احك يا شكيب : "غباء و شقاء" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : "غباء و شقاء" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : "غباء و شقاء" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



حكى لي صديقي لما كان تلميذا بقسم الباكالوريا في عطلة نهاية السنة الميلادية أنه سافر لزيارة أقاربه ، و تزامن وقت وصوله المساء ، فلما قرع باب منزل أقاربه لم يجبه أحد ، و بقي لفترة طويلةوهو ينتظر مجيء أحدهم ،  و في الأخير قرر أن يسأل أحد الجيران لعله يخبره بسبب عدم وجودهم ، و قد أخبرهم بزيارته لهم ، فأجابه الجار أنهم  غادروا البيت لحضور جنازة  أحد أقاربهم يقطن في نفس المدينة ، و سأله ثانية هل يعرف المكان ؟ فأجابه معتذرا بأنه  لا علم له بما طلب ، هنا تساءل صديقي ماذا يجب عليه أن يفعل في غياب هواتف نقالة و قلة الهواتف الثابتة ؟ فما كان عليه سوى الذهاب لتمضية الوقت و العودة في منتصف الليل  و يضمن نوما مريحا في فصل شتاء ليله شديد البرودة ، و بالفعل ذلك ما كان ذهب لقاعة السينما و اشترى  تذكرة و شاهد فيلمين و بعدها عاد للمنزل فلم يجد أحدا ، فضرب الأخماس في الاسداس و عاد ثانية لمقهى قريب من السينما و من محطة القطار  و جلس فيها لساعات طوال و شرب فناجين من القهوة ، و بعد ذلك سمع أذان صلاة الصبح و استبشر خيرا  و فكر أنه بعد الصلاة سيأخذ قسطا من الراحة في أحد جنبات المسجد   في انتظار الصباح ، و لكن خيبته كانت مؤلمة لان الامام بعد الصلاة انتظر من أتوا متأخرين ليكملوا صلاتهم ثم بعد ذلك أغلق المسجد و لم يقرأوا الحزب كما يفعل في باقي المساجد ، فعاد صديقي للمقهى القريب من  محطة القطار منتظرا و نادبا سوء حظه ، و هو الذي كان محاطا بأطفال الشوارع  الذين يعيشون التشرد و يبيتون  في مداخل العمارات   ، متفاديا الحديث معهم خوفا من ان يسرقوا ما معه من نقودقليلة و ملابسه التي بداخل حقيبة كان يحملها معه، فكانت ليلته بيضاءلم يرى فيها طعم النوم  و سوداء بقيت عالقة في ذاكرته من سوء ما عانى منه من خوف و قلة نوم و سوء تدبير   ، و في الصباح  الباكر توجه نحو منزل عائلته و تزامن ذلك مع حضور واحد من أقاربه الذي فرح  بقدومه و   توجها معا إلى بيت العزاء الذي كان على بعد كيلومترات ، فقام صديقي بواجب العزاء فأدخلوه غرفة ليرتاح فيها بعض الوقت لكنه نام نوما   عميقا استغرق يوما كاملا من الصباح إلى غاية الصباح الموالي ، و بعد أن استيقظ حكى لأقاربه كيف قضى ليلته فبدأوا في عتابه  و اخبره أحدهم لم لم تستأجر غرفة في نزل " أوطيل"  ، و اخبره  آخر و هو يستهزئ منه لم لم تشتر تذكرة إياب و تعود من حيث أتيت و كنت على الاقل ستضمن نوما مريحا في يوم بارد من أيام " الليالي " التي تكون شديدة البرودة " فضحك الجميع من غبائه الذي سبب له شقاء لم ينساه  ،  و هي الحكاية التي لازمته طوال حياته كلما اجتمعنا نحن الأصدقاء إلا و أعاد حكيها لنا .

ذ شكيب مصبير




Share To: