لك يا بني إذا كتبت قصيدة
في آخر الليل العسير
وقد تاخر فجره
فاعذر حروفي المتعبهْ
واغفرْ بني إذا أنا أنشدتها
لم أنتبه وانا أراجعها
لبعض المفردات المرعبهْ
فذكرت فيها نكبة
وذكرت فيها نكسة
وذكرت فيها أن نوحا صار فردا
في السفينة
بعدما عُلِّمت يا ولدي
بأن الله باركه وعمَّر مركبهْ
لك يا بني إذا فضحتُ صبابتي
وبكيت أطفالا كأنْتَ ترجّلوا في الصبح فرسانا.
أماتوا؟
ــ قلت لي ــ
لا يا بني، وإنما ماتت بطولتنا،
وباع النهرَ للقرصان بالتقسيط من ورثوا الهزيمة،
ليتهم باعوا
ولكن بايعوا
وتبرعوا بالأرض
بل زادوا على الأرض الخزائن
واشتروا بضفائر الزرقاء
سود المتربه.
لك يا بني لكي تُجَوِّد ما كتبتُ
فإن أصوات الصغار بريئة
لم تقترف بعدُ الذي
اعترفَتْ به
ـ مثلي ـ
القلوب المذنبهْ.
لك، كي تفسر للكنيسة ما القيامةُ؟
كيف يحكيها سواها للمعمَّد؟
كيف يجتمع الصليب ومن صلب،
كيف اهتدت للصف
واتفقت خيانات العربْ..!؟
لك يا بني قصصت عن سبب السقوط وأنت تنظر للنجوم
لكي أجنبك التعجب من شهاب يختفي
ومن الجبال إذا هوت
ومن الغيوم إذا بكت
وأقول:
إن متنا بني، فلا تمتْ
عُدْ واقرإ التاريخ كيْ تدري حدودَ الأرض
إن الخائفين سيحذفون من الخرائط
كل شبر كان يُفرش للصلاة
سيُغْضِبون الله كي يرضى يهوهَ
سيلعنون عصا النبي
لأنها لم تفرق البحر انتقاما للقلاع
سيكتبون لمريمٍ
ينعون فاطمة
وتبكي الأمُّ
حين ترى القرى
قد سُمِّمت في المأدبهْ.
لك يا بنيّ
سأشرح الشعر الذي قالوا تفسره النفوس كما تشاء
فإنهم يا فلذة الروح اشتروا كل النفوس
وأمموا كل القصائد
واكتفوا بقصيدة قيلت قديما
رُممت لتليق بالعلَم الجديد وقد ترصع بالنجوم
فصار يُنشدها بلحن سامريٍّ
كلُّ من شُغفوا بحب العجل
أو ذبحوا ــ ليحيا القاتلُ ــ البقرهْ
هم يا بني من القبيلة
جئت أخبر عن أساميهم فسجل يا بنيْ:
هم أولا
في النهر
ثم هلُمَّ بحرا
ثم برا
لا تدع سهلا
ولا تلا
ولا نخلا ولا شجره..
هم ثانيا..
...
هم ثالثا..
....
.......
هم دائما في كل بئر يَقتلون أخا
ويوصون العزيز بأن يُصادِر حُلمه
أو يمنعون عن السجين نساءهم كي لا يحصحص قطّ حقٌّ،
يقطعون يد النبي
وإن تعذر
أغدقوا الدنيا على السحرهْ..
هم يا بني تعربوا
وتقول أنت: تغربوا
لا يا بنيّ
دع المظاهر
واستمع للتجربهْ :
لا يختلي حَمَل بأفعى..
اُنظرِ الأذيال خُلوتئذْ
هي نفسها
والجُحر نفس الجحر
فاحفظ يا بني قصيدتي
واعلمْ
لماذا قد رسمت لك الخريطة كلها في غرفة النوم الصغيرة،
والتمسْ لي العذرَ
إن زينتُ باللألوان
- ألوان الحبيبة -
بابها والمكتبهْ
هي يا بني وصيتي
اترك كما هي غرفتكْ
واضمم إليها شرفتك
واصعد عليها كي تُعِدَّ معي صفوف المارقين
وكي تلوح للشعوب المضربهْ.
Post A Comment: