في تلك الليلة وقد كنا معا، انتفض محمد عفيفي مطر مرتعدا وانتابته الحمى، كما ارتعد وهو صغير، عندما عصفت الملاريا به، فسمع أمه وهو بين الحياة والموت ،كانت تهدهده بأغنية ما سمعها منها من قبل و لكنها أعادت له الحياة :
اذا كَشَفَ الزَمانُ لَكَ القِناعا
وَمَدَّ إِلَيكَ صَرفُ الدَهرِ باعا
فَلا تَخشَ المَنيَّةَ وَاِلقَيَنه
وَدافِع ما اِستَطَعتَ لَها دِفاعا
وَلا تَختَر فِراشاً مِن حَريرٍ
وَلا تَبكِ المَنازِلَ وَالبِقاعا
في تلك الليلة وقد كنا معا، وفي ساعة متأخرة من الليل، هاجت الحمى وما عاد يستطيع أن يتنفس، قرأ عفيفي تلك الأبيات ، قرأها كما لو كان يريد أن يسمع نفسه اياها، رفع صوته بنفس الطريقة التي سمعها سابقا من أمه، وصار جسده مثلها ممتلئا بالايقاع ، اهتز كيانه كما اهتز كيانها من قبل، وكانت دموعه تنزل من دون أن يدري مثلها عندما نزلت دموعها دون أن تدري.
قلت لنفسي :عجبا لهذا الذي قرا اخطر الكتب الروحية و العقلية : كتاب الحوارات الاربعة لافلاطون ، قرأ لأرسطو، وقرا عبد الرحمن بدوي و يوسف مراد وفؤاد زكريا و قرا وقرا فانفتح الباب واسعا على الفكر الفلسفي مذاهبه و مدارسه،
عجبا :هذا الفتى الذي نذر نفسه لنار الشعر، يترك الاف القصائد و يضعها جانبا ولا يجتزئ لنفسه، وهو بهذه الحال الا ابيات عنترة العبسي!
لكنه في الصباح عندما تماثل للشفاء قال : يا لها من ليلة،لقد زارتني أمي في المنام وقالت لي كلاما ، للأسف لا أتذكره الآن.
Post A Comment: