تبحث عن طقس شاعرى يأتيها فى غفلة من عيون الوقت .. وبلا إستئذان يبعثر فوق وجنتيها الغيمات والنجمات ..
فى هذا المساء ..
قررت أن تخلع عنها ثوب الرتابة وتهيم لمرة واحدة فقط في ليل يحلق بها في سماء الوهم والأحلام .. يأخذها بعيدا لفراغ آخر لكيان آخر وربما .. لزمان آخر !
ارتدت اللون الأسود رغبة منها في قليل من السحر والغموض ، وألقت بعيدا بمعطف الدفء الفارغ من كل شعور .. فتحت الباب ولأول مرة تشعر بأن فرحا ينتظرها خلفه وكأن العالم بأسره جاء محملا بآماله وخيباته .. جاء ليبارك رحلتها في وهم هذا المساء الحالم ..
ومضت في الطريق برحابة عاشق ضاقت به الأرض فقرر أن يطير متكئا على وزن قلبه في رحم السماء ..
وقتها شعرت بشعور غريب وكأن شئ ما نفذ من خلالها ، ولا تعرف إن كان صوتا أو كان قلبا .. حتى أدركت أن هذا آوانها وبأن الحلم ينتظرها في هذا المحيط ، وما عليها سوى أن تبحث عن مصدر الصوت ..
وبدأت تلتف وتدور بعيناها وتصعد وتهبط بأنفاسها في قلب المكان وعلى جانبيه ..
تتنفس من كل ركن مذاقه وتستمع جيدا لتداخل الأصوات من حولها .. حتى أيقنت وأخيرا بأنها كانت تبعد خطوة واحدة فارقة عن الوهم المنتظر !!
وكان عازف المساء هو صاحب الصوت والقلب .. كالغريب وسط الجموع لا يشبه أحد ولا شئ يشبهه..غرس لحنه فى عرض الطريق وما تراقص لعزفه غير الأسفلت وحطام الأشياء من حوله .. كان الظلام يغلف كل شئ إلا عيونه وأنامله ، لم يلحظه أحد من الماره وعيونهم الباردة لم ترمش لحظة لدفء معزوفته .. اقتربت منه فى شغف .. اقتربت وتقطعت أنفاسها ..
حدثت نفسها في ذهول:
جمهوره الوحيد أنا ، أراه ولا يراني ، فهذا الغريب لا يرى سوى أنامله وقطع البيانو الجاثمة في خضوع من تحتها ، يتلاعب بهم ببراعة عاشق تلون بكل الألحان وتفانى في قرب معشوقته .. تارة يغازلها في هدوء فتتمايل .. وتارة أخرى ينفعل في قسوة فتسقط جريحة بين أنامله .. هى نفس الأنامل تحنو وتقسو .. تثور وتكفكف .. تصرخ وتهمس ..
انشغلت عنه به وسافرت في أبجدياته الموسيقية لأبعد المسافات .. تمنيت لو يلحظني فيخصني بنظرة عابرة ويخطفنىي للحن خاص وكأنه هدية عاشق وقع فريسة لوهمي المنتظر هذا المساء .
تمنيت .. وتمنيت
وتمايلت وتعثرت على طرف أنامله وضاع بعضي وذاب كلي في كف عازفٍ لا يبالي بلحن روحي .. ولا يعرف كيف هو العزف على قلب امرأة جاءته في ذات مساء لتنزع عنه صمته .. وترتديه وهما .. لتسقط بين يديه لحنا !!
Post A Comment: