سيارة الإسعاف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


سيارة الإسعاف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
سيارة الإسعاف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن

 


 السلام عليكم ، 

سيارة الإسعاف : 

دقَّ سائق السيارة البوق من أجل إفساح الطريق بعض الشيء كي يتمكَّن من الوصول للمشفى قبل أنْ يموت المريض أو تزداد وطأة المرض لديه ، كان الجميع متباطئين وكأنهم مُصابون بالبَلادة ، لا يهتمون لحال أحد ، يبحث كل منهم عن مصلحته وأقصر طريق يُوصِّله لمشواره الذي يَقصِده ، غير مكترثين بهذا الشخص الذي قد يموت فجأة بسببهم وبفِعل تغافلهم وقلة اهتمامهم بالأمر ، فما عليهم سوى إفساح المجال للسيارة كي تَعبُر وتصل للمشفى في أسرع وقت ممكن للَّحاق بهذا الشخص في الحال قبل أنْ تصعد روحه لبارئها ، كان الوقت قد أوشك على التأخر وصارت الحالة تتدهور أكثر من سابق عهدها ، أُصيب السائق بالهَلع والتوتر وأصبح يتصبَّب عرقاً بفعل المسئولية الواقعة عليه فضغط على دواسة البنزين وحاول أنْ يُسرِع المسير غير مكترث بالطريق أو بالسيارات المحيطة ، كان في عَجلة من أمره محاولاً إنقاذ المريض بأي شكل ممكن ، وصل عند باب المشفى عند منتصف الليل وسَحب كرسياً مُخصَّصاً للحالات القادمة مؤخراً وأَجلَس عليه المريض ودفعه للداخل محاولاً إسعافه ونقله إلى أقرب حجرة لتَلقي العلاج اللازم ، وبالفعل تم حجز حجرة باسمه واستدعاء الطبيب المناسب للحالة وتم إجراء اللازم من أجله ، وبمجرد أنْ أَفاق من آلامه حتى اتصلوا بأهله فجاءوا من أجل الاطمئنان على صحته وبأنه صار في حال أفضل ، كان الوضع لا يُحتَمل في البداية وكان السائق في حالة صعبة من القلق والخوف في ظل تلك الظروف التي يَمُر بها المريض وحالته التي كانت يُرثَى لها ولكن الأوضاع استتبت وصارت الأمور على ما يُرام وصار السائق والمُسعفون في نفسية أفضل حينما تمكَّنوا من إنقاذه وهذا ما يُصيبهم في كل مرة تأتيهم حالة في وضع متأخر لتلك الدرجة سواء أُصِيبت في حادث سير أو تعرَّضت لأي حادثة طارئة ولم يكن معها أي شخص من ذويها ، لقد مرَّ الموقف بسلام كما يحدث معهم دوماً بفِعل رغبتهم العارمة في بذل كل جهودهم المستميتة من أجل إنقاذ المريض الذي تم استلامه على الفور قبل أنْ يُصاب بأي مضاعفات أو ينتقل إلى العالم الآخر بسبب التأخير أو التراخي في أداء العمل على أفضل وجه ممكن ، فلم يكن هذا من شِيمهم ذات يوم ، فقد اعتادوا الدأب في العمل منذ أول يوم انتصبوا فيه تلك المهمة ، فتلك أرواح سوف يُسأَلون عنها يوماً ما فعليهم ألا يُقصِّروا في حقهم حتى لا يُلاقوا العقاب العسير على ما اعتراهم من تقصير ...




Share To: