كانت ليلة شتاء باردة ،قارسة عندما تحرك القطار الحربي بعد أن إنتظارناه  اليوم بأكمله ثم قضمه ثلث الليل أو؛أكثر منه قليلا بعد أن تحرك ببطئ شديد  لم يكن هناك  فرق كبير بينه وبين طقس الشتاء ،والليل فى غموضه وظلامه  فكلاهما قطعة من ظلام  وصقيع بارد  فقد، إشتركا سويا في عدة صفات ؛ مع إنتماء كل منهما لعالم مناقض للآخر إشتركا في الغربة والصقيع والوحشه التي كان يقطعها القطار المتجه من القاهرة ، للسويس بعد إنطلاقه بعد ركوبي عربة بمفردي دون يكون معى أحد من زملائى  فقد كنا  أفراد قليلة توزعنا علي عرباته الخربه والتي هي بدون أبواب وشبابيك ولا إنارة ،وكأنه قطعة صدأ متحركة من ليل  ،كان يقطع مسافات لا تستطيع :التفريق بينها فهي متشابة ،ويستمر القطار ينهب في الظلام وكتله المتشابه أيضا إلا من زماني الداخلي الذي أصبح أكثر هشاشة  ،وكأنه  يقف مكانه،  فلا أري علامة أنه تقدم علامه ،أو دلالة على التأخر ليس هناك  قبل أو بعد تستطيع التأكد به أنه يسير  وكأني خارج  الزمان والمكان  ، ولكن صراخ عجلاته واحتكاكها بالقضبان هو  ما أكد أن القطار يسير ومنطلق ، كان هناك هجوم من أصوات مخيفة تخترق وتشق الفضاء أصوات لحيوانات من ذئاب وكلاب  تستيبح كياني لعدم وجود أبواب وشبابيك للقطار ،أصوات تسري تحت جلدى تخترق أعصابي... أختلطت نشازا مع صوت الريح المتحول للشتاء ليعلن انتهاء الخريف ليعزف كل ذلك  سيمفونية موحشة مرعبة غير محببة  تزيد من قتامة نفسي  ... 
 أتمنى  تتوقف القطار لأتمكن من الانتقال لعربة أخرى  لاتأكد أنى لست داخل كابوس. فقد ندمت لركوبى   عربة بمفردى كنت أطمع فى نوم عميق  ولكن هيهات جاءت الأمور عكس أفترسنى الخوف والظلام والوحشه  ... ...  قد تكون سوء حالتي النفسية قبل ركوب القطار وركوبي بمفردي وافتقادي التواصل مع زملائىوالذي أستمد  منه إحساسى بالوجود من خلال الحوار أو التجاور الصامت هو ما ساعد على الإحساس الغريزى بالرهبة والخوف  .... أخرجت بطانية من المخلة الميري تكومت على الأرض....... أختفبت  بداخلها لا يظهر منى غير  عيناى التى لا ترى غير الظلام ثم بدا من على السطح صورة الطفل الذى يتمنى العودة لأمه وأقاربه ليحتمى بهم من ضعفه   .........وتقوقعت ومع ذلك لم أتوقف عن  الارتعاش...،و لعل ما  ساعد علي ذلك عدم تناولى أى طعام يمد جسدى بالطاقة من الأمس.... وصل القطار السويس لملمت ما تبقي مني بعد أن لاح من بعيد بصيص من ضوء للشمس  يحاول إختراق الضباب الكثيف، نجح  الضوء المخنوق فى شق كتل ضبابية يتسلل منه لأنفى بخار  له رائحة حريق أطفئ منذ فترة  قصيره... سيطرت الرائحة على الأفق قبل أن تغتالها وتحولها أشعة الشمس لنهار جديد وأمل وحلم جديد مغيبة الرهبة والخوف من أعماقى   .... شعرت بعدها  بدفء وبصيص أمل لم يتحدد  سببه ولم استطع ترجمته  بعد ولكنه  تسلل لنفسي قبل جسدي..



Share To: