قصة مؤثرة عن هارون الرشيد


خرج يومًا خليفة المسلمين هارون الرشيد في رحلة صيد فمرّ برجل يقال له بهلول..
فنادى على الخليفة وقال: يا أمير المؤمنين !! أين آباؤك وأجدادك؟ من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيك؟
قال هارون: ماتوا..

قال: فأين قصورهم؟
قال: تلك قصورهم ..
قال: وأين قبورهم؟ 
قال: هذه قبورهم ..

فقال بُهلول: تلك قصورهم .. وهذه قبورهم .. فما نفعتهم قصورهم في قبورهم؟
قال هارون: صدقت، زدني يا بهلول.
 
قال: أما قصورك في الدنيا فواسعة، فليت قبرك بعد الموت يتسع.
فبكى هارون، وقال: زدني.

فقال: يا أمير المؤمنين، هب أنك ملكت كنوز كسرى وعُمرت السنين فكان ماذا؟
أليس القـبر غـاية كـل حيٍ وتُسأل بعده عن كل هذا؟
قال: بلى.
قال إذن فاعمل له، ثم تركه وانصرف.

ثم رجع هارون، وانطرح على فراشه مريضًا.. 
ولم تمضِ عليه أيام حتى نزل به الموت

فلما حضرته الوفاة، وعاين السكرات .. صاح بقادة جيشه وجنوده:
اجمعوا جيوشي .. فجاؤوا بهم .. بسيوفهم .. ودروعهم .. لا يكاد يحصي عددهم إلا الله، كلهم تحت قيادته وأمره.

فلما رآهم .. بكى، ثم قال: يا من لا يزول ملكه، ارحم من قد زال مُلكه.

ثم لم يزل يبكي وينتحب حتى مات، رحمه الله.

هكذا كان هارون الرشيد، وهكذا كانوا حكامنا، يخشون الله، ويحبونه، ويخافون من لقاءه، ويفرون من معصيته، ويقيموا حدود شرعه ودينه الحق.

وليس كما صوروه لنا أنه لا همّ له سوى ملاحقة الجواري في القصر! وحسبنا الله ونعم الوكيل.

المصدر:
-البداية والنهاية لـ ابن كثير.
-عقلاء المجانين لـ النيسابوري.

Share To: