الإبتذال | بقلم الأديب المصري علاء عبد الستار
![]() |
الإبتذال | بقلم الأديب المصري علاء عبد الستار |
الإبتذال في المعجم الوسيط يعني "التحقير" أو "التدني" أو "الاستعمال المفرط الذي يفقد الشيء قيمته". ويُقصد به أيضًا ترك الحياء والتصون ولبس الثياب البالية.
سألني صديق في مقال "الحمار": لماذا يُشبَّه الشخص بالحمار عندما يُقصد الغباء؟ وليسمح لي صديقي أن تكون الإجابة من خلال هذا المقال. فإلى جانب النمطية المرتبطة بالحمار، إلا أنه حيوان ذكي وليس غبيًا كما يشاع، لكن الإبتذال في استخدامه، حيث يُستخدم في "العربات الكارو" وعربات جمع القمامة، هو ما رسخ هذه الصورة التي تميل إلى التحقير أكثر من فكرة الغباء (بالطبع لا أقصد التحقير من مهنة جامع القمامة أو العامل على عربية كارو، فكلها مهن شريفة ومهمة جدًا للمجتمع، وإنما الحديث عن النظرة الشعبية).
بالإضافة إلى القصة التي درسناها في الابتدائي والتي تتحدث عن حمار وجد في طريقه المعتاد ترعة ولم يجد الجسر الذي يمر عليه، فنزل إلى الترعة وهو يحمل شوال ملح، فذاب الملح. لو كان هناك مثال مختلف عن تحمل الحمار، ما ارتبطت الذهنية لدينا بغباء الحمار.
والإبتذال لا يقتصر على الحمار فقط؛ فمثلًا علامة شركة "ستروين" ماركة السيارات الفرنسية، تم ابتذالها بالاستخدام المفرط على الميكروباصات في مصر، وهذا الاستخدام لن يجعلها ماركة محببة شعبيًا. على عكس علامة مرسيدس التي توضع أيضًا على الميكروباصات، لكنها لم تفقد مكانتها في أذهان الناس، إذ تُرى في السيارات الفاخرة والأتوبيسات وعربات النقل الحديثة.
كما أن الإفراط في الاستخدام الشعبي لألفاظ بعينها قد يفقدها الشاعرية رغم جودتها، ويحولها إلى ألفاظ سوقية. فإذا دخل الإبتذال من باب، خرجت القيمة من الباب المقابل.
#علاء_عبد_الستار
Post A Comment: