من وحي التراث الفلسطيني .. قصة عالآوف مشعل.. 
إعداد الباحث فادي عبد الهادي


تعتبر الأغاني الشعبية الفلسطينية القديمة جزءاً هاماً من تراث الشعب الفلسطيني
 الذي ما زال يتمسك به حتى يومنا هذا
واللافت أن لكل أغنية حكاية مرتبطة بالواقع الفلسطيني بحسب الزمان والمكان.
كثيرة هيه المطالع الشعبية التي نتغنى بها في الأعراس والمناسبات الفلسطينية من التراث والفلكلور ولاحقا استخدمت كمطالع في الثورات والهبات الفلسطينية
منها
جفرا - ظريف الطول ، عالآوف مشعل ، عاليادي اليادي ، عالدلعونا والعتابا
عالآوف مشعل أغنية شعبية تطوي بين أحرفها حكاية الشاب الفلسطيني مشعل
الذي ثار مع رفاقه على قانون التجنيد الإجباري، الذي فرضته الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى.
وكان يُعفى من التجنيد من يدفع ثمناً باهظاً لقاء ذلك، وهو ما لم يكن متوفراً عند الفقراء الذين كانوا وقوداً للحرب التي لا ناقة لهم بها ولا جمل ، بل كانت تسبب لهم الأزمات التي تنتج عن فراق الأهل والأحبة".
 
 "نتيجة ذلك كان يفر عدد كبير من الشبان الفلسطينيين خوفاً من التجنيد ونقلهم إلى مناطق ودول أخرى تشهد معارك ليقاتلوا إلى جانب الجيش التركي، وكانت تعرف تلك الفترة بأيام (سفر برلك)
من بين هؤلاء كان الشاب مشعل الذي فرّ وظل متخفياً ومطارداً إلى أن ألقى الجيش التركي القبض عليه آنذاك. وتم اقتياده إلى التجنيد الإجباري حيث نُقل إلى جبهات القتال البعيدة".
وفي الحكاية أن مشعل عندما أُلقي القبض عليه من قبل العصملي كان مختبئاً قرب عين ماء في إحدى القرى شمال فلسطين وحاول الهرب لكنه لم يستطع، وعندما طلب رجل الدولة التركي الذي كان يمثّل القانون في تلك الفترة من مشعل إبراز الوثيقة، قدّم له مشعل مجيدية ذهب (العملة السائدة في تلك الفترة) ليتركه وينصرف، إلا أن رجل القانون التركي أخذ المجيدية واعتقله وسط بكاء النساء والأطفال.  
 
 بعد اختفاء مشعل غنّت له حبيبته أغنية عالآوف مشعل صارت حكاية كل شاب فلسطيني فرض عليه الجيش التركي آنذاك المشاركة في الحرب رغماً عنه
فوقفت ترمق مشعل بقلب جريح قائلة بصوتها الحنون :
أوف مشعل أوف مشعلاني
عا درب زحلة دبحوا الألماني
أوف مشعل أوف مشعلاني
مع السلامة ويابعد خلاني
يا ديرة مشعل يا دارة العلالي
يا حصان مشعل يخطر بالليالي
وإن كان عالأيام حالك لحالي
مابنسى مشعل طول عمري وزماني
ومن هنا نشأت أغنية مشعل حيث أخذت أمه وأخته وحبيبته يغنين:
عَ الأوف مشعل أوف مشعلاني** ماني ابتليته هوي إللي اِتبلاني
أنا شفت واحد واقف جنب البركة ** حكيته عربي جاوبني بالتركي
وقالت محبوبة مشعل من شدة لوعة الفراق :
من يوم غربتك بحبك يا روحي ومن يوم شفتك خففتلي جروحي ..
بوعدي ما تركتك أشفق على روحي بحبي حلفتك لا تزيد نيراني ..
وقد تغيّرت كلمات الأغنية في ما بعد بحسب كل من غنّاها والمناسبة التي تم الغناء من أجلها، كما أنها تحولت أحياناً إلى أغنية وطنية فلسطينية تتغنى بالوطن أو تصف اللجوء الفلسطيني، وخاصة عند أبناء المخيمات في الشتات. وقد استمرت الأغنية باللحن نفسه مع بعض التغييرات البسيطة أحياناً، لتبقى أغنية تراثية فلسطينية
وبقيت قصة مشعل حاضرة وتغني فيها الكثير



Share To: