كل من يكتب لا يأتي بالجديد الا في حدود ضيقة جدا، أكثر الكتب أصالة وجدية نسبة الجديد فيها لا تتجاوز 15% على الأغلب ، لهذا فنحن حين نكتب لا نخلق الجديد بمقدار ما نسهم في تحوير وتدوير ما قرأناه سابقا ، وصبه في قالب جديد، لهذا فالكاتب هو الأسلوب ، أي القالب الذي يصب فيه مجمل ما قرأ سابقا ، ولا يمكن الإعتماد على وهم الأصالة من أجل انتاج خطابات معرفية او كتابة نصوص ابداعية إلا في حدود ضيقة ، فالاصالة ، كخلق وإبداع وخلق على غير صورة يتضاءل مجالها كلما انتقلنا من مجال الابداع على مجال الدراسات الفكرية والاكاديمية التي أساسها التراكم والانتساب النظري لمقولات ومفاهيم مدلولاتها محددة ومعروفة مسبقا ، حتى الأسلوب الذي هو ميزة الكاتب ومدار الفصل بينه وبين ما قرأ يتضاءل دوره بشكل كبير في إطار البحوث الأكاديمية ، خاصة في ظل الإصرار الكبير على توثيق المرجعية وعلى الإكثار من إقحام الاقتباسات داخل المتن ، فكثرة الاقتباسات تجعل النص كوحدة يفقد انسجامه بشكل كبير لانه يكون مقتحما من طرف مجموعة من كبيرة من الاساليب المختلفة والمتنافرة في أحيان كثيرة ، لهذا نشعر ونحن نقرأ الدراسات الأكاديمية أن لغتها جافة وأسلوبها رديء وهي غالبا نصوص لا تشجع على الاستمرار في القراءة إلا في حالات الضرورة لانها تفتقد للقدرة على توفير متعة للقاريء ، فالمتعة والفائدة هما أساس وسبب إقبالنا، كقراء ، على أي نص من النصوص .
Post A Comment: