أحب الأبواب الخشبية وأجد فيها سحرًا خاصًا! مجرد استنشاق رائحة باب خشبي مبلل بمطر شعور يبعث على الحياة، لأن الخشب يعلن أن انفصاله عن الجذع واقتلاعه من جذوره لايعني موته ونقصه بل يمكن أن يهب حياة!

هل سمعتم قبل عن كلمة Wabi-Sabi؟

هي اختصار فلسفة الجمال في الثقافة اليابانية؛ فكلمة -وابي-تعني الشيء المُتواضع والمتناغم مع الطبيعة؛ وكلمة -سابي- تعني عملية التقادُم بمرور الزمن! 

فالجمال هنا ليس الاتساق التام وانعدام العيب في الأشياء كما هو شائع وسائد في الديكور والمعمار والزخارف أو حتى في سعي الإنسان إخفاء معالم التقدم بالسن وتغيير ملامحه بعمليات التجميل وصباغة الشعر أو محاولة إضفاء إيحاءات لا تمثله ليجمل بها شخصيته!

بل إن الجمال الحقيقي يكمن في التسليم بهذه العيوب وتقبُّلها، والبحث عم الجمال الماثل فيها!

فسابي وابي تصور يرى الحياة شيء مؤقت ولا شيء فيها متصف بالديمومة، والنقص والألم صفة ملازمة لطبيعتها، ولا شيء  بذاتٍه دائم، وإنما كلُّ شيء في حالة تغير مُستمرة. وبالتالي (تقبُّل دورة الحياة الطبيعيَّة، من نماء واضمحلال وموت) هو عين الجمال!

لذلك انعكست تلك الفكرة على الثقافة اليابانية وصارو أكثر تقديرا للخشب وارتبط عندهم بالجانب الروحي وتحول لأسلوب حياة للمنازل والآنية والمكاتب وقطع الأثاث وكل تفصيلة لعلاقته بالفكرة وبالطبيعة! 

وصار هناك طريقة خاصة في معاملة القطع القديمة؛ فعندما تتعرض إحداها للكسر لا تُلقى، بل تُرمم بطريقة يُظهر بها أنها  قد أُصلحت بعد أن لحق بها تلف لأن هذا هو عين الجمال!

فكرة تقبل الأمور على ما هي عليه دون محاولة إخفاء معلم  الأشياء حين يتقدم بها الزمن شيء يناقض الطبيعة وينقص من قدر الشيء وجماليته، فلكل شيء سحره الخاص بلا تعديل، وفكرة تعاقب الزمن وشهوده على تغيراته يمنحه سحرا خاصا! ولأن الكمال غايةٌ لا تدرك لا ينبغي السعي إليه.






Share To: