يميل الإنسان بشكل تلقائي  الى ثبات الأمور واستقرار العادات في محيطه الخاص والعام. يبتهج مرة تلو أخرى لمرور حدث يختلف دون أن يزلزل هذا الاستقرار...فيعيشه متكئا على شرفة الملل ليعود بعده الى روتينه المعتاد، يأنس لسريره ومخدته التى اعتادها، يشعر بالسكينة والأمان.ولكنه ينسى أن القلق معلم آخر.
 (Kierkegaard).  
 كل ما تعرض الشخص للخطر أو ببساطة "زلزلة"مكتسباته المعرفية والمعيشية، كل ما أتيحت له فرصة اكتشاف ذاته ومقدراته وكل ما كان ذلك حافزا للبحث عن الحلول والحقائق ، وذلك ما لا يفعله في حالة الاستقرار والاسترخاء الذهني. فطريق الإنسان منذ ولادته هو طريق   معارك، طريق متحرك كشريط سير كهربائي عليك ان توازن سرعة حركتك مع سرعته وانت تمارس الرياضة وإلا وقعت أو غلبك.
 يعبّر معظم الناس عن هذا الصراع اليومي مع الحياة بوصفهم لها(أي الحياة) بكونها جحيما.نعم قد تبدو كذلك خصوصا في زمننا الحاضر حيث نرى فحش العالم وجنونه وتجاوزه لكل القيم الإنسانية بكل وقاحة، لا سيما أننا نشعر بعجزنا عن تقديم أي شيء لمن هم حولنا ولمجتمعاتنا المقهورة.ولكن لم يكن ولن يكون يوما الحل في الاستسلام لهذا الجحيم. يجب ان نعرف كيف نخلق مساحة أمان وسعادة خاصة ولو بالدائرة الصغيرة التي نحيا بها ولأجلها. كيف يكون ذلك؟؟؟ قرأت قولا لا أذكر من صاحبه يقول بما معناه أنه إن أردنا الشفاء، ليس علينا إلا أن نلمس بالحب ما كان قد لمسه الخوف..الحب هو بلسم لكل الجراحات...الحب بالمعنى الإنساني الشامل.
 قرأت قصة صغيرة على صفحة صديق تقول أنه وظف عنده نجارا لترميم مزرعة قديمة يملكها.ومن أول يوم واجهت هذا النجار ظروف قاسية لم يكن قد توقعها في العمل.ظروف طارئة كتعطل منشاره الكهربائي..او حصول انهيار في مكان الترميم...ولم يسفر يومه عن انتاج مقبول..حتى ان شاحنته أبت أن تقلع ...فيقول صديقي...أعدته بسيارتي الى منزله وكان طوال الطريق صامتا، مكتئبا، حزينا...واحترمت وضعه.وصلنا الى داره فدعاني للدخول وملاقاة عائلته. وبينما كنا متوجهين نحو مدخل البيت، توقف لحظة قرب شجيرة ولامس أطراف أغصانها بكلتا يديه.
 عندما فتح الباب، رأيت وجهه وقد تبدّل كليا واكتسى بابتسامة عريضة.احتضن بفرح ولديه وقبّل زوجته بعطف.وبعد ان تعارفنا، رافقني الى سيارتي مودعا.عندما مررنا ثانية قرب الشجيرة سألته مدفوعا بفضولي عما فعله معها وعن تبدّل أحواله. فأجابني: إنها شجرة متاعبي ومشاكلي، أنا أعلم أنه لا بد من المتاعب في العمل وفي الحياة عموما. ولكنني أومن أن مكانها ليس منزلي وعائلتي. فكل يوم وأنا عائد الى بيتي أعلّق على هذه الشجرة مشاكلي ومخاوفي قبل أن أدخل الى المنزل.وعند الصباح أستعيدها وأنا ذاهب الى العمل.ثم ابتسم وقال:الغريب أنني عند الصباح أجد مشاكلي وقد صغر حجمها وسهل إيجاد حلول لها....
د.ف.ك.



Share To: