كتاب الجنون-ج1
الارضُ موجةٌ و السماءُ شرارة ...اين تمضي ؟
لا مغازلُ الريح و لا قوادمُ الوقتِ ..و لا أحد
ينشجُ في رئة الحاضر
أبجدية الحُلُم
و ها أنا ... جسدٌ يتمحورُ بين كتفيهِ غبارُ الطلع
فضاءٌ من انينٍ نحو مصرَ
تسوقهُ فراغاتٌ تحملُ البحر
تطوفُ بشمسٍ حمضيةٍ
تجفُلُ منها العيون
ثمَّةَ أرومةٌ تتمددُ في احتمالات الفحم /
و في حجر الاجفان
ثمَّةَ صلصالٌ يستطيلُ كما الهامشُ في عصب الوقت
ثمَّةَ حبرٌ يسترخي عضواً عضواً
تسيلُ من سحابِهِ دماءُ انبياء
زرقةٌ من ورق التبغِ و من بهار الاطلال
تتأبطُ شكل اليابسة
سماءٌ غريبةٌ تخوطُ فيها غيومٌ من العسس
حيث ينظم لفيفٌ من الموتى للمطر
حول بيتٍ يموت
حول طفولةٍ مسقوفةٍ بالأين
و المتى
و اسماعيلُ مركبٌ يدورُ في ناره
حاملاً حطامَ الفجر بين ابراج الرؤى و مرايا
الافقْ
تحملُهُ أهدابُ بحيرةِ الحُلُمِ
و هي تحترقْ
يجيءُ من تخوم الفضاء /
و يرتعُ في منازل الصيف ...
ذاوياً
معه تتساقطُ ابواب البيوت
على دمهِ
و تعانقُ ذبحَهُ
عكاكيزُ السماء
- بابٌ و جزيةٌ
و كان السوادُ اليفاً كقطعةِ خبز
تتفتحُ في غصونٍ من ايامهِ
صحائفُ ذبحٍ و طبولُ قهرمان
خيولٌ تجري في بحَّتي
في حطب المسافة بين اليمامةِ و اهدابي
حاملةً على ظهورها حليبَ الفطام
موتٌ طيبٌ و عشيّةٌ ...
سيدُها يرسم الليلَ ماءً
يصنعُ من يديهِ آنيةً
غير أنه يستعيرُ وجهَ النجم
فيموه الوصول
يجيءُ برائحة الصفصاف /
بلون الشيح الذي مسه المطر
بقربةٍ من ماء الغروب
بمرايا التخيل و في ارض التهجي
في وجههِ سفرٌ
مغطى بشمسٍ من القش
و في عينيه يخضرُّ زَبَدُ الطريق
يجيءُ من مناخ العروق /
يموجُ كغيمة
و هو يجهلُ ان يفرشَ الارضَ
مهداً لطفلهِ الميت
أو ان يُلبسَ النافذةِ
عباءةَ امه
و هي التي ودَّعت احلامها ... اشياءها
و أسلمت آخرَ ابنائها
الدمعة الاخيرة
يترجل حول ذبحه / تاريخٌ
قوسٌ يولدُ الماءَ و يحتفي بتجاعيده
و الذي يسمونه الموتُ و اليباس
مسنَّنٌ مثل الحروف مفعمٌ مثل الغيوم
عبأتُ النجومَ و ركضتُ من صخرٍ لثانٍ
أُزكي الفحمَ الطالعَ من خطوة
أستوطنُ الريح ... تستوطنني الصواري
و عيونها النبوية
و مددت يدي كنيسةً حول النهار
و لكن !!!
من أدخلَ الغيمَ شرك الرماد ؟
أيُّ حزنٍ يترسبُ في قرارة العتبة ؟
و خراسان – التي لن اراها – استراحةٌ لرأسيَ
المقطوع
للرحيلِ اليابسِ في آخر الصيحة
لأهراء طريقٍ
لكتلةِ رأسٍ تحمل كالهِراوة
أتشهدُ ...خيط الشمس
ينحدرُ
عليهِ يخيِّمُ ذبابُ الكلام
جنونٌ أم مرآةُ نار
تحتضنُ لغةَ حضوره في ارض الغياب
جنونٌ يكنسُ الارضَ و ماعليها
- لم يترك شجراً او حجراً –
الا و هبط فخارُهُ هادلاً كالسحابة
حشدٌ من غبارٍ يفرشُ سجادته
على قامة التاريخ
على جنة الدوار
و الجسور الخفية
في امومة الخوف و في شهقة الوصل
في بلاد أطفأتها الريح
ودخان روحٍ تتوهجُ كحجر البخور
غسقٌ في هوادج الاقامة
يسبحُ في فضائهِ ملائكةٌ من الهشاشة
كما البحرُ في زجاجة
كلُّ شيءٍ يُبحرُ في ماء جنونه/
في جوف دهرٍ من التيه
و الشهوة النزازة
كلُّ شيءٍ يطوفُ حول موته
في حضور العناصر
و في بهاء التلاشي
أم – تراها – ملوحةٌ ترضعُ العطش شفاهنا
ترتقُ الظنَّ و تهديني
لليلٍ يقود الضوء
في حضن الاعالي
لوجه اور و هو يوشوشُ احلامه
لبنات نعش
لذاكرةٍ تنامُ في قشرتها يرقةُ التحول
و لحاضرٍ منصوبٍ كجثةٍ ساهرةٍ
تحت عمامةَ السماء
أقرأُ النارَ و هي تسبحُ في نردي
أقرأُ جبهةَ المكان الطريد
و طحالب الطوفان
أقرأ الجسد و هو يخيطُ ما ترتق
من حواشي الشمس
فعرفتُ ان سمائي منذورةُ السلالم
تغسلها القرابين
و هي تلبسُ وجهَ الشرق
و ان المكان حقولُ فتحٍ غريب
من آخر الصدى
في لجَّة النزوح
حيثُ يخرجُ يونان
يقرأُ حنايا الماء
و رائحة اوائلَ العشب
يبني هيكلَ الله
على ارضٍ من سُلالة الحوت





Post A Comment: