تسلل إلى الشاطئ الصخري القاصي، حيث أخبروه، لا يكاد يرى غير خوفه مما هو مقبل عليه، يختلط ببعض توهجات أمل بعيد، تناثر إثر قفزه واصطدامه بأرضية القارب المتهالك.
انحشر بين كتل لحمية مرتجفة، وحقائب فقيرة، ورائحة ملح مرعبة، تفوح من الظلام الذي ظلوا يتأرجحون في قلبه، لليال بطول العمر، ونهارات كالأبد، من بعدها ليال ونهارات أُخر.
يحاول طمأنة نفسه بخيالات عن شاطئ بعيد يفرد روحه على رماله مطمئنا، تغمره الشمس، التي تحرقهم الآن، فيما يبحرون في متاهة لم يعودوا يدركون زمانهم فيها، يتناوب عليه الحرق النهاري وصقيع الليل، يشاركهما جوع لا مسدَّ له، وهول يهدر في مُهجِهم، وصممٌ يصبُّه صوت موتور ينبح في آذانهم بلا توقف، وبحر عابث يشاكس الغيم، فيرد ذاك ببرقه اللافح، ليهتاج البحر، قاذفا موجه لنهش ما يطاله من غيم، ويسقط غير آبه بتلك النقطة العائمة تحمل أرواحا، فتتفتت في كبد غضبه، ويغيب بعضها في لُحمته، وتتوزع أشلاؤها في أنحائه، حتى يقذف بها ذات صباح مشمس، على الشاطئ البعيد، ليستقبلها أناسه بنظرات تعجُّب مشفقة، وأكياس محكمة، يضعونه في أحدها، ويفردونه على رمال الشاطئ، حتى يأتي من يعيده إلى أرضه البعيدة.
Post A Comment: