___
ما معنى أن تعيش داخل لوحة سريالية غير واضحة المعالم ؟!
كنت دوما ما أطرح على نفسي هذا السؤال الفلسفي الذي لا أظنني سأجد له جواباً حتميًّا ذات يوم !
لماذا لوحة سريالية بالضبط ؟!
لأني هكذا أرى هذه الحياة العبثية التي أعيشها، لوحة سريالية ذات مشاهد مبهمة وتفاصيل غامضة، مزيج من الألوان الباهتة وأطراف من أجساد مختلفة هنا وهناك .. لكن أين أنا من كل هذا الهراء؟ أين أنا من هذه اللوحة، هذه الحياة؟!
أنا نقطة صغيرة داخل اللوحة، عين صغيرة ترى كل شيء، ولا تفهم شيئًا ..
أستيقظ من النوم هلعاً، أحس بقطرات العرق تنزلق على خدي ببطئ شديد، خفقان قلبي أشبه بضربات مطرقة على قطعة من المعدن، أشعر بالدوار .. ألفظ بعض المرارة من أحشائي وأنا مغمض العينين، ألفظ معها بعض التفاصيل المتضاربة العبثية !
أفتح عيناي ببطئ خشية أن يمر ضوء العالم بسرعة إلى داخلي فأنهار ..
تتدفق بعض الألوان المختلفة مع ضوء طفيف إلى مقلتاي، أحاول استنشاق بعض الأكسجين عبثاً كأن أنفي لم يعد يعمل أو أنه لم يعد موجودًا !
فجأة، أنصدم بالمشهد الذي أنا فيه، شيء كالسرير أنا ملقى عليه، لا يحيط بي شيء سوى الفراغ، مزيداً من الفراغ ..
سريري هذا نقطة صغيرة في هذا الوجود الأسود الفارغ، مهلاً .. من أنا ؟!
بينما أحاول إعطاء معنى للمحيط الذي أنا غارق فيه، تظهر بعض التفاصيل هنا وهناك، تخترق الفراغ بعض النجوم والكواكب، بعض الحروف المعلقة، بعض الأشباح البشرية ترقص وتعربد .. فجأة، أرى شبحاً هزيل الجسد يرتمي بجثته على سرير حديدي ويفرك شاربه الكث الكبير، يبتسم في خبث ويقول : مرحباً بك في العدم يا رجل. واستغرق في الضحك لثواني حتى بدأ صوته ينذثر رويداً رويداً ..
أين أنا ؟!
ابتسمت، حملقت يميناً وشمالاً، حاولت الوقوف، تمشيت في الفراغ ببطئ، مع كل خطوة تظهر تفاصيل كثيرة، أحداث جديدة، صرخات، نزاعات، رصاص، ضحكات متعالية ثم صمت رهيب ..!
فهمت أني داخل سؤالي الفلسفي الأزلي، أنا داخل لوحة سريالية عميقة التفاصيل، خفية المعاني ..
لكن، هل أنا الرسام أم اللوحة؟ هل حياتي هي اللوحة أم جزء بسيط منها؟ هل أنا تلك النقطة الحمراء التي توسطت وجودي أم أنني فرشاة رسمت الأحداث بشكل عشوائي لا تفهمه إلاّ هي؟!
عدت للنوم، نوم عميق هذه المرة، لا أريد الإستيقاظ مجددًا ..!
___
Post A Comment: