كيف يمكن للأدباء َأن يتجنبوا مقص الرقيب وهم يكتبون عن المحظورات في أعمالهم الأدبية ؟
مشاركتي إلى جانب مجموعة من الأدباء والشعراء في تحقيق قام به الأديب والصحفي بسام جودة لجريدة عمان
ليومه الاثنين ٣١ غشت ٢٠٢٠.
الكاتبة المغربية د. كريمة نور عيساوي تقول: “الكتابة هوس إنساني وسمو في عالم الكلمة، وتحليق في سماء الإبداع خارج رتابة الحياة المضنية، إنها الانفلات من اللحظة الهاربة والانسلاخ عن الواقع الكئيب، ومن ربقة الزمن، هي العيش في الأحلام المشتهاة الممتدة عبر السنين فيما نُقبل عليه أو نَبغيه أو نَتبرم منه ونَهجره، إذ لا يمكن أن تكون كاتبا وتختار سبل الحياة الحقيقية التي يتحقق فيها وجودك الإنساني؛ إلا وأنت تسبح في بحر من الحرية دون قيود أو دون مقص رقيب يُسلط منظاره دون انقطاع أو يتوارى مترقبا اللحظة المناسبة لسن مقصلته الصدئة التي تتحين الفرصة للظفر بعنقك في احتفالية خالدة، لا تكون الكتابة فاعلة إلا إذا استطاع الكاتب طرق ما يشاء، وقت يشاء، وبالطريقة التي يشاء دون أن يحس أن ذلك المتربص به انه قد مر من هناك، وانتهك المحظور، وطرق التابو الثلاثي،، الكاتب الحقيقي هو الذي يستطيع أن يبعث الأسطورة في عصره، ويجعلها تتماشى معه، ويحسن ارتداء القناع، ويتماهى مع كل مظاهر الطبيعة، ويبدع بطريقته الخاصة، ويقدم موضوعه في أريحية تامة عبر الوسائل المتاحة من غموض وإيحاء وانزياح، ويلامس كل ممنوع اقتنع به عبر رمزه الذي يُخفيه، ويختفي وراءه باحترافية وفنية ويتجاوز الرقيب، فاللغة هي الوعاء الوحيد الذي تستطيع أن تملأه بما تشاء دون أن يتمكن الرقيب من كشف ذلك، بل تمر المواضيع المحظورة بجانبه، وهو في غفلة من أمره، لسبب بسيط لأنه يراهن على الواضح من المعاني، ولا قدرة له على فك شفيرة النص، تلك الشفيرة التي لا يفقه حقيقتها إلا أصحاب الاختصاص أو أولئك الذين ألفوا فك طلاسم الشفيرات الأدبية، إن ما يحقق للكتابة الإبداعية وجودها الفعلي هو الغموض، إذ هي غوص في الممكن واللاممكن حيث لا توجد حدود فاصلة بين الممكن والممنوع والمسكوت عنه، لأن الحروف المبدعة حقيقة لا تفقه قاموس المنع بل تقتحم كل ما عجز عنه الآخرون، لذا يصعب على الكاتب غير المحترف التعامل معها وتوجيهها في مسار معين، وجعلها قابعة داخلة إطار معين محنطة لا روح فيه، لأنها ستصبح مبتذلة ومملة وركيكة، الحروف الحقيقية هي التي لا تهاب المحظورات ولا التابوهات”
Post A Comment: