أحيانا وأنا على قمة اليأس أذهب الى الغابة ومعي ولف. ولف ينظر اليّ بأسى كمن يريد أن يقول"كيف يمكنني أن اساعدك يا صديقي؟"
وهذا المساء، ونحن في الغابة، حطت امامنا حمامة رمادية وكانت علامة ظهوره هو.
اقترب منا وجلس على جذع شجرة: "لمَ الذئب؟"
-لأنه مظلوم. الناس ظلموه. دم يوسف وجدة ليلى وكل من فقد خروفاً اتهم الذئب بافتراسه. هذا ناهيك عن الاستعارات اللغوية "عالم من الذئاب" و"ذئب في ثوب حمل".. والى ما هنالك.
-هل تحب الذئب ام أن الامر نكاية بمن ظلموه؟
-النتيجة واحدة.
-لا. اذا لم يكن هناك حباً وانما فقط رغبة باحتقار الآخرين، الأمر مختلف تماما.
-انت دائما تحكي عن الحب.
-نعم. وانت ستسألني: ماذا عن كل ذلك الظلم والعنف والشر؟
-لن أجنبك السؤال أكيد.
-بالحب نقاوم الشرّ.
-حقاً؟ ارهابي قادم ليفجر نفسه فيك وماذا تفعل؟ تقول له: أحبك! فيتوقف على الفور.
-لا، في هذه الحالة، يكون قد فات الأوان على كلمة أحبك. ولكن فكّر لو أن هذا الانسان كان قد تلقى في طفولته من الحب ما يكفي، هل كان سيفجر نفسه اليوم؟
-على الارجح لا. ولكن فات الآوان. لم يتلق الحب وصار ارهابياً.
-نعم، بالنسبة له، أو حتى لك انت ولابناء جيلك. ولكن ماذا عن القادمين؟ لماذا لا نبشّر بالحب لأجلهم فلا يفجّرون أنفسهم حينما يكبرون؟
-نُبشر بالحب؟ في زمننا هذا؟ نحن في عصر الواقعية الرأسمالية لا مكان فيه الا لمن يريد التبشير بانتاج سلعة جديدة.
-اقرأ الكتاب وستجد طريقة.
-أقرأه كل يوم.
-اقرأه من دون غضب. من دون البحث عن طريقة للانتقام. من دون أن تقسو على نفسك، وستجد الطريق.
-وما هي الطريق؟
-تبعني اثنا عشر تلميذاً ولو كنت اقصد طريقاً واحداً لكنت اكتفيت بتلميذ واحد.
-هذه تتركنا أمام مشكلة كبيرة مع اليقين
-نعم، لو أن اليقين كان بسيطاً فقط. أما ان كان مركباً فيمكنه أن يتمثل بطرق مختلفة أو يتوزع على اشخاص مختلفين. وما على هؤلاء الا ان يجتمعوا ويقدم كل منهم ما يعرفه من اليقين حتى يظهر اليقين كاملاً.
-من هنا أهمية العائلة؟
-نعم، وضرورة الانضواء في العائلة.
-آه.. الانضواء في العائلة!
-نعم. حب اليقين التام يجمع العائلة.
-الحب.. مرة أخرى.
- الحب مرة أخرى. فكّر بالأمر!
Post A Comment: