حمدى: زميلى مجند وهو فلاح من أرياف محافظة البحيرة ، مملوء مسكون بالحكايات الشعبيه المدهشه حكواتى من نوع خاص له نظرياته وتحليلاته التي لن تجدها في كتب الفلاسفه والمفكرين والأدباء، لأن ثقافته مصدرها ؛ المصاطب وحواديت النساء في الحقول، والموالد ،... يجذبك بحديثه الفطرى، الذي لا يخلوا من عمق المعني ،وإصابة كبد الحقيقة... أحبه وأعتقد أنه كان يبادلني نفس الشعور ، وأحب حكاياته التي لاتنتهي ، يحكى شفاهية عن القرية ببراعة :عبد الحكيم قاسم عنها كتابة.. لم أجادله في شئ فلديه القدرة علي هزيمة السوفسطائيين جميعا من الجوله الأولى ، و علي استعداد أن يجادلك: لآخر الدهر إذا اختلفت معه في شئ.... قابلنى مساء ،وأنا فى طريقى لمشاهدة الفيلم الأمريكى؛ الهروب الكبير قائلا: إلى أي اتجاه تريد ياديب ؟ فأجبته؛ إننى ذاهب لقاعة : الفيديو لمشاهدة الفيلم ، والذي كنت مغرم به كثيرا ،وما زلت ، وشاهدته مرات عديدة .فرد وهل سيعرض الليلة؟ . فأجبت بنعم. فقال مازال الوقت على الفليم أنا عندى( تلقيمة بن) سأحضر لك قهوة ،وأعمل لنفسى شاى يا أخي ونقعد نتكلم شوية بعيد عن الواد سيد الغتت زميلنا، وحمدى لا يستلطفه- أل كل ما أجي أسايرك في حاجه ييجي الواد الغتت ده ويحشر أنفه ،بحجة يريد قليلا من ملح وسكر لشوية شاي، لأ مش عارف أيه، يخرب بيت غتاته ما يروح يا جدع يقعد في العنبر بتاعة ؛كان حمدى مغرم بالتحليل النفسى حسب معرفته وقدرته لا يكف عن تحليل شخصيات زملائنا ويصنفها ويقول فهذا الشخص هذا يا ديب : صفته كذا وكذا،
أحضر حمدى القهوة والشاى ثم كانت هناك فترة صمت لعل مبعثها جمال طقس الخريف، الكسول الملبد ببعض الغيوم، وخمول لذيذ محبب للنفس،يناسب أكثر الساهرين،الحالمين ، العاشقين ،ثم تنهد حمدي تنهيدة بأسى من حنايا قلبه، وتضاريس روحه ، عقب رشفة طويلة من؛ كوب الشاى ، ونفس أطول من سيجارة أخذها من: إبراهيم سعد السنباطي من فارسكور وهو يمر من أمامنا والذى يمت بصلة قرابة للموسيقار الكبير رياض السنباطي ...ثم أردف بعد أن أفترش الأرض ، واضعا كوب الشاي علي أرض سيناء وأنا أجلس أمامه ؛ علي أريكة حديد قديمة، يبدوا أنها من مخلفات الإستعمار الإنجليزي : إحنا بقالنا كثير ما نزلناش البلد ياديب وأنا نفس أروح زمان أبويا وأخواتي يحصدون ؛ الأرز أنت عارف إن؛دي أول مرة ما كنش معاهم....- كان يحكى بأسي وحنين وأنا صامت تماما-... الوقتي تلاقي أبويا يعمل كذا ،وكذا، وأخي يساعده، وبعد ذلك يحمل الأكل للغيط ويجلسان مع؛ أولاد عمي كلهم ويضحكون مع بعض، ثم يغوص أكثر و يأخذ في شرح تفاصيل حياة ومشاعر أهل القرية خلال يومهم ، وناسها، وتاريخها واصفا أزقتها كان يغمض عينيه ويغيب وكأن روحه فارقت جسده وأنطلقت للقرية،أو جاء بها لسيناء ؛ حيث أمه، وأخوته، وعائلته ،يشاركهم فرحة و اغانى الحصاد ، ... ثم سقطت عبرة من عينه فتصنعت عدم الرؤية مرتشفا ما تبقى من كوب القهوة ،ثم أردف- لم يتسرب إلى نفسى الشك أن حمدي نسي وجودي خلال حفره بعمق فى ذاكرته، ........ أننى أجلس أمامه -.. ...وبعد فترة صمت وقور: تنهيدة أخرى،و بألم يعتصر نفسه: عشان خالتى ترتاح بعد ما زعلت أمي ،ورفضت خطوبتى إبنتها ......... طيب ما هي خالتي ألتي طلبتنى لإبنتها من الأول......... وقالت بأنها ترغب أن يكون حمدي زوجا لها............ ، ولا عشان جالهم واحد غني وعنده أرض أكثر من أرضنا............ فقاطعته سائلا محاولا إخراجه من؛ حالة الكآبة والحزن التى سيطرت علينا؟ : وما هو شكل و ملامح عريس بنت خالتك دا يا حمدى ؟ فرد بحماس، وغيظ وكراهية شديدة يوجه له الكلام مباشرة بعد أن أستحضره أمامه ذهنيا أو جسديا : واد سقعان ،قلة كده،أصفر شبه الليمونة الدبلانة ،وسمعت أنها رفضته عندما تقدم ولكن ضغط عليها من أهلها ثم أقسم حمدى والله العظيم ما بتحبه ، ثم إنه يحمل مشط في جيب جلابيته، وفي كل مرة يبلل يده بريقه ويمسح شعره ويسرح قصته ؛ بالمشط تصدق بالله: يا ديب لا يسرح إلا؛ قصته ومالوش دعوة ببقية دماغه.....ثم أقترب منا؛ سيد الغتت كما يطلق عليه حمدي قبل أن يقول : قم ياديب نتفرج على فلم الهروب الكبير، ولكني أعتقد أن حمدي كان يقصد الهروب من سيد؛ ثم أنطلقنا أنا وحمدى نهرول مسرعين بإتجاه قاعة الفديو هروبا من سيد ؛ و هو يهرول خلفتا؛ ينادي علينا ياحمدى أنت هنا ، وأنا أبحث عنك منذ مدة، لقد كنت أريد منك؛ تلقيمة شاي، و شوية ملح ، وقرصي طماطم.
Post A Comment: