البشرُ يقدرون من لا يقدرهم.. 
بقلم الكاتب و المفكر أ. رامي محمد 



سمعتُ مثلًا إيطاليا يقول -البشرُ يقدرون من لا يقدرهم- فقلت هذا مبالغ فيه، لكن حين تعصرك الحياة أكثر وأكثر. تتأكد من أن هذه العبارة القصيرة تحمل الكثير من المنطق!

فمن عجائب بعض البشر؛ أنهم مثل الأطفال. كلما بالغت في تدليلهم تمادوا في اقتراف أفعال غير مقبولة، فأنت لن تخسر إنسانًا لأنك تعاملت معه بشيء من التعالي والإهمال؛ بل ستخسره لأنك أفرطت في التودد له ومجاملته، حتى يصبح متعجرفًا لا يطاق.

يزهو بنفسه لمجرد شعوره أنك بحاجة ماسّة إليه وأنه صعب عليك الاستغناء عنه، وحين تحدثه دائمًا بأسلوب يغلب عليه الحميمية والمكاشفة. يشعر مع الوقت بوجوب إرضائه منك وتدليله بأي ثمن، وكأنك كلما وسعت دائرة اللباقة التي تعامله بها، انقلبت لديه إلى جسارة وافتئات!

قلة قليلة من البشر ؛ من يستحقون تلك المعاشرة الحميمة، فهذا العالم مليىء بأشخاص لا يستحقون مجرد الإلتفات إليهم، لأنهم يستنزفون جهدك ووقتك في شؤونهم الرخيصة.

فالحذر من الاسترسال واللطف الزائد والمجاملة، لأن  هذه لغة لا يُحسن الكثير من الناس فك رموزها؛  بل إن أفرطت فيها ستتعذب بها؛ وسيتعامل معك البعض وكأنك سرقت منه شيئًا أو تبحث عن شيء لديه!

ربما هذه النصيحة قد لا تعجب؛ لكنها وسيلة للسلام في التعامل مع البشر!.

افعل المستحيل دائمًا كي لا تحتاج للآخر، وأشعره أنك قادرٌ على الاستغناء في أي لحظة، بل وأظهر شيئًا من التعالي كلما سنحت لك الفرصة، وإن كانت في قلبك معزة زائدة لأحدهم فلا تظهرها كاملة. لا تأخذ الأمور بشكل شخصي؛ واعلم جيدًا أن هناك بشر لا يمكن كسبهم إلى جانبك. ففط انس أمرهم؛ ودعه يتآكل وحده ويختفي!
Share To: