(فرق توقيت)
قصة قصيرة بقلم الكاتب أ. تامر صَفَر
أنا أنثى بداخلي عالم فسيح ففي عقلي دولة محتلة بالفكر وقلبي جزيرة خاصة لن يزورها سوا من يستحقها انا أنثى عادية ولكن تثُقلها أحلام كثيرة اتمنى الحب ولكن اخاف خيباته ، هكذا انا لن ابحث عن الحب ولكن ساتركه يجدني
هكذا دونت مها كلماتها في نوتتها الخاصه التي تكتب فيها ما يجول في خاطرها اغلقتها ووضعهتا في حقيبتها لتستعد للخروج من العمل، لتقف سماح صديقتها على باب مكتبها تستعجلها الرحيل ليذهبا كما اتفقا سوياً الي إحدى المولات للتسوق وشراء الملابس ، فبعد يوم طويل استمتعتا فيه ذهبت كلا منهما الي بيتها
فمها تعيش مع والدتها فهي ابنه وحيده وقد توفي والدها منذ ثلاث سنوات حيث كان هو الاب والصديق واقرب انسان لديها حتى انها تأثرت بعد وفاته وظلت تعاني من الاكتئاب فترة
اخبرتها والدتها ان هناك شخص يريد أن يتقدم لخطبتها فهو قادم عن طريق إحدى المعارف، ولكن كان لمها رأيها انها لن تتزوج بهذه الطريقه مهما حدث ودائماً ما يحدث الخلاف بينها والدتها بسبب هذا الرفض الدائم لكل من يريد أن يتقدم لها
بداخلها تريد أن تجد الشخص الذي يغير وجهتها للحب
ولكن ليس معنى ذلك أن تقبل بأي شخص لمجرد ان قطار العمر يسير بسرعه دون أن نشعر
فاليوم التالي دخلت غرفة مكتبها لتجد شاب جالساً على المكتب المقابل لها
اسمي عادل وهذا اول يوم لي هنا فالشركة هكذا عرف نفسه لها بعد أن القت التحية عليه
وأنا مها تشرفت بمعرفتك
بادلها الرحاب ، جلست على مكتبها تزاول عملها ليمر اليوم بينهما دون ان يتحدث اللهما حديث عابر عن العمل
كانت الايام تمر وبدأ ان يتعرفا الي بعضهما البعض ، شهور حتى توطدت علاقتهم سويا بدأت ترى في عيون عادل نظرات لما تعتدها منه من قبل
بدأت تشعر أن مكان العمل الذي يجمعهم أصبح له بريقا مختلف فكانت فالسابق تمل من العمل والمكان ولكنه أصبح أكثر مكان تحبه لانه يجمعهما فترة طويله
رغم ذلك لم تكن تعرف عنه الكثير الا ما يحكيه عن نفسه حتى اتي يوم واخبرها انه كان على وشك الزواج من فتاة وقبل اسابيع قليله اكتشف صدفة انها لم تخبره بخطبتها السابقه واعتبر ان هذا خداع منها ، رغم انه لم يكن لديه اي اعتراض لو كان علم ذلك قبل أن يتقدم للزواج منها
ومنذ ذلك الوقت حيث مر اكثر من ثلاث سنوات وهو لم يفكر بالزواج مرة أخرى
وجدت مها فيه صفات الرجل الذي تحلم به كانت نظراته لها تجعلها تشعر بالسعادة حديثه معها كان له مذاق مختلف عن كل من تتحدث معهم تشعر احياناً بالغيرة عليه إذا تحدث الي إحدى زميلاتها
بدئا يتحدثا بعد العمل ويتطرقا الي أحاديث مختلفه عرفت عنه الكثير وعرف عنها ما لم يعرفه غيره
كانت دوماً فالصباح تجد على مكتبها نوع جديد من الشيكولاته لانه علم مدى عشقها لها ، فكان يأتي دوماً قبل أن تأتي هي ليفاجئها بها على مكتبها
بدأ يفكر فيها كثيراً، سنوات لم يشعر فيها ان للحياة معني حتى تقرب إليها
فبعد تجربته الأولى قرر ان يسافر الي اخيه فإحدي الدول العربيه وعمل هناك لفترة ثم عاد ، طوال هذه الفتره لم يجد انسانه حركت المشاعر الراكده في قلبه سوي مها
تحدث الي والدته التي هي صديقته واقرب شخص لديه واخبرها عن مشاعره تجاها أخبرته انه يجب أن يتأكد من مشاعرها هي الأخرى وان لا ينساق وراء مشاعره دون أن يعلم ما تحمله من مشاعر له
تعددت لقائتهما وكانت تشعر في كل مره تقابله انها تستمد السعاده منه ومن حديثهما
ارسل لها عادل رساله عالواتس اب يخبرها أنه وجد فيها ما كان يتمنى وانه يريد أن يخبرها بما في قلبه حين يلتقيا
تجمدت السعاده في وجهها حين قرأت تلك الكلمات ، وقفت أمام المرأة وهي تتحسس ملامح وجهها فقد تخطت الأربعين بعامين ولكن ملامحها التي لا يعرف سنها الحقيقي لها طريق يجعلها تبدو أصغر ، ولكن هي تعلم أن الملامح لن تنسيها سنها الحقيقي
بدأت تستوعب ان تلك المشاعر التي غمرتها وان شعورها تجاه عادل وحبها له سيحكم عليه بالانتهاء فقد نسيت أمراً ان عادل يصغرها بخمس سنوات وهو حتى لا يعلم فارق العمر بينهم ، فحين علمت وقتها من إحدى الأوراق التي بها بياناته كان قبل ان يصير بينهم اي مشاعر
ظلت تنظر إلى وجهها فالمرأة وتعاتبه لماذا لم تظهر علامات السنين علّيَ لماذا جعلت النعمه الان نقمه
ظلت تجهش فالبكاء وهي لأول مره تكره ملامحها فرغم ان كثيرا من النساء تتمنى ان يصبحن مثلها ولكن شعرت ان ما بها هو سر لعذابها
فتحت مدونتها التي تكتب فيها وكتبت
أحيانا يكون الحب عقاب لمن تجرأ وطلب ان يأتيه دون أن يسعى اليه ، فقدري ان افقد الحب وهو وليد في رحم البدايات
فقد تذكرت قصته مع خطيبته السابقه وكيف كان تصرفه وقتها
بينها وبين نفسها قالت ، لكن لن اسمح ان يعرف بحقيقة الامر وان يتركني
فاليوم التالي وجدت عادل يضع كالمعتاد لها الشيكولاتة ولكنها هذه المره نحتها جانب ولم تنظر إليه
تعجب من ردة فعلها حيث لم تتفوه بكلمه واحده ولا تتحدث معه مثل المعتاد حتى انها لا تريد أن تلتقي عيناها في عينه وتتحاشي النظر إليه
سالها ما اذا كان هناك شيئ ما يعكر صفوها؟
ولكن كانت اجابتها بردود باردة شعر منها انها لا تريد الحديث معه
يومان مرا علي ذلك الحال حتى انها لا تجيب على اتصاله
كان في قرارة نفسه تهيأ ان يصارحها بمشاعره ولكن لم تكن الظروف التي حدثت تجعله يقدم على تلك الخطوه
لم يستطع ان يتحمل معاملتها له بهذا الحال فهو لا يعرف سببا يجعلها تتغير من حال الي حال
جلس أمام مكتبها وطلب ان يتحدث معها في أمر هام
نظرت إليه واخبرته انها لا طاقة لها انا تتحدث في اي أمور ولكن وهي تخبره سقطت الدموع من عينيها وانهمرت فالبكاء
شعر ان امر ما حدث ولكن لا يدري ما هو ، حاول أن يهدأ من حالتها، حتى أخبرته انها بخير ولكن لا تستطيع أن تتحدث معه بعد الآن كما فالسابق وطلبت ان يصبحا مجرد زميلين
كانت كلماتها صدمة شلت كل تفكيرة والجمت لسانه عن ما كان يود ان يخبرها به حاول أن يستفهم منها عن سبب يجعلها تتغير معه إلا انها التزمت الصمت
انصاع لرغبتها ولكن انصياع المرغم على الانسحاب ، ايام مرت وهما لا يتحدثا اللهما كلمات مقتضبه في العمل فقط
اخبرتها صديقتها سماح انها بعد أن ينتهي العمل ستصطحبها معها الي إحدى المحال لشراء فستان مناسب كي تحضر مناسبه لديها اثناء لقائهما اخبرتها مها بما حدث ولماذا هي أصرت على أن تبتعد عنه قبل أن يعرف ويعتقد انها خدعته كما فعلت خطيبته السابقه تأثرت سماح لما سمعت واخبرتها انها اخطأت كانت يجب أن تعطيه الفرصه وان يعرف سبب رفضك
اجابتها مها ان فارق السن عقبه وحتى إن تجاوز عنها هو فقد يجد معارضه من والدته او الدتي فالأفضل ان انهيها قبل أن نتصادم ونجد أنفسنا مجبرين على الفراق
لم تكن الايام تمر على مها او عادل مرور الكرام ولكنها تمر وهي تحمل في طياتها الحزن ، فالأول مره تنظر مها الي نفسها فالمرأة لتشعر ان الحزن أعطاها سنها الحقيقي ذبول عينيها من كثرة البكاء اهمالها فالطعام وان تاكل لمجرد ان تستطيع الحياة
حتى عادل لم تكن حياته بالأفضل فقد افرط في التدخين حاوطه الحزن لأيام طويله
فأحدي الايام وكالمعتاد دخلت مها المكتب ولكن لم تجد عادل موجود حتى علمت بأنه قام بتقديم إجازة لمده شهر ، لم تستطع ان تتمالك نفسها من البكاء ، حتى وجوده امام عينيها قد حرمتها الدنيا منه فرغم كل ذلك كان حبه يسيطر على كل أركان روحها
عادت الي المنزل وهي محمله بكل الحزن والألم لتخبرها والدتها ان هناك أحدا سيأتي اليهم في المساء كي يتقدم لخطبتها
كان رد مها في تلك المره اعنف من كل المرات فقد فقدت اعصابها وظلت تردد انها لن تخوض تجربة الزواج ولن تقبل اي احد ، كانت كلماتها صاعقة تنزل على الام ولكنها لم تعبئ بما قالته لها مها وارغمتها ان تقابله هو ووالدته ولا تفكر ان ترفض مرة أخرى
ظلت مها حبيسة الغرفه لا تريد أن تخرج منها حتى اخبرتها والدتها ان ذلك الشخص القادم من طرف إحدى معارفها قد حضر ويجب أن تخرج لمقابلتهم
لحظات شل فيها تفكيرها ، لأول مره تقدم على فكرة الانتحار ولكنها لم تطاوع شيطانها وقررت أن تخرج وان تصارح الشخص القادم برفضها
فالحياة مواقف اذ يجب أن تحدد مصيرك بيديك
خرجت إليهم وهي في تحفز تستبقها الكلمات في رأسها ماذا ستقول
دخلت الغرفه التي بها العريس المنشود لتصدم حين تجد ان عادل هو من فالغرفه ومعه والدته
تحجرت الدموع في عينيها ما بين فرح وغضب لا تدري بأي كلمات تقول تغيرت معالم أفكارها
ولكنها قررت أن تواجه ما فعله بالحقيقه وبنبرة يملائها الغضب والحماسه
اعتقد انك الي الان لا تعرف عني الكثير حتى تقدم إلى تلك الخطوه ففارق السن بيني وبينك
ليقاطعها خمس سنوات اعلم جيدا الفارق الذي بيني وبينك ولكن اعرف أيضا ان هناك مشاعر ولدت بيننا لا يمكن أن نتجاهلها
أصابتها الدهشه من ما يقول فكرت سريعا ان سماح أخبرته بتلك الحقيقه كيف لها أن تفعل ذلك
وكأنه يقرأ ما في عقلها ، فأنا لم أعلم الامر من سماح كما سوف تظنين لقد علمت امر فارق العمر من الايام الأولى لي فالعمل حيث وقعت أمام عيني صدفه بطاقة هويتك وعلمت تاريخ ميلادك ، فلم ليكن الأمر يعنيني وقتها ولكن فيما بعد حين أحببتك ادركتُ أنه لم يؤثر علي مشاعري او تفكيري ولكن انا من سالت سماح عن سبب تغيرك واخبرتني بحديثكم معاً ، فالو اني لم اتأكد من انكي تبادليني نفس الشعور ما أتيت الي هنا تحدثت مع والدتك واخبرتها بالأمر وكيف أني أحبك
حاولت أن تجد كلمات تظهر ما في داخلها وما تشعر به
حتى احتضنها والدة عادل ، واخبرتها ان الانسان ليس بعمره ولكن بقلبه وان التقاليد العمياء التي تقتل الحب ما هي إلا اوثان نحن من نصنعها ونحن من نهدمها
Post A Comment: