يأنس بالطببعة يأوى إليها يناجيها أحيانا بلغة صامتة يستشعرها لا يستطيع ترجمتها فى حروف كلمات.
هو بسيط كطفل ،رشيق رقيق كنسمة ،صامت الملامح وكأنه لا يجيد غير فن الصمت. أحب ما فى الطبيعة إلى نفسه شجرة النخيل التى ينظر إليها بمهابة واكبار ،وكأنها كائن حى ينظر إليه بينه وبينها وشائج ،وصلة ما ،خفية ،سرية ،فالنخلة تحمل وتحفل في الموروث الدينى والشعبى بقداسة ،بأنها خلقت مما تبقى من قطعة الطين التى خلق الله سبحانه وتعالى منها أبانا آدم عليه السلام فهى إذا عمته لم تفارقه هذه العقيدة أبدا طيلة حياته التى اقتربت من السبعين عاما ،وما زال يأوى إلى نخلته المفضلة البعيدة هناك وحدها بمسافة عن كثافة النخل الكثير ،فهى وحيدة الخلان والجار ،تبدو عاقرا فلا ضرع لها ولا ثمر ،لم بذات طلع نضيد. هو أيضا عقيم، وتوفت زوجته مؤخرا..
تشبهه النخلة في الوحدة وعدم الإنجاب. انهمر ماء السماء وهزتها الرياح هزا شديدا فبدت وكأنها تغتسل من غبار السنين وهو ما زال جالسا يحتمى بها وكأنها أمه الرؤوم وليست عمته..
كان يشكو فى الفترة الأخيرة مرضا شديدا ،شعر بدنو أجله تحامل على نفسه ،وذهب ليجلس فى ظل النخلة. أسند ظهره إلى جذعها. صعدت روحه إلى بارئها وما زالت السماء تنهمر بماء طهور...



Share To: