هل إذا قلت أننا شعب فضائحي أكون قد جانبت الصواب ؟ أرى أنني لم أجانب الصواب قيد أنملة، وليعذرني الناس في مجتمع الفرجة الذي نعيش فيه، كوني نصبت نفسي قاضيا ومحاميا في الآن نفسه، فمن خلال ملاحظتي لما يحدث، يقع، ويجري من حولي، أرى أننا نحب الفضائح، نحب هكذا عناوين مستفزة : (زوجة تخون زوجها، امرأة تعذب ابنتها، راقي يصور ضحاياه، اب يهتك عرض ابنته ... الخ ). نحب هكذا مواضيع، تستهوينا، تشبع حاجاتنا المرضية، تطفئ نار فضولنا، لهذا نقضي سحابة أيامنا في مواقع التواصل الاجتماعي نبحث عنها، متنقلين في أروقة هذه المواقع ، من هنا وهناك، نتشمم رائحتها بأنوفنا لعلنا نهتدي اليها بحاسة الشم، بينما لعابنا يسيل، وبعد ذلك نصيخ السمع، نصيخه كي نكتشف إن كانت هناك أي ضجة، إذ علمتنا التجربة أنه حيثما يوجد ضجيج، توجد هي ، ذلك قلبها النابض.
وعندما نعثر عليها في نهاية المطاف، لا نحتفظ بها مثل كنز ثمين نحاول إخفائه عن العيون خوفا أن تمتد إليه أيديهم. لا، فنحن أناس أسخياء جد، أناس لا يفكرون في أنفسهم فقط، بل يفكرون في الآخرين أيضاً. لهذا السبب ولأسباب أخرى نقوم بإرسالها إليهم، نرسلها لمعارفنا وأصدقائنا، نتذكر حتى أولئك الذين نسيناهم، لنرسلها إليهم ، أي أننا ننشرها على أكبر نطاق .
ثم حينما نخبر بها الجميع ، نبدأ في لوكها مثل علكة لأيام دون توقف . نجترها حتى يصيبنا الملل .
وبعد ذلك، نتساءل باستغراب :
لماذا مواقع التواصل الاجتماعي ممتلئة حد العار بالفضائح ؟ لماذا لم يعد هناك خبر مفرح ؟ لماذا هناك فقط هذه الأخبار الكارثية ؟
ونبدأ البحث مرة أخرى، لكن ليس على الفضائح هذه المرة، وإنما على من نلقي عليه اللوم، لوم انتشار هذه الأخبار. دون أن يتملكنا أي احساس بأننا نحن نجني فقط ما اقترفت أيدينا، أي أننا نحن الذين كنا سبب في جعل هذا العالم، عالمنا، على ما هو عليه !!
Post A Comment: