احك يا شكيب : " أنا التائه الضائع المشرد " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " أنا التائه الضائع المشرد " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير

احك يا شكيب : " أنا التائه الضائع المشرد " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير




أنا ظاهرة إنسانية قد أكون ذكرا أو أنثى ، ليس مهما ، المهم هو أنني إنسان مختلف ، أعيش ظروفا خاصة في مجتمع المفروض فيه أن يكون متضامنا متعاونا محتويا للجميع ، لكن العكس هو الذي وجدت فيه ، سواء كنت ذكرا أم أنثى ، قيم نبيلة اختفت  وحلت محلها الأنانية و الحقد و البغض و التحرش و التنمر و الغيبة و النميمة و الحگرة ، حكاياتي كثيرة و متنوعة و حقيقية سنحكيها لكم لتروا حجم الظلم الذي نعيشه بين ظهرانيكم و لكنكم غير مبالين ، اهتماماتكم لا ترقى لما يجب من قضايا كبيرة مثل قضيتنا على سبيل المثال نحن المهمشون المقصيون  ، تهتمون  بمباريات كرة القدم و بما سمّيتموه "روتيني اليومي " و بمسلسلات مستنسخة من بيئات غير بيئاتنا و نقاشات مفتعلة و اصطففتم في معسكرين متضادين و خضتم حروبا لا منتهية  ، و الأصل أننا ندخل في معادلة ثلاثية كل الشعوب التي تحافظ على إنسانيتها تدافع  عنها : " العدل و الكرامة و الحرية " ، و لكن هيهات ، دعونا من كل ما قلناه و عبرنا عنه بكل تلقائية و صدق و لكم حكايات من واقعنا المعيش  المر الأليم جاءت على لسان بعضنا لعلكم تنتبهوا و تولوا للأمر أهمية قصد ايجاد حلول عاجلة قبل فوات الأوان كم من دولة كثر مشردوها فأصبحت قنابل موقوتة تهدد أمن و استقرار المواطنين . 

" قصتي أنني ولدت من والدين شاء القدر ان ينفصلا فعشت بداية مع أمي و لكن زوجها لم يكن يتحمل رؤيتي فكان يعنفني و طلبت من والدي أن أعيش معه فوافق على الفور فوجدت نفس المعاملة مع زوجة والدي عنف مضاعف فقررت الهروب و الفرار بجلدي فوجدت نفسي مرمية في الشارع احتضنني من هم مثلي و يعيشون ظروفا تشبه ظروفي  …"

"حكايتي أنني ولدت   مجهول الأب أمي كما حكت لي كانت طفلة أحبت ابن الجيران الذي كان يكبرها سنا و هو كما ادعى كان يحبها فتواعدا على الزواج و انه سيصحبها معه خارج الوطن فوقع بينهما ما جعلني أرى النور في غيبة والد مدع ، فبمجرد أن علم أن أمي حامل اختفى و لم يعد يظهر له أثر ، فما كان من والدتي سوى الهروب نحو وجهة تبعد عن منزل والديها و إخوتها  خوفا من قتل محقق ، و عشت معها حتى بلغت من العمر عشرة أعوام كانت كلها معاناة و نوم في الشوارع العامة و الحدائق و تحت القناطر و في مداخل العمارات و لكم ان تتصوروا انواع التحرش و الاعتداء و الضرب و الاعتقال أثناء الحملات التمشيطية و لما تعبت أمي من كل هذا فرت هي كذلك و تركتني وحيدا في عالم كنت أستعين بها فيه فأصبحت وحيدا علي أن أواجه مصيري لوحدي …"

"أما أنا فحكايتي أنني وجدت نفسي في دار للأطفال المهملين كانت حياتنا غير مستقرة حسب مزاج كل مدير فإذا كان المدير طيبا فتكون المعاملة على العموم حسنة و إن كان غير ذلك فتكون سوء المعاملة و التعذيب النفسي و الجسدي و حتى التحرش الجنسي و يكثر السحاق و اللواط حتى بين النزلاء ، و كم كانت فرحتنا كبيرة عندما يزورنا محسنون و محسنات و خاصة من يجلسون إلينا و يستمعون  لآلامنا و يشاركوننا أحزاننا و يجلبون معهم منشطون  يدخلون الفرحة إلى قلوبنا فنشعر بالأمن و الامان ، لان ما يحملونه الينا من هدايا و أكل لا يخفف من آلامنا و لكن الذي يشعرنا بالأمان هو كل رجل أو امرأة يخاطبك بكلمة يا ابني و يا بنيتي …"

" عشت حالة التشرد لما  توفي والدي  أبي و أمي معا في حادثة سير مميتة و وضعت في دار للأطفال و لم  تعجبني ظروف العيش فيها و خرجت بمحض إرادتي للشارع و التقيت من هم في سني ذكورا و إناتا  يتعاطون لكل أنواع المخدرات التي ثمنها زهيد فأصبحت أنام أمام المحطات الطرقية و داخل محطات القطار مختفيا و تحت الحافلات ليلا و كم كنا نعاني في فصل الشتاء من برد قارص و أمطار غزيرة و جوع يقطع الأمعاء ، كم تمنيت ان تجد لنا الحكومة حلولا نندمج عوض ان نرى الكل منزعج من وجودنا في حين لم يكلف أي أحد نفسه للدخول معنا في حوارات و سيجد أن منا من له قلب كله رحمة يحتاج فقط لتوجيه و مساعدة و لمسة يد حانية فلولا إيماننا بالله كم  واحد منا لوضع حدا لحياته انتحارا أو خرج للشارع منتقما من مجتمع لم يرحمه و لم ينصفه و لم يهتم بأحواله و لم يراع ظروفه ، نعم وجودنا أمام المساجد كانت فرصا نسترق بها السمع فينشرح قلب كل واحد منا  ، و كم كان يؤلمني سماع قولة سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه : " لوعثرت بغلة  في العراق  لسئلت  عنها يا عمر " فأبكي لحالي و حال غيري و حال من تركونا نعيش ظلما مركبا  و "الظلم ظلمات يوم القيامة  فلا تظالموا" و دعوة المظلوم ليس بينها و بين الله حجاب  فنحن مظلومون جئنا في ظروف لم نخترها و لكن منا من وجد منقذا فخطى خطوات صحيحة بمساعدة اناس يملكون قلوبا و منا  من وجد عوائق وحواجز و موانع و إبعادا فكان عالة على نفسه و على مجتمعه بحيث أصبح من مرتادي  السجون …" 

هي حكايات ليست من نسج الخيال و إنما أكثرها من واقع نعيشه بكل تناقضاته

ذ شكيب مصبير




Share To: