هنا -ارث فيشي- يجسد بفكرة بديعة خطر الانتظار بجسم شمعي، صنع رجل من الشمع بحجمه الطبيعي ثم تركه يحترق، ليعبر بالفكرة عن كون الانتظار احتراق للإنسان ببطىء!
كان نيتشه يقول إن الانتظار يفسد الأخلاق، لكنه في الحقيقة لا يفسد الأخلاق فحسب، بل يفسد العمر ويهدر الحياة كسرطان ينخر في أيامها.
يحدث أن نوقف الحياة على انتظار قدوم شيء ما، أو نعتقد أنه لا ينبغي أن نتحرك إلا بعد أن يتغير الموقف، أو أن تتدخل يد العناية لانتشالنا من المنتصفات التي نعلق بها بلا مقعد ثابت أو محطة محددة، أو في انتظار إنسان ما سيأتي ليغير حياتنا إلى الأبد، لنكتشف فجأة بأن كل الأشياء التي توهمنا حضورها لم تأت بعد أن قضينا حياة بأكملها كحالة طويلة من الانتظار.
فكرة أن تعيش دائمًا في انتظار شيء ما على أمل الخلاص، وتتوقف عن الحركة خوفًا من مغادرة مساحة الأمان، أو لأنك لا تملك الجرأة للتحرك نحو المجهول خشية المخاطرة، هي واحدة من أخطر الحيل النفسية التي تهدد حياتك، لأن الزمن لا يكترث بانتظارك، ولأن الساعات والأيام ستنفلت من خلالك كحبات الرمل بلا أدنى شعور بعد أن تآكلت بالاحتراق أجمل أيام حياتك!
Post A Comment: