفسي و أراه صالحا للنشر للعبرة و العظة ، 

لذا أطلب  منك أخد الكلمة مشكورا : " يا سيدي الكاتب إن زوجتي  هي أول إنسانة أحبها قلبي بل هي أول من ملكت وجداني و سلبت مني عقلي و كانت هي كل شيء في حياتي ، كنت أراها في كل شيء ، أراها في يقظتي و في منامي ، و حبي لها حبا عذريا لم أتصور  في يوم من الأيام  أن  يذبل حبنا كما تذبل الورود بعد الاهمال ، بل لم أتصور في يوم من الايام أن  بحر حبنا سيصبح صحراء قاحلة ،  لقد عقدنا قراننا بداية و سافرنا و تجولنا و حلمنا بما يحلم به كل حبيبين و شيدنا قصورا و بنينا مدائن و أنجبنا أطفالا و كل ذلك و نحن نحلم و نخطط لمستقبل حبنا ، بل تواعدنا على أن نحافظ على حبنا بل نجعله يتجدد بكل ما أوتينا من قوة ، و لكن مع مرور الايام و الاسابيع و الشهور بل و السنين ، تغير كل شيء ، أصبحت زوجتي مهتمة بداية في  اجراء محادثات مع بعض افراد أسرتها و صديقاتها  تستمر لساعات  بل  تمتد مكالماتها إلى وقت متأخر من الليل ، كم مرة انتظرتها في غرفة النوم ، ومن شدة التعب كنت أخلد للنوم ، ثم لا  أشعر بوجودها إلا عند استيقاظي من النوم لأذهب إلى العمل ، بل هي لم تكن تكلف نفسها  تهييء وجبة فطورنا فأفعل أنا ذلك ، و كنت في كل مرة أحذرها مما هي فيه و كانت تأخذ الأمر على محمل  الهزل ، ومضت الشهور و لما دخلت في شهورها الاولى من الحمل استبشرت خيرا و قلت مع نفسي لعل الحمل سيغير من طبعها ، و لكنها طلبت حضور والدتها معنا في بيت الزوجية لكي تساعدها في أعمال البيت ، و استمر هذا الأمر إلى ان  وضعت حملها ، و كنت في كل مرة أجد لها الأعذار ، و لكن بعد الولادة أصبحت تهتم بطفلتنا الاولى ووقع نفس الشيء مع طفلنا الثاني و كانت تطلب مني ان ابيت في غرفة الضيوف لكي لا انزعج بصراخ بنتنا بنتنا بداية و ابننا ثانيا  فرفضت الفكرة رفضا قاطعا و لكنها كانت مصممة على قرارها  ، بل هددت إن لم أفعل ستذهب لبيت والديها ، فرضخت لطلبها لسبب بسيط هو حبي لها ، و لكن وجدت نفسي في بيت الزوجية الذي يجمعنا كما مهملا ، و هنا جاءت فكرة   السهر مع أصدقائي.  ، لعلها تعاود النظر في طريقة تعاملها معي ، بل هي حبذت الفكرة و أصبحت هي من تطلب مني السهر مع أصدقائي !!! فمنذ ذلك الوقت لم أجد معينا أو مساعدا رجل أو امرأة من اقربائها او معارفها  ينهوها عما هي فيه من أخطاء  ، فبدأت أفكر  جديا في إنهاء العلاقة الزوجية التي تجمعنا ، نعم سيدي الكاتب أشعر في هذه اللحظة انك تريد أن تعاتبني بقولك و هل كنت فتحت حوارا معها لتدرك خطورة ما فعلت و كانت تفعل ؟ ، فأجبته بقولي نعم ، هذا ما كنت  سأطرحه عليك ، فاسترسل قائلا : نعم طرحت معها الموضوع و كانت تتهرب منه  ، بل سارعت إلى إخبار والديها  بل وجدتهما متضامنين معها ، و مع صديقاتها فكن يتخوفن من ردة فعلها ، وخاطبته بسؤال  آخر و قلت له أين موقع ولديك ؟ فأجابني أنهما كانا يقضيان يومهما مع جديهما ، و في نهاية الأسبوع  كنت أذهب إلى بيت والديها لأحضرهما لبيتنا ، و كل هذا خلق لدي اضطرابا نفسيا فأصبحت كثير السفر و كثير السهر ،  بل جلست مع نفسي  و طرحت هذا السؤال ما انت فاعل في كل ما وقع ؟ فكان الجواب هو انهاء العلاقة لكي ارتاح ، و وقع المحظور فوقع أبغض الحلال عند الله الطلاق " 

هنا تكون حكايتي قد انتهت ، و في انتظار حكاية  اخرى اترككم و اترككن في أمان الله وحفظه

محبكم ذ. شكيب مصبير



 

حكاية رجل خجول | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير 


كاية رجل خجول | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
كاية رجل خجول | بقلم الكاتب و الفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير 


أنا اسمي الخجول ، فكرت يوما ان اخرج من هذا الجلباب فلم أستطع ، قلت لم لا احب فتاة شابة مثلي لعلها تكون سببا في انقادي من هذا المأزق الذي أرى نفسي فيه ، و كانت جارتي هي من شغف قلبي بها ، كنت في كل يوم انتظر خروجها من بيتها للذهاب للثانوية فأراقبها  عبر النافذة ، و قلت مع نفسي كيف لك ان تقابلها أو تتحدث معها و انت تراقبه من بعيد ؟ فقررت النزول إلى باب منزلنا و استمررت على حالي هذا  لمدة شهر ، تتجمد رجلاي و لا أقوى على السير وراءها لأتحدث اليها، و لما وجدت نفسي قادرا على ذلك تبعتها و لكن لساني تجمد داخل فمي و لم انبس بكلمة واحدة ، فكنت اتبعها و استمتع بعطرها الفواح ، و خاب ظني في نفسي و قررت مجددا مفاتحتها في الكلام لأبوح لها بحبي لها ، فلما خرجت من بيتها تتبعت خطواتها إلى أن وصلت  إلى محطة الحافلة و هنا عوض ان أكلمها التقيت بصديق  لي موجود بنفس المحطة ، فسألني عن أحوالي فأخبرته بأنها بألف خير سوى انني أحب فتاة و لم أقو على البوح لها بحبي ، و لم يسألني عمن تكون و انما اخبرني بأنه بيستطيع مساعدتي بما سيشير علي به من نصائح ، و بالفعل ذاك ماكان ، فمن بين ما قال لي ابدأها بالسلام و عرفها عن نفسك ، ولما أتت الفرصة فعلت ما أشار علي به صديقي فبدأتها بالسلام  فكانت ودودة و طيبة و تبادلنا أطراف الحديث و استمر حالنا على ذلك الشكل أحاديث عامة حول مواضيع مختلفة ، فازداد حبي لها لمسته فيها  من رقي فكر وحسن أخلاق و حياء لا مثيل له ، و جاءت فكرة مفاتحتها في الموضوع فطلبت منها لقاء في حديقة قريبة فوافقت على الفور   فكان اللقاء و لكن لم تسعفني الكلمات و تعثر لساني مما جعلها تقلق من شرودي و تلعتمي فظنت انني لست جادا و لم تعلم أني كنت مرتبكا وخجولا  ، فحدث و أن غابت عن نظري لمدة طويلة فقلت مع نفسي الوقت وقت عطلة ربما سافرت لمدينة ما تخفيفا عن نفسها  من عناء الدراسة ، فانتظرت عودتها و جاء وقت العودة للدراسة و لم تعد ، و خطر ببالي مفاتحة صديقتها التي كنت أراها معها عندما كنا نفترق ، فتقدمت إليها بالتحية و سألتها عن صديقتها فأخبرتني بأنها تزوجت من ابن عمها الذي يقيم في الديار الإيطالية في تلك اللحظة سقطت مغشيا علي، و لما فتحت عيني وجدت نفسي في مصحة و عائلتي ملتفون حولي ، فاطمأنوا على استقرار حالتي ورأيت صديقتها ضمن من كانوا حولي ، و لما انصرف جميع من حضر من عائلتي طلبت من صديقتها أن تكمل حديثها معي ، فأخبرتني ان صديقتها كانت مغرمة بي و لكنها تأسفت لكونك لم تكن جادا في علاقتك معها لسبب بسيط و هو انك كنت مترددا مما جعلها تعتقد انك تحب غيرها و انما وجودك معها كان للتسلية ، و تصادف نهاية السنة  مع عودة ابن عمها من الديار الإيطالية و الذي طلب الزواج منها فوافقت انتقاماً من حب خجول صاحبه ، فشكرتها على ما تقدمت به من حكي و لعنت  الخجل الذي ضيع علي حبا بنيت كل أحلامي عليه ، فقررت ان اترك فكرة الحب الذي يجعل الإنسان فاشلا في التعبير عنه في الوقت المناسب  و لعنت الخجل الذي لا يد لي فيه و عاتبت نفسي انني وجدت في أسرة لم تحاول إخراجي منه بل كانوا مسرورين بتلك الخصلة المرضية و التي كانوا يظنونها انها خصلة الحياء التي هي من إيمان و هم يعلمون أن ما كنت فيه مرض يستوجب العلاج و لكن هيهات قلبي انكسر  ، حينئذ  قررت ان يبقى  خجلي ملازم لي انتقاماً من نفسي فأصبحت العزلة و قراءة الكتب هما ملاذي 




 قصة بعنوان "ولنا ميعاد يا أمي " بقلم الكاتبة التونسية / نبيلة وسلاتي



قصة بعنوان "ولنا ميعاد يا أمي " بقلم الكاتبة التونسية / نبيلة وسلاتي
قصة بعنوان "ولنا ميعاد يا أمي " بقلم الكاتبة التونسية / نبيلة وسلاتي



إنقطع حبل وصالنا 

تماما مثل إنقطاع سراتنا عند وضعنا 

أظن أنك من ذلك اليوم إنفصلتي عنا جسدا و وجدانا

مستخفة بوجودنا 

غير آبهة بنا 

ما ذنبنا ؟ 

أ تلوميننا على ذنب إتباع شهوتك ! و التي إتخذتيها عادة إلى حد العبادة ! 

متجاهلة لنا و كأننا نكرة 

نحن مثلك لو كان بإستطاعتنا لما أتينا إلى الوجود 

لكن القدر زرع بنطفتنا ... 

أنت ، أنت لم نعهدك هكذا كنت بنظرنا مثالية 

لا تشبهين و لا تتشبهين بأحد 

كنت سندا لنا في وحدتنا 

نورا في ظلمتنا 

ملجئنا وسط شبه الديار 

كنت دفئ بردنا 

لكنك اليوم أضحيت عكس ذلك 

أصبحت نقمة بعد أن كنت أكبر نعمة 

لماذا هذا التغير المفاجئ ؟ 

أريد تفسيرا ! 

هيا برري لنا لماذا ! لماذا ! 

وجدنا الحنان عند الجيران 

أشبعوا رمق جوعنا 

لكن جوع أسئلتنا و إنتظارنا لم يستطيعوا تسديده 

ننام كل ليلة و لسنا بنيام 

جرحنا مستيقظ ينتظر تضميدك...

منتظرين رجوعك و إعتذارك عن تأخرك 

هيا ألن تأتي ! 

لا تخافي لن نعاتبك 

سنغرس بأذهاننا أنك هجرتنا لتقتاتي 

و نغلق مسامعنا عن كلام الناس 

فقط عودي .. يكفي كل هذا الغياب 

فنحن لك نشتاق

إننا نتظاهر بالبرود ، متصنعين الضحك و اللعب 

لكننا لسنا كذلك فنارنا مشتعلة 

فقط عودي و أخمديها 

على علمنا بحنية قلبك مالذي تركه أصلب من الحجر! 

هل سببه وضعنا المادي؟ أم غياب أبي عنا ؟ 

و مهما كانت الأسباب فنحن تعاهدنا على مساندة بعضنا البعض و أنت خنتي العهد !!

أتعلمين ما أنس ليالينا ! 

صوتك ... 

نعم صوتك كان صدى ليالي السهر 

 و طيفك كان غطاءا لأجسادنا الهزيلة بهذه الغرفة المترهلة و نجما ينير ظلمتنا ، مشعا حنان 

مترجين له بقائه معنا و أن لا يختفي مثل ما إختفيت أنت و تركتنا مشتتين مثل عصفور هجرته أمه و هو لا يعرف للتحليق معنى و نحن لا نعرف عن المسؤولية شيء 

و لكن مهما طال الغياب فلنا ميعاد قريب أم بعيد لا نعلم 

و كل ما أعلم أننا سنلتقي في عالم الوجود أو المثل 

لا يهم ... 

و لكن إعلمي سيكون لقائا في أوله أحضان و وسطه عتاب و آخره هجران ......






طلب إجازة | قصة قصيرة بقلم الأديبة المصرية/ خلود أيمن 


طلب إجازة | قصة قصيرة بقلم الأديبة المصرية/ خلود أيمن
طلب إجازة | قصة قصيرة بقلم الأديبة المصرية/ خلود أيمن 


 السلام عليكم ، 

طلب إجازة : 

بعد أنْ دقَّ باب المكتب دلف إلى الداخل في الأمر الذي جاء من أجله وبمجرد أنْ نظر إليه المدير وولَّاه اهتمامه تقدَّم بطلب إجازة لقضاء بعض الوقت مع أسرته ، فما كان من المدير إلا أنْ امتعض وقطَّب جبينه واستشاط غضباً وصرخ في وجهه وطرده من المكتب في الحال ، لقد تعجَّب الرجل من رد الفعل الغريب هذا ولم يتفوه بكلمة عقب طرده المباشر من المكتب ، ولكنه استكمل يومه بكل هدوء وتحكم في انفعالاته محاولاً تناسي ما حدث منذ قليل وكأنه لم يكن ، عاد إلى مكتبه واستأنف عمله ثم ذهب إلى البيت وكان الغضب قد هاجمه تارة أخرى فلم يَقُل كلمة طيبة في وجه أحد ، دخل حجرته في صمت تام وبدَّل ملابسه ثم غطَّ في نوم عميق وطلب من الجميع ألا يزعجوه ولو لم يَفُقْ إلا صباح اليوم التالي الذي لا يعلم ماذا سوف يكون مصيره وماذا سوف يفعل فيه ، لم تفهم زوجته شيئاً مما يجري فهو لم يَشْكُ ولم يتكلم من الأساس ، انتقل إليها التعجب والدهشة هي الأخرى ، لم تُحادِثه في الأمر ، حضَّرت له الفطور على اعتقاد أنه ذاهب إلى العمل كما هو معتاد ، ذهبت لإيقاظه ولكنه زجرها بيده بعيداً فلم تفهم ماذا عليها أنْ تفعل ، قام من نومه بعد إجهاد شاق في اليوم السابق ، لم يكن يعلم ماذا يريد وهل سيذهب إلى العمل بالفعل أم سيُقدِّم استقالته أم سيأخذ يوم راحة دون إذن من هذا المدير الفج المتعالي الذي يُعامِل الجميع حسب مزاجيته ، ولكنه قرر أنْ يتخلى عن تلك الأفكار الشيطانية وذهب لعمله وأمره لله ، بمجرد أنْ لمحه المدير ناداه بصوت هادئ على غير عادته واعتذر منه ووضَّح له المبرر الذي جعله يتعامل معه على هذا النحو ولكنه أيضاً اتهمه بالتهاون والاستهتار واللامبالاة فكيف يتجرأ على طلب إجازة في تلك الظروف العصيبة التي تمر بها الشركة في الوقت الراهن من قلة العمالة وانعدام الدخول وندرة الأرباح وغيرها من المشكلات التي هو على علم بها بالفعل ، فاعتذر الموظف على ما بدر منه من تصرف غير مسئول موضحاً أنه كان بحاجة لتلك الإجازة بسبب ضغوط العمل التي لا تنتهي طوال العام ، فوعده المدير بتنفيذ طلبه حينما تسمح الظروف بذلك فانصرف وقد دبَّت في نفسه طاقة للعمل بشغف من جديد وهذا هو الفارق الجوهري بين العمل مع مدير ينظر لتصرفاته ويراعي ظروف الموظفين ومشاعرهم ومع آخر لا يهتم بنفسية موظفيه أو يحاول تعديل سلوك صدر عنه عن غير عمد وقد يساهم في ضياع العمال من بين يديه أو تهاونهم في العمل دون أدنى تفكير في الصالح العام للمنشأة التي تُدِّر الأجور على الجميع حينما تسير عجلة الإنتاج على ما يُرام دون تقصير أو تخاذل من أحد ...




 

مهارة التسويق | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


مهارة التسويق | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
مهارة التسويق | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


السلام عليكم ، 

مهارة التسويق : 

كنت أعمل كمندوبة مبيعات رغم أنها مهنةٌ شاقة ومُجهِدة إلا أنني أعشقها وأمارسها بكل حب وشغف ما بين انتقال بين طبيب وآخر حتى أتمكن من التسويق لتلك العقاقير التي أحاول عمل الدعاية اللازمة لها وبين اكتساب المزيد من الخبرة بالتعامل المباشر مع بني البشر ، فقد زاد حبي لها بممارستي لها على مدار خمس سنوات وما زلت بحاجة لخوض المزيد من التجارب من خلالها حتى أتمكن من الوصول لمكانة مرموقة والارتقاء شيئاً فشيئاً في ذلك المجال حتى أصبح رائدةً فيه ، أُقدِّم المزيد من المشاريع والمخاطبات للبعض لمساعدتهم على مزاولة تلك المهنة بمزيد من التَمرُّس والمهارة والبراعة من خلال اتباع بعض الخُطى البسيطة ، فدوماً ما تزداد تطلعاتي وطموحاتي بها وسأظل أعمل بكدٍ وجدٍ حتى أصبح قادرة على تدريس تلك المهنة من خلال محاضرات ومناوشات مع بعض الشباب تُمكِّنهم من طرح مقترحاتهم للبحث عن طرق أكثر فاعليةً تساهم في إتمام عملية البيع بشكل أسرع دون أي رياء أو غش أو تدليس مع إظهار كل المميزات التي تتسم بها تلك المعروضات أياً كان نوعها فهي غير مُقتَصرة على مجال الطب والعقاقير فحَسب ولكنها تشمل جميع السلع التي نرغب في بيعها وعرضها بشكل لائق حتى نجذب أكبر عدد من العملاء الذين يُقبِلون عليها بشراهة وقتما يجدون مميزات عديدة بها وكذلك لانخفاض أسعارها وكونها مناسبةً لدخولهم ، معقولةً في حد التداول ، بحيث نُحقِّق المكسب المطلوب دون خسارة أو إتيان على العملاء أيضاً بفرض مبالغ باهظة على تلك السلع الاستهلاكية التي يرغب الجميع في اقتنائها ، فمِن حق كل الطبقات أنْ تحظى بأي من تلك السلع التي يرغبون في الحصول عليها دون حَجْبِها عنهم بسبب الارتفاع المبالغ في أسعارها في بعض الأوقات ، فعلينا أنْ نلاحظ تلك النقطة ونضعها بعين الاعتبار وقت القيام بعملية التسويق والترويج للمعروضات وإلا فلن يكون الإقبال مُرضيَّاً كما توقعنا بل أنه سوف يخسف بمجهودنا الأرض وسيضيع هباءً بلا جدوى تعود علينا ، فلنكن على قدر عالٍ من الذكاء والفطنة حتى لا تتبدد طاقتنا سدى دون تحقيق العائد المنشود ...


 










خطأ النادل | قصة قصيرة بقلم الأديبة المصرية/ خلود أيمن


خطأ النادل | قصة قصيرة بقلم الأديبة المصرية/ خلود أيمن
خطأ النادل | قصة قصيرة بقلم الأديبة المصرية/ خلود أيمن

 


 السلام عليكم ، خطأ النادل : 

كنت جالساً في ذاك المطعم الذي اعتدت الذهاب إليه ولكن تلك المرة كان مذاق الطعام مُغايراً وكأنه غير مطهوٍ جيداً ، ناديت النادل وعاتبته فكيف يمكن تقديم الطعام بتلك الطريقة التي تسئ لسمعة المكان وتخسف به الأرض وكأنها تَضَعه في الحضيض بعد مجهود تلك السنوات السالفة ؟ ، اعتذر في خجل وانصرف ، جاء ومعه المدير وطلبا مني الغفران والسماح على أنْ يتم إعداد وجبة جديدة شهية بغير التي أرسلاها لي منذ قليل ، لم أُرِد أنْ أنشئ أية مشكلات رغم ضيقي وضجري بالمكان فلقد كان يوماً غابراً منذ أنْ كنت في العمل صباحاً فقررت الذهاب لمطعمي المُفضَّل لتناول ما لذَّ وطاب من المأكولات كي أُحسِّن من حالتي النفسية وما كان منهم إلا أنْ عكَّروها أكثر مما كانت ، وددت الصراخ والشجار والعِراك ولكن رد فعلي كان مخالفاً تماماً لما توقعت وتمنيت ، كان هادئاً جداً لدرجة مُخيفة ، فلقد وافقت على الفور على عرضهم هذا وارتضيت به ، انتظرت الطعام بفارغ الصبر ولكني تَوعَّدتُ لهم في قرارة نفسي أنْ أسيء إليهم إنْ تكرر هذا الخطأ وسأعتبر أنه عن عمد تلك المرة ، ذهبا وأحضرا لي الطعام بعد قليل ، هدأت نفسي قليلاً حينما بدأت في التذوق لقد كان شهياً تلك المرة ومن الواضح أن الطباخ لم يكن ذاته الذي قدَّم لي الوجبة السابقة ، انتهيت من الطعام وطلبت مشروباً احتسيته بأكمله ثم انصرفت ، الآن قد تغيرت مِزاجيتي تماماً وصرت أفضل من حالي في بادئ اليوم الذي لم يكن يُبشِّر بأي أمر مفرح ولكن نحمد الله لقد انتهى بما يُسر ويُرضِي ، عدت للمنزل وقررت الاسترخاء بعد كل هذا العناء الذي مررت به طيلة اليوم فلقد تعلَّمتُ درساً مهماً وهو ألا أحكم على الأمور من الوهلة الأولى وأنْ أتريث وأتحلى بالصبر وألا أفقد أعصابي أو أنفعل مهما حدث ...