ان القطيعة مع طرق التفكير الموروثة، وخلق منطلقات مؤسسة للتفكير تبتعد عن المحددات الناظمة لمجموع أنماط التحليل القبلي من الفكر، و العمل على إنتاج البديل الفكري و السياسي و الاجتماعي لتجاوز الحركة الستاتيكية المميزة للثقافة العربية التي طالما احتمت وراء الهروب نحو الماضي لعدم مواجهة الأسئلة التي لا تملك اجاباتها. ان محدودية العقل العربي الذي لم يعي أن النقد المؤسس على الحجج و الأدلة يخلق تساندا تركيبيا للاستدلال بعيدا عن المضمرات النسقية في سياقات الثقافة التي لازمت المجتمعات العربية. ان ماوتسيتونغ حين كتب ان الشعب الصيني صفحة بيضاء لم يكن يلغي خمسة آلاف سنة من ثقافته، وانما كان يريد أن يكتب المستقبل دون أن يدعي صفاء الايديولوجيا و نقائها. ان العقل لم يعد النظر او الاستدلال كما كان تقليده و إنما هو فاعلية في الإنجاز و عمل في السلوك دون محددات اليقين الحاصلة قبل الوعي فيتحول الى تأويل و الرجوع إلى النص حماية لا فاعلية، فكان عقلنا عقل الدين و نحن نكرر و نعيد دائما ان ديننا هو دين العقل. بهذا الانحياز لا يمكن تحديث مجتمع و عقلنة فكر الا حين نعترف بأحقية اختيار الطريق الذي لا وجود لغيره و هو طريق الوعي الواقعي للمستقبل و الحاضر دون الهروب من الزمن او الخروج منه، فلا يمكننا أن نفكر بشكل علمي في منطلقات نظرية منحازة لا لقيم العقلانية وانما لنسبية التاريخ و حوادثه. فالثقافة العربية اعتمدت على ضمانات الماضي لشرح قضايا فرضها الحاضر
و الأيديولوجيا بجدلها المستمر حاولت ابعاد مرتكزات عقلية لا بفكر تاريخي موضوعي له أبعاده الانسانية و الذي يقودنا إلى ثورة ثقافية تقود الحداثة و إنما وفق يوتوبيا الفكرة و رديكالية سجال الأصالة و المعاصرة الحاضر والماضي. لقد اعتقد العقل العربي ان تقديس الماضي هو الدفاع عن قداسة الحقيقة الكلية. في حين هي لا تحتاج إلى دفاعه و إنما الى الانطلاق في فهم ذاته و مشروعه الثقافي و الفكري الذي هو أمامنا و ليس وراءنا، و الحقيقة أنه لا يعيد ماكان و إنما ينتج ما لم يكن.
Post A Comment: